رغم المنع الحكومي.. إشادة واسعة بإصرار التونسيين على التظاهر ضد انقلاب سعيد

12

طباعة

مشاركة

بعد يوم من التظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية ضد سياسات السلطة والأوضاع الاجتماعية استجابة لدعوة "الاتحاد العام التونسي للشغل"، نظمت "جبهة الخلاص" التي تشكل أكبر تكتل معارض بالبلاد، مسيرة في 5 مارس/ آذار 2023، للتنديد بانقلاب الرئيس قيس سعيّد.

المعارضون التونسيون تظاهروا -رغم رفض السلطات للاحتجاج- ضد إجراءات سعيد وتنديدا بالاعتقالات السياسية والانتهاكات الجسيمة للحريات العامة، وللمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين الذين نالتهم حملة اعتقالات خلال الفترة الماضية.

واحتفى ناشطون على تويتر، بالمشاركات الواسعة للمعارضين في المظاهرات المناهضة لسعيد، رغم امتناع السلطة منحهم الترخيص بذلك، بدعوى وجود شبهة "التآمر على أمن الدولة"، مشيدين باجتياز المحتجين الحواجز الأمنية.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #تونس، #قيس_سعيد، #يسقط_الانقلاب_في_تونس، وغيرها عن سعادتهم بتحدي أحرار تونس لقرارات السلطة، والاستجابة لدعوة "جبهة الخلاص"، متداولين مقاطع فيديو توثق الاستجابة الواسعة والمشاركة في الاحتجاجات.

وأشاد ناشطون بتجاهل المعارضين دعوة ممثل وزارة الداخلية للمحتجين بالانسحاب وعدم تنفيذ المسيرة بدعوى أنها "غير مرخص لها"، مستنكرين تهديده بأن أفراد الأمن سيطبقون القانون ولن يسمحوا بتنفيذها. 

وأكدوا أن سعيد "سبب في الخراب الاقتصادي والاجتماعي" الذي حل بتونس، معربين عن غضبهم من تصاعد الاعتقالات العشوائية والتعسفية في عهده ضد المعارضين له وبينهم قضاة ومحامون ومدونون وناشطون وإعلاميون وأعضاء أحزاب سياسية وغيرهم.

واستنكر ناشطون استهداف الرئيس التونسي المهاجرين الأفارقة بخطاب عنصري قبل أيام قال فيه إن "جحافل المهاجرين من إفريقيا يتسببون في الجرائم، ويشكلون تهديدا ديموغرافيا على تونس"، مؤكدين أن طرد الأفارقة من الديار التونسية "أمر يندى له الجبين".

حفاوة وإشادة

وتفاعلا مع الأحداث، عرض رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، صورا عدة من المشاركات الشعبية في مسيرة اليوم، قائلة: "ولا بد لِليل أن ينجلي ولا بد لِلقيد أن ينكسر".

وسلطت الأكاديمية كوثر جلال، الضوء على ما شهدته تونس، قائلة: "صباح الصمود، منذ الثامنة صباحا: تم إغلاق جميع الأنهج (الطرقات) على السيارات بالحواجز، وعدم السماح بالمرور إلى شارع الحبيب بورقيبة، ووجود أمني كثيف جدا وجميع معدات التدخل الأمني المعهودة جاهزة في مكانها".

وعرضت عدة صور من الفعاليات، قائلة: "رغم المنع، رغم الحواجز، رغم الحصار.. ثورة ثورة حتى النصر".

