حكومة اليمن تعلق التفاوض مع الحوثيين بعد خرقهم الهدنة في تعز.. هل تتراجع؟

12

طباعة

مشاركة

في تحد جديد للمجتمع الدولي والأمم المتحدة التي ترعى هدنة إنسانية في اليمن منذ الثاني من أبريل/نيسان 2022، شن الحوثيون في 29 أغسطس/آب، هجوماً واسعاً على المناطق الغربية لمدينة تعز جنوب غربي البلاد.

وجاء الهجوم في محاولة من المليشيا لقطع الطريق الإسفلتي الوحيد الذي يربط مدينة تعز مع الريف الجنوبي لها ومع المدن اليمنية الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وهو أكبر خرق حوثي للهدنة، التي لم تحقق هدفها الرئيس حتى الآن، والمتمثل بفك الحصار عن تعز وفتح الطرق والمعابر المغلقة في عدد من المحافظات.

وكرد على الهجوم، علقت الحكومة اليمنية حتى إشعار آخر مشاركتها بالمحادثات الأممية في الأردن المكرّسة للتفاوض بشأن فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز، ورفع الحصار الحوثي عنها.

وأوضحت اللجنة العسكرية الحكومية خلال بيان لها في 29 أغسطس أن هذا التعليق يأتي نتيجة لشن المليشيات الحوثية هجوما عسكريا واسعا في محافظة تعز نتج عنه عشرات القتلى والجرحى.

هجوم مباغت

وكان هذا الهجوم يستهدف إغلاق آخر شريان رئيس يغذي مدينة تعز المحاصرة منذ سبع سنوات، وفق وكالة "سبأ" الرسمية.

وأعلنت السلطات اليمنية، مقتل 23 مسلحا من الحوثيين و10 جنود من القوات الحكومية، في الهجوم العنيف على القرى المأهولة الذي استمر نحو 10 ساعات.

وقال المركز الإعلامي لمحور تعز العسكري، في بيان إن "مليشيا الحوثي شنت هجوما واسعا على مواقع الجيش في الكربة والذئاب وتباب الصغير والمضيض والراعي في منطقة ميلات غربي تعز". ولم يصدر تعليق فوري من الحوثيين حول الهجوم.

وجاء هجوم الحوثي في الوقت الذي يحاول فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، إقناع المليشيا برفع الحصار الذي تفرضه على مدينة تعز منذ صيف 2015، وذلك بفتح الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة ذات الكثافة السكانية العالية.

وحصل الحوثيون على مكاسب ضمن بنود الهدنة من بينها فتح ميناء الحديدة، وإعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء واعتماد الجوازات الصادرة من مناطق سيطرتهم.

في المقابل، فشلت الحكومة اليمنية والأمم المتحدة في إقناع الحوثيين بتنفيذ بند فتح الطرقات وصرف المرتبات من عائدات سفن المشتقات النفطية التي سمح بدخولها عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.

وتسري في اليمن هدنة إنسانية هشة دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل وجددت مرتين لمدة شهرين لكل مرة. ويتبادل طرفي الصراع الاتهامات بشكل يومي حول الخروقات المتواصلة.

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة "غير رسمية"، لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي للسعودية، بعد زيارة مماثلة للإمارات في 15 أغسطس.

وزار العليمي في 30 أغسطس قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، وكان في استقباله، قائد القوات المشتركة، نائب رئيس هيئة الأركان العامة السعودية مطلق بن سالم الازيمع.

واستمع العليمي خلال الزيارة إلى موجز عن العمليات المشتركة وآليات التنسيق مع القوات المسلحة ودول تحالف دعم الشرعية، وتقييم موجز حول مسار الهدنة القائمة، وخروقات المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأيضا ناقشا التزام الجيش اليمني المستمر بضبط النفس، حرصا على إنجاح الجهود الأممية والدولية الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس". 

مفاوضات عقيمة

وأرجع رئيس تحرير موقع "إيجاز برس" اليمني، الصحفي سامي الحميري، أسباب هجوم الحوثيين على منطقة الضباب في مدينة تعز إلى "إحكام الحصار على المدينة".

وأوضح الحميري لـ"الاستقلال": "يهدفون من وراء ذلك إلى تعزيز موقفهم في المفاوضات مع الحكومة في ظل هدنة ومفاوضات ترعاها الأمم المتحدة في الأردن".

وأضاف أن "الهجوم خلَّف العديد من القتلى والجرحى وفاقم معاناة المواطنين المستمرة منذ ثماني سنوات، وعرقل سير المفاوضات".

وأشار إلى أن "أسباب عدم فتح منافذ تعز ترجع إلى تعنت الوفد الحوثي المفاوض في ظل تقاعس الحكومة والتحالف عن دعم الجيش الوطني في تعز، ورغبة الحوثيين في الخروج بأكبر قدر من المكاسب مقابل فك الحصار".

وأوضح الحميري، أن "تعليق الوفد الحكومي للمفاوضات ليس الأول ولن يؤثر على سيرها وسيعودون من جديد بضغوط التحالف والأمم المتحدة ولن يحقق التفاوض أي مكاسب تذكر لهم مقابل ما سيجنيه الحوثيون منها".

