انقسامات "المحافظين".. هكذا تعقد مهمة رئيسة الحكومة الجديدة في بريطانيا
قالت صحيفة إيطالية، إنه من "الصعب" الإجابة عن سؤال حجم التأييد لرئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ليزا تراس داخل حزبها "المحافظين".
وأكدت صحيفة "إيل بوست" أن تراس قد تواجه عدة مشاكل مع بعض التيارات داخل الحزب الذي انتخبها زعيمة له.
وذكرت أن تراس حسمت لصالحها الانتخابات الداخلية لحزب المحافظين الحاكم الذي أظهر في الأشهر الأخيرة ضعفا متزايدا وانقساما إلى تيارات.
وترجح الصحيفة أن هذه الانقسامات بالتحديد تعقد مهمة رئيسة الوزراء الجديدة والتي قد تجد صعوبة في حشد الإجماع الضروري لاتخاذ القرارات الحكومية بفعالية.
وتسلمت تراس في سبتمبر/أيلول 2022، مهام رئاسة الوزراء رسميا بدلا من بوريس جونسون، الذي أعلن استقالته في يوليو/تموز من نفس العام على أثر سلسلة من الفضائح واستقالات عديدة داخل الحكومة.
وعقب إعلان فوزها مباشرة في الرابع من سبتمبر، ألقت تراس خطابا، أثنت فيه على جونسون لتصديه لحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا.
وكذلك إنجازه عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وجهوده في مجابهة جائحة كورونا.
كما أضافت "أتشرف بتحمل المسؤولية في هذا الوقت الحرج الذي تمر به البلاد".
يأتي ذلك بينما كشفت استطلاعات للرأي أجريت أخيرا أن قسما كبيرا من البريطانيين لا يثقون بقدرتها على حل أزمة تكاليف المعيشة.
وكشف استطلاع جديد أعده معهد "يوغوف" عن أن 14 في المئة فقط يتوقعون أن يكون أداء تراس، الرابعة على رأس الحكومة من حزب المحافظين في ست سنوات، أفضل من جونسون.
وصلت رئيسة الحكومة إلى المنصب الجديد على أثر تصويت على مرحلتين: في المرحلة الأولى، استبعد النواب المحافظون ستة من المرشحين الثمانية الذين اختيروا في الأصل ليحلوا محل جونسون.
وفي المرحلة الثانية، صوت أكثر من 170 ألف عضو من أعضاء الحزب على اختيار زعيم جديد للحزب بين تراس ووزير الاقتصاد السابق ريشي سوناك.
بينت الصحيفة الإيطالية أن فوز تراس "كان صغيرا نوعا ما"، إذ حصلت في نهاية التصويت الأول على دعم أقل من ثلث جميع أعضاء البرلمان المحافظين، أي 31 بالمئة مقابل 38 بالمئة دعموا سوناك.
وفي التصويت الثاني المخصص للأعضاء، فازت تراس بهامش أقل من المتوقع: 57.4 بالمئة من الأصوات متفوقة على سوناك بنسبة 14 بالمئة والذي حصل على 42.6.
ذكرت الصحيفة أن هذا الهامش هو الأقل منذ بداية إجراء الانتخابات بين أعضاء الحزب أي منذ عام 2001.
وتشرح أن هذه البيانات، وخاصة الأولى، توضح أن الأغلبية البرلمانية التي ورثتها تراس من جونسون (357 مقعدا من أصل 650) ليست صلبة بما يكفي.
تحضير للاصطدام
وأضافت أنه سيتعين على رئيسة الحكومة الجديدة من أجل اتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات مهمة أن تصطدم لا مع المعارضة فحسب، وإنما أيضا مع التيارات داخل حزبها الذي يبدو الآن منقسما للغاية.
من جانبه، قال مسؤول حكومي لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إنه حزب "غير قابل للحكم تقريبا".
ولم يستبعد أن هذه الانقسامات نفسها يمكن أن تؤدي يوما ما إلى استقالة تراس، كما حدث في الماضي مع أسلافها تيريزا ماي وبوريس جونسون.
بدورها، ألمحت مجلة ذي إيكونوميست أيضا إلى هذا الاحتمال وإلى وجود تمرد محتمل داخل الحزب.
وفقا لتحليل أجرته فاينانشيال تايمز، هناك ما لا يقل عن ثلاث مجموعات من البرلمانيين داخل الحزب يمكن أن يخلقوا مشاكل لتراس.
المجموعة الأولى تتكون من أنصار ريشي سوناك، خصمها الرئيسي الذي تفوقت عليه في الانتخابات.
تذكر إيل بوست أنه خلال الحملة الانتخابية العنيفة والمتطرفة التي تنافس خلالها الطرفان، انتقد سوناك بشدة مقترحاتها في مناسبات عديدة خاصة تلك المتعلقة بالمجال المالي.
والتي تركزت جميعها على التخفيضات الضريبية الضخمة وعُدّت غير مستدامة، على حساب الخدمات الاجتماعية والسياسية لفائدة البيئة.
كما لم تعرض تراس على سوناك ولا مؤيديه أي مناصب حكومية، إذ أسندت بعضا من أهم الحقائب الوزارية لأقرب حلفائها، بما في ذلك تيريز كوفي نائبة لرئيس الوزراء ووزيرة الصحة، وكواسي كوارتنغ كوزير للاقتصاد وسويلا برافرمان وزيرة الداخلية.
بينما تتكون المجموعة الثانية من المعارضين الداخليين المحتملين لتراس من أنصار رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون.
وتفيد الصحيفة الإيطالية بأن هؤلاء هم البرلمانيون الذين لم يرغبوا في استقالته والذين منحوه في يونيو/حزيران 2022 الثقة في تصويت داخلي للحزب.
خلال الحملة الانتخابية، سعت تراس لجذب دعمهم وتقديم نفسها على أنها مرشحة "الاستمرارية" فيما يتعلق بجونسون، لكن من غير المؤكد أن هذه الإستراتيجية سيحالفها النجاح، وفق تعليق الصحيفة.
بينما تحدثت صحيفة فاينانشيال تايمز عن أنباء غير مؤكدة حتى الآن، عن عزم أنصار رئيس الوزراء المستقيل جونسون طلب تصويت بحجب الثقة عن تراس.
المجموعة الثالثة التي يحتمل أن تكون إشكالية لرئيسة الوزراء الجديدة تتكون من أكثر من 100 نائب تمكن حزب المحافظين من انتزاع أصواتهم في عام 2019 في مراكز انتخابية كان يسيطر عليها حزب العمال تاريخيا وتقليديا.
وذكرت الصحيفة أن هذه المجموعة من البرلمانيين تعد متمردة ولا يمكن إدارتها بسهولة.
ويذكر أن بعضهم صوت بسحب الثقة من بوريس جونسون فيما يسمى بـ "مؤامرة فطيرة لحم الخنزير" (طبق نموذجي لإحدى مناطق منشأ هؤلاء النواب).
ووفقا لصحيفة فاينانشيال تايمز، قد تجد ليز تراس أيضا صعوبة في الحصول على دعمهم. جدير بالذكر أن أحد هؤلاء النواب (لم تذكر اسمه) أبدى رغبته في مغادرة الحزب في يونيو 2022.
في الختام، لا تستبعد الصحيفة الإيطالية تشكل معارضة داخلية في حزب رئيسة الوزراء الجديدة بدءا من الأشهر الأولى من رئاستها الحكومة.