صحيفة إيطالية: استفتاء ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا قد يشعل حربا نووية
رجحت صحيفة إيطالية أن يكون إجراء الاستفتاء في أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها موسكو، للانضمام إلى روسيا، بداية "مرحلة جديدة من الحرب" بعد مرور سبعة أشهر منذ اندلاعها في فبراير/شباط 2022.
وتتوقع صحيفة "لينكياستا" أن "أي هجوم من كييف على هذه المناطق (دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا) سيُعد هجوما على روسيا، مما سيؤدي إلى استخدام أسلحة ذرية تكتيكية".
وأضافت أن تصريح رئيس روسيا السابق، نائب الرئيس الحالي لمجلس الأمن الاتحادي، ديمتري ميدفيديف، أن بلاده "اختارت طريقها الخاص ولا توجد طريقة للعودة"، يؤكد أن هذه المرحلة تمثل نقطة تحول في المواجهة السياسية والعسكرية بين موسكو والغرب.
قواعد جديدة
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2022، كتب ميدفيديف عبر منشور على حسابه بتطبيق "تيلغرام" أن أقاليم شرق أوكرانيا "سيتم قبول ضمها لروسيا" بعد الانتهاء من "الاستفتاءات"، واعدا بتعزيز الأمن في المنطقة بأكملها.
وأضاف أن الكرملين "لن يعول في ذلك فقط على قدرات التعبئة، ولكن أيضا أي أسلحة روسية، بما في ذلك الأسلحة النووية الإستراتيجية والأسلحة القائمة على قواعد جديدة".
وأكدت الصحيفة أنها "ليست المرة الأولى التي يهدد فيها القادة الروس باستخدام القوة النووية في هذه الأشهر السبعة من الحرب، ولا يبدو أن هناك ما يشير إلى أن موسكو تجهز ترساناتها لهجوم وشيك".
واستدركت أنه "لا ينبغي الاستخفاف بالتهديدات الأخيرة لأنها أكثر وضوحا من سابقاتها، كما أن توقيتها أمر بالغ الأهمية خاصة على أثر الهجوم المضاد الأوكراني في منطقة خاركيف، وكذلك بالنظر إلى الاستفتاء الجاري في أربع مناطق للانضمام إلى روسيا والمنتظر نهايته في 27 سبتمبر".
وقالت الصحيفة إن "ذلك يجعل التهديد النووي أكثر واقعية، وذلك في إطار إستراتيجية تُعرَّف على أنها التصعيد من أجل خفض التصعيد، لأنها تنطوي على استخدام أسلحة نووية محدود من أجل منع المزيد من الهجمات".
استنادا إلى نموذج الاستفتاء الذي تم تنظيمه في شبه جزيرة القرم عام 2014 ، ستشكل هذه الاستفتاءات "شرعية رسمية" لضم هذه المناطق مما سيجعل أوكرانيا تفقد بالإضافة إلى شبه الجزيرة على البحر الأسود جزءا من أراضيها يساوي قرابة 20 بالمئة من مساحة البلاد.
لذلك أي هجوم للقوات الأوكرانية على المناطق التي سيتم ضمها سيعد عملا هجوما غير مشروع ضد روسيا، تشير الصحيفة.
فيما قال ميدفيديف إن "أي أسلحة في ترسانة موسكو، بما في ذلك الأسلحة النووية الإستراتيجية، يمكن أن تستخدم للدفاع عن الأراضي التي تنضم لروسيا من أوكرانيا".
في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أن "هناك اعتقادا تاما في كييف بأن الاستفتاء لن يكون له أي تأثير على الحرب أو على الهجوم الأوكراني المضاد".
وقلًّل ميخايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، من أهمية العملية، قائلا "لا يوجد استفتاء، هناك عرض دعائي يسمى استفتاء".
بدوره، اتهم حاكم لوهانسك، سيرجي هايداي، على حسابه بـ"تيلغرام"، القوات الروسية بإجبار سكان المناطق المحتلة على الذهاب للتصويت ومنعهم من مغادرة المنطقة.