وختم بالقول: "مع الأسف ينظر التحالف العربي (السعودي الإماراتي) والحكومة إلى محافظة تعز كمنطقة خارج نفوذهم أو اختصاصهم، ولذلك لا يوجد دعم حقيقي للجيش الوطني في المحافظة".

من جانبه يرى الصحفي علي عويضة، أن هجوم الحوثي على تعز هو مجرد اختبار ومناورة وتجربة لقياس مدى نجاح عمليات التجنيد والتصنيع التي أجراها خلال فترة الهدنة.

وبيّن في تغريدة على تويتر أن تلك الفترة منحته الوقت الذي يريده لالتقاط أنفاسه وتعويض خسائره التي لحقت به في مأرب وبقية الجبهات.

هجوم الحوثي على #تعز هو مجرد اختبار ومناورة وتجربة لقياس مدى نجاح عمليات التجنيد والتصنيع التي أجراها خلال فترة الهدنة التي منحته الوقت الذي يريده لالتقاط أنفاسه وتعويض خسائره التي لحقت به بشرياً ومادياً في #مأرب وبقية الجبهات خلال العامين الماضيين
#الحوثي_يصعد_في_تعز #Yemen

— Ali Owidha | علي عويضة (@AliOwidha) August 31, 2022

وذهب الناشط السياسي عبدالكريم عمران، إلى القول، إن هجوم مليشيا الحوثي على تعز قد يكون بالتنسيق مع التحالف ومجلسه القيادي للمضي في طريق الحل النهائي، وفق تقديره.

قد يكون هجوم مليشيا الحوثي على تعز بالتنسيق مع التحالف ومجلسه القيادي!
فقد سبق واسندت مهمة محاربة الدولة الشرعية وجيشها في ابين وشبوة لمليشيا الانفصال من قبل التحالف ومجلسه.

ربما هو اجراء لازم للمضي في طريق الحل النهائي بحسب مخطط الرباعية مع ايران والتحالف!#الحوثي_يصعد_في_تعز

— عبدالكريم عمران (@krim002) August 30, 2022

وطالبت منظمات حقوقية، برفع حصار الحوثيين المفروض على تعز، وفتح الطرق الحيوية على الفور، وإعادة حرية التنقل لجميع المدنيين، لمنع المزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية.

وقال بيان صادر عن 16 منظمة حقوقية، بينها هيومن رايتس والعفو الدولية، في 29 أغسطس، إن على مليشيا الحوثي ضمان الوصول المستدام والآمن لجميع المدنيين اليمنيين على الفور عبر الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز ومنها، وضمان حرية التنقل الآمن لجميع العاملين في المجال الإنساني.

حشود عسكرية

وعبر السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، في تغريدة نشرتها السفارة في 31 أغسطس، عن قلقه البالغ إزاء هجوم شنه الحوثيون على مدينة تعز.

ودعا السفير جميع الأطراف إلى "مواصلة المشاركة الكاملة في لجنة التنسيق العسكري، لتجنب مزيد من التصعيد".

رسالة من السفير حول هجوم الحوثيين على الضباب في تعز. pic.twitter.com/ra8yXs8UUr

— US Embassy to Yemen السفارة الأمريكية لدى اليمن (@USEmbassyYemen) August 31, 2022

من جانبها، أعربت السفارة الفرنسية عن قلقها البالغ من هجوم الحوثي على منفذ الضباب. وأشارت إلى أن، هذا العمل لا يتماشى مع جهود السلام وتطلعات السكان المحليين في تعز.

وأدان المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ، خلال بيان في 31 أغسطس الهجوم ودعا الأطراف لاغتنام الفرصة التي تتيحها الهدنة المُمددة لإظهار الالتزام الكامل بإنهاء النزاع الذي طال أمده في اليمن ومعاناة شعبه.

وإلى جانب الهجوم الحوثي غير المسبوق على مدينة تعز، اتهم الجيش اليمني المليشيات بأنها ارتكبت 365 خرقاً للهدنة الأممية بين 25 و28 أغسطس في الجبهة ذاتها وبمدن الحديدة والضالع وحجة وصعدة والجوف ومأرب.

بينما يتهم الحوثيون القوات الموالية للحكومة بارتكاب عشرات الخروقات بشكل يومي.

ووصلت تعزيزات عسكرية حوثية، بعد الهجوم على منطقة الضباب، إلى المناطق الغربية من مدينة تعز، تضمنت معدات وآليات عسكرية، بالإضافة إلى شاحنات وقود، وفق شهود عيان.

ويرى مراقبون عسكريون أن الحوثيين يسعون لإجهاض أي معركة قادمة لتحرير تعز، من خلال تعزيز جبهاتهم الغربية، للاستعداد منها لقطع خط تعز- التربة، وتحديدا من منطقة الضباب، حتى يتسنى لهم إطباق الحصار على المدينة وعزلها كلياً.

ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية.

وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وأدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.