مخرجات مكررة.. ما هدف الكاظمي من مواصلة الحوار الوطني بدون الصدر؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم أنها لم تأت بشيء جديد للمرة الثانية إلا أن رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي يصر على عقد جلسات الحوار الوطني مع قادة الكتل السياسية، أملا في حلحلة الأزمة التي تشهدها البلاد منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

ولم يحضر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر إلى جلسات الحوار للمرة الثانية، الأمر الذي أثار تساؤلات بخصوص إصرار الكاظمي على هذه الجلسات في ظل غياب طرف يعد بمثابة ركن أسياسي في الأزمة الراهنة.

مخرجات مكررة

جلسة الحوار الوطني الثانية التي دعا إليها الكاظمي، لم تخرج بنتائج تذكر يمكن أن تمثل أرضية مناسبة لإنهاء الأزمة، فالاجتماع خرج باتفاق سياسي يبدو أنه بعيد عن رؤية الصدر في إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد.

الاجتماع الذي عقد بغياب ممثل عن التيار الصدري، حضره أبرز قادة الإطار التنسيقي الشيعي المنافس، وقادة تحالفي السيادة وعزم اللذين يمثلان المكون السني في البرلمان، كذلك قادة وممثلون عن الأحزاب الكردية، فضلا عن حضور بعثة الأمم المتحدة في العراق.

وأعلن المكتب الإعلامي للكاظمي خلال بيان في 5 سبتمبر/ أيلول 2022 أن "المجتمعين أكدوا ضرورة استمرار جلسات الحوار الوطني"، مضيفا أن "تطورات الأوضاع السياسية وما آلت إليه من خلافات تحمل الجميع المسؤولية الوطنية في حفظ الاستقرار، ودعم جهود التهدئة وتبني الحوار الوطني للتوصل إلى حلول".

ووفقا للبيان الحكومي فإن "الاجتماع خلص إلى ست نقاط، أهمها تشكيل فريق فني لتعميق الرؤى وتقريب وجهات النظر لإجراء انتخابات باكرة وإجراء إصلاحات في بنية الدولة، فضلا على دعم جهود التهدئة".

وأوضح البيان أن "المجتمعين شددوا على تفعيل المؤسسات والاستحقاقات الدستورية ودعوة التيار الصدري للمشاركة في الاجتماعات الفنية والسياسية ومناقشة كل القضايا الخلافية والتوصل إلى حلول لها، داعين إلى ضرورة تنقية الأجواء بين القوى الوطنية ومن ضمن ذلك منع كل أشكال التصعيد".

ورفض الاجتماع "الخطابات التي تصدر أو تتسرب وتسبب ضررا بالعلاقات الأخوية التاريخية ومعالجتها من خلال السبل القانونية المتاحة، وبما يحفظ كرامة الشعب ومشاعره واستحقاقاته واحترام الأعراف الدينية والسياسية والاجتماعية".

وتابع أن "المجتمعين أكدوا ضرورة تحقيق الإصلاح في بنية الدولة العراقية، وتثمين المطالب بمعالجة أي اختلال في أطر العمل السياسي أو الإداري من خلال التشريعات اللازمة والبرامج الحكومية الفعالة ومناقشة أسس التعديلات الدستورية".

مخرجات الجلسة الثانية، لم تختلف عما خرجت به "الأولى" في 18 أغسطس/آب 2022، حيث عبر المجتمعون عن "التزامهم بالثوابت الوطنية، وإيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار وباعتماد روح الأخوّة والتآزر حفاظا على وحدة العراق وأمن شعبه واستقراره، وديمومة النظام الديمقراطي الدستوري الذي يحتكم إليه الجميع".

وأشار المجتمعون في وقتها إلى أن "الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثا استثنائيا في تاريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات".

وفي الوقت الذي دعوا فيه "التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آليات للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه"، اتفقوا أيضا "على استمرار الحوار الوطني لوضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة".

خفض التصعيد

وبخصوص أسباب إصرار الكاظمي على عقد جلسات الحوار رغم غياب الصدر، قال السياسي العراقي حامد المطلك إن "كل معضلة تحتاج إلى وقت وعمل لإيجاد حلول لها، والإطار التنسيقي وباقي الكتل السياسية التي حضرت تعمل لإيجاد الحلول، لكن الأمر ليس بالسهل في ظل غياب التيار الصدري".

وأضاف لـ"الاستقلال" أن "التيار الصدري رافض للأداء السياسي الحالي، ويريد تغييرا كاملا يبدأ من حل البرلمان، في الوقت الذي يسعى فيه الإطار التنسيقي إلى تشكيل حكومة جديدة- وهذا ما يرفضه التيار- لذلك لا أعتقد أن ثمة حلا قريبا يلوح في الأفق".

ولفت النائب السابق في البرلمان العراقي إلى أن "الطبقة السياسية التي أدارت الحكم في البلد منذ عام 2003، فشلت فشلا ذريعا، ومعظم الشعب والتيار الصدري منهم رافض لأدائهم، رغم أنهم يسوقون المبررات بأنهم يستطيعون تغيير الوضع".

وأكد المطلك: "لا يمكن معالجة الوضع الحالي في العراق، إلا بتغيير جذري وذلك بتشكيل حكومة انتقالية مستقلة بعيدة عن كل هذه الأطراف السياسية، وهي من تتولى إدارة الانتخابات البرلمانية الجديدة".  

ولفت إلى أن "إصرار الكاظمي على عقد جلسات الحوار الوطني، يأتي من كونه الشخص المعني بشكل مباشر في إنهاء الأزمة الحالية كونه رئيس الحكومة، لذلك يريد أن يخفف التصعيد من جانب، ويقرب وجهات النظر من جانب آخر، ويحاول العثور على حل معقول يرضي جميع الأطراف".

