يحذر من تهديداتها ويدعوها للحوار.. ماذا يريد تحديدا ملك الأردن من إيران؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت تصريحات ملك الأردن عبد الله الثاني عن الهجمات التي تتعرض لها حدود بلاده من مليشيات لها علاقة بإيران، العديد من علامات الاستفهام عن توقيتها والدلالات التي تحملها، لا سيما أنها جاءت بعد أيام من قمة عربية أميركية بالسعودية.

وعقدت القمة في 16 يوليو/ تموز 2022 بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة دول الخليج، إضافة إلى مصر والعراق والأردن، حيث أكدوا في ختامها التزامهم المشترك بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، ودعم الجهود الدبلوماسية الهادفة لتهدئة التوترات الإقليمية.

تهديدات إيران

وخلال لقاء مع صحيفة "الرأي" الأردنية الرسمية في 24 يوليو/ تموز 2022، قال العاهل الأردني إن "التدخلات الإيرانية تطال دولا عربية، ونحن اليوم نواجه هجمات على حدودنا بصورة منتظمة من مليشيات لها علاقة بإيران".

وأضاف ملك الأردن: "لذا نأمل أن نرى تغيرا في سلوك إيران، ولا بد أن يتحقق ذلك على أرض الواقع لأن في ذلك مصلحة للجميع في المنطقة، بما في ذلك إيران والشعب الإيراني".

وتابع: "لا نريد توترا في المنطقة، والأردن وكل الدول العربية تريد علاقات طيبة مع إيران مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها"، مؤكدا أن "الحوار هو السبيل لحل الخلافات"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الأردنية "بترا".

وردا على تصريحات العاهل الأردني، قالت الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها ناصر كنعاني في 25 يوليو: "نرى أمن دول المنطقة من أمننا، ونرفض الاتهامات بخصوص تدخل طهران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة".

وأوضح أن طهران لعبت "دورا إيجابيا" بخصوص الأردن، قائلا إنه "لولا دورنا في مكافحة الإرهاب بالعراق وسوريا لكان أمن الأردن مهددا أيضا"، لافتا إلى أن "إيران تواصل دورها الإيجابي لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، ونرحب بالتصريحات الإيجابية لخطوات بناءة في المنطقة".

وفي 24 يونيو/ حزيران 2022، خلال مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الأميركية، قال الملك عبد الله الثاني، إن "المليشيات الشيعية في سوريا زادت من عمليات تهريب السلاح والمخدرات"، تزامنا مع "تراجع دور روسيا في سوريا" بسبب أزمة أوكرانيا.

وفي 17 مايو/ أيار من العام نفسه قال الملك عبدالله خلال تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، إنه "يخشى أن يؤدي انسحاب روسيا من جنوب سوريا نتيجة الحرب الأوكرانية إلى السماح لجماعات مسلحة مدعومة من إيران بملء الفراغ".

ولم تكن تحذيرات العاهل الأردني من إيران جديدة، فسبق أن تحدث في عام 2004 عن "هلال شيعي" يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، محذرا أنه سيهدد أمن المنطقة.

التصدي للمليشيات

وبخصوص توقيت تصريحات ملك الأردن، تحدث الكاتب المحلل السياسي الأردني نضال منصور  عن "رسالة إيجابية لإيران من خلال قمة جدة"، مشيرا إلى "البيان الختامي للقمة الذي لم يحمل لهجة تصعيد تجاه طهران وقطع الطريق على زيادة التوتر معها".

وقال منصور خلال تصريحات لقناة "الحرة" الأميركية في 25 يوليو 2022، "نريد في الأردن الحوار مع إيران وهناك اتصالات تجري بالفعل مع طهران من خلال العراق".

لذلك رأى المحلل السياسي أن تصريحات ملك الأردن تؤكد "أهمية وجود تعاون وتحالف إقليمي عربي لمواجهة المخاطر المتصاعدة في المنطقة"، واصفا ذلك بأنه "من صلب عمل الجامعة العربية".

وتابع: "كان هناك لغط سابق حول مشاركة إسرائيل في الناتو العربي"، لكن ذلك "الطرح انتهى ولم يعد له وجود بعد قمة جدة، وهو ما توضحه وتصححه تصريحات عاهل الأردن"، مشيرا إلى أن "الحديث عن تحالف عربي موحد لم ينته".

وفي 24 يونيو، قال عاهل الأردن لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، إنه سيدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي، وكشف أن ذلك يمكن أن يتم مع الدول التي تشاطره الرأي، وسارعت الخارجية الأردنية لتوضيح تلك التصريحات، مؤكدة أن "الطرح يتناول آلية دفاعية عربية لمواجهة التحديات المشتركة".

