حرب سرية.. أهداف الموساد الإسرائيلي من ملاحقة الفلسطينيين في ماليزيا

12

طباعة

مشاركة

احتفى ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بتفكيك أجهزة الأمن الماليزية شبكة تجسس تابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في البلاد ما شكل "صفعة مدوية" له.

ونقلت صحف ماليزية عن مسؤولين في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، قولهم إن الموساد جند خلية من 11 ماليزيا على الأقل بهدف تعقب ناشطين فلسطينيين.

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2022، اختطفت تلك الخلية وسط العاصمة كوالالمبور، خبيرا فلسطينيا في تكنولوجيا المعلومات ينحدر من قطاع غزة.

وأوضح المسؤولون أن خلية الموساد نقلت المختطف الفلسطيني إلى منزل ريفي في ضواحي كوالالمبور، قبل أن تتمكن المخابرات الماليزية من الوصول إلى الخاطفين خلال 24 ساعة واعتقالهم وتحرير الرهينة الذي غادر البلاد بعد الحادث بأيام.

وبحسب تصريحات مصادر ماليزية مطلعة لشبكة الجزيرة القطرية، فإن التحقيقات كشفت ضلوع خلية الموساد بالتجسس على مواقع مهمة في البلاد منها مطارات، واختراقها لشركات إلكترونية حكومية، ولم تستبعد هذه المصادر وجود خلايا أخرى نشطة للجهاز الإسرائيلي.

وأفادت المصادر ذاتها بأن الموساد استعان لتنفيذ العملية بعملاء ماليزيين كان قد دربهم في دول أوروبية.

واحتفى ناشطون على تويتر بقدرة السلطات الماليزية على تفكيك خلية الموساد وإفشال محاولة اختطاف الفلسطيني وتأمين مغادرته البلاد، ووجهوا التحية والثناء لها، مستنكرين دأب الاحتلال على ملاحقة الكوادر الفلسطينية من أصحاب القدرات التكنولوجية.

ورصدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #الموساد_الإسرائيلي، #ماليزيا، ما يحمله الحدث من دلالات على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتحدثوا عن المقاصد الحقيقة للموساد.

ورأى ناشطون أن نجم الكيان الإسرائيلي بدأ في الأفول رغم إظهار التماسك، مؤكدين أن فشل الموساد في مهمة خطف فلسطيني بماليزيا وافتضاح أمره، يدحض أكذوبة أن "مخابرات العدو تعلم السر وأخفى".

وخلصوا إلى أن الحدث يثبت العجز الاستخباراتي لدى الاحتلال الإسرائيلي، وتآكل وضعف قدراته وضياع هيبته وتراكم الفشل إذ يضاف إلى إخفاقه في تقدير نوايا المقاومة وعجزه عن شل قدراتها وملاحقة المقاومين. 

وبدورها، أعربت وزارة الداخلية بقطاع غزة التي تُديرها حركة المقاومة الإسلامية حماس، عن تقديرها لجهود السلطات الماليزية في إنقاذ الفلسطيني وكشفها عن أفراد خلية الموساد والعمل على ملاحقتهم.

واستنكرت خلال بيان لها في 18 أكتوبر، الجريمة التي ارتكبها الاحتلال بحق أحد أبناء الشعب الفلسطيني في ماليزيا، داعية إلى محاسبة الفاعلين ومحاكمتهم. 

أهداف الاحتلال

وتحدث ناشطون عن الأهداف التي يرمي إليها الاحتلال الإسرائيلي من وراء إعداده لمثل هذه العمليات من الاستهداف لأصحاب القدرات التكنولوجية، محذرين من نيات الكيان وحقيقة مساعيه.

وذكروا بحادثة اغتيال الموساد في 2018 للمهندس الفلسطيني فادي البطش، المختص بتطوير الطائرات المسيّرة والحاصل على شهادة الدكتوراة في الهندسة الإلكترونية. 

وقال الباحث في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، إن إحباط ماليزيا عملية اختطاف ناشط في حماس نفذها الموساد في كوالالمبور، يسلط الضوء على الحرب السرية التي تشنها إسرائيل ضد حماس ومحاولة منعها من حيازة قدرات علمية وتقنية قد تمكنها من حيازة مقدرات تكسر التوازن القائم حاليا ولو في مجالات محددة.

وأضاف أن هدف الاحتلال اختطاف أشخاص ذوي قدرات في المجال السيبراني، لأنه المجال الذي تخشى إسرائيل أن تحدث أسلحته أضرارا إستراتيجية بالغة الخطورة، لافتا إلى أن هذا يفسر اغتيال الموساد في 21 أبريل/نيسان 2018 العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، الذي اشتبه بعلاقته بالجناح العسكري لحماس.

وأشار المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن جهاز الموساد يطارد كل من يسهم في تطوير المقاومة أينما كان، لافتا إلى أن الوقائع كثيرة؛ معلنة وغير معلنة.

وأوضح أن من بين الوقائع مطاردة الفلسطينيين ضرار أبو سيسي (أسير حاليا لدى الاحتلال) في أوكرانيا، ومحمد الزواري في تونس (اغتيل في بلاده)، والبطش (ماليزيا)؛ وسواهم، مؤكدا أنها معركة صعبة، لكن إرادة الشعب أقوى. 

