موقع روسي: هكذا سيكون وضع الاتحاد الأوروبي في النظام العالمي الجديد
في ظل الصراع العالمي المحموم، نشر موقع "روسيا اليوم" مقالا حاجج فيه بأن النظام العالمي الحالي أحادي القطب سيتحول إلى ثنائي، يهيمن عليه قوتان كبيرتان رئيستان، هما الصين والولايات المتحدة.
لكن خلافا لما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة، سيكون للقوى المتوسطة دور وتأثير متزايد على النظام الدولي.
ولا يتوقع الموقع الروسي أن يكون للاتحاد الأوروبي قدرة على ممارسة هذا الدور مستقبلا، لا من الناحية السياسية ولا العسكرية.
نظام ثنائي القطب
وأوضح كاتب المقال توماس ييغر، أن حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يراودهم الحلم بأن يصبح النظام العالمي المستقبلي متعدد الأقطاب، وأن يلعبوا دورا فيه.
لكنه يرى أن الاتحاد الأوروبي لن يكون بمقدوره إحداث أي تأثير آنذاك. واستهان كثيرا بإمكانات كتلة بروكسل، حيث وصفها بأنها "قزم" من الناحية السياسية، مضيفا أنها لا تتخطى كونها "بيدقا" في الجانب العسكري.
وفي سياق حديثه عن الاتحاد الأوروبي ودوره المستقبلي، يحث الكاتب الروسي الأوروبيين على بدء مناقشات جادة حول المكانة التي سيصلون إليها في المسرح السياسي العالمي في المستقبل، محذرا إياهم من خداع أنفسهم.
وحسب وجهة نظره، قد يمثل دور الدول الوسطى في النظام العالمي الجديد مثل الهند وروسيا، إضافة إلى دول أخرى لم يسمها.
ويعتقد ييغر أن تطوير العلاقات بين الدول الأوروبية وكل من الولايات المتحدة والصين سيكون على رأس أولويات المرحلة المقبلة في السياسة الخارجية ومجالات الاقتصاد والأمن.
كما أكد أن النظام العالمي سيتحول إلى نظام ثنائي القطب أكثر فأكثر خلال السنوات المقبلة، وأن الصين والولايات المتحدة ستتفوقان على الجميع.
وفي إطار المقارنة بين الحقبة الحالية وفترة الحرب الباردة، يرى الكاتب أن الاختلاف كبير بينهما.
وفسر: "في ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى قوتين عظميين في العالم، ولم يكن أمام الباقي إلا التنحي والانزواء جانبا، وفي بعض الأحيان كانوا يفعلون ذلك بشكل علني صريح، وأحيانا أخرى بشكل ضمني عبر التخفي وراء الحياد".
وأضاف بعدا آخر، هو أنه "في القرن العشرين، لم يكن هناك تبادل عملي بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في مجالات التجارة والاقتصاد والتعليم والعلوم وغيرها".
وكان التعاون آنذاك قاصرا على المجال العسكري فقط، لا سيما فيما يتعلق بقضايا الأسلحة النووية، وفقا للمقال.
أما الحقبة الحالية، يلفت الكاتب إلى وجود نحو 30 عاما من التحرير والعولمة في السوق العالمية.
هذا فضلا عن ارتباط الصين والولايات المتحدة ببعضهما ارتباطا وثيقا من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية، وهو ما يدلل على استحالة قطع العلاقات تماما بين الجانبين، حسب رأي ييغر.
القوى المتوسطة
من زاوية أخرى، أشار الكاتب إلى أنه لم يكن هناك حرب منهجية واضحة خلال العقود الأخيرة بين الولايات المتحدة وغيرها من الدول، حيث إنها كانت القطب الأوحد تقريبا.
لكن في الوقت ذاته، اكتسبت بعض الدول قدرات اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية، وهو ما يمنحها القدرة على اتباع سياسة خارجية مستقلة.
وفي هذا السياق، ضرب المثل بالقدرات التي طورتها وراكمتها كل من الهند وتركيا والسعودية والبرازيل خلال السنوات الأخيرة.
وبناء على هذه الإمكانات، وما نتج عنها من سياسات مستقلة، يرى الكاتب أن هذه الدول يتغير موقف كل منها تجاه الأزمات الدولية وفقا لما يقتضيه كل موقف على حدة، فتارة يقفون إلى جانب الصين، وتارة إلى جانب الولايات المتحدة.
وهنا يؤكد أن هذه الدول "لا تملك تأثيرا كافيا لخلق عالم متعدد الأقطاب، لكن لديهم ما يكفي من الاستقلال لزعزعة النظام العالمي المستقبلي والتأثير فيه".
كما ذُكر سابقا، لا يعتقد الكاتب أن "الاتحاد الأوروبي سيلعب دورا في النظام المستقبلي ثنائي القطب كإحدى القوى المتوسطة في المستقبل".
ويعود ذلك -في رأيه- إلى "عدم كون الاتحاد الأوروبي لاعبا كاملا في مجال العلاقات الدولية، وقد كان الأمر كذلك منذ عقود".
لكنه في الوقت ذاته يؤكد قوة الاتحاد كعملاق اقتصادي، موضحا أنه يلعب الآن دورا مهما في المجالات التجارية أكثر من غيرها.
وهنا يتساءل الموقع الروسي: "هل سيكون الاتحاد الأوروبي قادرا على اللحاق بمجموعة القادة من خلال استثمارات ضخمة في التطوير التكنولوجي؟".
ويبرر ييغر وصفه للاتحاد الأوروبي بأنه "قزم" من الناحية السياسية، بأنه بعيد عن الوحدة السياسية، فضلا عن كونه "متخلفا بشدة" من الناحية العسكرية.
وأكد بالقول: "لا تستطيع الدول الأوروبية الدفاع عن نفسها وضمان أمن واستقرار الدول المجاورة في حال أي هجوم".
وأردف: "ولذا، لا يمكن لأوروبا ممارسة أي تأثير دبلوماسي محدد على النزاعات الدولية"، واصفا إياها بأنها مجرد "دودة حرب" و"بيدق" يعمل لصالح الولايات المتحدة.
وحول سياسة الاتحاد الأوروبي حيال هذا الوضع، اختتم: "لم تتخذ حكومات دول الاتحاد الأوروبي، منذ عام 1991، أي خطوات للتغيير، بل على العكس من ذلك، جعلوا الأمر ينحدر إلى الأسوأ".