ماليزيا في 2023.. انطلاق تجربة أنور إبراهيم وسط عواصف داخلية وخارجية
سلط موقع إيطالي الضوء على التحديات الداخلية والخارجية أمام رئيس وزراء ماليزيا الجديد أنور إبراهيم، وأبرزها استعادة الاستقرار السياسي ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما مع انطلاق ولايته التي تتزامن مع بداية 2023.
وذكر موقع معهد الدراسات السياسية الدولية أن "البرلمان الماليزي صوت في 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، بعد مضي شهر على الانتخابات، على منح الثقة للحكومة الجديدة بقيادة إبراهيم في خطوة "ضرورية ولا سيما أن الانتخابات العامة قسمت البلاد وأسفرت عن برلمان بدون أغلبية".
وبين أنه كان على زعيم "باكاتان هارابان" أو تحالف الأمل (من يسار الوسط)، التحالف مع المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة "أمنو"، وهو حزب قومي يميني هيمن على حكم البلاد منذ استقلالها منذ عام 1957 حتى 2018، للفوز بعدد كافٍ من المقاعد للحكم.
وأشار إلى أن "هذا يضعه في وضع صعب خصوصا أنه كان في صف المعارضة أثناء حكومات أمنو السابقة، كما سيتعين عليه أيضا الاعتماد على ولاء المجموعات المختلفة داخل التحالف".
نوه الموقع الإيطالي إلى أن الحصول على ثقة البرلمان يعد وسيلة لطمأنة الشعب الماليزي، خاصة أن البلاد تعيش مرحلة عدم استقرار سياسي، فيما يثير الوضع الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة القلق.
ولفت إلى أن ثلاثة رؤساء وزراء تناوبوا على السلطة خلال الولاية الأخيرة، كان آخرهم إسماعيل صبري يعقوب، الذي أقدم على حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وتساءل الموقع عما إذا كان رئيس الوزراء الجديد سيتمكن من الحفاظ على الوحدة السياسية ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
غموض النتائج
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، أدلى الماليزيون بأصواتهم لتجديد مقاعد 222 نائبا في ديوان الرعية، أو مجلس النواب.
أشار المعهد الإيطالي إلى أن آمالا كبيرة عُلقت على هذه الانتخابات من أجل استعادة الاستقرار السياسي بعد تناوب عدد من رؤساء الوزراء على السلطة في السنوات الثلاث الماضية.
إلا أن هذه الجولة الانتخابية بدت منذ البداية مضطربة فيما كانت نتائجها غير مؤكدة، وفق تعبير الموقع.
ويضيف "تأكيدا للتوقعات، لم تكشف النتائج عن حصول أي طرف على الأغلبية المرجوة مما أدى إلى تشكيل أول برلمان بدون أغلبية مطلقة في تاريخ ماليزيا".
تحصل تحالف الأمل بقيادة المعارض السابق أنور إبراهيم على 82 مقعدا، يليه ائتلاف التحالف الوطني الذي يتزعمه محيي الدين ياسين بـ 73 مقعدا.
بينما تحصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته، إسماعيل صبري يعقوب، رئيس تحالف الجبهة الوطنية، الذي تنتمي الغالبية فيه إلى حزب أمنو، على 30 مقعدًا فقط.
وعلى مدى أيام، سعت الأحزاب للحصول على الدعم وتشكيل تحالفات داخل البرلمان لبلوغ أغلبية المقاعد الضرورية للحكم.
وفي 24 نوفمبر، كلّف ملك البلاد السلطان عبدالله رعاية الدين المصطفى بالله شاه المعارض السابق إبراهيم، بتشكيل الحكومة الماليزية المقبلة، ليصبح عاشر رئيس حكومة لماليزيا وذلك على أثر مشاورات ولقاءات بين المجموعات السياسية والقصر الملكي.
