مع استمرار العدوان على غزة.. لماذا تطرح إندونيسيا إمكانية التطبيع مع إسرائيل؟

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في تحول لافت على الساحة الدبلوماسية الدولية، خرج رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو، بتصريح مفاجئ يحمل في طياته بوادر تغيير في موقف أكبر دولة إسلامية في العالم من قضية التطبيع مع إسرائيل. 

وفي هذا السياق، علق موقع "واللا" العبري بالقول: إن لهجة سوبيانتو تشير إلى "تغير محتمل في التوجه السياسي لدول مركزية على الساحة الدولية، لا سيما في خضم الجهود المتجددة للتوصل إلى تسوية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". 

صفحة جديدة

ففي 28 مايو/أيار، أعلن سوبيانتو أن بلاده "مستعدة لفتح صفحة جديدة" في علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنه اشترط مقابل ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وبين أن "اعتراف إسرائيل بالسيادة الفلسطينية سيكون شرطا مسبقا لاستعداد إندونيسيا -وهي الدولة الإسلامية الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم- لإقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب".

وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أجرى زيارة سياسية إلى جاكرتا: "نحن نعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة ذات سيادة، ويجب ضمان حقها في العيش بأمان". 

وأضاف الرئيس الإندونيسي: "مع ذلك، يجب علينا أيضا أن نضمن حصول الفلسطينيين على حقهم في دولة مستقلة".

وبدوره، عبر ماكرون عن دعم حازم لحل الدولتين، قائلا: إن "الحل السياسي وحده سيجلب السلام والأمن على المدى الطويل". 

ووفقا له، لا تنتهج فرنسا سياسة ذات معايير مزدوجة تجاه الشرق الأوسط، مضيفا أن باريس "تعمل من أجل حل متوازن لجميع الأطراف".

وأشار ماكرون أيضا إلى نيته الترويج لمبادرة سياسية جديدة، فقال: "سننظم قريبا (خلال يونيو/حزيران)، مع السعودية، مؤتمرا في نيويورك، يمنح دفعة جديدة للاعتراف بدولة فلسطينية".

ووفقا لتقارير دبلوماسيين وخبراء، فإن "ماكرون نفسه يميل إلى دعم الاعتراف بدولة فلسطينية بشكل أحادي". 

وفي هذا الصدد، أكد الموقع العبري أن "هذه الخطوة قد تثير توترا مع إسرائيل وتُفاقم الخلافات بين الدول الغربية".

تغير محتمل

وفي تحليلها لتصريحات الرئيسين الإندونيسي والفرنسي، لفت موقع "واللا" إلى أن إندونيسيا لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتدعم تقليديا وبشكل ثابت حقوق الشعب الفلسطيني. 

ومع ذلك، يقول: إن "تصريحات سوبيانتو تشير إلى احتمال حدوث تغيير كبير في السياسة الخارجية لجاكرتا، بشرط إحراز تقدم سياسي في القضية الفلسطينية".

وفي هذا السياق، ذكر أن ائتلافا إسرائيليا يضم 100 مسؤول إسرائيلي كبير أصدر بيانا يدعو فيه حكومة الاحتلال إلى التوصل إلى تسوية إقليمية. وجاء في البيان: "رئيس الدولة الإسلامية الأكبر في العالم يمد لنا يده". 

وفي إشارة إلى أهمية الخطوة، ذكر البيان أن "تطبيع إسرائيل مع إندونيسيا ليس مجرد اتفاق تطبيع آخر، بل هو ذو إمكانيات هائلة للاقتصاد الإسرائيلي سيعزز تحالف الدول المعتدلة في المنطقة".

وأضاف أن "70 بالمئة من الجمهور في إسرائيل يدعمون توسيع اتفاقيات أبراهام، بما في ذلك مسار للانفصال عن الفلسطينيين كجزء من تسوية إقليمية شاملة".

ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى الاستجابة لدعوة إندونيسيا، فجاء فيه: "اصعدي إلى القطار الإقليمي. قولي نعم لدول المنطقة التي ترغب في تطبيع العلاقات".

وأردف البيان: "افعلي ذلك، من أجل الأمن، الاقتصاد، ومستقبل دولة إسرائيل وازدهارها"، وفق تعبيره.

استقبال الفلسطينيين

وفي أبريل/نيسان 2025، أعلن الرئيس الإندونيسي استعداد بلاده لاستقبال فلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدا أن جاكرتا ستوفر مأوى مؤقتا للمتضررين من الحرب، مع التركيز على إجلاء الجرحى والمصابين والأيتام.

وجاءت هذه التصريحات قبل جولة أجراها سوبيانتو في الشرق الأوسط شملت الإمارات وتركيا ومصر وقطر لمناقشة تفاصيل هذه المبادرة الإندونيسية.

وأوضح الرئيس الإندونيسي أنه وجه وزير خارجيته بالتنسيق مع جهات فلسطينية وخبراء آخرين، لترتيب عملية نقل الفلسطينيين إلى إندونيسيا.

وبحسب سوبيانتو، فإن المرحلة الأولى ستشهد وصول حوالي ألف فلسطيني إلى إندونيسيا؛ حيث سيمكثون بشكل مؤقت حتى يتعافوا من إصاباتهم ويصبح الوضع في غزة آمنا بما يكفي لعودتهم.

وشدد على أن هذه الخطة "ستتم فقط بالتنسيق مع دول المنطقة"، مشيرا إلى أن جاكارتا "تريد أن تلعب دورا أكبر في إيجاد حل للصراع".

وأضاف: "هذه الخطة ليست سهلة، لكن التزامنا بدعم سلامة الفلسطينيين واستقلالهم دفع حكومتنا لاتخاذ خطوات أكثر نشاطا".

وتطرق إلى أن إندونيسيا مستعدة لاستقبال "الجرحى والمصابين بصدمات نفسية" فضلا عن الأطفال "اليتامى"؛ حيث سيتم توفير الرعاية اللازمة لهم حتى يتعافوا تماما من إصاباتهم، على أن يعودوا إلى غزة عندما تتحسن الأوضاع، بحسب البيان.

وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية الإندونيسية قبلها بشهرين "رفضها الشديد لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين بالقوة".

لكن وافق سوبيانتو عام 2024 قبل توليه الرئاسة، على فكرة إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى غزة إذا لزم الأمر، مبديا استعداد إندونيسيا للمشاركة فيها"، وهو مقترح رفضته الفصائل الفلسطينية.