قصص مؤثرة..هل نجح المشاهير في إيصال صورة دمار الزلزال في شمال سوريا؟

12

طباعة

مشاركة

دور كبير لعبه إعلاميون وصناع محتوى عرب في تحفيز عمليات الدعم المالي والتبرع لمتضرري الزلزال في شمال غربي سوريا الخارج عن سيطرة نظام بشار الأسد، عبر تغطيتهم ميدانيا للواقع من أرض الحدث.

وأسهم هؤلاء في نقل حجم الدمار الذي خلفه الزلزال في الشمال السوري الذي تسيطر عليه المعارضة، عبر الاستفادة من الجمهور الذي يتابعهم على منصاتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

هبة واحدة 

وسارع عدد من المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي من جنسيات عربية مختلفة، للنزول إلى الشمال السوري في الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال.

وفي 6 فبراير/ شباط 2023، ضرب زلزالان جنوبي تركيا وشمالي سوريا، بلغت قوة الأول 7.7 درجات والثاني 7.6 درجات، فضلا عن مئات الهزات الارتدادية العنيفة.

وخلّف الزلزال 43 ألفا و556 قتيلا في تركيا، وأكثر من ألفي قتيل وآلاف المصابين في مناطق المعارضة السورية بريفي حلب وإدلب، بينما بلغت في مناطق النظام 1414 قتيلا ونحو 2350 مصابا.

وتركز الضرر الأكبر على شمال غربي سوريا حيث شرد الزلزال نحو مليون شخص، ودمر بشكل كلي أكثر من 1123 منزلا، بينما زاد عدد المنازل هناك غير الصالحة للسكن نتيجة الأضرار المختلفة عن 14 ألفا.

ويضم شمال غربي سوريا الخارج عن سيطرة نظام الأسد، نحو 5 ملايين إنسان، كانوا يعانون أصلا من نقص المساعدات والخدمات قبل وقوع الزلزال.

اللافت أن هؤلاء الإعلاميين وصناع المحتوى العرب وصلوا إلى شمال غربي سوريا في الأيام الأولى لوقوع الزلزال أي قبل وصول حتى المساعدات الإنسانية الأممية التي تقاعست ولم تدخل لإغاثة المنكوبين إلا في اليوم السادس من الزلزال بشكل محدود ولا يلبي الحاجة.

ولمس هؤلاء حجم الكارثة التي حلت بالمنطقة التي يعيش سكانها بالأصل على المساعدات الأممية والإغاثية قبل وقوع الزلزال.

لكن الأمم المتحدة تذرعت بالحصول على موافقات من نظام الأسد، للسماح لها بتقديم المساعدات فور وقوع الزلزال، الأمر الذي استنكره السوريون وعدوها "شريكة في التواطؤ مع النظام".

وأمام ذلك، نجح عدد من الإعلاميين وصناع المحتوى العرب، في نقل الصورة كما هي للشمال السوري، وحجم المعاناة التي يعيشها السكان هناك ومدى حاجتهم العاجلة للمساعدات الإغاثية.

الوقفة بالكلمة

ولحظة وصوله إلى الشمال السوري وفي مقابلة تلفزيونية داخل الحدود، قال الإعلامي والمعلق الرياضي السوداني، سوار الذهب: "كل إنسان يستطيع أن يقدم العون في تخصصه، أنا إعلامي، لكن الوقفة بالكلمة الصادقة والطيبة، لها أثرها، وخاصة أن الشعب السوري بحاجة لكلمة بسيطة".

وغطى "الذهب"، الذي يعمل كمعلق في قنوات "بي إن سبورتس" القطرية، مشاهد الدمار الحاصل جراء الزلزال في ريفي حلب وإدلب ونقل معاناة الأهالي الذين وصفهم بـ"أصحاب النفوس المحطمة" وهي يبيتون في الخيام في الطرقات، ومنهم من حول الآليات الزراعية والسيارات لمسكن مؤقت بعدما هدمت بيوتهم.

