كواد وأكوس.. هل تنجح شبكة أميركا وحلفائها في منع الصعود القوي للصين؟
قال موقع إيطالي إن دول المحيطين الهندي والهادئ أطلقت سلسلة من المبادرات الثنائية والثلاثية على أثر الصعود الصيني القوي بهدف خلق توازنات مع النفوذ الكبير لبكين.
وأشار موقع "مركز الدراسات الجيوسياسة" إلى أنه خلال العام 2021، ظهرت آليتان في قلب هذه الشبكة من الشراكات والاتفاقيات.
"كواد" و"أكوس"
وفي هذا إشارة إلى حلف "كواد"، الحوار الأمني الرباعي بين أستراليا واليابان والهند والولايات المتحدة، وكذلك التحالف الثلاثي "أكوس" بين كانبرا ولندن وواشنطن.
وأوضح بأنه على الرغم من أنهما ليسا تحالفين رسميين، فإن هاتين الأداتين يمكن تقديمهما كمبادرتين مهمتين تهدفان إلى دعم الأمن والوضع الراهن للتوازنات الإقليمية، من خلال أشكال التعاون التكنولوجي ومتعدد القطاعات.
أُنشئ تحالف كواد عام 2007 كمنتدى حوار غير رسمي لمواجهة التحديات التي تواجه الأمن الإقليمي ولا سيما تلك التي يطرحها التوسع البحري الصيني.
بين الموقع الإيطالي بأنه على الرغم من التخلي عن المبادرة في البداية لكونها أداة احتواء، وبالتالي استفزازية تجاه بكين، استمر تطوير البنية التي ساهمت في إعادة تنشيطها من خلال سلسلة من الحوارات والشركات الثلاثية بين 2008 و2017، العام الذي جرى إعادة إطلاقها فيه.
وعام 2011، بدأت اليابان والهند والولايات المتحدة حوارا استراتيجيا ثلاثيا مشابها للحوار الذي أنشئ في 2005 بين كانبيرا وطوكيو وواشنطن.
وبعد بضع سنوات، تحديدا في عام 2015، أقامت أستراليا واليابان والهند منتدى حوار خاص وفي الوقت نفسه، تعمقت الروابط الثنائية بين هذه الجهات، يذكر الموقع.
على سبيل المثال، جرى رفع مستوى التعاون بين اليابان وأستراليا إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الخاصة عام 2014.
وفي العام التالي، وقعت طوكيو اتفاقية لنقل المعدات والتكنولوجيات الدفاعية مع كل من كانبيرا ونيودلهي.
بحسب الموقع الإيطالي، فإن وجود هذا الترابط في العلاقات الإستراتيجية سهل بالتأكيد إعادة إطلاق مبادرة الحلف التي اتخذت تدريجيا شكلا تعاونيا أكثر تنظيما.
وتجرى خلال الفترة الحالية في إطار منتدى الحوار هذا لقاءات منتظمة يحضرها الوزراء ورؤساء الدول المعنيون. وعلى سبيل المثال، ستعقد القمة القادمة بطوكيو في 24 مايو/أيار 2023، على الرغم من أنها تظل شراكة غير رسمية.
وخلال قمة مارس/آذار 2021 جرى تشكيل أربع لجان لتنسيق التعاون في مختلف المجالات، من توفير اللقاحات المضادة لجائحة كورونا إلى تغير المناخ، والابتكار التكنولوجي واستقرار سلاسل القيمة ومرونتها، لا سيما تلك المرتبطة بأشباه الموصلات.
وقد أضيف إلى مجموعات العمل هذه مبادرات مهمة جديدة، على غرار مشاريع التعاون في البنية التحتية، والمجال السيبراني، والترويج لقواعد محددة تحكم تطوير وتصميم وإدارة واستخدام التكنولوجيات الناشئة.
ومن خلال هذه المبادرات، وسع الحلف الرباعي بشكل تدريجي مجالات نشاطه لتشمل المسائل الأمنية غير التقليدية.
ونوه الموقع بأن جدول الأعمال تعزز من خلال سلسلة من المبادرات الموازية الموجودة مسبقا والتي قدمتها الدول الأعضاء الأربعة بشكل فردي ومن خلال علاقاتها الإستراتيجية الثنائية والثلاثية.
كما يرتكز التعاون الرباعي في مجال سلاسل القيمة على مبادرة مرونة سلسلة التوريد، التي أطلقتها كانبرا ونيودلهي وطوكيو عام 2020 والرامية إلى تقليل الاعتماد على سوق الإنتاج والتوزيع الصيني.
