انشقاقات واشتباكات.. ماذا يجرى داخل أكبر تحالف برلماني سني في العراق؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

يشهد أكبر تحالف برلماني سني في العراق خلافات حادة داخل مكوناته، أدت إلى انشقاق عدد من النواب واندلاع اشتباكات لفظية وأخرى بالأيادي بين عدد من قياداته.

وتفاعلت وسائل الإعلام المحلية بشكل كبير مع أزمة تحالف السيادة السُني،  الذي تأسس في 25 يناير/كانون الثاني 2022، برئاسة خميس الخنجر، وأثيرت تساؤلات عن مستقبل هذه الكتلة السنية.

ويضم التحالف حزب "تقدم" الذي يرأسه محمد الحلبوسي، وتحالف "عزم" الذي كان يرأسه الخنجر، وللتحالف حاليا كتلة برلمانية من 63 نائبا يرأسها الشيخ شعلان عبدالجبار الكريم.

انشقاقات وإقالات

بدأت الأزمة السياسية داخل تحالف السيادة بعدما أعلن النائب رعد الدهلكي انسحابه من تحالف في 15 يناير 2023، لأسباب قال إنها تتعلق بالغبن الذي تعرضت له محافظة ديالى التي يمثلها في البرلمان، إضافة إلى "الديكتاتورية" و"التفرد" داخل التحالف.

وقال الدهلكي في بيان إن "أبناء محافظة ديالى الصابرة الشامخة أدوا ما عليهم في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021 كونهم حصدوا 8 مقاعد من مجموع 14 ما يعادل نسبة 60 ‎بالمئة‎ من عدد المقاعد المخصصة".

وأعرب عن أسفه "لعدم تقييم الجهود التي بذلت من أجل هذه المحافظة، وعليه نعلنها بصراحة أن ديالى لم تنصف بل كان من يدعي الدفاع عن حقوقها من قادة السيادة أكثر قسوة من منافسينا داخل وخارج المحافظة".

وأضاف أنه بناء على ما تقدم فأنني أعلن انسحابي من هذا التحالف وفقا للأسباب التالية: "التفرد وديكتاتورية القرار السياسي داخل حزب تقدم الذي انعكس سلبا على قرارات تحالف السيادة، وكذلك سلب استحقاقات ديالى والزهد والتبرع باستحقاق السنة المكتسبة حسب التوازن منذ عشرات السنين من قبل المتفرد بالقرار، إضافة للتنكيل بنواب محافظة ديالى".

في السياق ذاته، كشفت موقع "شبكة أخبار العراق" في 16 يناير 2023 عن قرب انشقاق ثلاثة نواب من ديالى عن حزب الحلبوسي في خطوة أخرى تهدد بانهيار تحالف السيادة،  خاصة مع تفاقم المشاكل الداخلية مع بقية نواب المحافظات".

وأشار إلى أن "جهودا تبذلها قيادات مهمة في تحالف السيادة حاليا لمنع حصول أي انشقاقات أخرى قد تؤدي إلى انهيار التحالف بشكل كلي".

وقبل ذلك، أعلن القيادي السابق في حزب "تقدم" النائب عن محافظة الموصل فلاح الزيدان تركه عضوية الحزب، والبقاء ضمن تحالف السيادة، حسبما أفادت "شبكة أخبار العراق".

وفي 15 يناير 2023، أصدر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أمرا نيابيا بإنهاء عضوية ليث مصطفى الدليمي النائب عن تحالف السيادة والقيادي السابق في حزب "تقدم"، بناءً على استقالته.

وعلى ضوء ذلك، قال الدليمي خلال مقابلة تلفزيونية في 16 يناير 2023، إن الاستقالة تقدم بها قبل إجراء الانتخابات، بعدما هدده الحلبوسي بإبعاده عن سباق الانتخابات في حال لم يكتب استقالته هو ومرشحون آخرون عن حزب تقدم وإبقائه معه.

وفي 18 يناير 2023، أدى أحمد إسماعيل إبراهيم عبدالله المشهداني، اليمين الدستورية نائبا في البرلمان، بديلا عن النائب المُقال ليث الدليمي، حسبما أعلنت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب.

اشتباكات بالأيدي

إثر انسحاب عدد من النواب السنة من حزب "تقدم"، قدم النائب والسياسي العراقي مشعان الجبوري في 15 يناير 2023 رواية عن خلافات داخل تحالف "السيادة" بلغت حد الاشتباك بالأيدي، وهي الحادثة التي لم ينفها التحالف أو الحزب.

ونشر الجبوري عبر حسابه في "تويتر" تفاصيل أحداث قال إنّها وقعت في منزل خميس الخنجر في 14 يناير 2023، أكّد فيها وقوع مشاجرة بين الحلبوسي، والنائب عن تحالف السيادة سالم مطر أعقبها انسحابات من التحالف.

وروى أنّ "منزل الخنجر شهد اجتماعا ضم الحلبوسي والنواب؛ زياد الجنابي ووصفي العاصي وهيبت الحلبوسي وسالم مطر، حيث دارت مشادة كلامية بين الأخيرين".