وفي 9 فبراير 2023، غرد "الذهب" داعيا لفتح المعابر المغلقة نحو مناطق المعارضة قائلا: "لأكثر من 10 سنوات والشعب السوري المكلوم يعاني من زلازل القتل والتهجير والتشريد ومن كان سببا في هذه المآسي لا يمكن أن يكون جزء من الحل مهما تنمقت العبارات تحت أستار الإنسانية".

كما كتب في 7 فبراير مغردا: "الواقع في الداخل السوري مأساوي، لعدم دخول فرق الإنقاذ وانعدام أدوات الإنقاذ الحديثة، فقط الدفاع المدني السوري يعمل مع الأهالي بإمكانيات محدودة، ومن سلم من الزلزال لم يسلم من قسوة البرد والجوع".

وفي مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي السوري، هادي العبد الله، قال "الذهب": "خلال السنوات الأخيرة لا يوجد شعب جرت عليه أزمات ونكبات من الحرب العالمية الثانية مثل الشعب السوري، الذي لا تجد منه غير الشكر والحمد لله، لذلك لا يستحق أن يترك بهذا الظلم من تأخر دخول المساعدات الدولية فور وقوع الزلزال".

ومضى يقول: "لقد رأيت نموذجا من أيام الصحابة داخل الشمال السوري عبر مساندة الأهالي لرجال الخوذ البيضاء (منظمة الدفاع المدني السوري المعارضة) لانتشال الضحايا".

أما اليوتيوبر من أصول فلسطينية، محمد عدنان، فقد أكد أن رحلته إلى سوريا هي من أجل الدعم المعنوي والنفسي وتقديم الطعام والشراب والملابس، وهي من أهل الخير لمتضرري الزلزال كما قال.

وأضاف عدنان في تسجيل مصور عبر قناته على يوتيوب، أن "منظمة قطر الخيرية وجهت لهم دعوة للتواجد في قلب الحدث، لكون من يريد أن يتبرع يبحث عن جهة موثوقة للتبرع لهؤلاء المتضررين من الزلزال"، وفق قوله.

ومنظمة قطر الخيرية، هي واحدة من أكبر الهيئات الخيرية غير الحكومية الرائدة في الخليج والتي تأسست عام 1992، من أجل تطوير المجتمع القطري والمجتمعات المعوزة.

ونشر عدنان مقاطع فيديو للأحياء التي دمرها الزلزال وحجم الدمار، وانتشار الأهالي في الشوارع واتخاذهم من الخيام مسكنا جديدا لهم بعدما تدمرت مساكنهم.

كما نشر مقاطع مصورة تظهر تكدس مخيمات الشمال السوري قرب الحدود مع تركيا، ومنها مخيم "أطمة" الذي يضم نحو 600 ألف شخص يعيشون في خيم وظروف معيشية ومناخية سيئة.

زيادة التبرعات

من جانبه، توجه عبد الله الغافري وهو صانع محتوى من قطر إلى الشمال السوري، لنقل الصورة والواقع الحقيقي للأهالي المنكوبين هناك.

وكتب على حسابه في "إنستغرام" بتاريخ 16 فبراير/شباط 2023: "لأول مرة في حياتي أزور سوريا الحبيبة، أحسست بشعور غريب، يمكن لأن موضوع الزيارة كان مستحيلا وخطرا، ولكن مكتوب لنا أن نزورها بعد كارثة الزلزال، والحمد لله نتمنى زيارتنا اثّرت بتبرعات الناس، لأن فعلا الواقع صعب جدا الله يعينهم".

ومضى يقول: "الله قدّرنا وجمعنا فوق المليونين ريال (أكثر من 549 ألف دولار) تبرعات في ساعة على الإذاعة".

