قد يزيح بايدن وترامب.. "السجل الأسود" لحاكم فلوريدا رون ديسانتيس
من يوم لآخر، تتصاعد شعبية حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس (44 عاما)، ويتداول اسمه كأبرز مرشح لانتخابات الرئاسة، قادر على الإطاحة بالرئيس الديمقراطي جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترامب.
غير أن موقع ميدل إيست البريطاني أكد أن صعود ديسانتيس للرئاسة الأميركية سيعني مزيدا من السياسات القائمة على العنصرية وكراهية المسلمين، نظرا لسجله الحقوقي الأسود، ولا سيما خلال أشهر وجوده بسجن غوانتانامو سيئ السمعة.
وغوانتانامو، سجن في أقصى جنوب شرق كوبا، بدأت واشنطن باستعماله بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، لسجن من تشتبه في كونهم "إرهابيين"، ويتمتع بسلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأميركية، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان.
شعبية مقلقة
وفي الانتخابات النصفية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، حقق ديسانتيس فوزا ساحقا، إذ أعيد انتخابه بفارق كبير على منافسه الديمقراطي، يزيد على 1.5 مليون صوت، ما أثار تكهنات حول ترشحه للرئاسة في 2024.
واستعرض الموقع البريطاني بداية طريق ديسانتيس، بالقول إنه عُين في 2006 ضابطا لدعم مهمة الجيش الأميركي في خليج غوانتانامو، كما عمل مستشارا قانونيا لنخبة قوات البحرية الأميركية المنتشرة في العراق.
ولا يُعرف الكثير عما حدث خلال الأشهر التي قضاها ديسانتيس في سجن غوانتانامو، والذي ضم ما يقرب من 800 مسلم، أُسروا خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على ما أسمته "الإرهاب".
غير أن المعتقل اليمني السابق في غوانتانامو، منصور العديفي، ذكر أخيرا خلال بودكاست مع "إمباير فايلز (Empire Files)" أنه "أثناء إطعامه قسرا في السجن، رأى ديسانتيس يضحك".
وبعد عمله في العراق وغوانتانامو، انطلق ديسانتيس لمتابعة حياته السياسية التي اشتهرت بتقديمه تشريعات تستهدف الأقلية المسلمة والقضية الفلسطينية.
ووفق الموقع، فإن احتمال تقدم ديسانتيس لمنافسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، على الترشح لرئاسة الولايات المتحدة عن الحزب الجمهوري، من شأنه أن يشكل مصدر قلق للمسلمين والفلسطينيين.
بدوره، صرح المدير التنفيذي لمنظمة "المسلمون الأميركيون من أجل فلسطين (AMP)"، أسامة أبو رشيد، أن "خوض مثل هذا الرجل لانتخابات الرئاسة سيبعث برسالة سلبية للغاية، ليس فقط للمسلمين الأميركيين ولكن إلى كل الأقليات في الولايات المتحدة".
"مفاد هذه الرسالة هو أن الحزب الجمهوري لا يزال يمثل حاضنة للعنصرية والتعصب وكراهية الإسلام، وأن هذا الحزب لا يحترم قيم المساواة بين جميع المواطنين"، حسب أبو رشيد.
من جانبها، ترى الباحثة في مجال الإسلاموفوبيا، مها هلال، أن "الخطابات لعبت دورا جوهريا في تبرير استهداف المسلمين، في سياق الحرب على الإرهاب".
وأكدت أن "كلا من ترامب وديسانتيس استخدموا الخطاب كسلاح موجه لزيادة شيطنة المسلمين، ووصفهم بأنهم مجرمون".
وأضافت أنه إذا انتهى الأمر بمواجهة بين ترامب وديسانتيس في الانتخابات التمهيدية، فإن النشطاء المسلمين والمختصين في مجال الإسلاموفوبيا يؤكدون أن ذلك سيقود إلى تفاقم ظاهرة العداء للإسلام المستمرة منذ عِقدين.
وشددت على أن مواجهة ترامب وديسانتيس، في الوقت الذي تتفاقم فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا، لن تؤدي إلا إلى حشد المزيد من الدعم للسياسات التي تجعل من المسلمين، والمجموعات المهمشة كبش فداء، تحت ستار الأمن القومي.
استهداف المسلمين
وذكر الموقع أنه في عام 2013، انتُخب ديسانتيس عضوا في الكونغرس عن ولاية فلوريدا، ومنذ ذلك الوقت، شارك في تقديم العديد من مشاريع القوانين التي تستهدف الجاليات المسلمة داخل وخارج البلاد.
ففي مرتين مختلفتين، تقدم ديسانتيس – مع آخرين- بتشريع لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها تنظيم إرهابي.
وهي خطوة يراها المسلمون الأميركيون على أنها محاولة لتشويه الأقلية المسلمة، وعرقلة المجتمع المدني، وتغذية الإسلاموفوبيا.
