عائلة الزامل.. لماذا منحها ابن سلمان نفوذا اقتصاديا كبيرا في السعودية؟
عادت مجموعة الزامل القابضة إلى الواجهة كواحدة من أكبر الشركات السعودية في ظل استيلائها وتحكمها بمفاصل الدولة الاقتصادية بدعم من ولي العهد محمد بن سلمان.
تأسست المجموعة عام 1930، قبل عامين من إعلان قيام المملكة (23 سبتمبر/ أيلول 1932)، وهي مملوكة لعائلة الزامل التي تحظى بقربها من الملوك والأمراء المتعاقبين.
ولطالما دعمت عائلة الزامل الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، وبينهما علاقة خاصة تعود حتى لما قبل توليهما الحكم.
ففي عام 2013 اختار الملك سلمان نفسه (كان آنذاك وليا للعهد، ورئيس مجلس العائلة المالكة)، أديب بن عبدالله الزامل، أحد أبناء الزامل، لرئاسة صندوق تنمية جدوى للاستثمار، وهو صندوق استثماري مهم لفرع آل سلمان، كان يشرف عليه الأمير فيصل بن سلمان.
وفي الوقت الذي كان فيه محمد بن سلمان يعزز سلطته من خلال العلاقات مع كبرى العائلات الرائدة في البلاد، تمكن الرئيس التنفيذي لشركة "وهج" المملوكة لآل الزامل، أيمن الحمزي من تولي رئاسة شركة Vision Industries، المتخصصة في قطاعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية والرياح والهيدروجين الأخضر.
وهي مشروع مشترك جرى تدشينه عام 2021 بواسطة "مجموعة المهيدب" و"مجموعة أبو نيان"، وهما عشيرتان أخريان قريبتان من الزامل، بعد موافقة ولي العهد محمد بن سلمان.
لتبرز أهمية الزامل من خلال استفحالهم في قطاعات مختلفة، وفي وقت باتت العائلة أشبه بأخطبوط كبير ممتد الأذرع في مختلف المناحي الاقتصادية، لكن على عين ابن سلمان، الذي يفتح لها كثيرا من المجالات.
مشروع الاتصالات العسكرية
في 20 مارس/ آذار 2023 نشرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات تقريرا عن توسع مجموعة "الزامل" في السعودية.
وذكرت أن المجموعة هي الرائدة في الصناعات الدفاعية بالمملكة، وتمتلك قاعدة أعمال ومشروعات ضخمة هناك.
وأوردت أن إحدى شركات الزامل وهي الشركة السعودية للتقنيات المتقدمة "وهج"، وقعت عقدا جديدا مع شركة الاتصالات السعودية (STC).
وأضافت المجلة الفرنسية، أن شركة الاتصالات السعودية (STC) اختارت "وهج"، لمشروع تركيب هوائيات متنقلة للاتصالات ذات المهام الحساسة المشتركة بين وزارتي الداخلية والدفاع في المملكة، والحرس الملكي، وجهاز المخابرات العامة، ورئاسة أمن الدولة.
التعاقد مع "وهج" لتنفيذ مشروع الاتصالات العسكرية الذي تشرف عليه STC كمقاول رئيس، يشير إلى أن الشركة التابعة لـ"الزامل"، باتت تحتفظ بحضور قوي في النظام التكنولوجي الدفاعي الذي بناه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال التقرير: إن "وهج" تسعى بقوة للدخول في شراكة مع شركة "بوينج" الأميركية للدفاع، لتصنيع القنابل صغيرة القطر الموجهة (GBU-39)، وذلك على الرغم من التوتر بين الرياض وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن تبقى عائلة الزامل بفضل نشاطها وعلاقاتها المتعددة بمثابة همزة الوصل بين جميع الأطراف.
وكذلك في عام 2018، استهدفت شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية التعاقد مع "وهج" لتصنيع مكونات قنابلها الموجهة بالليزر (LBG).
وفي عام 2022 تعاونت شركة (BAE Systems) البريطانية مع "وهج" لبيع طائراتها المقاتلة من طراز (BAE Systems Hawk).
تلك الصفقات الكبيرة جعلت "وهج"، درة مجموعة الزامل. وقد تأسست "وهج" عام 2013 بقيادة بندر بن عبدالرحمن الزامل، كمشروع مشترك بين مجموعة "هانوا" الكورية الجنوبية للصناعات الدفاعية، والشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات "سبكيم"، المملوكة لمجموعة "الزامل" المدعومة من محمد بن سلمان.
توغل خطير
ويعد اختيار مجموعة الزامل وشركتها "وهج" من قبل شركة الاتصالات السعودية (Saudi Telecom Company)، المشغل الأول لخدمة الاتصالات في المملكة، توغلا خطيرا لآل الزامل.
فتوسعات STC، ليست على المستوى المحلي فقط ففي الخارج استحوذت على نسبة 25 بالمئة من مجموعة أكسيس بماليزيا عام 2019، والتي بدورها تدير عددا من شبكات الهاتف الجوال في كل من ماليزيا وإندونيسيا والهند.
وحصلت على 26 بالمئة من رخصة الهاتف الجوال الثالثة في الكويت بقيمة وصلت 924.6 مليون دولار.
