الكويت أولى محطات رئيس مجلس القيادة اليمني.. الأبعاد والدلالات

عصام الأحمدي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مسعى لجلب الدعم السياسي والحشد للإصلاحات الاقتصادية والخدمية، زار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الكويت في 6 يونيو/حزيران 2022. 

وجاءت الزيارة التي استمرت 3 أيام ضمن جولة خارجية تشمل أيضا مصر، وقطر والبحرين. واستلم المجلس الذي يمثل قوى مختلفة، السلطة من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي السلطة في 7 أبريل/ نيسان.

وتأتي الزيارة بعد انقضاء شهرين كاملين على تشكيل المجلس الذي يسعى لإنهاء الأزمة المستمرة في البلاد منذ نحو 8 سنوات، والتي تسببت بدمار هائل في البنية التحتية وانهيار اقتصادي غير مسبوق.

 ودخل اليمن، مطلع يونيو 2022، في تمديدٍ للهدنة التي بدأت في أبريل من نفس العام برعاية الأمم المتحدة، وسط محاولات دولية وإقليمية لإنهاء الحرب، والعمل على إيجاد حلول سياسية.

أهداف الزيارة

ويستغل رئيس المجلس الرئاسي الهدنة في جلب الدعم لحكومته التي تعاني من تحديات وصعوبات كبيرة.

فبعد السعودية والإمارات، زار الكويت التي لطالما عرفت في اليمن بـ"كويت الخير"، نظرا لمشاريعها الإغاثية الكبيرة ومساندتها للبلد المنكوب في مختلف الظروف منذ عشرات السنين، حتى اليوم دون أي ضجيج أو مصالح. 

تعليقا على الزيارة، قال رئيس مركز المخا للدراسات، عاتق جار الله إن "العليمي لديه توجه لزيارة دول لهدفين أساسيين، الأول كسب التأييد الإقليمي والدولي السياسي، والثاني تلبية احتياجات البلد المالية والاقتصادية".

وأضاف لـ"الاستقلال" أن "زيارة الكويت كثاني دولة بعد السعودية تأتي بدافع اقتصادي نظرا لدورها خاصة بالجانب الإنساني".

ولفت جار الله إلى أن "الكويت أدت أدوارا إنسانية كبيرة وهناك دراسة استطلاع رأي لمركز المخا جاءت فيها كأفضل دولة على الإطلاق في العمل الإنساني باليمن".

ومضى بالقول، "وربما يطلب العليمي من الكويت أداء دور أكبر فيما يتعلق بدعم المجلس الرئاسي والضغط على الحوثيين للخضوع للسلام والحوار".

وخصوصا أن الكويت تملك الكثير من الأوراق وعلاقتها مع الدول الأوروبية وواشنطن نشطة كون الدبلوماسية الكويتية تقوم على سياسة التوازن وعدم الانحياز مما يجعلها وسيطا مقبولا إلى حد كبير.

وأشار جار الله، إلى أن، "الكثير من بلدان الخليج ودول العالم فقدت المصداقية في أجهزة الرقابة المالية في الحكومة اليمنية ومؤسسات الدولة الشرعية وأحجمت عن تقديم التمويلات".

وأردف: "لذلك لاحظنا تراجعا في صندوق المانحين سنة بعد أخرى وهذا ينعكس على الجانب الإنساني والوضع الاقتصادي في اليمن ولا بد من إصلاحات من أجل مضاعفة الدعم". 

وختم الباحث اليمني بالقول "اليمن ليس فقيرا، ولديه من الثروات ومن الإمكانات ما يكفيه عن استجلاب الأموال من دول إقليمية وجهات مانحة".

لكن يجب تجفيف منابع الفساد وتصحيح أجهزة الرقابة المالية على المساعدات، التي تقدم لليمن من الخارج والضغط على حلفاء مجلس القيادة الرئاسي كالسعودية والإمارات للسماح باستثمار المنافذ الاقتصادية وتصدير النفط وفتح المطارات، وفق قوله.

غياب المطامع

وتعد الكويت من أوائل الدول التي مدت يد العون للشعب اليمني، ولحكومته، بعد ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 ضد حكم الإمامة.

فضلا عن كونها من أوائل الدول التي اعترفت بالنظام الجمهوري، في شمال اليمن، عقب قيام الثورة المذكورة.

بعد تلك الثورة اليمنية، مولت الكويت إنشاء العديد من المشاريع التنموية والخدمية، منها مستشفى يحمل اسمها، والمستشفى العسكري بصنعاء، ومستشفى الحديدة العام.

وأيضا مولت 18 مستوصفا صحيا والمعهد الصحي، وبنك الدم والمختبر المركزي، فضلا عن بناء كلية الشرطة، ومبنى الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد.

