رصد حلولا ممكنة.. مركز تركي: أوزبكستان بوابة الاستقرار في أفغانستان
تعاني أفغانستان عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما يؤثر بشكل كبير على البلدان المجاورة لها، لهذا تواصل أوزبكستان أنشتطها في مجال المساعدات الإنسانية.
وأوضح مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام" أن أفغانستان بلد معروف بالحروب وتغيير الأنظمة والاحتلال منذ ما يقرب من 40 عاما.
وفي هذه الفترة حاولت دول مختلفة أن تكون فعالة في السياسة الأفغانية من خلال السياسات الإمبريالية والاستعمارية، وفق مقال نشره المركز للكاتب التركي إمرة كايا.
مصادر تهديد
ونتيجة لهذه الأهداف والمصالح، بدأ البلد يذكر بمشاكله الإقليمية والعالمية، وأصبح حوضا للإرهاب مع تأثير الحروب بالوكالة، بالتوازي مع الطبيعة المتغيرة للحرب.
وأضاف: حتى تنظيم الدولة الإرهابي الذي اكتسب خبرة قتالية في العراق وسوريا، حاول خلق نفوذ جديد ومساحة معيشة جديدة لنفسه من خلال ما يسمى بإمارة خراسان من خلال الاستفادة من عدم الاستقرار المتمركز في أفغانستان.
وعلى وجه الخصوص، أصبح تنظيم الدولة الذي يحاول تحويل فراغ السلطة في أفغانستان إلى فرصة، أحد أهم مصادر التهديد في المنطقة.
ويعود هذا إلى أن أفغانستان جرى تقييمها من قبل المنظمة الإرهابية المعنية على أنها جغرافيا تحتوي على إمكانيات وفرص مهمة، يقول الكاتب.
وفي هذه العملية أدت سياسات مختلف الدول تجاه أفغانستان إلى تعميق الأزمة في البلد وزيادة التهديدات.
ويمكن الاستشهاد بهذا الوضع كمثال على غزو الولايات المتحدة الأميركية لأفغانستان، ومن ثم انسحابها من البلد تاركة وراءها إدارة لا تستطيع الوقوف على قدميها.
وأشار المركز التركي إلى أن السياسات المنفذة تجاه أفغانستان لا تستهدف هذا البلد فحسب؛ بل إنها تستهدف وتهدد أمن دول المنطقة بأكملها.
ومع ذلك، يبدو أن إيران، التي تنتهج السياسة من خلال الشيعة/الهزارة، قد أعدت جهة فاعلة بالوكالة خاصة بها في مواجهة مشكلة محتملة.
كما أن لواء الفاطميين، الذي شكله الأفغان الشيعة الذين اكتسبوا خبرة قتالية في سوريا بدعم من إيران، يمكن أن تستخدمه طهران أيضا في أفغانستان إذا دعت الحاجة إلى ذلك في المستقبل.
واستدرك كايا: من المعروف أن باكستان لديها علاقات وثيقة ومتجذرة مع طالبان، التي بدأت بقيادة البلاد بعد الانسحاب الأميركي في أغسطس/آب 2021.
ويمكن القول إن الجهات الفاعلة الغربية، وخاصة فرنسا، تدعم عموما حركة بانشير المعارضة في أفغانستان.
كما اقتربت روسيا والصين من طالبان في أوقات مختلفة في إطار مصالحهما الخاصة. وهناك مزاعم قوية بأن روسيا والصين دعمتا الحركة قبل انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان. بحسب الكاتب التركي.
أهداف أوزبكستان
أهم الجهات الفاعلة التي تجذب الانتباه في هذه المرحلة هي الدول التركية في آسيا الوسطى.
ويمكن القول إن أوزبكستان وتركمانستان، وهما جارتان لأفغانستان، لا تتبعان سياسة دعم أي جهة فاعلة.
وتريد الدولتان أن تكون حدودهما الجنوبية مستقرة، وأن تنشئ صلة قوية بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا.
ولهذا السبب يختار صانعو القرار في كل من طشقند وعشق أباد في كابول التعاون من أجل استقرار أفغانستان والمنطقة، بغض النظر عن هويتهم.
