"ما علاقة عباس باغتياله؟".. لسان حال الفلسطينيين في ذكرى رحيل عرفات

12

طباعة

مشاركة

"يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته" مثل شعبي تداوله ناشطون قبيل حلول الذكرى السنوية الـ18 لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، متهمين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وزمرته بالتواطؤ لإزاحته من المشهد.

وتوفي عرفات في مشفى باريس العسكري في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، بعد فترة من الحصار الإسرائيلي له في مقر المقاطعة برام الله وسط الضفة الغربية، وشُكلت لجنة وطنية للتحقيق في الأمر بعد 6 أعوام على رحيله.

وكان قد كشف تقرير طبي صدر عن معهد لوزان للفيزياء الإشعاعية السويسري في 2013 بعد تحليل جزء من رفات ياسر عرفات، أن الزعيم الفلسطيني قد يكون سُمّم بمادة البولونيوم المشعة.

بينما تفيد السجلات الطبية الفلسطينية الرسمية بأن عرفات توفي بسبب سكتة دماغية ناتجة عن اضطراب في الدم.

وسبق ذكرى رحيل عرفات نشر مجموعة باسم "أيقونة الثورة" تسريبات على تطبيق "تلغرام" من محاضر لجنة التحقيق الفلسطينية التي ترأسها اللواء توفيق الطيراوي في 2010، والذي أعلن لاحقا قرصنتها وتسريبها.

وتضم الوثائق المسربة شهادة مستشار عرفات، محمد رشيد (خالد سلام) التي تم الاستماع لها في منزل السفير الفلسطيني في قبرص في 21 أيار/ مايو 2013، بحضور الطيراوي، وتكشف العلاقة المتوترة آنذاك بين عرفات وعباس.

وقال مستشار عرفات، إنه ذهب لأبو مازن ليطلب منه المساعدة في فك الحصار عن أبو عمار فكان رده: "اللي طلّع الحمار على المئذنة ينزله"، و"من يعطي النقود لمن يطخطخوا يحل مشكلته لوحده"، في إشارة منه إلى دعم عرفات لانتفاضة الأقصى.

تلك التسريبات التي تزامن معها حشد حركة فتح لإحياء ذكرى رحيل عرفات بمهرجان مركزي في منطقة الكتيبة غرب مدينة غزة عصر 10 نوفمبر 2022، لاقت ردود فعل غاضبة بين الناشطين على تويتر.

وأشاروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #من_قتل_عرفات، #اغتيال_عرفات، #ياسر_عرفات، إلى أن احتفالات فتح تعقد في غزة بحرية كاملة، بينما تضيق السلطة الفلسطينية على المقاومين وتحركات أعضاء حماس وبقية الفصائل بالضفة الغربية.

ووجه ناشطون أصابع الاتهام مباشرة إلى عباس وزمرته وقيادات في حركات فتح بالوقوف وراء "اغتيال عرفات"، مؤكدين أن التحليل البسيط للتسريبات المسربة يوصل لأن المعني بتغييب عرفات سياسيا هو المتورط بتصفيته.

وأشاروا إلى أن قاتل عرفات هو من يغلق التحقيق ويستمر في السلطة متفردا ويعطل الانتخابات ويسحب تقارير إدانة الاحتلال بارتكاب مجازر وجرائم حرب، مستنكرين بقاء قضية عرفات طي الكتمان في أروقة السلطة الفلسطينية طوال الـ18 عاما الماضية.

وأكدوا أن إجابة سؤال "من قتل عرفات؟" المتكرر في هذا الوقت من كل عام، عند من يعتلون القيادة في حركة فتح، داعين شرفاء الحركة لكشف اللثام عن وجوه القاتلين وتقديمهم للعدالة والمحاكمة.

نهاية عباس

وتفاعلا مع الأحداث، كتب خبير شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عزام: "اسمعوا وعوا: انتهت حقبة أبي مازن والبديل -الأكثر إخلاصا وتفانيا في خدمة المحتل- بات جاهزا فبدأت مرحلة شيطنته بما ترون من تسريبات".

من جانبها، تساءلت الإعلامية مريم أمجد: "الآن وبعد 18 عاما على اغتيال عرفات، هل تجرؤ سلطة فتح على فضح المتعاونين في قتل عرفات؟ أو كشف محاضر التحقيق؟"

كما تساءل أبو عبيدة: "من يحلّ طلاسم لغز اغتيال عرفات؟"، لافتا إلى أن إفادات مسربة من لجنة التحقيق باغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات تبعثر الأوراق في المقاطعة.

تواطؤ فتح

وتعجب ناشطون من دعوة حركة فتح جماهير الشعب في الوطن والشتات إلى أوسع مشاركة في فعاليات إحياء الذكرى الـ18 لاستشهاد القائد المؤسّس ياسر عرفات.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن جمع حركة فتح بين إحياء ذكرى "المؤسس الرمز"، وبين الهتاف لمن تآمروا عليه، أمر محير.

وأشار إلى أن الوثائق التي تُنشر راهنا تكشف ما جرى؛ لمن لم يعاصروا تلك المرحلة.

