لصالح أبوظبي والرباط.. تعرف على ضحايا تجسس "بيغاسوس" الإسرائيلي

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على توالي فضائح شركة التجسس الإسرائيلية "إن أس أو"، بعد تأكد وصول أنشطتها الإجرامية إلى رئيس وزراء البلاد بيدرو سانشيز ونشطاء بإقليم كتالونيا الشمالي.

وذكرت صحيفة "لافانغوارديا" أن دولة الاحتلال شجعت الشركة على إغواء عدد من الحكومات والأنظمة، وفي مقدمتها العربية، عبر برنامجها "بيغاسوس" للتجسس على المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان، لكن "هذا الجواد الآن خرج عن السيطرة".

تجسس مكشوف

وأكدت الصحيفة الإسبانية، أن برنامج بيغاسوس للتجسس كان بمثابة ورقة رابحة للدبلوماسية الإسرائيلية، لكن، شوهت الفضائح التي تسبب فيها صورة دولة الاحتلال. 

وأضافت أن الدبلوماسية الإسرائيلية امتطت ظهر جواد جامح على مدى السنوات الخمس الأخيرة، كان برنامج التجسس بيغاسوس، الذي طورته شركة "إن أس أو" الإسرائيلية.

وتابعت ذلك البرنامج كان مصدر فخر لصناعة الدفاع الإسرائيلي وبمثابة "الزينة على وجه الكعكة" التي قدمتها إسرائيل في مفاوضاتها مع الدول الأخرى.

لكن الحصان جمح وخرج عن السيطرة؛ حيث جعلت سلسلة من الفضائح بيغاسوس موضع شك وأجبرت الحكومة الإسرائيلية على تقديم تفسيرات غير مريحة.

فشركة "إن أس أو" تزعم أنها تبيع برنامجها للحكومات فقط من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة. ولكن أصبح من الواضح بشكل متزايد أن عملاءها يستخدمونها أيضا لأغراض مشبوهة.

في هذا الصدد، كشفت منظمة العفو الدولية ومختبر "سيتيزن لاب" الكندي عن عمليات تجسس استهدفت مئات النشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين في جميع أنحاء العالم من المكسيك إلى الإمارات والمغرب والسعودية وبولندا والمجر.

في الأثناء، أضيفت إسبانيا إلى القائمة، مع اعتداءات على 65 شخصا من الوسط الكتالوني المؤيد للاستقلال؛ 18 منهم فقط تم التجسس عليهم بدعم قضائي.

وبيغاسوس يستخدم أيضا للتجسس على الحكومات الأجنبية، إذ كان بيدرو سانشيز الأخير من بين العديد من القادة الذين عانوا من اختراق هواتفهم ببرامج التجسس الإسرائيلية.

إلى جانب الفرنسي إيمانويل ماكرون والبريطاني بوريس جونسون، على الرغم من أن حكوماتهم- باستثناء الإسبان- لم تؤكد ذلك مطلقا.

في الواقع، كان المغرب، في حالة سانشيز وماكرون، والإمارات، بالنسبة لجونسون، المشتبه بهم الرئيسيون.

وتمكنت إسرائيل من التغلب بسهولة على شكاوى ناشطة سعودية في هذا الصدد. في المقابل، لم يكن الأمر هينا، بالنسبة لدولة الاحتلال، عندما طلبت الحكومات الغربية، الحلفاء المخلصون لإسرائيل، تفسيرات. 

تواطؤ حكومي

ولفتت الصحيفة الإسبانية إلى أن "إن أس أو" شركة خاصة، لكنها لا تستطيع بيع تقنيتها لأي شخص دون موافقة الحكومة الإسرائيلية، التي تصدر تراخيص السوق، الضرورية حتى قبل الدخول في مفاوضات مع العميل، وتراخيص التصدير، التي تجيز كل عملية بيع؛ والتي تنظم جميعها صناعة الدفاع.

ونقلت الصحيفة عن المحامي الإسرائيلي إيتاي ماك، أن "التراخيص تمنح بما يتماشى مع المصالح الإستراتيجية والدبلوماسية والأمنية لإسرائيل".

وفي هذا المعنى، أورد المحامي أنه رفع مرتين قضايا ضد "إن إس أو" في المحكمة نيابة عن ضحايا أجانب، ولديه ثلاثة التماسات معلقة لفتح تحقيق جنائي في انتهاكات بيغاسوس في المجر والسعودية وغانا. 