ومن أهم الأدلة على ذلك أن تركمانستان واصلت أنشطتها في مجال المعونة الإنسانية لأفغانستان في الفترة التي سبقت حركة طالبان وبعدها.
وبالمثل، واصلت أوزبكستان مفاوضاتها لبناء ممر النقل عبر أفغانستان خلال فترة حكم طالبان.
وكما يمكن فهمه، فإن هذه الجهات الفاعلة ليس لديها أهداف إمبريالية لأفغانستان.
وعلى وجه الخصوص، تعتقد أوزبكستان أن بإمكانها تنفيذ مشاريع مشتركة مع أفغانستان وبالتالي تقديم الدعم لتنمية البلد المعني.
ولذلك، ركزت إدارة طشقند على تطوير علاقات براغماتية تستند إلى منطق مربح للجانبين لخدمة استقرار أفغانستان.
وأوزبكستان، بالإضافة إلى موقفها الحالي، مسؤولة عن الإعلان عن مشاكل أفغانستان للعالم.
ومن ثم فإن أوزبكستان مسؤولة عن تقديم المساعدة إلى أفغانستان، فهي تقدم حلولا واقعية ومنطقية ومناسبة لديناميات المنطقة.
كما تخلق وعيا لدى الرأي العام الدولي بشأن أفغانستان. ولهذا السبب تستخدم طشقند المؤتمرات الدولية كأداة، بحسب الكاتب التركي.
حلول ممكنة
وأردف: بذلت أوزبكستان جهودا بناءة تاريخيا لمساعدة أفغانستان وتسليط الضوء على مشكلتها من خلال عدة أمثلة، أولها كان إعلان طشقند بشأن التسوية السلمية للمسألة الأفغانية في عام 1999.
وأيضا آلية "آسيا الوسطى + أفغانستان" في ديسمبر/كانون الأول 2017، و"مؤتمر طشقند بشأن كابول" في الفترة من 26 إلى 27 مارس/آذار 2018.
و"وسط وجنوب آسيا: الربط الإقليمي" يومي 15 و16 يوليو/تموز 2021، وأيضا المؤتمر المعنون بـ "التحديات والفرص"
وأخيرا، نظمت إدارة طشقند المؤتمر الدولي بعنوان "أفغانستان: الأمن والتنمية الاقتصادية" في 26 يوليو 2022.
وحضر المؤتمر، الذي عقد في طشقند، ممثلون عن دول مثل تركيا ودول آسيا الوسطى والولايات المتحدة والهند وروسيا والصين وإيران وباكستان، فضلا عن منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي.
وكان المؤتمر، الذي حضره أيضا وزير خارجية طالبان أمير خان متقي، حدثا مهما أعرب فيه عن المشاكل في أفغانستان والحلول الممكنة.
ولفت الكاتب النظر إلى أن أهم ما يشدد عليه خطاب متقي وتصريحاته للصحافة، الذي ذكر أنه يريد إقامة علاقات رسمية مع الدول الأخرى، هو الأزمة الاقتصادية في البلاد.
واليوم، تحاول أفغانستان، التي تكافح أزمة إنسانية كبرى، البقاء على قيد الحياة بالمساعدات الخارجية. وبين الكاتب أن الانهيار الاقتصادي يجلب معه دمارا اجتماعيا.
وختم الكاتب مقاله قائلا: تحولت أوزبكستان رسميا إلى بوابة لأفغانستان إلى العالم من خلال دبلوماسية المؤتمرات.
وعلى وجه الخصوص، فإن حقيقة أنه يجمع بين الدول المتنافسة في مؤتمر يكشف عن النجاح الدبلوماسي لإدارة طشقند.
وبالإضافة إلى ذلك، يكشف المؤتمر عن مدى الأهمية التي توليها أوزبكستان للمشاكل في أفغانستان من ناحية ضمان الاستقرار الإقليمي.
وبالنظر إلى أنشطة الجهات الفاعلة مثل تنظيم الدولة، يمكن القول إن الإرهاب الراديكالي لا يزال أحد أكبر التهديدات العالمية، وفق الكاتب.
ولذلك، يرى أن الحكم على أفغانستان بمشاكل اقتصادية واجتماعية سيعمق التهديد الإرهابي بدلا من حله.