هل تضغط الإمارات والسعودية على السودان لتطبيع رسمي مع إسرائيل؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة عبرية الضوء على إعلان الخارجية الإسرائيلية عن توقيع اتفاقية تطبيع كاملة مع السودان خلال عام 2023، مستعرضة الدور الإماراتي والسعودي في الوصول إلى تلك المرحلة.

وجاء هذا الإعلان على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أثناء زيارته للسودان في 2 فبراير/ شباط 2023، ولقائه برئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان.

ووفق صحيفة "جيروزاليم بوست" فإن اتفاق التطبيع المرتقب "يعكس مزيدا من التبلور والتقدم في مشروع الاصطفاف الإقليمي غير المعلن، والذي تشارك فيه إسرائيل، بجانب مصر والإمارات والسعودية، كمكونات رئيسة مهمة لهذا التحالف".

ويرى التقرير أن "هذا الإعلان لم يكن ليتأتى لولا الشراكة الوثيقة بين الإمارات والسعودية والحكام العسكريين الحاليين للسودان، إلى جانب الاستثمارات الإماراتية الكبيرة في البلاد".

ضربة لإيران

ورأت الصحيفة العبرية أنه "إذا تم التوقيع على هذا الاتفاق بالفعل، فسيشكل ذلك ضربة كبيرة لإيران، التي كانت تستخدم السودان كمحطة لتسليح حلفائها في قطاع غزة".

وأورد التقرير أن السودان بالفعل من الدول الموقعة على "اتفاقيات إبراهام" في يناير/ كانون الثاني 2021، لكن الاتفاق مع الخرطوم في ذلك الوقت كان جزئيا.

ومقابل هذا الالتزام الجزئي، رُفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، هذا بالإضافة إلى تلقيه سلسلة من الحوافز المالية.

وعلى عكس الإمارات والبحرين والمغرب، لم تستمر السودان بعد ذلك في التوقيع على اتفاقية ثنائية رسمية مع إسرائيل، وفق التقرير.

وجاء التزام السودان باتفاقيات إبراهام خلال فترة انتقال سياسي في السودان، ففي أبريل/ نيسان 2019، أطاح انقلاب عسكري بنظام الرئيس عمر البشير، بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه.

وقالت الصحيفة العبرية: "على مدى عقدين من الزمان، تحالف البشير مع إيران، قبل أن يسعى للعودة إلى علاقات أوثق مع دول الخليج لأسباب اقتصادية بعد عام 2011".

بدورهما، أبدت كل من السعودية والإمارات استعدادهما لذلك، لكن البشير لم يقدم دعمه للدولتين الخليجيتين خلال الأزمة مع قطر عام 2017، لذلك خلصتا إلى أن البشير عبء ويجب استبداله. وفق "جيروزاليم بوست".

لكن الإطاحة بالبشير عام 2019 لم يتبعها استقرار سياسي، بل على العكس من ذلك، فقد تنافست قوى مختلفة على السلطة، في ظل حكومة صورية برئاسة عبد الله حمدوك، بجانب المجلس العسكري الانتقالي في السودان.

وحسب الصحيفة العبرية، فقد رأت أبو ظبي والرياض في الإطاحة بالبشير "فرصة لجلب السودان بالكامل إلى محورهما".

وفي أعقاب المعارضة الداخلية للحكم العسكري، والرفض الأميركي والغربي لسجل الجيش الحقوقي، سعى الإماراتيون والسعوديون إلى استمالة المعارضة المحلية المنضوية تحت اسم "قوى الحرية والتغيير".

وفي الوقت نفسه، كانت الشراكة الرئيسة للإمارات والسعودية مع القوات المسلحة السودانية، وتحديدا مع البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم "حميدتي".

وتشير الرواية المنتشرة في العديد من البلدان العربية، وفق الصحيفة العبرية، إلى أن "الجيوش تصطف ضد قوى الإسلام السياسي، مع انسحاق القوى العلمانية والمدنية بينهما في كثير من الأحيان".

لكن الوضع في السودان "لم يتطابق مع هذه الثنائية المُبسّطة، حيث إن الجيش كان يدعم النظام الإسلامي منذ سنوات عديدة، وبالتالي بقيت عناصر قريبة من الدوائر الإسلامية داخل الجيش"، تفيد "جيروزاليم بوست".

انقلاب على الحكومة

وفي سبتمبر/ أيلول 2021، حاولت عناصر من الجيش - بالتحالف مع موالين لنظام البشير- الانقلاب على الحكومة الانتقالية، لكن أحبِطت هذه المحاولة الانقلابية.

وبعد شهر، أطاحت القيادة العسكرية بـ"حمدوك" من السلطة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وتولت السلطة بنفسها، من غير ارتباط مع رموز النظام السابق.

ومنذ البداية، سعى البرهان إلى التوجه نحو الإمارات والسعودية، مبديا استعداده لزيادة التعاون العلني مع إسرائيل، حيث يوجد بالفعل تعاون ضمني في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب، حسبما أوردت الصحيفة العبرية.