كما ساهمت الكويت في بناء جامعة صنعاء، من خلال التكفل ببناء معظم المرافق المهمة بالجامعة، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات.

إضافة إلى المساهمة في بناء ما يقارب 50 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية في عدد من محافظات اليمن.

وكان لدولة الكويت دور بارز في التمهيد للوحدة اليمنية، من خلال دعم مسيرة الوحدة، والاجتماعات التمهيدية، ابتداء بتوقيع اتفاقية القاهرة، في 28 أكتوبر/تشرين أول 1972.

وأيضا استضافة القمة بين الرئيسين آنذاك، علي عبد الله صالح وعبد الفتاح إسماعيل في العاصمة الكويت خلال الفترة 28- 30 مارس/ آذار 1979، برعاية أمير الدولة الشيخ جابر الأحمد الصباح، وصولا إلى إعلان وحدة اليمن في 22 مايو/أيار 1990.

شاركت الكويت، ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن، في عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين عام 2015، في مسعى لإنقاذ اليمنيين من الانقلاب على الدولة.

كما ساهمت في تقديم المساعدات الإغاثية طيلة السنوات الماضية، للمتضررين من الحرب، في عدة محافظات، دون أي مطامع أو نفوذ مقارنة بالسعودية والإمارات وإيران التي تتصارع في اليمن لتحقيق مصالح ذاتية على حساب معاناة اليمنيين.

وساهم الصندوق الكويتي في تمويل مشروع توسيع وتطوير ميناء عدن، وتمويل الطاقة الكهربائية، وطرق رئيسة في عدة محافظات، وإنشاء عدة مشاريع في جزيرة سقطرى.

وكان أهمها مشروع إنشاء رصيف ميناء سقطرى، ومشروع كلية المجتمع، التي تحمل اسم "الشيخ صباح الأحمد الصباح"، إضافة إلى مشاريع حديثة كبناء منازل للنازحين ومخيمات وتقديم المساعدات العينية.

نتائج مثمرة

ويرى وزير الثقافة اليمني الأسبق، خالد الرويشان، أن زيارة رئيس المجلس الرئاسي إلى الكويت بداية لكسر حصار غير معلن على اليمن.

وأضاف الرويشان في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك" أن "العلم اليمني يخفق في سماء كويت العرب، الزيارة بداية قوية لكسر حصار غير معلن منذ سنوات".

وتركزت مداخلات المسؤولين اليمنيين على أهمية استئناف المشروعات الممولة من الصندوقين العربي والكويتي، والتدخلات العاجلة لإعادة تأهيل المستشفيات التي تنفذها دولة الكويت في المحافظات المحررة، ‏إضافة إلى تقديم شحنات نفطية إغاثية لقطاع الطاقة الكهربائية خصوصاً مع موسم الصيف.

كما تطرقت المباحثات إلى فرص الدعم في قطاع النقل البري، واستئناف تسيير الرحلات الجوية بين اليمن والكويت، وتأهيل مطار عدن الدولي وميناء سقطرى.

وأعلن وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، في 7 يونيو 2022، خلال جلسة مباحثات يمنية- كويتية، برئاسة وزيري خارجية البلدين، أن بلاده تعتزم تعيين مبعوث خاص لإدارة الدعم الإنمائي لليمن.

وجاء ذلك بموجب توجيهات أمير دولة الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده مشعل الأحمد الجابر الصباح.

وقال وزير الخارجية الكويتي إن دعم بلاده لليمن خلال المرحلة المقبلة بدأ الآن، وأن نتائج ملموسة سيشهدها البلد الشقيق في القريب العاجل"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الكويتية.

من جهته، أكد الجانب الكويتي استجابة الحكومة لجميع أشكال الدعم القطاعية بموجب خطط عاجلة لبرمجة واستيعاب المشروعات ذات الأولوية للشعب اليمني.

وأوضح الصندوق الكويتي للتنمية أنه "على استعداد لإعادة النظر واستئناف العمل بجميع المشروعات القائمة، والشروع في أخرى ذات أولوية خصوصا في مجالات النقل والاتصالات والأمن الغذائي".

ولاقى القرار الكويتي بتعيين مبعوث خاص لإدارة الدعم المقدم لليمن، ترحيبا شعبيا واسعا ووصفه البعض بأنه دليل على فقدان الثقة بمؤسسات الدولة المغمورة بالفساد.

وقال الصحفي اليمني، يحيى الأحمدي "قرار حكيم بتعيين مبعوث خاص يتولى الإشراف على إدارة المساعدات التي تقدم لليمن، في ظل انتعاش اللصوص أفرادا وجماعات أو تجمعات تحمل اسم المنظمات".