الموساد يتوغل.. أبعاد التعاون الاستخباراتي المتصاعد بين البحرين وإسرائيل

12

طباعة

مشاركة

مثلت إقامة البحرين علاقات دبلوماسية شاملة مع إسرائيل عام 2020، مكسبا إستراتيجيا لدولة الاحتلال بالحصول على موطئ قدم مهم في منطقة الخليج.

وذهبت البحرين إلى نقاط بعيدة في العلاقات مع تل أبيب، حتى تحولت عاصمتها المنامة إلى مركز للوجود الاستخباراتي والأمني الإسرائيلي بالشرق الأوسط.  

فكيف تطورت العلاقات البحرينية الإسرائيلية في هذا السياق؟ ولماذا قدمت المنامة كل تلك الخدمات للمحتل؟ 

الموساد يتوغل 

كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في الشأن الاستخباراتي عن أبعاد جديدة في العلاقات الإسرائيلية البحرينية عقب تطبيع المملكة الخليجية. 

وأوضحت المجلة في يوليو/تموز 2022، أن ضباطا من الاستخبارات البحرينية يكملون دورة تدريبية مع الاستخبارات الإسرائيلية. 

وبينت أن ثلاثة ضباط ينتمون إلى تشكيلة جهاز الاستخبارات، وجهاز الأمن العام التابع لوزارة الداخلية، وجهاز الأمن الإستراتيجي، يتلقون دورتهم التدريبية الأولى في إسرائيل بالتعاون مع جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد". 

وذكرت أن الدورة هي جزء من اتفاقيات "أبراهام" التي وقعتها إسرائيل والبحرين عام 2020، والتي نصت على أن يعين الموساد من طرفه ضابط ارتباط في البحرين للتنسيق بين أجهزة استخبارات الجانبين.

وبين تقرير المجلة الفرنسية أن ناصر بن حمد آل خليفة، النجل الرابع للملك حمد بن عيسى هو المسؤول عن الشق الفني من اتفاقية التطبيع مع إسرائيل.

وسافر ناصر مع والده إلى جدة، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن في 16 يوليو 2022. وبينت المجلة أن الشخص المذكور يعد أحد أهم أركان التطبيع البحريني مع تل أبيب. 

ولم يكن نشاط الاستخبارات الإسرائيلية في المنامة سرا خفيا، بل يعترف به وبشكل فج مسؤولون بحرينيون. 

وفي 21 فبراير/ شباط 2022، صرح عبدالله الخليفة نائب وزير الخارجية البحريني، على هامش جلسة مؤتمر ميونخ للأمن، والتي حضرها وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، بأن "جهاز الموساد موجود بشكل رسمي وعلني في البحرين". 

وأضاف أن "هناك تعاونا استخباراتيا بين البحرين وإسرائيل، والموساد موجود في البحرين وحاضر في المنطقة".

ووصل الأمر إلى تحكم الموساد في تفاصيل دقيقة تتعلق بأمن الدولة البحريني، وهو ما تحدثت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 21 مارس/آذار 2022.

وتطرقت إلى وجود تعاون جديد بين تل أبيب والمنامة، بإتمام صفقة للأختام الأمنية ومهمتها فحص الوثائق فحصا جنائيا تحليليا، وصولا إلى الكشف عن المجرمين، وتأمين الأكواد الأمنية بالغة الحساسية، مع تطبيقها في العمليات والأبحاث الاستخباراتية الدقيقة. 

وبحسب الصحيفة، يخطط الطرفان الإسرائيلي والبحريني لإجراء تدريبات مشتركة أيضا في إطار صفقة دفاعية، وقعها رئيس الأركان البحريني ذياب بن صقر النعيمي مع نظيره الإسرائيلي أفيف كوخافي خلال زيارة الأخير إلى المنامة في 9 مارس 2022. 

وأضافت المجلة أن البحرين ستشتري عتادا إسرائيليا متقدما بما في ذلك رادارات وأجهزة استشعار بحرية وصور أقمار صناعية.

اتفاقية استخباراتية 

التعاون البحريني الإسرائيلي عسكريا أخذ أشكالا متصاعدة ومتطورة، ووقع غانتس خلال زيارته إلى المنامة في الأول من فبراير/ شباط 2022، اتفاقية دفاعية مع البحرين شملت التعاون في مجالات الاستخبارات وشراء المعدات والتدريب. 

وهي خطوة غير مسبوقة لإسرائيل مع دولة خليجية منذ تطبيع العلاقات. ورأى غانتس أن مذكرة التفاهم ترتقي بعلاقة الجانبين إلى "آفاق جديدة" على حد وصفه. 

وفي 5 فبراير 2022، ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أنه "بحسب تقديرات الأمن الإسرائيلي، فإن توقيع مذكرة التفاهم الأمنية بين الجانبين سيسمح بإضفاء صبغة رسمية على إجراءات التعاون الاستخباراتي ولقاءات ضباط كبار، وهي إجراءات كانت سرية في الماضي".