وقال الكاتب الفلسطيني ماجد الزبدة، إن العمل على حرمان الفلسطينيين خاصة والعرب عامة من التكنولوجيا الحديثة يعد هدفا إستراتيجيا للاحتلال، مؤكدا تصاعد مخاوفه من امتلاك المقاومة تقنيات حديثة، واستِعار الصراع الخفي حول امتلاك التقنيات الحديثة.

وأوضح أن فشل العملية يؤكد استفادة حماس وأجهزة الأمن الماليزية من ثغرات جريمة اغتيال العالِم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا عام 2018.

وأشار إلى أن المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال غير محصورة في ساحة فلسطين فقط، بل تمتد إلى الكثير من الساحات التي ينبغي للمقاومة عدم التردد في استخدامها لضرب وردع الاحتلال.

وحذر المحلل السياسي فايز أبو شمالة، من أن الموساد يتجسس على كل دول العالم، وأطماع الصهاينة تتجاوز حدود دولة فلسطين، لأنهم يريدون تهويد العالم. 

فشل الموساد

وأعرب ناشطون عن سعادتهم من فشل الموساد في تنفيذ عملية اختطاف الفلسطيني في ماليزيا، مشيدين بقدرات السلطات الماليزية ووجهوا لها الشكر وأثنوا على حمايتها للفلسطينيين على أرضها.

قال الكاتب إبراهيم المدهون، إن فشل عملية الموساد في كوالالمبور تظهر تراجع قدرة الاحتلال الاستخباراتية، وبات الفشل عنوان عملياتهم.

وأردف: "فشل العملية يهز صورة الاحتلال ويكشف عجزه وحقيقة تخبطه، وهي دعوة لدول المنطقة، للحذر من تحركات الموساد، ووجوب متابعة وملاحقة خلاياه النائمة وتفكيكها قبل نشرها للفوضى وسفكها للدماء".

ورأى الصحفي أيمن ماجد، أن حرب الأدمغة لا تتوقف، قائلا: "فشل جديد لعصابات الموساد الصهيونية التي تُعد أبرز وحدات العدو والأشرس والتي تتحطم يوما بعد يوم، وتجاوز خطير داخل دولة ماليزيا لكن معية الله دوما مع هذه الثلة المجاهدة والتي تعمل بكل الطرق والوسائل لإحباط كل سموم العدو، حفظ الله المقاومة أينما وجدت".

وقالت الصحفية اللبنانية المختصة بالشأن الإسرائيلي سنا كجك، إن الخبر من أجمل الأخبار اليوم، إذ تلقى جهاز الموساد ضربة موجعة.

وأعرب أحد المغردين، عن سعادته بالخبر لأن الاحتلال فشل في المنظومة الاستخباراتية وتلقى ضربة موجعة.

وأشار عمر الحافي، إلى أن الفلسطيني أثبت أنه قادر على التكيف بالظروف والمخاطر المحيطة به داخل حدود الوطن وخارجه، مؤكدا أن فضيحة الموساد في ماليزيا ونجاة ابن القطاع تبرهن للعالم مدى قوة المقاومة وتآكل منظومة الاستخبارات الصهيونية.

غضب إسرائيلي

وتداول ناشطون تصريحات متداولة في الإعلام العبري تظهر الغضب الإسرائيلي من فشل جهاز الموساد في تنفيذ العمليات.

ونقل الصحفي يحيى صبيح، عن الكاتب والصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، قوله إن الخلل في نشاط الموساد في ماليزيا، نتيجة "الاستعانة بمصادر خارجية" والتخلي عن "جهود الإسرائيليين" في الوجهات التي يوجد بها خطر.

 فبحسب المنشورات، جند الموساد خلية محلية لتنفيذ عمليات ضد خبراء حماس وفشلت المهمة، وفق ما قال.

وأشار الصحفي أحمد عبدالعال، إلى قول الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد في تقريره لموقع والا العبري إن الموساد رفض التعقيب على تقرير الجزيرة، حول العملية الفاشلة في ماليزيا.

ونقل محمد علي، عن موقع إنتل تايمز العبري توضيحه أن الهدف من عملية الاختطاف الفاشلة للموساد في ماليزيا كان ناشطا في منظومة السايبر الهجومي للذراع العسكري لحركة حماس، وأن الغرض من عملية الخطف هو إحباط عمليات قرصنة هواتف إسرائيلية.

وفي مايو/أيار 2021، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن إسرائيل أعلنت الحرب على حركة حماس في جميع أنحاء العالم.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم “سيطاردون كل قادة حماس أينما كانوا”. 

وفي 21 أبريل/نيسان 2018 قُتل فادي محمد البطش (35 عاما) وهو أستاذ فلسطيني وعضو في حركة حماس، بإطلاق نار من سيارة في كوالالمبور، واتهمت عائلته الموساد بالوقوف وراء مقتله.

ونفى جهاز استخبارات الاحتلال ضلوعه في ذلك على الرغم من أن حماس ألقت القبض على رجل اعترف بتكليف الموساد بالوظيفة.