 وأشاد الصحفي والحقوقي، ماهر عبدالجليل، بالنجاح "الباهر" لمسيرة جبهة الخلاص الوطني، مرددا هتاف: "حريات، حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)". وأشار عماني كمال إلى دعوة الداخلية التونسية أنصار جبهة الخلاص إلى الانسحاب وعدم تنفيذ المسيرة. فيما أكدت الصحفية والكاتبة وجدين بوعبدالله، وصول المسيرة إلى شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة رغم محاولة الأمن منع تقدمها. وشارك نائب رئيس مكتب شمال إفريقيا بوكالة "رويترز"، مقطع فيديو يوثق وصول محتجين من جبهة الخلاص إلى شارع الحبيب بورقيبة متحدين قرارا رسميا من وإلى العاصمة، بمنعهم من الاحتجاج. وعرض المغرد نزار صورا لمسيرة جبهة الخلاص، لافتا إلى أنهم بذلك "قالوا لوالي سعيد على تونس العاصمة: قراراتك انفخها واشرب ماءها". وأشاد أحد المغردين بالمد الشعبي العميق الرافض للانقلاب في تونس، بعد تهديد سعيد المبطن لاتحاد الشغل بتكرار سيناريو 1978 حيث سقط 400.

وأوضحت الإعلامية مونيكا ماركس، أن "مسيرة الجبهة كررت الدعوة لإسقاط الانقلاب، وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع الموقوفين، وشهدت رفع صور السجناء السياسيين والعلم التونسي عاليا".

وأشاد الصحفي المصري صلاح بديوي، بحراك الشارع، قائلا: "تونس تنتفض ضد رئيسها الذي خان إرادة شعبه".  ونشر الداعية الكويتي حامد العلي، مقطع فيديو للمظاهرة الحاشد التي خرجت في تونس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، مشيدا بخروجها رغم تحذير السلطة من تنظيمها.

الحرية للمعتقلين

ودعا ناشطون إلى الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في تونس، ووقف الرئيس ملاحقته الأمنية للمعارضين لسياساته، إذ يلاحق القضاء نحو 20 معارضا من الصف الأول للرئيس.

ومنهم إعلاميون ورجال أعمال، وبينهم القيادي في "جبهة الخلاص الوطني" جوهر بن مبارك ورجل الأعمال كمال اللطيف والوزير السابق لزهر العكرمي والناشط السياسي خيام التركي ومدير الإذاعة الخاصة "موزاييك إف إم" نور الدين بوطار، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.

وأعرب الكاتب جلال الورغي، عن تضامنه مع جميع المعتقلين السياسيين، مشيرا إلى أن "تونس تحتاج حوارات ومصالحات لا اعتقالات ومحاكمات".

وقال عبدالرحمن محمد: "سعيد كل ساعة قرار وكل ساعة خطاب أزعج الشعب بقرارته المتخبطة، وهمش على الرجال وظائفهم، هذه القرارات تركت سلبية وسمعة سيئة".

ورأى أنه "كان من الأولى التحلي بضبط النفس وأن تكون القرارات مدروسة"، مؤكدا أن "الوضع بات سيئا والشعبية تهبط".

وطالبت إقبال جميلي، بالحرية لجميع المعتقلين السياسيين، النقابيين وسجناء الرأي، قائلة: "لا للمساس بقيم الديمقراطية، والحق النقابي، وحرية الرأي والتعبير.. يسقط الانقلاب وتسقط الدكتاتورية وتحيا تونس الديمقراطية".

 وطالبت المغردة نايلة بالحرية لكل المعتقلين.

مسيرة الاتحاد

وأشاد ناشطون بتنظيم "اتحاد الشغل" أكبر احتجاج مناهض لسعيد في 4 مارس/آذار 2023، متداولين كلمة الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، التي قال فيها: إن تونس لن يكون فيها قمع واستبداد مهما كان الثمن".

 ورأى الناشطون أن الفعاليات المتصاعدة في تونس "مؤشر على بدء ربيع عربي جديد تنطلق شرارته لباقي البلدان العربية".

وعدد المؤرخ الجامعي محمد ضيف الله، الشعارات التي رفعت في مسيرة الاتحاد، ومنها: "حريات حريات، دولة البوليس وفات، يا مواطن يا مقموع، زاد الفقر زاد الجوع، يا قيس يا جبان، الاتحاد لا يهان، لا خوف لا رعب، الشارع ملك الشعب، يا حكومة عار عار والأسعار شعلت نار".