وأعرب السياسي العراقي عن اعتقاده بأن "التوصل إلى حل ينهي الأزمة، هو أمر صعب حتى الآن، لأن التيار الصدري ما زال يرفض بشكل قاطع جلسات الحوار التي كانت مخرجاتها بعيدة كل البعد عما يطرحه من حلول للأزمة السياسية في العراق".

من جانبه، رأى المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي، أن "إصرار الكاظمي على إجراء الحوارات بين الكتل والأحزاب السياسية، يهدف بشكل أساس إلى تهدئة الأوضاع ومنع أي تصعيد في المواقف السياسية والإعلامية، التي ممكن أن يكون لها تأثير سلبي على الشارع العراقي".

وأضاف لصحيفة "العالم الجديد" العراقية في 6 سبتمبر، أن "الكاظمي عمل وما زال يعمل على إشراك التيار الصدري في جلسات الحوار، لكن هناك رفضا شديدا من قبل الصدريين لأي حوار من دون تحقيق المطالب التي أعلنوا عنها سابقا، وعلى رأسها حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة".

ولفت الشريفي إلى أن "جلستي الحوار لم تأتيا بأي حلول ملموسة للوصول إلى تفاهمات لحل الأزمة السياسية، لكن هذه الجلسات سوف تبقى مستمرة في قادم الأيام بهدف الوصول إلى الحلول من خلال تقديم التنازلات بين الأطراف السياسية".

مبادرة الحلبوسي

وعلى وقع جلسة الحوار الوطني الثانية، طرح رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي خلال بيان نشره عبر "تويتر" في 4 سبتمبر، مبادرة تضمنت 10 نقاط لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، دعا القوى السياسية إلى ضرورة أخذها في الحسبان إذا ما أراد الجميع الخروج من الأزمة.

وقال الحلبوسي: "يجب أن يتضمـن جـدول أعمـال جلسات الحوار الوطني المقبلـة جملـة مـن الأمـور الـتـي لا يمكن أن تمضي العملية السياسية دون الاتفاق عليها".

وأضاف، ومن أهمها: تحديد موعـد للانتخابات النيابيـة المبكـرة وانتخابات مجالس المحافظات في موعـد أقصاه نهاية العام المقبل، وانتخاب رئيس الجمهورية، واختيار حكومة كاملة الصلاحية متفق عليها ومحل ثقة واطمئنان للشعب وقواه السياسية".

وتابع رئيس البرلمان أنه "يتوجب إعادة تفسـير المـادة 76 مـن الدستور، وإلغاء الالتفـاف المخجـل في التلاعـب بحـكـم هذه المادة والذي حدث بضغوط سياسية بعد انتخابات 2010"، إضافة إلى "إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادية".

يشار إلى أن المادة (76) من الدستور العراقي، تتعلق بالجهة التي تشكل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية، هل هي الكتلة الفائرة بأكبر عدد من المقاعد أم التي تتشكل داخل البرلمان بعد الانتخابات، والتي طالما أثارت جدلا بين القوى السياسية.

كما اقترح الحلبوسي "إبقاء أو تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، وكذلك تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا حسب المادة 92 من الدستور".

وتوسع رئيس البرلمان في مطالبه لتشمل "إعـادة انتشار القوات العسكرية والأمنيـة بجميع صنوفهـا، وتولي وزارة الداخلية حصـرا الانتشار وفـرض الأمـن في المـدن كافة، وتكـون بقيـة القوات في مكانهـا الطبيعي في معسكرات التدريب والانتشار التـي تحددها القيادة مع توفير كل ما يلزم لتكون على أهبة الاستعداد لأي طارئ".

وأكد الحلبوسي ضرورة "العـودة الفورية لجميع النازحين الأبرياء الذيـن هـجـروا ديارهـم ولـم يتمكنـوا مـن العودة إليها حتى الآن"، ودعا أيضا إلى "تنظيـم العلاقـة بين الحكومة الاتحاديـة وإدارة أربيل باتفـاق معلـن للشعب إلى حين إقرار قانون النفط والغاز".

وتعليقا على مدى الأخذ بمبادرة الحلبوسي، قال أستاذ الإعلام الدولي في العراق فاضل البدراني لصحيفة "الشرق الأوسط" في 4 سبتمبر، إن "تغريدة رئيس البرلمان التي تضمنت 10 نقاط جاءت مركزة، تعكس في طياتها تطورا جديدا لبث الروح في مجلس النواب وإحياء جلساته".

ورأى البدراني أن المبادرة "تؤشر إلى رغبة الطرف المقاطع (التيار الصدري) في الانفتاح، وترسم خارطة عمل جديدة للعملية السياسية التي أصابها الفشل والجمود بسبب سياسة كسر العظم بين أطراف مهمة في العملية السياسية تتمثل في نزاع التيار الصدري والإطار التنسيقي، وكذلك حزبا الديمقراطي والاتحاد الكردستاني".

ويعيش العراق حالة من الانسداد السياسي منذ انتخابات 10 أكتوبر 2021، حيث سعت كتلة التيار الصدري البرلمانية (73 مقعدا) قبل أن تستقيل من البرلمان  في يونيو/ حزيران 2022 إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية بالتحالف مع تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني.

 فيما أفشلت قوى الإطار التنسيقي هذه الخطة عبر تعطيل جلسات البرلمان بتشكيلها الثلث المعطل الذي حال دون انتخاب رئيس للجمهورية، وحاولت تشكيل حكومة قائمة على نظام المحاصصة المعتاد من 2003.