وقال هايداي: "حسب المعلومات المتوفرة، يشكل المحتلون مجموعات مسلحة تنتقل بين المنازل وتجبر السكان على المشاركة فيما يسمى بالاستفتاء".
من جانبها، رأت منظمة "الأمن والتعاون في أوروبا"، أن هذا النوع من التصويت "لا يملك أي قيمة قانونية، لأنه لا يفي بالمعايير الدولية، ويتعارض مع القانون الأوكراني، كما أن تلك المناطق ليست آمنة ولا يوجد مراقبون مستقبلون، إضافة إلى فرار الكثير من السكان".
لذلك، أكدت صحيفة "لينكياستا" أنه "على الصعيد العالمي، من غير المحتمل أن يتم الاعتراف بالنتيجة التي ستكون بشكل شبه مؤكد لصالح الانضمام تماما كما حدث في استفتاء شبه جزيرة القرم الذي انتهى بتصويت 97 بالمئة بنعم".
مزيد من العدوانية
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بحسب تقارير إعلامية روسية، إن موسكو "لم تهدد أي شخص بأسلحة نووية، وإن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ليست في مصلحة روسيا".
بينما يجادل كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، بأن القادة الأميركيين "يجب أن يفكروا بنفس النهج الذي اتبعه الرئيس الأميركي، جون كينيدي، خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962".
يذكر أن الأزمة اندلعت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1962 وبلغت ذروتها في 14 من نفس الشهر بعد أن كشفت صور التُقطت من طائرات تجسس أميركية وجود قواعد صواريخ سوفيتية نووية تحت الإنشاء في كوبا على مقربة من الأراضي الأميركية، مما خاطر باندلاع حرب نووية.
ويفترض إغناتيوس أن "عدم رد الولايات المتحدة وحلفائها على تهديد نووي، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من عدوانية الصين في المحيط الهادئ، وفي نهاية المطاف إلى الحرب".
ورأى أن نهج بايدن المعتدل، الذي تحركه الرغبة في تجنب أي مواجهة مباشرة مع روسيا، "مثير للإعجاب"، ولكنه أيضا أحد الأسباب التي تجعل بوتين يواصل تهديداته.
وبحسب الأستاذ في جامعة "جورج تاون" الأميركية، ماثيو كرونيغ، لمنع روسيا من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، "يجب على الولايات المتحدة أن تضع رادعا أوضح بالاختيار بين التهديدات الغامضة أو الصريحة وبين العلانية أو بصفة خاصة ".
وفي حالة فشل الردع وقررت موسكو المضي قدما، قال كرونيغ إن "واشنطن يمكن أن تقوم بقصف محدود يقتصر على القواعد المتورطة بشكل مباشر في الهجوم".
ونصح إغناتيوس بالحذر بالنظر إلى أن التراجع غير مرجح حاليا، وأن بايدن في وضع أقوى بينما لا تبدو أوكرانيا مستعدة للتنازل.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن كينيدي "نجح في أزمة الصواريخ الكوبية لسببين".
وأوضح أن "السبب الأول، أظهر أنه مستعد للمخاطرة بحرب نووية لوقف تحرك متهور من قبل موسكو، وثانيا، وجد من خلال قناة سرية طريقة لحفظ ماء الوجه لتجنب الكارثة النهائية".
وتابع إغناتيوس: "يجب على بايدن دراسة كلا الدرسين".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن مصادرها أن "الولايات المتحدة تتواصل مع موسكو منذ أشهر، وحذرتها من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على استخدام السلاح النووي".
واستشهدت المصادر بأن إدارة بايدن تنتهج عمدا إستراتيجية ردع تسمى "الغموض الإستراتيجي" من أجل إبقاء التهديدات غامضة وغير متوقعة وعدم إعطاء مؤشرات للكرملين حول كيفية رد واشنطن على أي هجوم.
وفي مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأميركية، خاطب بايدن بوتين مباشرة بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة الذرية: "لا تفعل ذلك، إن مثل هذا الإجراء سيغير وجه الحرب بشكل لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية".
وخلصت الصحيفة إلى القول "سنرى ما إذا كان القيصر الجديد سيقبل الدعوة".