ضغوط الصين
وأردف الموقع أنه من المؤكد أن الصين لا تزال عاملا رئيسا وراء ديناميكية هذا التحالف، لا سيما وأن توسيع أجندة المجموعة يوضح كيف أنها تعمل على تعزيز مرونة منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مواجهة الضغوط الصينية المتزايدة في مجالات متعددة.
في هذا الصدد، يهدف التعاون متعدد القطاعات بين الأعضاء الأربعة في كواد إلى تسهيل التآزر القائم بين مختلف المبادرات والسياسات التي يروج لها كل بلد، يضيف الموقع.
وبالتالي فهي أداة يعتزم المشاركون من خلالها موازنة النفوذ الصيني عبر مختلف المجالات بوصفها عاملا مزعزعا للاستقرار والازدهار الإقليمي.
أكد مركز الدراسات أن تحالف "أكوس"، الشراكة الأمنية الثلاثية التي عمقت معها كانبيرا ولندن وواشنطن تعاونها في المجالات الدبلوماسية والأمنية والدفاعية، يلعب الدور نفسه.
وبدوره لا يمثل هذا التحالف آلية أمنية رسمية، لأنها خالية من ضمانات الدفاع المشترك، وإنما شراكة أخرى صغيرة الحجم تتداخل مع المبادرات الحالية.
ويشرح بأن الأعضاء الثلاثة مرتبطون في الواقع من خلال تحالفاتهم الأمنية الخاصة، كما أنهم جزء من اتفاقية تبادل المعلومات الاستخباراتية المعروفة باسم "العيون الخمس" إلى جانب كندا ونيوزيلندا.
لذلك الهدف الأساسي لأكوس لا يتمثل في تعويض هذه الأدوات وإنما على العكس من ذلك، تهدف الشراكة الثلاثية إلى تعميق التعاون بين الأعضاء في القطاعات الحيوية، لا سيما من خلال المشاركة والتطوير المشترك للتقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي.
يتعلق المشروع الأول الذي أعلن عنه في سياق هذه الشراكة بنقل التقنيات إلى البحرية الملكية الأسترالية لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهي خطوة تهدف إلى توسيع قدرات الردع الأسترالية في المحيطين الهندي والهادئ.
في الآونة الأخيرة، كان هناك أيضا حديث عن التعاون في تطوير صواريخ تفوق سرعة الصوت وأنظمة اعتراض وقدرات حرب إلكترونية في إشارة واضحة أرسلت إلى بكين التي تعمل على تطوير نفس هذه التقنيات، يفيد الموقع.
ويستنتج بالقول إنه "في ضوء خصائصها، يبدو أن أحد الأهداف الرئيسة لهذه الآلية هو دعم التفوق التكنولوجي التقليدي للقوى الغربية، الذي تآكل هامشها تدريجيا على مدى العقد الماضي لصالح الصين".
على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تنضم جهات فاعلة إقليمية أخرى مثل اليابان والهند إلى هذه الشراكة في الوقت الحالي، لا يمكن استبعاد سيناريو مستقبلي يلجأ فيه أعضاء التحالف وهذه الجهات إلى أشكال خاصة من التنسيق بالنظر إلى العلاقات الوثيقة القائمة بالفعل، يفترض مركز الدراسات.
ويشرح الموقع بأن كواد وأكوس تعدان أداتين أساسيتين تسمحان للقوى الإقليمية بمتابعة ما يبدو أنه نهج إستراتيجي مبتكر ونطاق إجراءات أوسع وأكثر مرونة.
ويرى بأن هاتين الآليتين الصغيرتين لا تعكسان النموذج الكلاسيكي للاحتواء الذي يهدف إلى ممارسة الضغط على بكين من خلال نظام مهيكل من التحالفات العسكرية التي تتقارب في منظمة واحدة على غرار منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو".
على العكس من ذلك، تشكل هذه الآليات أساسا نموذجيا للتوازن بين القطاعات، ولا سيما التكنولوجيا، والذي يهدف في الغالب إلى ضمان مرونة الجهات الفاعلة الإقليمية تجاه القدرات الكبيرة لبكين دون بالضرورة عزل أو إعاقة النمو الاقتصادي للعملاق الآسيوي.
ويذكر أن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية المؤثر في واشنطن كان قد اقترح عام 2014 توازنا في العلاقات مع بكين دون اللجوء إلى الاحتواء.
يهدف هذا النهج إلى تعزيز قدرات ومرونة اللاعبين الإقليميين الرئيسين من خلال الحد من قدرة بكين على ارتكاب تجاوزات باستخدام نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري.
وبالنسبة لبلدان المحيطين الهندي والهادئ، تمثل كواد وأكوس آليتين تعاونيتين مهمتين للتحرك في هذا الاتجاه، يختم الموقع.