وحاول الغافري الوقوف عند تفاصيل إنسانية سواء من خلال مقابلة الأهالي هناك في مناطق الزلزال، أو لقاء فريق أعضاء الهلال الأحمر القطري أو منظمة قطر الخيرية.

وانتشر مقطع فيديو على نطاق واسع نشره الغافري لمواطن قطري يعمل في مجال الإغاثة بالشمال السوري، يروي قصة طفل سوري خرج من الخيمة ليبشر أمه بأن المتطوعين قد أتوا بالخبز للأهالي.

وعلق الغافري قائلا: "أنا أريد الأطفال على حساباتي أن يروا هذا المقطع قبل الكبار".

كما قطع الرحالة الأردني وصانع المحتوى على العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والمعروف بـ"ابن حتّوتة"، زيارته للمغرب وتوجه إلى الشمال السوري، وقصد مدينة جنديرس بريف حلب وهي الأكثر تضررا من الزلزال حيث هدمت نحو 90 بالمئة من منازلها.

وقال ابن حتوتة وهو يقف وسط المنازل المدمرة: "الناس هنا يحتاجون لنا، وقد وصلت إلى هنا لأرى ما هي أفضل طريقة يمكن لي وللمتابعين مساعدة المتضررين من الزلزال".

وبدأ "ابن حتوتة" بنقل شهادات المدنيين الذين عايشوا الزلزال وفقدوا جميع أفراد أسرهم تحت أنقاض بيوتهم التي هوت بهم.

وسلط "ابن حتوتة" الضوء على منظمة "الخوذ البيضاء"، التي تمارس العمل الإنساني في إنقاذ أرواح المواطنين السوريين من القصف والكوارث الطبيعية بمناطق المعارضة.

والتقى "ابن حتوتة" برجال "الخوذ البيضاء" الذين سردوا له قصصا مؤثرة صادفتهم أثناء قيامهم بعمليات إنقاذ الأهالي من تحت الأنقاض فور وقوع الزلزال.

ولا يزال الشمال السوري، يشهد نقصا كبيرا في تقديم المساعدات الدولية لإغاثة منكوبي الزلزال، إذ اقتصرت المساعدات على مناطق نظام الأسد.

وهبطت أكثر من 200 طائرة محملة بعشرات الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية في مطارات دمشق وحلب واللاذقية منذ وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، نصفها تقريبا من الإمارات التي أعادت العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد منذ عام 2018، وهي مخصصة للسكان في مناطق سيطرة النظام فقط.

وتتدفق المساعدات إلى دمشق، في وقت انتقدت سلطات المعارضة المحلية وناشطون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، تأخر الأمم المتحدة في الاستجابة للزلزال وإدخال قوافل المساعدات للمتضررين.

وسبق أن أوضح أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض، عبد المجيد بركات، خلال تصريحات صحفية في 16 فبراير 2023، أن "الزلزال المدمر كشف تقاعس الأمم المتحدة ومنظماتها عن القيام بمسؤولياتها تجاه الشعب السوري".

ولفت بركات إلى أن "الأمم المتحدة تحاول التغطية على فشلها بحجة أنها بحاجة إلى موافقة نظام الأسد لإدخال المساعدات للشمال السوري، وهو ما منح الأخير المزيد من الابتزاز السياسي".

ووفقا لرئيس لجنة "وحدة دعم الاستقرار" في الحكومة السورية المؤقتة (المعارضة)، منذر السلال، فإن عدد البلدات التي تأثرت في شمال غربي سوريا بشكل كبير من الزلزال بلغت 37 وتأوي 400 ألف نسمة.

وأضاف السلال في كلمة 24 فبراير/شباط 2023، خلال ورشة شارك فيها الائتلاف الوطني السوري والحكومة السورية المؤقتة، بمدينة إسطنبول، إن "36 ألفا و912 عائلة تضررت بفعل الزلزال بشكل مباشر وغير مباشر، بمجموع يقدر بنحو 3 ملايين شخص".