موقع أميركي: الانتخابات الأخيرة أثبتت أن أردوغان السياسي الأكثر نجاحا عالميا
أكد موقع أميركي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية، أثبتا مرة أخرى أنهما عصيان على الهزيمة، تاركين المعارضة في حالة من الصدمة والفوضى بعد الانتخابات الأخيرة.
وقال موقع "المونيتور" إنه "حتى النقاد الأكثر مهنية أخطأوا، حين توقعوا أن يفوز مرشح المعارضة الرئيس لمنصب رئاسة الجمهورية، كمال كليتشدار أوغلو، وربما حتى من الجولة الأولى".
وأشار إلى أنه "من المرجح أن تحقق جولة الإعادة حلم أردوغان– رجل تركيا القوي- في حكم الجمهورية في وقت تحتفل فيه بمئويتها، وأن يشرع في عقد ثالث بالحكم، وهو ما لم يتيسر لأحد قبله".
وأوضح أن "الفضل يعود للمعارضة في حرمان أردوغان من الفوز في الجولة الأولى، بعد أن أخفق في تأمين أكثر من 50 بالمئة (+1) من الأصوات المطلوبة للفوز، بفارق ضئيل للغاية".
فقد حصل أردوغان على نسبة 49.5 بالمئة من الأصوات، بينما حصد كليتشدار أوغلو نسبة 44.89 بالمئة، وجاء سنان أوغان، المنافس القومي اليميني، في المرتبة الثالثة بنسبة 5.17 بالمئة، في الانتخابات التي أجريت في 14 مايو/أيار 2023.
كما فاز حزب العدالة والتنمية وشركاؤه من حزب الحركة القومية في انتخابات البرلمان المؤلف من 600 عضو، وحصلوا على 322 مقعدا.
وجاء حزب الشعب الجمهوري العلماني وخمسة أحزاب معارضة أخرى متحدة تحت اسم "تحالف الأمة" في المرتبة الثانية، بحصولهم على 213 مقعدا.
بينما احتلت كتلة يسارية بقيادة حزب "اليسار الأخضر" - الموالي للأكراد- في المرتبة الثالثة برصيد 65 مقعدا.
الأكثر نجاحا
وأكد موقع "المونيتور" أن "كيفية تمكن أردوغان من تحقيق انتصار آخر في مواجهة العديد من المصاعب الهائلة أمر سيخضع للدراسة لسنوات".
ومن هذه المصاعب، التضخم الجامح الذي ترك الملايين من الأتراك يكافحون حتى لشراء البصل، والزلزال الهائل في فبراير/شباط 2023، الذي ضاعف معاناة المناطق الواقعة جنوبي تركيا.
وقال الاقتصادي البريطاني، المعروف بدعمه للمعارضة التركية، تيموثي أش، إن "جزءا من الصدمة يكمن في أن أردوغان فاز بالفعل في هذه الانتخابات، بدلا من سرقتها كما كان يخشى البعض".
وأضاف أنه "سواء أحببته أو كرهته، فإن أردوغان هو السياسي الأكثر نجاحا على مستوى العالم في الآونة الأخيرة".
وتابع: "لقد ثبت أن المخاوف من حدوث تزوير على نطاق واسع، فارغة، على الرغم من وجود العديد من الشكاوى، كما أن نسبة المشاركة كانت قياسية، بتصويت نحو 88 بالمئة ممن لهم الحق فيه".
وتفاخر أردوغان قائلا: إن "الانتخابات كانت لا مثيل لها"، و"أثبتت تركيا مرة أخرى أنها واحدة من الديمقراطيات الرائدة في العالم".
بدوره، قال فرانك شواب، البرلماني الألماني، ورئيس الوفد الذي شكلته الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا لمراقبة الانتخابات التركية: "لقد أثبتت الديمقراطية التركية أنها صلبة بشكل مذهل، فقد شهدت هذه الانتخابات إقبالا كبيرا، وقدمت خيارا حقيقيا".
ومن جانبه، قال أوزغور أونلوهيسارجيكلي مدير "صندوق مارشال الألماني"، وهو مؤسسة بحثية في أنقرة: "في النهاية، تفوقت سياسات الهوية على كل شيء آخر".
وأوضح المحلل السياسي، جان سلجوقي، أن "الهوية التي قدمها أردوغان وحزب العدالة والتنمية، كان لها صدى أكبر بكثير من رؤية تركيا التي رسمها كليتشدار أوغلو والمعارضة".
ويرى سلجوقي أن هذه الهوية التي انتصرت في الانتخابات هي في تكوينها "سنية ومحافظة وقومية، وتعلوها طبقة ضخمة من الأبوية".
وطوال الحملة، كرر أردوغان أن الأمن القومي التركي يتوقف على هذه الانتخابات، مستشهدا بتحالف كليتشدار أوغلو غير المباشر مع حزب الشعوب الديمقراطي، كدليل على صلاته بحزب العمال الكردستاني المحظور.
وحزب العمال الكردستاني هو تنظيم مسلح، مصنف إرهابيا لدى أنقرة والعواصم الغربية، ويقاتل الجيش التركي منذ عام 1984 من أجل الانفصال بجنوب شرق تركيا.
ويرى "المونيتور" أنه "ربما لم يكن من المفيد هذا التأييد العلني الذي أبداه قادة حزب العمال الكردستاني الكبار للمعارضة التركية، في عدد كبير من بياناتهم ومقابلاتهم التلفزيونية".
"تحالف مع إسلاميين"
وأشار إلى أن كليتشدار أوغلو تحالف مع ثلاثة أحزاب لها توجه ديني، وكانت النتيجة النهائية أن 30 مرشحا على الأقل من تلك الأحزاب فازوا بمقاعد في البرلمان.