وأضافت أن "أبعاد التعاون الأمني بين الجانبين سيؤدي إلى تبادل معلومات استخباراتية وحراسة الملاحة في البحر الأحمر والخليج، والتحذير من تهديدات، مع إقامة تدريبات عسكرية مشتركة".

كما أكد غانتس: "نحن على استعداد للمساعدة والمشاركة في الأنشطة العملياتية المشتركة لضمان الاستقرار وحتى يتمكن أصدقاؤنا من الاستمرار في الوجود والازدهار بشكل آمن، وسنكون أيضا محميين بشكل أفضل من التهديدات المختلفة التي تواجهنا".

وفي 25 يناير/ كانون الثاني 2022، كتب الناشط السياسي البحريني، يحيى الحديدي، مقالة لموقع مؤسسة "داون" للديمقراطية وحقوق الإنسان، تحدث فيه عن رؤيته للتطبيع البحريني مع إسرائيل، والتعاون الاستخباراتي فيما بينهما. 

ورأى الحديدي أن نظام البحرين هو أضعف الأنظمة الخليجية على الإطلاق وأكثرها هشاشة. 

وقال: "على الرغم من ذلك، رأت الحكومة البحرينية منافع من علاقتها مع إسرائيل، بما في ذلك قدرات إسرائيل الأمنية والاستخباراتية الأكثر تقدما، بدءا من برنامج التجسس بيغاسوس، الذي استخدمته البحرين ضد المعارضين والناشطين السياسيين الذين تعتبرهم تهديدات داخلية للنظام الملكي".

واستشهد المعارض بما قاله وزير الداخلية البحريني (راشد بن عبد الله آل خليفة) في تصريح واضح عندما جرى التوقيع على اتفاقيات أبراهام "إن التطبيع مع إسرائيل يهدف أيضا إلى حماية (الأمن الداخلي) البحريني من خطر إيران المستمر في المنطقة".

وذكر أن "البحرين مثل الإمارات العربية المتحدة، لم تأخذ بالاعتبار رأي مواطنيها عندما طبعت العلاقات مع إسرائيل".

استرضاء العدو 

وأوضح "مع ذلك ورغم التعاون الاستخباراتي فإن التطبيع لا يعني، على سبيل المثال، فتح أبواب الجامعات أو المعامل البحثية الإسرائيلية للبحرينيين والمواطنين الخليجيين الآخرين".

وأنها هي المستفيد الأكبر من اتفاقيات أبراهام، فقد أصبح لديها أسواق جديدة غنية بالنفط في دول الخليج.

كما أن الأخيرة تتبضع من صناعة الأسلحة الإسرائيلية بميزانيات ضخمة، وتحصل على أنظمة تجسس فائقة كما الحال في المنامة. 

المحلل السياسي الفلسطيني ناصر الصوير علق على خبر تدريب الموساد 3 من ضباط المخابرات البحرينية بالقول، إن "الأمر ليس بمستغرب ولا جديد، فما كشفته اتفاقية (إبراهام) للتطبيع كان قمة جبل الجليد لا أكثر".

واستدرك الصوير خلال حديثه لـ"الاستقلال": لكن الموساد لا يدرب ضباط المخابرات العرب فحسب، بل هو متوغل تماما في نسيج كثير من هذه الأنظمة، منها البحرين والإمارات.

وأضاف: "بالنسبة للبحرين على وجه الخصوص، فإنها إمارة صغيرة للغاية تحولت إلى مملكة، وهي دائما تحت ضغط الفزاعة الإيرانية، وأن إيران يمكن أن تستولي عليها في غمضة عين، لذلك لجأ ملكها إلى من يظن أنه (إسرائيل) يحافظ له على عرشه (الوهمي)". 

وتساءل: "هل هناك أكثر خنوعا من أن يقيل وزيرة (الثقافة مي بنت محمد آل خليفة) في حكومته لرفضها التسليم على وزير صهيوني؟، فالأمور منتهية، وعلينا أن لا نستغرب من الأفعال التي ستأتي بعد ذلك، ستصل البحرين إلى مستويات صادمة في التطبيع، وسيكون التعاون مع الاحتلال فجا ومعلنا وصريحا". 

واستطرد: "لكن علينا أن لا نغفل كفاح الشعوب المقهورة، وأن الشعب البحريني المسلم العربي الشقيق لطالما حمل القضية الفلسطينية ودافع عنها، وهو يرفض منهجية نظام بلاده وتخليها عن قضية العرب والمسلمين الأولى، وخيانة الأقصى الشريف". 

واختتم: "ما زلنا نعيش حقبة استعمارية تشمل الدول العربية، لأن الاستعمار عندما غادر بلادنا، تركها في يد بالنسبة إليه أمينة تحافظ على مصالحه".

وأردف: "ما من حاكم عربي يريد أن يوطد أركان حكمه، إلا ويسترضي العدو الصهيوني المحتل، وكما قالت تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل السابقة، كل من يخرج عن ذلك الإطار سيدفع الثمن".