موقع بريطاني: المعارضة الإيرانية رهينة "تيك توك" وأدواتها لإسقاط النظام أثبتت فشلها
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا نقديا للمعارضة الإيرانية، لاعتمادها على أساليب غير فعالة في محاولة إسقاط النظام الملالي.
وأكد الموقع بنسخته الفرنسية، في مقال للصحفية الاستقصائية، ثريا ليني، أن "الاتفاق الأخير بين طهران والرياض، يؤكد حاجة المعارضة الإيرانية لإعادة رسم خططها".
وفي تطور مفاجئ، أعلنت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار 2023، عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما، برعاية صينية.
سياسات فاشلة
وطرحت الكاتبة سؤالا استنكاريا، قائلة إن "الاتفاق الإيراني-السعودي أثبت أن العزلة والعقوبات والضغط الأقصى هي سياسات فاشلة لم تحدث تغييرا أبدا، فلماذا تستمر المعارضة في الخارج في الدفاع عنها؟".
وأشارت الكاتبة إلى التوتر الذي شهدته العلاقات السعودية-الإيرانية على مدى العقد الماضي، لدرجة قطع العلاقات بينهما، "لكن يبدو أن الركيزتين الرئيستين للقوة في الشرق الأوسط قد توصلتا إلى هدنة".
وأكد الموقع أن "الاتفاق الذي تفاوضت عليه الصين لم يسقط من السماء، بل هو ثمرة ما يقرب من خمس سنوات من الدبلوماسية الفاترة في بعض الأحيان".
وحسب الكاتبة ليني، فإن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، كان يجري حوارات مع الرياض في الليلة التي قُتل فيها، بأمر من الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في 3 يناير/ كانون الثاني 2020.
كما أن هناك محادثات جارية بين إيران والبحرين، علاوة على ذلك، زار رجل إيران القوي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الإمارات في 16 مارس/آذار 2023.
وهناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها من هذه الموجة الدبلوماسية، ومن ذلك أن العزلة والعقوبات والضغط الأقصى "سياسات فاشلة".
ووفق السردية التي كانت قائمة، فإن سياسة العزلة كان من المنوط بها تغيير "سلوك" إيران، وفي الوقت نفسه، كان من المفترض أن تؤدي العقوبات الشاملة، وإستراتيجية الضغط الأقصى إلى إنهاء البرنامج النووي، وتغيير النظام بشكل غير رسمي.
واستدركت الكاتبة: "لكن ها نحن ذا، فلا تزال الجمهورية منخرطة بشكل كبير في السياسة الإقليمية، بما في ذلك في العراق، ولا يزال بشار الأسد، حليف إيران، رئيسا لنظام سوريا، ويعيد حاليا اندماجه في الساحة الدولية، بما في ذلك العالم العربي".
توحيد الشتات
وعلى الصعيد المحلي، يستمر برنامج إيران النووي في التوسع، رغم "العقوبات والاغتيالات والأعمال التخريبية"، وفق ليني.
ورأت أن "دائرة النخبة في طهران نجت حتى الآن من أزمة الشرعية والاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني، وهي شابة تبلغ من العمر 22 عاما توفيت بعد اعتقالها في سبتمبر/ أيلول 2022".
وتساءلت ليني: "إذا كانت سياسات العزلة والعقوبات هذه لم تنجح مع أقوى دولة في العالم وحليفتها -الولايات المتحدة والسعودية- فلماذا تستمر المعارضة في تقديمها كعنصر أساسي في انهيار الجمهورية؟".
وفي 10 مارس/ آذار 2023، أصدر تحالف جديد لمعارضة إيرانية تحت اسم "التضامن من أجل الديمقراطية والحرية" ميثاقه الذي يهدف إلى توحيد الشتات الإيراني المجزأ، ووضع الخطوط العريضة لخطته الهادفة لجعل إيران "بلدا ديمقراطيا".
وتنص الخطة، التي "تعتمد بالدرجة الأولى على الأنشطة خارج البلاد"، على أن "العزلة العالمية للنظام الإيراني كإحدى أولى الخطوات الضرورية لإحداث التغيير".
ويهدف الميثاق كذلك إلى خلق سبل لمساعدة الشعب الإيراني، "لكن من غير الواضح ما الذي يعنيه هذا بالضبط"، حسب الكاتبة ليني.
واستطردت: "فبالنظر إلى السجل الحافل لمشاريع تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط الحديث، فإن ذلك مثير للقلق إلى حد ما".
وأكدت الكاتبة أن "هذه الوثيقة لم تحظ بالكثير من الحماس بين الجمهور الإيراني الذي كان منشغلا بالتحضير للنوروز (رأس السنة الفارسية الجديدة)، ومحاربة التضخم المتفشي، والتعامل مع تداعيات خمسة أشهر من الاحتجاجات".