وبيّن أنّ "الحلبوسي اتهم مطر بتحريض محافظ الأنبار على التمرد والانشقاق عن حزب تقدم، حتى بات له دور في العاصمة بغداد"، مشيرا إلى أنّ "المشادة تطورت إلى شتائم واشتباك بالأيدي ومحاولات تراشق ببعض الأدوات والأحذية".

ونشر الجبوري نص ما حدث في رسالة مصورة، مؤكدا أنّ استقالة بعض نواب تحالف "تقدم" جاءت احتجاجًا على تصرف الحلبوسي.

واتهم رئيس مجلس النواب "بالتجاوز على نواب من محافظتي ديالى ونينوى، بعد تواصلهم مع لجنة (أبو علي البصري) لكشف ملفات فساد ضمن الوقف السني".

وأشار إلى أنّ تحالف "السيادة لن يدوم طويلا بعد زيارة الخنجر لطلال الزوبعي، المرشح الأوفر حظًا لقيادة المكون داخل قبة البرلمان".

وعلى الوتيرة ذاتها، أكد القيادي السابق في حزب "تقدم" حيدر الملا خلال مقابلة تلفزيونية في 16 يناير 2023، أن "النائب سالم مطر جرّ رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من ياقته وطرحه أرضا".

وكذلك أكد النائب المُقال ليث الدليمي خلال مقابلة تلفزيونية في 16 يناير، ما حصل في منزل خميس الخنجر، بالقول إنه "تواصل مع النائب سالم مطر وتحدث عن الرواية ذاتها التي نشرها مشعان الجبوري، لذلك فإن ما ذكره الأخير فيه الكثير من الصحة".

تداعيات محتملة

وبخصوص تداعيات هذه الخلافات على أكبر تحالف سني، قال مصدر سياسي خاص (طلب عدم الكشف عن هويته) في حديث لـ"الاستقلال" إن "الخلافات حقيقية داخل تحالف السيادة، وأن محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، القريب من الحلبوسي، قد يعلن موقفه خلال أيام قليلة".

وأوضح  المصدر أن "دائرة الرفض السياسي للحلبوسي داخل محافظة الأنبار وفي تحالف السيادة بدأت تتسع بشكل كبير، في الوقت الذي يستعد فيه نواب من الإطار التنسيقي الشيعي لإقالته من منصب رئيس البرلمان".

وتوقع أن "تحدث انشقاقات أخرى داخل تحالف السيادة، ولا سيما تقدّم". واستدرك المصدر، قائلا: "لكن تمرير قرار الحلبوسي في البرلمان بإقالة ليث الدليمي رغم معرفة كل القوى السياسية كيف جرت الإقالة، يشير إلى استمرار القوى الشيعية في غض الطرف عن ممارسات الحلبوسي ضد النواب والسياسيين السنة".

واستبعد المصدر "انهيار تحالف السيادة في الوقت الحالي، لأن جهات خارجية ومنها إيران ربما تقف ضد ذلك، فالحلبوسي جاء بإرادة إيرانية عام 2018، لكن في الدورة الحالية بعد انتخابات 2021 جاء باتفاق خليجي- تركي على تجديد ولايته رئيسا للبرلمان".

وفي هذا الصدد، رأى رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن "الخلافات بين القوى السنية عادة ما تظهر بعد تشكيل أي حكومة، خصوصا بعد تقاسم المصالح، لذا هي تأتي في سياقها الطبيعي".

وخلال 48 ساعة الأخيرة ظهرت تلك الخلافات العميقة داخل تحالف السيادة إلى المستوى الإعلامي، كما قال الشمري في تصريح لوكالة "شفق نيوز" العراقية في 16 يناير 2023.

وأوضح أن من الأسباب الأخرى التي تدعو إلى الخلافات هي "طبيعة الصراع أو التنافس على زعامة البيت السني".

وفيما يبدو أن تصدر الحلبوسي للمكون السني تنظر له قوى سياسية سنية بعين القلق، على اعتبار أنه قد يختزل الموقف السني بشكل كامل، كما تخطط بعض الأطراف السنية للإطاحة به للاستحواذ على منصب رئيس البرلمان الذي يشغله، وفق قوله.

وما دفع إلى تفجّر الخلافات أيضا هو "طبيعة تقاسم المرحلة الثانية من حصص المناصب"، بحسب الشمري.

ويوضح بالقول "هناك رئاسات اللجان البرلمانية، ومناصب الدرجات العليا المدنية، والاستعداد للانتخابات المقبلة من خلال تشكيل التحالفات الجديدة".

والانقسامات داخل تحالف "السيادة" من المرجّح أن تصب في مصلحة غريمه السني تحالف "العزم" بزعامة مثنى السامرائي.

و"العزم" هو أبرز حلفاء "الإطار التنسيقي" الشيعي في تحالف "إدارة الدولة"، الجامع للقوى السياسية الفائزة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2021، باستثناء التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر الذي انسحب من البرلمان.