كما تعجب السياسي الدكتور فايز أبو شمالة، من أن عناصر فتح بعد أن تآمروا على ياسر عرفات، وخانوه، وبعد أن صاروا السكين في يد أعدائه، وحاصروه، وبعد أن طعنوه في ظهره، ثم ذبحوه، راحوا يبكون على قبر ياسر عرفات، ويقيمون المهرجانات الخطابية في ذكرى استشهاده!

ونشر الصحفي أيمن ماجدة، صورة لمنصة الفعاليات المقررة، موضحا أنها علق عليها صورة المقتول الراحل الشهيد ياسر عرفات وعلى اليمين القاتل عباس.

وقال إنه كان من الواجب على حركة فتح تبييض جزء صغير من صفحتها السوداء بوضع صورة أبطال عرين الأسود أو صورة أبورعد خازم بدلا من عباس، لكن أبطال التنسيق لديهم محددات أساسية من كبيرهم الذي علمهم السحر.

وقدم ماهر علي أبو صبحة قراءة في صورة المنصة، تشير إلى أن عرفات يظهر في الصورة غاضبا ومنزعجا بينما يظهر عباس يغمره السرور والفرح، لافتا إلى أن الصورة جمعت بين القاتل والمقتول. وأوضح المدون والناشط عزات جمال، أن حركة فتح تحيي للعام الـ18 ذكرى وفاة الرئيس أبو عمار باحتفالات كرنفالية لا تنسجم مع الحدث، خاصة أن الشبهات تدور حول تسميمه من قبل مقربين وتتوعد بتقديم قتلته للمحاسبة ثم يخيم الصمت وتعود الوعود تختفي كأوراق القضية داخل أدراج لجنة التحقيق.

تورط عباس

ووجه ناشطون أصابع الاتهام مباشرة إلى عباس في اغتيال عرفات، مطالبين بتقديمه وتقديم مساعديه في الجريمة إلى العدالة والمحاكمة الدولية.

وذكر الصحفي هلال وائل، بأن عرفات عندما أدرك خطأه في أوسلو وأيقن أن ترك السلاح خيانة حاول التقرب من الشيخ ياسين والرنتيسي لتصحيح مساره قبل وفاته، بعدما كان يحاول سجنهما أثناء سعيه في فلسطين فسادا.

وأكد أن محمود عباس قطع طريق تصحيح المسار وقاد جريمة قتل عرفات من الألف إلى الياء.

وعن الكيفية التي ساهم بها عباس في اغتيال عرفات، أوضح المغرد زهير فلسطين، أنه ادعى أن عرفات يُفشل عملية السلام، وتآمر عليه وحاول سحب صلاحياته، ورفض المساعدة بفك حصار المقاطعة، وعمل على رفع الغطاء الدولي عنه، وتجاهل مشاورته في كثير من القرارات.

وعد أنس نور، عباس المتورط الأول باغتيال عرفات، مؤكدا أنه طالما موجود بالسلطة فلن يتم محاسبة القتلة أو كشفهم.

وأشار الكاتب إبراهيم المدهون، إلى قول عرفات ذات يوم إن قاتل أبيه لا يرث، قائلا إن مع ذلك من قتله ورث كل شيء مقره وسلطته وحركته ولم يكن مثله بل انقلب على نهجه وخطه وحرف المسار، وأورث فتح الخسران والانقسام.

وأضاف: "رحم الله عرفات الذي اختلفنا معه ولم نختلف عليه، وآن الآون لمحاكمة قاتليه وفضحهم في المحافل".

صلاحيات فتح

وسلط ناشطون الضوء على الصلاحيات التي تمنح لحركة فتح التي تهيأت وعملت بحريتها في غزة، لإحياء ذكرى اغتيال عرفات، في مقابل القمع والإذلال والملاحقات الأمنية للفلسطينيين في أرجاء الضفة كافة.

وكتب الكاتب يحيى بشير: "في ظل التجهيز لعقد أكبر مهرجان لحركة فتح في غزة لإحياء ذكرى وفاة عرفات.. يتساءل مراقبون، متى كانت آخر مرة عقدت فيها حماس أو الجهاد مهرجانات شعبية وفصائلية لإحياء انطلاقتيهما فالضفة؟"

وأشار الصحفي أحمد جرار، إلى أن السماح لحركة فتح - جناح محمود عباس بالعمل بحرية في قطاع غزة وتنظيم مهرجان مركزي للاحتفال بذكرى اغتيال ياسر عرفات حق وليس منة من أحد.

وأوضح أن في مقابل ذلك فإن السلطة وحركة فتح التي تحكم الضفة الغربية تقمع وتلاحق المعارضين وتمنع أي مظهر مقاوم أو معارض، ولا يكاد يسمع يوم إلا وبه اعتقالات سياسية أو اعتداء أو ملاحقة لراية.

وأكد المغرد عبدالرحمن، أن حماس رغم خلافها مع عرفات في بعض القضايا إلا أنها أكثر وفاء وإخلاصا لدمه من أبناء تنظيمه الذين لم يردوا بعملية واحدة على اغتياله، رغم وجود أدلة جدية باشتراك إسرائيل في اغتياله، لا بل مجدوا قاتليه.

وذكر بأن حماس خصصت على لسان رئيس المكتب السياسي يحيى السنوار رشقة كبيرة باسمه وفاء لمسيرته في الانتفاضة الثانية.