ومع ذلك، فقد استنكرت وسائل الإعلام الإيرانية المتشددة هذه الوثيقة بصفتها"مشروعا أجنبيا ممولا".
وأصبح الموقعون الستة الأوائل على الميثاق من أبرز الوجوه في الشتات، والعديد منهم كان قد أعرب عن دعمه للعقوبات في الماضي، بما في ذلك إستراتيجية الضغط الأقصى التي تبناها ترامب.
نجاح محدود
وقالت ليني: "لقد نجحوا حتى الآن في الضغط على الأمم المتحدة لاستبعاد إيران من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، وأيضا لدفع البرلمان الأوروبي لوضع الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب".
وأضافت أن "المجموعة تواصل الضغط على الحكومات لفعل الشيء نفسه، ومع ذلك، ليس من الواضح كيف ستساعد هذه الحملات المتظاهرين أو السجناء".
وتابعت: "بل من الصعب معرفة كيف يمكن أن يؤدي استبعاد إيران من لجنة تابعة للأمم المتحدة أو قرار أوروبي غير ملزم إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية".
واستنكرت الكاتبة أن "المعارضة تضغط من أجل عزلة اقتصادية ودبلوماسية كاملة".
وقالت: "بالفعل، طُرد دبلوماسيون إيرانيون لارتكاب مخالفات مختلفة في جميع أنحاء العالم على مدار سنوات، بما في ذلك من قبل السعودية والمملكة المتحدة".
لكن هذا المنطق الغريب لم يخلص إلى أن عمليات الطرد هذه لم تُحدث تغييرا ديمقراطيا في إيران، وفق الكاتبة.
وعلاوة على ذلك، فمن غير المرجح أن يفكر شركاء إيران التجاريون الرئيسون في عدم التعامل معها.
وعلقت ليني: "قد يكون هذا بمثابة ضربة لغرور المعارضة بالخارج، لكن شرارات التغيير الأكبر في الجمهورية تأتي دائما من الضغوط الداخلية، وليس الخارجية".
ولفتت إلى أن "مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد ترامب، جون بولتون، فشل في تغيير الأمور، رغم دعمه القوى للإطاحة بالنظام الإيراني".
تجارب سابقة
خذ على سبيل المثال، أكثر حركات الاحتجاج حدة، والتي بدأت عام 1999 عندما نظم الطلاب مظاهرات في جامعة طهران للتنديد بإغلاق صحيفة "سلام" الإصلاحية الشعبية.
فبعد 10 سنوات، وبالتحديد عام 2009، شهدت الجمهورية أكبر احتجاجات في تاريخها على خلفية انتخابات رئاسية شابتها اتهامات واسعة النطاق بالتزوير.
ثم في عام 2019، أثار إلغاء دعم الوقود الذي طال انتظاره انتفاضة عنيفة، وتشير التقارير إلى مقتل 1500 شخص في حملة القمع التي تلت ذلك.
وأكدت الكاتبة أنه "إذا أرادت المعارضة أن يُنظر إليها على أنها تنطوي على شيء آخر غير التشدق بالكلام، وأن تكتسب شرعية خارج مجتمعات الشتات وتطبيق (تيك توك)، فعليها أن تفهم في السياسة، التي لا تفهمها حتى الآن".
وشددت على أن "العزلة تسهل على الدولة خنق المعارضة، كما أن العقوبات تؤذي المواطنين العاديين وليس النخب، وفيما يتعلق بإيران، فلن يؤدي أي منهما إلى تغيير الوضع الراهن".
وأشارت الكاتبة إلى أنه "كان من الممكن أن تركز جماعات الضغط على الاتحاد الأوروبي، لإنهاء الإجراءات التمييزية لأخذ التأشيرات، حتى يتمكن الإيرانيون من العمل والدراسة في الخارج".
ففي نهاية الأمر، يكافح الإيرانيون العاديون للحصول على تأشيرات دخول إلى أوروبا، ناهيك عن التحدث مع رؤساء الوزراء أو المؤثرين.
وفي الوقت نفسه، كان من الممكن أن تركز جهود الضغط الأميركي على رفع العقوبات المفروضة على البنوك والتكنولوجيا، وذلك للتسهيل على الإيرانيين الدفع في الخارج مقابل الخدمات التي يتلقونها، بما في ذلك الأدوية، أو الخدمات التي تساعد في التحايل على انقطاع الإنترنت في الدولة.
ووصف العديد من الخبراء في السياسة الإيرانية المحاور التي اتخذتها المعارضة في الشتات بأنها "إهدار غير عادي للطاقة والموارد، وإذا لم يتعلموا من الاتفاق السعودي-الإيراني الأخير، فإن الحركة ستكون قد ماتت بالفعل".
وختمت الكاتبة مقالها بالقول: "هناك 84 مليون شخص في إيران يعانون بسبب السياسات الفاشلة للنظام في كل يوم، وليس مطلوبا من المعارضة أن تزيد الطين بلة".