خلافاتها تتصاعد مع إسرائيل بسبب أوكرانيا.. هل تدعم روسيا "حماس" عسكريا؟

محمد عيد | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

لم تقتصر آثار الحرب الروسية الأوكرانية على زئير المقاتلات الحربية ورشقات المدافع واحتلال المدن، بل توسعت لتشمل هجمات حرب نفسية تسببت في توترات كبيرة.

من أبرزها الانهيار الدبلوماسي اللافت بين روسيا وإسرائيل، وسط تبادل تصريحات غاضبة نال بعضها تنديدا وتكذيبا بين الجانبين اللذين تمتعت علاقاتهما بدفء واستقرار لسنوات طويلة. 

أزمة كبيرة

اشتعل فتيل الأزمة بين روسيا ودولة الاحتلال مع اتهام وزير خارجية الأولى سيرغي لافروف، "إسرائيل" في 3 مايو/ أيار 2022 بدعم من وصفهم بـ"النازيين الجدد" في أوكرانيا، وتزويد الجيش الأوكراني بأسلحة دفاعية.

لم يكتفِ لافروف باتهام دولة الاحتلال بدعم أوكرانيا، وذهب إلى القول إن "الزعيم النازي أدولف هتلر لديه دماء يهودية، وأن أكثر المعادين الساميين عنفا هم من اليهود". 

وأثارت تصريحات الوزير غضب سلطات الاحتلال، التي سارعت إلى استدعاء السفير الروسي لديها أناتولي فكتوروف، إلى جلسة توضيح حول ما جرى التصريح به.

كما سارع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، للطلب من لافروف الاعتذار عن تصريحات تخص يهودية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وعلاقة ذلك بالنازية.

أيضا، أكد رئيس الحكومة نفتالي بينيت أن تصريحات لافروف، في غاية الخطورة.

وقال بينيت في تصريح له: "هذه الأكاذيب هدفها إلقاء اللوم على اليهود أنفسهم واتهامهم بأفظع الجرائم التي اقترفت بحقهم على مدار التاريخ، وبهذه الطريقة إعفاء أعداء الشعب اليهودي من مسؤوليتهم عنها".

وزعم أنه "أي حرب نشهدها في هذا العصر لا تضاهي المحرقة النازية وليس هناك ما يشبهها".

من جانبها، أكدت "القناة الـ12" العبرية أن "تصريحات لافروف هي ذروة تدحرج العلاقات المركبة جدا بين روسيا وإسرائيل"، منذ بدء الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.

وأشارت "القناة" في 3 مايو 2022 إلى أنهم في إسرائيل، "لا يعرفون حتى الآن ما تأثير تصريحات لافروف في العلاقات الثنائية".

كما أنهم "لا يعرفون ماذا سيكون الرد الروسي على جلسة التوضيح مع السفير في وزارة الخارجية". 

ونقلت "القناة الـ12"، عن مصدر سياسي لم تسمه، قوله: "في الحديث التوضيحي مع السفير الروسي، أوضحت إسرائيل موقفها تجاه الموضوع من الناحيتين العملية والأخلاقية"، لافتا إلى أن "الطرفين اتفقا على عدم إعطاء تفاصيل عن اللقاء".

توتر إضافي

ومع ذروة الأزمة، أعلن مكتب بينيت في 5 مايو، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتذر من رئيس وزراء إسرائيل على تصريحات لافروف حول "جذور هتلر اليهودية".

وقال الناطق باسم الحكومة للإعلام العربي، أوفير جندلمان عبر تويتر: "تحدث الزعيمان عن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الروسي، حيث قبل رئيس الوزراء اعتذار الرئيس بوتين على تصريحات لافروف".

وشكره على توضيح موقفه من الشعب اليهودي وذكرى الهولوكوست، كما شكره على تهانيه بمناسبة حلول "عيد الاستقلال الـ 74 لدولة إسرائيل"، على حد قوله.

ولم تمضِ ساعات على تصريح جندلمان، ليتضح أن الرئيس الروسي لم يعتذر لرئيس حكومة الاحتلال، وفقا لبيان أصدره الكرملين، مؤكدا أن الاتصال الهاتفي لم يتضمن ذلك.

وقال المتحدث الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف، في 5 مايو تعليقا على ذلك، إن "الحديث الذي جرى بين قائدي البلدين كان تماما كما ورد في بيان الكرملين". 

وأكد بيان الكرملين في مجمله، استمرار العلاقات بين روسيا وإسرائيل في محاولة احتواء لأزمة.

وتعليقا على ذلك، رأى مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية، الخبير بالشأن الإسرائيلي عماد عواد، أن روسيا ترى أن اليهود وإسرائيل جزء من محور العلاقات المهمة، وليس من الممكن أن تصل العلاقة بينهم إلى حدود القطعية، ولكن يمكن أن تشهد توترا.

وقال لـ"الاستقلال" إن "العلاقات التاريخية بين الجانبين كبيرة واستفادة روسيا من إسرائيل ليس بالقليل، وتأثير الروس في دولة الاحتلال ليس بالقليل، حيث يقدر عددهم بـ700 ألف".

وقبل سنوات تسببت إسرائيل بمقتل 16 طيارا روسيا عبر قصف طائرتهم في سوريا، وحينذاك تلخص رد موسكو على منع الطائرات الإسرائيلية من التحليق في أجواء ذلك البلد لمدة أسبوع ثم عادت العلاقات إلى قوتها.