"أما اليوم، فلم يعد بإمكان حزب الشعب الجمهوري الاعتماد على ولاء هؤلاء النواب، حيث يمكنهم بسهولة إبرام صفقات مع حزب العدالة والتنمية الحاكم".
لكن الجانب المشرق بالنسبة لحزب الشعب الجمهوري، هو ارتفاع عدد نوابه في البرلمان بنحو 22 مقعدا مقارنة بانتخابات عام 2018، حيث ارتفع عدد النواب من 146 إلى 168، وفق التقرير.
وتابع: "تمثل جزء مهم من حملة أردوغان في الإعانات السخية، مثل الإعفاء من ديون الطلاب، وزيادة أجور المتقاعدين، وإعطاء قروض بلا فوائد أو بفوائد بسيطة".
"كما كان لوعوده بإعادة بناء الولايات التي ضربها الزلزال صدى لدى الضحايا، حيث أظهرت النتائج أنهم صوتوا بأعداد كبيرة لأردوغان، ما أثار موجة من التعليقات الغاضبة من أنصار المعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي"، وفق التقرير.
وواصل القول: "كذلك، أعطى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دفعة لحليفه التركي أردوغان، عبر إرجائه مدفوعات الغاز الطبيعي، وتحويله لبضعة مليارات من الدولارات إلى البنك المركزي التركي قبل أشهر من الانتخابات، وحذا حذوه في ذلك السعودية وقطر والإمارات".
ومثل كثيرين، يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي التركية، بيرك إيسن، أن "المعارضة تواجه مهمة شبه مستحيلة في عكس اتجاه هزيمتها"، مؤكدا أن الأمر "سيكون صعبا للغاية".
وأوضح التقرير أن تحالف الطاولة السداسية المعارض بدا هشا بالفعل، عندما عارضت رئيسة حزب الجيد، ميرال أكشنار، علنا ترشيح كليتشدار أوغلو، وتوقعت أن يهزمه أردوغان، وهذا ما حدث". ويرى الموقع الأميركي أن هذا التحالف المعارض "ربما يكون قد انهار بالفعل".
امتناع عن التصويت
وقال: "من المحتمل أن يمتنع عشرات الآلاف من ضحايا الزلزال النازحين الذين تنقلهم المعارضة إلى ولاياتهم الأصلية عن العودة للتصويت في الجولة الثانية، خاصة وأن مَن يطلب أصواتهم مرشح خاسر".
ويعتقد "إيسن" أن "مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) ربما يفتقرون أيضا إلى الحافز للذهاب والتصويت في الجولة الثانية، بل ربما يكون الحافز لديهم أقل من نازحي الزلزال".
وفي هذا السياق، قال الاقتصادي، رمضان تونج، الذي يعيش في مدينة "ديار بكر" التي تقطنها غالبية كردية: "سيكون من الصعب للغاية إقناع الأكراد بالتصويت لصالح كليتشدار أوغلو مرة أخرى".
وأشار تونج إلى أن هناك غضبا واسع النطاق من أن العديد من الناخبين غير الأكراد الذين دعموا "الشعوب الديمقراطي" ذهبت أصواتهم إلى "الشعب الجمهوري"، مما أدى إلى انخفاض كتلته التصويتية إلى 8 بالمئة، مقارنة بـ 10 بالمئة في انتخابات 2018.
ويرى الموقع أنه "بينما يأمل البعض فوز المعارضة بأصوات داعمي سنان أوغان، والشبان الساخطين الذين يعارضون أردوغان وكليتشدار أوغلو على حد سواء، فإن المرجح أن هذه الكتلة ستبقى منزعجة في منازلها خلال جولة الإعادة".
وأورد الموقع أن هناك احتمالية لأن ينافس رئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، على قيادة حزب الشعب الجمهوري، لكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيتخذ هذه الخطوة أم لا.
لكن أكد "المونيتور" أن النسور تحوم حول نفسها وأن أيام كليتشدار أوغلو معدودة، كما يقول كثيرون. أي أن شعار أردوغان الانتخابي الساخر: "باي باي كمال" قد يكون دقيقا في النهاية.
وألمح إلى أنه "لا يزال لدى المعارضة سبب يشجعها، وهو أن حصة حزب العدالة والتنمية في البرلمان قد انخفضت من 42.56 بالمئة في انتخابات 2018، إلى 35.6 بالمئة، وهي ثاني أقل نسبة حصل عليها في تاريخه".
كذلك، شهدت شعبية أردوغان انخفاضا، وإن كان ذلك بشكل أقل حدة من حزبه، فقد حصل الرئيس التركي على نسبة 52.54 بالمئة، في الانتخابات الرئاسية عام 2018.
وعلى النقيض من ذلك، شهد حزب الشعب الجمهوري زيادة متواضعة من 22.64 بالمئة حصل عليها في 2018، إلى 25.3 بالمئة في هذه الانتخابات.
وكانت المفاجأة الكبيرة الأخرى هي الأداء القوي لحزب الحركة القومية، الذي حصل على نحو 10 بالمئة من الأصوات، وهي علامة أخرى على الميل الشديد لدى الشعب نحو اليمين، وفق التقرير.
وختم بالتأكيد أنه في حال فوز الرئيس أردوغان في جولة الإعادة، من المتوقع أن تستمر سياسات التهدئة مع الولايات المتحدة وأوروبا، على الأقل حتى انتخابات البلديات، المزمع عقدها في 31 مارس/آذار 2024.