ورأى الصحفي المصري عمر الفتيري، أن "مشاركة اتحاد الشغل التونسي ونزولهم للشارع هو بداية جديدة لتونس"، متمنيا "مشاركة جميع الأحزاب السياسية بقوة دفاعا عن الديمقراطية، لأنه سيكون العامل الأكثر حسما في قطع الطريق على الاستبداد".  وأكد أستاذ العلوم السياسية المصري، حسن نافعة، أن "نزول اتحاد الشغل التونسي إلى ساحة المعركة السياسية دفاعا عن الديمقراطية سيكون العامل الأكثر حسما في قطع الطريق على الاستبداد". 

وأضاف: "كلي ثقة في نجاح الشعب في إنقاذ التجربة الديمقراطية المهددة في تونس".

ورأى الناشط خالد الشمري، أن "ما يجري من اعتقال النشطاء والمعارضين وتكميم الأفواه واغتصاب الحريات ما هي إلا مؤشرات لانطلاق ربيع عربي عالمي جديد من تونس".

وأفصح محمد البهجة، عن شعوره بأن "الشرارة الأولى لتحرير بعض الشعوب المضطهدة من طرف جشع الديكتاتوريات الجديدة والانقلابيين على الشرعية الدستورية، ستنطلق كما بدأت إبان الربيع العربي من تونس الياسمين، لأن مسار الديموقراطية وحقوق الإنسان في هذا البلد قد عرف انتكاسة مفجعة بسبب حماقة قيس".

وتوقع انتقال وهج هذه الشرارة إلى "حظيرة الكابرانات (الجنرالات) بالجزائر الوسطى، بسبب ما يعيشه النظام العسكري الفاسد من تخبط وفوضى عارمة وفساد شامل وتبديد أموال الشعب الجزائري في نزوات طائشة أفقرت الشعب وأجبرته بالوقوف بالطوابير للحصول على علبة حليب".

عنصرية سعيد

وأعرب ناشطون عن غضبهم من تصريحات سعيد بشأن الأفارقة وما خلفته من تصعيد الأزمات، مؤكدين أن خطابه عنصري بعيدا عن الإنسانية.

ونشرت درة السيد، صورة لسعيّد يبدو متشنجا في حديثه، معلقة عليها بالقول: "لو كان هذا الشيء المسمى قيس رئيسا كان الأجدر أن يعطي تعليمات لوزارة الداخلية للحد من الهجرة غير الشرعية دون أن يتقيأ أمام العالم كلامه (المزري)".

وأضافت: "انتظروا ردود أفعال سيئة ومهينة وربما خطيرة ضد الرعايا التونسيين في العمق الإفريقي".

ونشر المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة الحقوقيين الدولية، سعيد بن عربية، مقطع فيديو لإعادة 145 مواطنا من كوت ديفوار إلى أبيدجان، وقد ترك بعضهم كل شيء وراءهم في تونس، وغادروا على عجل.

ووصف ما يتعرض له الأفارقة في تونس، بأنها "سياسة تمييزية وعنصرية تنتهك الالتزامات الدولية لتونس وتدعمها صمت المجتمع الدولي الذي يصم الآذان".

وعّد مهدي مرابط، ما يحدث في تونس مع الأشقاء الأفارقة "وصمة عار على جبين الرئيس قيس سعيد". وتساءل الصحفي ماجد عبدالقادر: "ماذا يحدث في تونس بلد الكرم يطرد ويعنف المهاجرين الأفارقة؟ لو فعلت فرنسا أو ألمانيا أو أي بلد غربي ما يفعله قيس سعيد بالمهاجرين ما الذي سيحدث؟". وكتب جراح التجميل دكتور بوغنيم ياس بنجوميه: "سعيّد كان و لا زال يدهشني. خطابه الشعبوي التحريضي على الأفارقة هو عنصري بامتياز، صحيح هناك مشاكل مع الهجرة لكنه في خطابه شمل العمال والطلاب وحتى المتزوجين هناك".

وأضاف: "علينا جميعا أن ندين هذا التصرف الأرعن لشخص غريب الأطوار، انقلب على كل ما تم الاتفاق عليه".