وقال ديسانتيس خلال جلسة استماع في الكونغرس، عام 2018: "من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدا حقيقيا على مصالح الأمن القومي الأميركي".
كذلك، كان ديسانتيس عضو الكونغرس الذي قدم قانونا في 2015، سعى من خلاله إلى حظر دخول المهاجرين من العراق وليبيا والصومال وسوريا واليمن، وجميعها بلدان ذات أغلبية مسلمة.
كما تربطه صلات بعدد من الشخصيات والجماعات التي لها تاريخ في استهداف المسلمين، بما في ذلك منظمة "العمل من أجل أميركا"، والتي صنفها مركز "قانون الحاجة الجنوبي (SPLC)" كمجموعة كراهية معادية للمسلمين.
وفقا لتقرير صادر عن مركز فلوريدا للتقارير الاستقصائية، ألقى ديسانتيس كلمة في اجتماع لمنظمة "العمل من أجل أميركا"، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
كما حضر حاكم فلوريدا اجتماعا لمركز "ديفيد هارويتز فريدوم سنتر (David Horowitz Freedom)"، الذي اقترح فيه أحد الحضور قتل المسلمين.
ويعارض ديسانتيس كذلك إغلاق سجن غوانتانامو، إذ وقع على مشروع قانون يمنع أي إدارة أميركية من القيام بذلك.
وفي 2017، وخلال جلسة لإحدى لجان الكونغرس حول "مكافحة التطرف في الداخل" زعم ديسانتيس أن "التطرف الإسلامي الراديكالي المحرك الأساسي لهذه المشكلة، وعلى الحكومة أن توليه اهتماما فوريا".
وفي عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، انتقد ديسانتيس برنامج "مكافحة التطرف العنيف"، الذي تعرض لانتقادات لاذعة من المنظمات الحقوقية؛ أنه يستهدف الجاليات المسلمة.
لكن انتقاد ديسانتيس للبرنامج لم يكن من المنطلق نفسه، بل لأنه عده "غير كافٍ"، وأنه "يضيع فرصا لكشف المخططات الإرهابية وعرقلتها".
وفي العام ذاته، صاغ ديسانتيس تعديلا لمشروع قانون الإنفاق، الذي من شأنه أن يقطع التمويل عن منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، رغم أنها مؤسسة خيرية معروفة، ولديها شراكات مع عدد من الوكالات الأميركية والدولية.
عدو فلسطين
كما يعرف ديسانتيس باستهدافه للفلسطينيين، إذ هاجم مؤسسة "الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية"، بوصفها جمعية خيرية تعمل من الأراضي الأميركية، وتمول حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وخلال نوفمبر 2022، وصف ديسانتيس الضفةَ الغربية بأنها أرض "متنازع عليها"، رافضا وصفها بأنها أرض محتلة.
وحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، حظي حاكم فلوريدا بتصفيق حار على تصريحاته التي ألقاها في خطاب أمام تحالف اليهود الجمهوريين في مدينة لاس فيغاس الأميركية.
وبدلا من تقديم نفسه على أنه مجرد سياسي مؤيد لإسرائيل، سرعان ما قدم ديسانتيس نفسه على أنه سياسي مؤيد للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي أيضا".
كما تفاخر بأنه كان "أول مسؤول منتخب على مستوى الولاية ينظم مناسبات عامة في يهودا والسامرة"، في إشارة إلى الضفة الغربية باسمها التوراتي العبري، الذي يستخدمه المتطرفون اليهود.
ورأى "ميدل إيست آي" أن هذه التصريحات أتت تتويجا لمواقفه السياسية السابقة المناهضة للفلسطينيين، ففي عام 2019، زار الأراضي المحتلة، ومن هناك ألقى باللوم على الفلسطينيين في احتلال أراضيهم.
ففي خطابه من تل أبيب، قال: "إذا نظرت إلى هذا الصراع برمته، فستجد أن المشكلة الأكبر هي أن العرب الفلسطينيين لم يعترفوا بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية".
وبعد أسابيع من توليه منصب حاكم ولاية فلوريدا، أدرج ديسانتيس شركة العقار العالمية "إير بي إن بي (Airbnb)" في القائمة السوداء، بسبب توقفها عن عرض إعلانات لتأجير مساكن في المستوطنات الإسرائيلية.
أضف إلى ذلك، أنه كان أحد الداعين لسن تشريع ضد "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)"، وصرح ديسانتيس بأنه يقود "الجهود في الكونغرس لمكافحة حركة مقاطعة إسرائيل".
وخلال نوفمبر 2022، تلقى ديسانتيس استجابة حماسية من الجمهور، خلال خطابه في المؤتمر السنوي للائتلاف اليهودي الجمهوري، الذي يُعد بمثابة بداية غير رسمية لموسم الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة.