يحصن قتلة شيرين أبو عاقلة.. غضب من ترحيب واشنطن بـ"تحقيق" إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

بعد نحو أربعة أشهر من اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان تضمن النتائج النهائية لتحقيقه أن هناك "احتمالا كبيرا" أن تكون قتلت بنيران "خاطئة" أطلقها أحد جنوده.

وقضت أبو عاقلة أثناء تغطيتها اشتباكات وقعت بين عناصر من المقاومة في جنين شمالي الضفة الغربية في 11 مايو/أيار 2022 وبين قوات الاحتلال التي اقتحمت المدينة لاعتقال فلسطينيين.

وأفاد البيان الإسرائيلي في 5 أغسطس/آب 2022، بأن "المدعية العسكرية العامة وجدت أنه وفقا لظروف الحادثة لا يوجد اشتباه في ارتكاب مخالفة تبرر فتح تحقيق جنائي لدى الشرطة العسكرية".

وبدورها، رحبت واشنطن على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها نيد برايس بالتحقيق الإسرائيلي في هذا الحادث الذي وصفه بالمأساوي، مشددا على أهمية تحديد المسؤولين في هذه الحالة.

رفض واسع

فيما رفضت عائلة أبو عاقلة، في بيان، نتائج التحقيق الإسرائيلي، وقالت: "لم نتفاجأ برفض إسرائيل تحمل مسؤولياتها عن اغتيال شيرين، وهذا يؤكد أن مجرمي الحرب الإسرائيليين لا يمكنهم التحقيق في جرائمهم".

وأضافت العائلة أنها ستواصل "مطالبة أعضاء الكونغرس الأميركي ومنظمات المجتمع المدني بالضغط على الرئيس جو بايدن لمتابعة القضية وإجراء تحقيق شامل، بما في ذلك التوجه لمحكمة الجنايات"، مطالبة بتحقيق أميركي شامل ومستقل وذي مصداقية.

كما طالبت شبكة "الجزيرة" الإعلامية بإجراء تحقيق دولي مستقل في اغتيال أبو عاقلة، واتهمت الجيش الإسرائيلي بمحاولة التملص من جريمته، وأدانت نتائج التحقيق، مستنكرة عدم اعترافه الصريح بمسؤوليته عن اغتيالها.

وأكدت أن "الاعتراف الضمني المتردد من قبل جيش الاحتلال يراد به التنصل من المسؤولية الجنائية التي يتحملها عن قتل شيرين، والتي أثبتتها تحقيقات دولية ومهنية عدة"، مطالبة بتولي جهة دولية مستقلة التحقيق في الجريمة.

وقال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" حازم قاسم، إن "التحقيقات التي نشرها جيش الاحتلال حول استشهاد أبو عاقلة، محاولة جديدة للتهرب من مسؤوليته الكاملة عن جريمة الاغتيال، مؤكدا أن قتلها جريمة مكتملة الأركان، يجب المحاسبة عليها.

وقالت الرئاسة الفلسطينية، إن كل الدلائل والوقائع والتحقيقات التي أجريت تثبت أن إسرائيل هي الجاني، وهي من قتلت شيرين، وعليها أن تتحمل مسؤولية جريمتها، مؤكدة أنه لن يجري السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب على جرائمها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.

ومن جانبهم أعرب صحفيون وإعلاميون وناشطون فلسطينيون وعرب عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #شيرين_أبو_عاقلة، عن غضبهم واستيائهم من بيان جيش الاحتلال، مستنكرين الترحيب الأميركي به، وعدوه بمثابة "تواطؤ".

واتهموا الكيان الإسرائيلي المدلل من الغرب ودول عربية بتحديه جميع القوانين الدولية والأعراف الإنسانية وطمس الحقائق وتزييفها، ضاربا بعرض الحائط المطالبات الدولية بالكشف عن المتورط في اغتيال شيرين وتقديمه للعدالة، داعين الجهات المعنية لاتخاذ موقف.

وحث المغردون على عدم التعويل على أميركا أو ترقب أي إدانة أو شجب منها للكيان الإسرائيلي، أو انتظار دفاعها عن أبو عاقلة وانتزاع حقها من الاحتلال لمجرد حملها الجنسية الأميركية، مشيرين إلى أن العلاقات بين الطرفين الأميركي والإسرائيلي أهم من قضيتها.

واستنكروا غطرسة وعلو وعنصرية الاحتلال التي تجلت في رفضه التحقيق مع الجندي المسؤول عن اغتيال شيرين، والزعم بعدم وجود شبهة جنائية.

وذكروا بأنها كانت ترتدي سترة الصحافة وخوذة واقية، أي أنه من المفترض وفق الأعراف أنها خارج نطاق الاستهداف، لكنها أصيبت في وجهها أسفل خوذتها.

وربط مغردون بين توقيت إعلان نتائج التحقيقات الإسرائيلية، وتزامنها مع اقتحام قوة عسكرية إسرائيلية، في وقت متأخر من مساء ذات اليوم، لمدينة جنين من عدة مداخل مستخدمة الرصاص الحي، مما أسفر عن استشهاد شاب وإصابة 22 آخرين.

وتعقيبا على نتائج تحقيقات جيش الاحتلال، قال الكاتب والصحفي الأردني ياسر أبو هلالة، إن من كان ينتظر العدالة من منظومة إرهابية غبي جاهل أو متواطئ معه. 

وأضاف: "شيرين أبو عاقلة حاكمت القتلة من اللحظة الأولى، وجسدت انتصار الدم على الرصاص، عنوانا لحكاية شعب يواجه القتل والتشريد والاحتلال.. تحقيق الجيش الإرهابي جريمة إضافية تحصن القتلة". 

عصابة قتلة

وعرف الإعلامي أحمد منصور الاحتلال الإسرائيلي بأنه "عصابة من القتلة، ومنهج قتل الفلسطينيين عقيدة لديهم منذ تكوين الجيش من عصابات الهاجاناه لقتل الشعب الفلسطيني منذ 100 عام"، مؤكدا أنهم لم يعاقبوا صهيونيا على قتل فلسطيني من قبل، ومن يتوقع منهم غير ذلك مخطئ وسيبقى الدم الفلسطيني الذي يسفك منذ 100 عام ينتظر العدالة.

وأكدت لينا ابنة شقيق الصحفية شيرين أبو عاقلة، أنه كان من الواضح دائما أن مجرمي الحرب الإسرائيليين لم ولن يحاسبوا أنفسهم على فظائعهم، قائلة: "لقد حان الوقت للحكومة الأميركية والمحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراءات ذات مغزى بدلا من ذلك".

ولاقى الترحيب الأميركي ببيان الاحتلال الإسرائيلي الذي تنصل فيه من جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة ورفض التحقيق مع فاعلها، استهجانا واسعا.

واستنكر الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة إشادة واشنطن بنتائج تحقيقات الكيان وحديثها، الذي وصفه بالتافه، عن "أهمية المساءلة"، معربا عن غضبه من عدم وجود قيمة لحقوق الإنسان عند أميركا، وأنه لا قيمة في فلسطين لغير دماء الغزاة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية الكويتي عبدالله الشايجي أن وقاحة إسرائيل وتواطؤ أميركا بلا حدود، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال اضطر بعد ضغط أميركي ناعم لإصدار بيان باحتمال قتل جندي إسرائيلي بالخطأ مراسلة الجزيرة، ولم تجد أي مخالفة تستدعي فتح تحقيق، ولن يحقق مع الجندي!.

ولفت إلى أن ذلك جاء أثناء زيارة وفد من من مجلس الشيوخ الأميركي (إلى إسرائيل) وتعدهم بحماية إسرائيل.

ووصف المغرد نبيل، إسرائيل بأنها مثل الأفعى لا تعرف شيئا عن حقوق الإنسان أو الديمقراطية، مشيرا إلى أن شيرين مع أنها معها جنسية أميركية إلا أنها (تل أبيب) لا تعرف معنى كلمة سلام، فقد قتلت هذا العام حوالي 100 فلسطيني.

وأردف أن إسرائيل "لو كانت تخشيى أميركا لحققت بكل شرف وأعلنت النتيجة بكل شفافية".

حماية القاتل

وبرزت ردود فعل غاضبة من إعلان جيش الكيان أنه لن يحقق مع الجندي الذي يحتمل أنه أطلق النار على شيرين بالخطأ وقتلها.

إذ قال الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية، إن شيرين قتلوها مرتين؛ مرة برصاص الجيش الإسرائيلي الذي لا يتورع عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية كل يوم، ومرة أخرى حين قررت حكومة الاحتلال حماية القاتل وعدم فتح تحقيق معه، تماما كما نقلت لنا الحقيقة مرتين، مرة من خلف شاشة الجزيرة، ومرة أخرى وهي تفضح إسرائيل وجيشها الإرهابي.

وقالت الإعلامية غادة عويس، إن "صورة شيرين وهي تتلقى رصاصة الغدر سحقت بثانية صورة كيان عمل على تلميع سمعته وتلفيق الدعاية له والأكاذيب على مدى عقود صارفا الملايين، منهزما يقر أنه قتلها ومتجبرا يرفض محاسبة قاتلها وكاذبا يزعم أنه قتل عشوائي، معتديا على خشب تابوتها خاشيا طهارة جثمانها"، مؤكدة أن "العدو حفر قبره لا قبرها".

وعد الصحفي التونسي محمد كريشان صفاقة جيش الاحتلال في نتائج "تحقيقه" حول اغتيال شيرين أبو عاقلة بأنها فوق الاحتمال، وفوق "المعدل الدولي" للصفاقة في هذا العالم.

وكتب المذيع في شبكة الجزيرة جلال شهدا: "احتمال كبير عال جدا كثيرا ضخما هائلا فائقا مفضوحا، أن جيش دولة الاحتلال إسرائيل محرج ويتلاعب بالمصطلحات ويضلل الرأي العام ويتنصل من المسؤولية الجنائية ويتملص من محاسبة الجناة، ويحاول تزوير حقيقة أن جنديه اغتال زميلتنا الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وليس عن طريق الخطأ".

ووصف الإعلامي تامر المسحال إسرائيل بأنها "احتلال مجرم وكالعادة يتنصل من جرائمه"، مؤكدا أن شيرين وجنين ستبقى الشاهدة والشهيدة.

جريمة مشابهة

واستنكر أيمن الصياد التقرير الذي أراد به جيش الاحتلال التنصل من مسؤولية القتل "المتعمد" للصحفية الفلسطينية "الأميركية"، بالزعم أن قتلها كان خطأ (ككل الأخطاء اليومية)، قائلا: "قتلوها كما لو كانت مجرد فلسطينية".

وأشار مغردون إلى أن عدم محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جريمته بحق شيرين تدفعه للتمادي في جرائمه وتكرارها بنفس التفاصيل.

إذ اغتالت قوات الاحتلال الشاب محمد موسى سباعنة (29 عاما) في مدينة جنين عقب ساعات من تنصل الكيان من قتل شيرين.

وأفادوا بأن سباعنة كان ينقل تفاصيل اقتحام قوات الاحتلال لجنين عبر بث مباشر على تطبيق التيك توك، وانقطع البث فور استهدافه برصاص القوات الإسرائيلية، لافتين إلى أن الواقعة مشابهة لواقعة اغتيال شيرين.

وأوضحت المذيعة فرح البرقاوي أن اجتياح مدينة جنين كان متوقعا يوم اغتيال شيرين أبو عاقلة، ولكنه تأجل شهورا حتى إعلان نتائج التحقيق المضلل في الجريمة ولم يعد قادة الاحتلال قادرين على تأجيله مع اقتراب موعد انتخاباتهم لأن الدم الفلسطيني هو الحبر الأشد استقطابا للأصوات في مجتمع المستوطنين.

وأشار الإعلامي علاء الصالح إلى أنه مع اغتيال الناشط محمد سباعنة في جنين أثناء تغطيته اقتحام المنطقة تتكرر قصة جريمة اغتيال أيقونة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، واصفا الاحتلال بأنه جبان مجرم لا تنفع معه إلا لغة واحدة.

وقالت المغردة سحارة: "يبدو أن جنين ستكون الورقة التي يلعبها جيش الاحتلال الآن من أجل استرداد شيء من الاحترام الذي فقده بسبب غباء المتحدث باسمه وفشل قاده أركانه، لكنها جنين يا مجرمين!".