ويمكن لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وفق عواد، الاستفادة من توتر العلاقات الروسية الإسرائيلية، عبر أخذ المزيد من الدعم الدبلوماسي، ودعم في اتجاهات أخرى، وتأسيس لمرحلة جديدة.

حماس حاضرة

وما يؤكد حدة التوتر بين روسيا وإسرائيل هذه المرة، وصول وفد من حركة "حماس" إلى موسكو، في 4 مايو 2022، لإجراء مباحثات حول قضايا مختلفة.

وضم وفد حماس، رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة موسى أبو مرزوق، وعضوي المكتب السياسي فتحي حماد، وحسام بدران.

وخلال اللقاء، بحث الوفد مع نائب وزير الخارجية، الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا ميخائيل بوغدانوف، القضايا الإقليمية والدولية.

وجرى التأكيد على رفض التفرد الأميركي بالقرار الدولي، والتوافق على تكثيف الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وحسب موقع "حماس" الإلكتروني، أكد بوغدانوف، ثبات الموقف الروسي الداعم للحق الفلسطيني، ورفض الروس للممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتأكيده أن روسيا مستعدة دائما لتقديم ما يلزم لتعزيز وحدة الموقف الفلسطيني.

من جانبه، كتب عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق عبر تويتر: "بحثنا الاعتداءات الإسرائيلية وتداعياتها الخطرة إضافة إلى نقاش قضايا إقليمية ودولية والتأكيد المشترك على رفض التفرّد الأميركي في القرار الدولي".

وتشكل زيارة "حماس" إلى روسيا، رسالة سياسية قوية من موسكو لدولة الاحتلال، ومؤشرا على تدهور العلاقات بشكل كبير بينهما.

وبشأن الزيارة، يؤكد الكاتب والباحث السياسي ربيع أبو حطب، لـ"الاستقلال، أنها تأتي في سياق العلاقة القائمة بين موسكو بحماس وإمكانية تطويرها نظرا لتطور مكانة حماس المحلية والإقليمية.

ولهذه الزيارة، حسب أبو حطب "دلالات عدة، أبرزها أنها تأتي في ظل حالة الاستقطاب العالمي إثر الحرب الروسية على أوكرانيا؛ وفي ظل محور بدأ يتشكل في وجه الهيمنة الأميركية، لكن الأهم بالنسبة لنا هو العلاقة الآخذة في التدهور بين موسكو وتل أبيب، ومدى إمكانية الاستفادة من ذلك.

دعم منتظر

كما يوجد للزيارة تداعيات تتمثل في تطوير للعلاقة بين موسكو وحماس بمزيد من الدعم السياسي لموقف الحركة في مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي، وفق الباحث السياسي أبو حطب.

وذكر بأن بيانا للخارجية الروسية صدر في 14 أبريل 2022 عن التوترات في الضفة الغربية والقدس قد ندد بـ"الاحتلال غير المشروع للمناطق الفلسطينية وضمها تدريجيا إلى سيادتها".

كما تحمل الزيارة، وفق أبو حطب، فرضية تقديم دعم عسكري روسي مباشر أو عبر حلفائها، لحماس، سواء بتوفير أسلحة قتالية حساسة مثل مضادات الطيران؛ أو عبر خبراء يكون لهم بصمة في تطوير أسلحة المقاومة، ردا على دعم إسرائيل لأوكرانيا.

واستحضر الكاتب والمحلل السياسي، الدعم السوفيتي والصيني والكوري الشمالي لمنظمة التحرير والذي بدأ عبر نظام جمال عبد الناصر الحليف العربي الأول لروسيا، ثم الدعم العسكري المباشر بعد 1975.

وإلى جانب تقارب روسيا مع "حماس"، اختلف موقف موسكو من القصف الإسرائيلي على سوريا، حيث حذر السفير الروسي في سوريا ألكسندر إيفيموف في 24 مارس/ آذار 2022 من أن تلك الضربات "تستفز" موسكو للرد.

ورأى أن الضربات الإسرائيلية تهدف إلى "تصعيد التوترات والسماح للغرب بتنفيذ أنشطة عسكرية في سوريا".

وكثيرا ما صمتت روسيا عن الضربات الإسرائيلية على مواقع المليشيات الإيرانية، رغم تأكيد موسكو معارضتها تحول سوريا إلى ساحة مواجهة بين دول ثالثة، كما أنها تعارض "استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل أو أي جهة أخرى".

وعقب ذلك، رأى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، أن على "إسرائيل" أن "توازن بين مصالحها الأمنية في سوريا المنسقة مع روسيا، والتزامها الأخلاقي تجاه أوكرانيا" وسط الغزو الروسي.

يشار إلى أن لابيد ندد في أكثر من مناسبة، بالتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، خلافا لبينيت، الذي يتخذ موقفا أكثر تحفظا ويحاول التوسط بين موسكو وكييف.

واستدعت الخارجية الروسية، في 17 أبريل، السفير الإسرائيلي أليكس بن تسيفي، على خلفية تصويت تل أبيب لصالح قرار تعليق عضوية موسكو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان آنذاك، إن إسرائيل "تخالف قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال مواصلة الاحتلال غير القانوني والضم الزاحف لأراضي الفلسطينيين".