وأنور إبراهيم، البالغ من العمر 75 عاما،"شخصية ذات ماضٍ مضطرب، انضم إلى حزب أمنو في الثمانينيات وسرعان ما صنع لنفسه اسمًا في المشهد السياسي للبلاد، لدرجة أنه يعد خليفة لمهاتير محمد، زعيم الحزب الذي تولى رئاسة الوزراء لأكثر من 22 عاما".
وذكر الموقع أن الاختلافات في وجهات النظر حول الاقتصاد والفساد أدت إلى حدوث أزمة بين إبراهيم وقيادة حزب أمنو ليطُرد من الحزب عام 1998، بعد أن قاد احتجاجات ضد مهاتير محمد.
على أثر ذلك، قضى فترة في السجن بتهم الشذوذ والفساد، وهو أمر لطالما نفاه واستنكره، ويرى أن الغاية من ورائه تشويه سمعته، يقول الموقع.
وبعد خروجه من السجن، انضم إبراهيم إلى المعارضة وأصبح أحد المعارضين الرئيسيين لحزبه السابق.
والآن، يشير الموقع، "يجد نفسه يحكم مع الحزب ذاته مما يخلق وضعا سياسيا حساسا، حيث سيضطر إلى إيجاد نقطة التقاء معه ليحكم لأطول فترة ممكنة وبفعالية".
أبرز التحديات
أوضح رئيس الوزراء منذ البداية أن أولويته تكمن في التخفيف من وطأة الظروف المعيشية الصعبة على السكان من خلال إعادة توزيع الدعم الحكومي على المحتاجين وألا تستفيد منه الشركات الماليزية الكبرى.
ورجح الموقع الإيطالي أن "تكون الإدارة الأفضل للدعم الحكومي جزءًا من حزمة تدابير مستقبلية لتمكين الفئات الأكثر ضعفا من مجابهة ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد".
ويلاحظ "لذلك يعتزم رئيس الوزراء الجديد إجراء إصلاحات جوهرية في البلاد، ولكن سيتعين عليه معرفة كيفية إدارة العلاقات مع شركائه في التحالف".
ويشرح أن الحكومة الجديدة تضم أحزابا لم تتوقف عن تبادل الانتقادات في السنوات السابقة كما أنها تمثل مصالح مختلفة.
وألمح المعهد إلى أن رئيس الوزراء الجديد يخاطر بنفور حليف حالي وجعل عهدته غير مؤكدة أكثر في حال تمرير إصلاحات تهدف إلى إحداث تغييرات هيكلية في البلاد.
على سبيل المثال، سيتعين عليه التعامل بعناية مع التوترات بين الأغلبية المسلمة (الملايو) والمجموعات العرقية الأخرى في البلاد، خصوصا أن ائتلافه يضم جماعات سياسية ذات أغلبية ملاوية مثل أمنو، وأحزاب بينها قيادات من جماعات عرقية أخرى.
وأردف الموقع أنه سيكون من المثير للاهتمام أيضا مراقبة سياسات أنور إبراهيم دوليا ولا سيما أن ماليزيا دولة ناشئة في منطقة جنوب شرق آسيا، نجحت في تحقيق نمو اقتصادي قوي.
واستبعد حدوث تغييرات جذرية تجاه بكين على الرغم من العلاقات الجيدة مع واشنطن والتوترات الحالية بين البلدين حول الأراضي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.
ويتوقع أن يهدف رئيس وزراء البلاد الجديد إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الصين بصفتها الشريك التجاري الرئيس ونظرا إلى وجود أقلية صينية كبيرة في ماليزيا.
وكان رئيس الوزراء الجديد قد أعرب عن نيته تعزيز العلاقات مع شركاء آخرين مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والهند بالإضافة إلى الشراكة مع الصين.
وخلص الموقع إلى القول إن "سياسته الخارجية سترتكز على مبدأ الاستمرارية والحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف الشركاء الدوليين".
واستدرك بأنه على الرغم من ذلك، عادت منطقة المحيط الهندي إلى كونها مجالا للمنافسة وأصبح الحفاظ على موقع متوازن معقدًا بشكل متزايد في ظل اشتداد المنافسة الدولية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.