ويعلق أن وقوف دولة الاحتلال في صف الشركة في هذه العمليات ودعمها لها، كان كاملا. علاوة على ذلك، لا يمكن للمحامي إعطاء الكثير من التفاصيل، لأن القضاة قرروا جعل الحكم سريا، كما أرادت "إن أس أو".

ويقول ماك: "من مصلحة الحكومة الإسرائيلية أن تقول إن الجهة المسؤولة هي شركة خاصة، حتى لا يجرى محاسبتها".

ويأسف المحامي لأن النقد يتركز على "إن أس أو"، بينما "في الواقع، تعمل الشركة بمثابة مقاول فرعي أو وكيل؛ حيث يتم إبرام الاتفاقات بين الحكومات ثم تقرر وزارة الدفاع الإسرائيلية أي جهة يمكنها الحصول على العقد".

وبينت الصحيفة أن تكنولوجيا التجسس الإلكتروني الإسرائيلية الحديثة، مع بيغاسوس على رأس القائمة، أصبحت أداة دبلوماسية لتعزيز التحالفات وكسب الدعم السياسي.

في هذا السياق، صوتت بنما والمكسيك والهند والمجر لصالح إسرائيل في المحافل الدولية بعد الوصول إلى برامج التجسس. كما أنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون جميع الدول العربية التي وقعت على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل عملاء لشركة "إن أس أو".

إغواء العرب

وأوردت الصحيفة أن الصحفي الأمني المخضرم يوسي ميلمان، يؤكد أن وزارة الدفاع والموساد شجعتا شركة "إن أس أو" والشركات المماثلة على بيع برامجها للجيران العرب الذين يريدون إغواءهم.

ويعتقد أن "بيغاسوس يكتسي أهمية بالغة في هذه العملية". 

ويشير المحلل إلى أن "الدول العربية وقعت على اتفاقات التطبيع لأن هذه الدول رأت أن الاقتراب من إسرائيل يصب في مصلحتها الوطنية. في الواقع، لقد ساعدتهم الأسلحة الإلكترونية التي باعتها إسرائيل لهم".

ويستدرك: "لكنهم كانوا سيوقعون على هذه الاتفاقات في جميع الأحوال، بغض النظر عن برنامج التجسس. فلم تكن هذه التعاملات تهدف إلى تحقيق المصلحة بقدر ما كانت عملية مطولة لها علاقة بتهديد إيران أكثر من أهمية بيغاسوس". 

ونوهت الصحيفة بأن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، كشفت أمر رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، بعد مكالمة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، شركة إن أس أو بإعادة إمداد السعوديين ببيغاسوس، على الرغم من حظرهم بسبب قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018. 

 وأشارت إلى أن "إن أس أو" لديها لجنة أخلاقيات مكونة من شخصيات أجنبية، تعمل على تقييم العقود.  ويقول المحامي ماك إنها مجرد واجهة، ترى العقود من أسرار الدولة، ولا يمكن إلا لقلة قليلة من الأشخاص داخل هذه الشركات، وبالكاد داخل اللجنة، الوصول إلى قائمة العملاء".

وفي حال علمت شركة ما أن تقنيتها تستخدم للتجسس على الصحفيين وأرادت إلغاء العقد، فلا يمكنها اتخاذ هذا القرار بمفردها. ويعلق المحامي: "ترى إسرائيل أن ذلك قد يتسبب في أزمة دبلوماسية مع حكومة أجنبية، والتي ستعدها تدخلا إسرائيليا في شؤونها الداخلية".  

ويواصل: "صدرت أوامر للشركات بعدم استجواب المنظمات أو الأشخاص الذين تصفهم دول أخرى بأنهم إرهابيون أو مجرمون، حتى لو كان صحفيا سعوديا أو ناشطا كتالونيا أو محاميا مكسيكيا. في المقابل، تأمل إسرائيل ألا تصبح قوائمها الخاصة محل شكوك". 

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أدرجت واشنطن شركة "إن أس أو" على قائمة "الكيانات المتورطة في أنشطة تتعارض مع مصالح الأمن القومي والسياسة الخارجية". من جهتها، احتجت إسرائيل على ذلك وشبهته بهجوم عليها.