ومن اللافت أن الزيارة الخارجية الأولى للبرهان بعد الانقلاب كانت إلى الإمارات، في مارس/ آذار 2022، إذ كان هدفه المباشر هو جمع الأموال باعتبار أن الاقتصاد السوداني منهار، "وقد نجح في ذلك بالفعل".

من جانبها، استمرت الإمارات في لعب دور أكثر تعقيدا، مستفيدة من علاقاتها السابق ذكرها مع الجيش السوداني والقيادة المدنية.

وربما أدركت أبو ظبي أن الوضع في السودان مختلف عما حدث في مصر عام 2013، حيث كان حينها الاختيار بين مدنيين إسلاميين وإما ضباط غير إسلاميين، وفق التقرير.

لذلك، عملت الإمارات هذه المرة على التوفيق بين القيادات العسكرية والمدنية، مع السماح للسلطة الحقيقية بالبقاء في أيدي الجيش السوداني.

تطبيع علني

ووفق الصحيفة العبرية، فإن صياغة البرهان الناجحة للعلاقة مع الإمارات توازت مع تحركاته تجاه إسرائيل، فمنذ منذ الانقلاب العسكري (ضد حمدوك) أعلن السودان عن التواصل والتعاون في المجال الأمني -الذي كان موجودا في الأصل- بين الطرفين.

وفي فبراير/ شباط 2022، صرح البرهان بأن الاجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين "أسفرت عن القبض على خلايا متطرفة".

وأضاف "هذا أمر مشروع لهذه الأجهزة ولا أذيع سرا أن هذه المعلومات المتبادلة مكنتنا من أن نضبط كثيرا من التنظيمات الإرهابية الموجودة داخل السودان".

وفي سبتمبر/ أيلول 2022، أعرب البرهان عن استعداده للسفر إلى تل أبيب، كما قدم التهاني إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لفوزه في الانتخابات، في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه.

من جانبهم، سعى الإماراتيون والسعوديون إلى إثبات أنهم لا يمهدون الطريق لتنصيب "سيسي آخر" في الخرطوم، حسبما ادعى كثيرون.

ولذلك، دعمت الدولتان الحوار بين السلطات العسكرية والقيادة السياسية المدنية في السودان، وفق جيروزاليم بوست.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن السلطات السودانية نجحت خلال عام 2022 في احتواء المظاهرات الشعبية الأسبوعية ضد حكمها، والتي لم تشكل تهديدا خطيرا، حسب التقرير.

كما أدلى البرهان بعدة تصريحات تعهد فيها بنيته التنحي في نهاية المطاف، وأن تتنازل القوات المسلحة السودانية عن السلطة لقيادة مدنية منتخبة، لكن لم يُحدد جدولا زمنيا لذلك، ولا تزال السلطة في قبضة الجيش وداعميه حتى الآن.

وفي غضون ذلك، بدأ قرار البرهان الواضح بالاصطفاف مع الإمارات والسعودية يؤتي ثماره، حيث وقعت الحكومة العسكرية اتفاقية مبدئية بقيمة 6 مليارات دولار مع شركتين إماراتيتين لبناء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر، في ديسمبر/ كانون الأول 2022.

تحالف خليجي-إسرائيلي

ووفقا لتقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، ستقوم مجموعة موانئ أبوظبي وإنفيكتوس للاستثمار ببناء وإدارة الميناء الجديد في "أبو عمامة"، على بعد 200 كيلومتر شمال بورتسودان.

لذا فإن اتجاه الأحداث واضح – وفق الصحيفة- وهو أن التحالف الضمني الذي تُشكل إسرائيل جزءا منه، له اليد العليا داخل السودان، ويبدو أنه لا توجد عقبات خطيرة أمام استمرار حكمه.

وأفاد التقرير بأنه "قبل عقد من الزمان، شكل السودان جزءا من طريق إيران إلى إسرائيل، وللنفوذ في إفريقيا، بالتعاون مع الإسلاميين السنة والقوات الجهادية".

واستدرك: "لكن انقلب الحال الآن مع انتقال السودان من التعاون السري مع إسرائيل إلى بناء الثقة، والآن يبدو وشيكا إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الطرفين".

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن العلاقات الكاملة مع السودان "ستكون مفيدة" لإسرائيل من حيث مراقبة ما وصفته بـ"النشاط العدائي" على طول ساحل البحر الأحمر.

بالإضافة إلى أن السودان سيكون بوابة إسرائيل لدول إفريقية أخرى، بما في ذلك جيبوتي والصومال، يضيف التقرير.

واستطرد: "علاوة على ذلك، فإن السودان سيُشكّل مكونا مهما في الجهود الجارية لاحتواء إيران على طول الساحل الجنوبي للبحر الأحمر بأكمله".

وعلى هذا، فإن التطورات الأخيرة تشكل إنجازا مهما لما يُعرف بـ"التحالف الإبراهيمي"، تختم "جيروزاليم بوست".

وفي سبتمبر/ أيلول 2020، وقعت إسرائيل والإمارات والبحرين اتفاقيات تطبيع العلاقات التي سماها البيت الأبيض "اتفاقيات إبراهام" ثم انضم إليها المغرب.