وخلص المحلل السياسي نضال المنصور إلى أن الأردن لن يقبل الخروقات والتجاوزات التي تقوم بها مليشيات ترتبط بإيران من خلال الحدود الأردنية السورية"، مشددا على "مواصلة عمان التصدي لمليشيات تحاول تمرير المخدرات والسلاح من خلال أطراف لها علاقة بالسلطة في سوريا".

ويرى مراقبون أن قلق الأردن نابع من توصل الإمارات إلى تفاهمات مع إيران للتهدئة، وكذلك تسعى السعودية لإنهاء الأزمة مع طهران، الأمر الذي يجعل عمان في مواجهة وحيدة مع التهديدات الإيرانية على حدودها مع سوريا، لذلك فإن طرح ملك الأردن للموضوع أكثر من مرة فيه رسائل لإيران لخفض التصعيد على حدودها.

مفاوضات ثنائية

من جهته، أشار الباحث الأردني صلاح ملكاوي خلال تصريحات لموقع "عربي21" اللندني في 27 يوليو، إلى مفاوضات تعقد بين الأردن وإيران في بغداد برعاية عراقية، مؤكدا أن "المفاوضات ما زالت ضمن المسار الأمني، ولم تنتقل إلى المسار السياسي".

وفي 30 يونيو 2022 كشف وزير خارجية العراق فؤاد حسين خلال مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، أن بلاده تستضيف "حوارات" بين كل من مصر والأردن مع إيران، داعيا لتحويل مباحثات طهران والرياض إلى "حوار معلن".

وأوضح ملكاوي أن "الأردن يرغب في إقامة علاقات طبيعية مع إيران، وهي رغبة عربية عموما، وبالتالي فإن تحقيق هذه الرغبة يستدعي عدم وضع المليشيات التابعة لإيران على لوائح الإرهاب من قبل المملكة، وذلك لإعطاء الدفع لإنجاح المفاوضات مع إيران".

وبحسب ملكاوي، فإن عمليات تهريب المخدرات والسلاح من جهة الحدود السورية تسجل تراجعا، مبينا أن "النظام السوري يحاول طمأنة الأردن بهذا الخصوص".

وأكد الباحث الأردني أن "تصنيف بلاده تنظيمات عاملة في سوريا على لائحة الإرهاب ينفي الأنباء عن توجه الأردن نحو دعم تشكيل فصائل سورية معارضة بهدف حماية حدودها مع سوريا"، مشيرا إلى أن "بعض التنظيمات المدرجة على لوائح الإرهاب مثل تنظيم (حراس الدين) تضم بعض العناصر من الأردن".

وفي 24 مايو 2022، أعلن الأردن أن "وحدات من الجيش السوري موالية لإيران وفصائل موالية لطهران تكثف محاولاتها لتهريب مخدرات بمئات الملايين من الدولارات عبر الحدود الأردنية إلى أسواق الخليج الثرية".

وقال المتحدث باسم الجيش الأردني العقيد مصطفى الحياري في حديث لقناة المملكة الحكومية، إن الأردن "يستعد لتصعيد المواجهة مع مهربين مسلحين يحاولون العبور بكميات كبيرة من المخدرات على امتداد الحدود الوعرة مع سوريا".

وأوضح الحياري قائلا: "نواجه حربا على هذه الحدود. حرب مخدرات.. التنظيمات الإيرانية. هذه التنظيمات هي أخطر لأنها تأتمر بأجندات خارجية وتستهدف الأمن الوطني الأردني".

وقبل ذلك بيوم أعلن الأردن أن الجيش قتل أربعة مهربين في أحدث مواجهة على الحدود. ليرتفع العدد منذ بداية 2022 إلى 40 قتيلا على الأقل فضلا عن إصابة المئات، معظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الفصائل المرتبطة بإيران التي تسيطر على جنوب سوريا.

ويعد الأردن وجهة ومسار عبور رئيسا لنقل مخدر الأمفيتامين سوري الصنع الرخيص المعروف باسم الكبتاجون إلى دول الخليج الغنية بالنفط.

ويثير النفوذ المتزايد للجماعات المدعومة من إيران، ومنها حزب الله اللبناني، في جنوب سوريا في السنوات الأخيرة قلق المملكة الهاشمية.

ونقلت صحيفة "الغد" الأردنية عن مسؤول أردني في مايو 2022 أنهم "نقلوا مخاوفهم من الزيادة الكبيرة في محاولات تهريب المخدرات إلى السلطات السورية، لكنهم لم يروا أي محاولة حقيقية لتضييق الخناق على هذه التجارة غير المشروعة.

وقال العميد أحمد خليفات مدير أمن الحدود في الجيش للصحيفة الأردنية: "كانت مطالبنا دوما أن تؤدي قواتهم واجباتها، لكن لم نلمس حتى الآن أن لنا شريكا حقيقيا في حماية الحدود".