كما تستحوذ الشركة، على نسب مختلفة فى عدد من المؤسسات والشركات المحلية والإقليمية، منها مؤسسة "عرب سات للاتصالات الفضائية" العاملة فى مجال البث عبر الأقمار الصناعية، و"شركة الكيبل البحري العربي" الرابط بين ضفتي البحر الأحمر (السعودية - السودان).
واستحوذت الشركة على نسبة 100 بالمئة من مزود خدمات الإنترنت "أول نت"، بالإضافة إلى "شركة تجاري" السعودية.
كل ذلك يعطي لمجموعة الزامل قوة إضافية من خلال تواجدها في دائرة شركة الاتصالات السعودية، خاصة في مجال حساس كاتصالات الأمن والمخابرات، وهو ما لا يمكن فصله عن التجسس والعمل الاستخباراتي.
فرغم امتلاك الرياض لمجموعة شركات اتصالات وطنية متعددة، تعد شركة الاتصالات السعودية، الأهم بين شركات الاتصال في المملكة.
لكنها تمتلك سجلا غير محمود في حقوق الإنسان، والتجسس على المعارضين، من خلال تلك الشركات، أو تطبيقات خاصة، استهدفت بها الخصوم.
وسعت السعودية خلال السنوات الماضية لامتلاك تطبيقات تجسس تعزز بها أنظمة الاتصالات لديها، وغدت بؤرة واسعة للتجسس في منطقة الشرق الأوسط.
وفي 4 ديسمبر/ كانون الأول 2018، رفع المعارض السعودي عمر بن عبدالعزيز، المقيم في كندا دعوى ضد شركة إسرائيلية قال: "إنها ساعدت الحكومة السعودية، وتحديدا شركة الاتصالات السعودية، في التنصت والتجسس عليه ومراقبة الرسائل التي تبادلها مع الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي".
وقتل خاشقحي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، وجرى اتهام ولي العهد السعودي بإعطاء أمر الاغتيال.
لذلك فإن دخول مجموعة الزامل في تلك الجزئية الحساسة، يجعلها لا تنفصل عن خطط محمد بن سلمان الأمنية، وإحكامه السيطرة الكاملة على مفاصل البلاد داخليا وخارجيا.
الزامل والحكام
ترجع أصول مؤسسي مجموعة الزامل القابضة إلى محافظة عنيزة الزراعية والواقعة في المنطقة الوسطى للمملكة العربية السعودية، وهناك ولد مؤسس المجموعة الشيخ عبد الله الحمد الزامل (1897 – 1961).
وأسس الزامل أول عمل تجاري فعلي له في البحرين، حيث كانت قبلة الأعمال التجارية في الخليج، وهو في الـ "19" من عمره، وشملت أعماله نشاطات عقارية مختلفة.
لكنه عاد إلى المملكة مرة أخرى ومن أبرز إنجازاته بناء أطول مبنى آنذاك في مدينة الخبر السعودية في العام 1959.
بعد وفاة عبد الله الزامل، حمل الراية الجيل الثاني من العائلة، حيث أنجب 12 ابنا، أبرزهم حمد، ومحمد، وخالد، الذين أدوا مهام قيادية للمجموعة، وتوسعوا بقوة خلال عهد الملك فهد بن عبد العزيز، ومن بعده الملك عبد الله بن عبد العزيز.
حتى أصبحوا من رواد الصناعة في السعودية، ودخلوا إلى صناعات شديدة الحساسية مثل الصناعات الدفاعية، ومجالات الاتصالات.
بل ولها امتدادات خارج المملكة في البحرين والكويت وباكستان وإندونيسيا، ويبلغ عدد العاملين في كامل المجموعة أكثر من 10 آلاف موظف.
وعائلة الزامل من أغنى 10 عائلات في السعودية، بثروة تصل إلى 3.4 مليار دولار، بحسب تصنيف موقع "أرابيان بيزنس" للعام 2022.
إستراتيجية محمد بن سلمان الرامية إلى الإمساك بمفاصل الدولة، جعلته أكثر انفتاحا على عائلات بعينها منها عائلة الزامل، خاصة وأنها كانت شديدة الصلة بوالده الملك سلمان.
وفي مناسبات اجتماعية مختلفة حرص الملك وولي عهده على التواصل مع آل الزامل. ففي 13 أكتوبر/ تشرين الثاني 2019، تقدما لمواساة العائلة في وفاة المهندس عبد العزيز بن عبد الله الزامل، وكان هذا الرجل يشغل منصب وزير الصناعة والكهرباء الأسبق.
كما أن ولده أسامة بن عبد العزيز الزامل، من المقربين إلى ابن سلمان، إذ عينه في 8 سبتمبر/ أيلول 2019، في منصب نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية.
وكان أسامة قبلها يرأس مجموعة الزامل القابضة، إضافة إلى كونه رئيسا لمجلس إدارة شركات الصناعات التطويرية في السعودية.
ومن المقربين أيضا لولي العهد، خالد الزامل، رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للبطاريات. لكن ابن سلمان عينه عضوا في مجلس إدارة دار اليوم للصحافة والنشر (حكومية) عام 2020.
وهذا مع استمرار عضويته في مجلس إدارة بنك آسيا الإسلامي بسنغافورة، وهو مسؤول التخطيط الإستراتيجي وتطوير الأعمال في مجموعة الزامل.