الإندبندنت ترصد "أسبابا مهمة" لضرورة تعزيز استثمارات تركيا في جنوب إفريقيا
تحدثت صحيفة إندبندنت البريطانية عن العلاقات بين تركيا وجنوب إفريقيا الممتدة منذ القرن التاسع عشر، وأهمية هذا البلد بالنسبة لبعض دول العالم.
وقال الكاتب حليم غينتش أوغلو في النسخة التركية للصحيفة: "استفادت جنوب إفريقيا من الأغنام التي اشترتها من تركيا قديما، ومن خلال هذا التطوير أصبح لديها الآن أكبر إنتاج لصوف الوبر في العالم".
كما استوردت منتجات مثل القطن والأفيون والتبغ والبن الخام وسلع النحاس من تركيا في عام 1908.
الاقتصاد العالمي
واستدرك الكاتب أن حقيقة أن الولايات المتحدة قد بدأت أخيرا في اكتساب موطئ قدم في سوق جنوب إفريقيا من خلال الخدمات القنصلية التي أنشئت على أرض كبيرة في كيب تاون هي أحد الأدلة الملموسة التي تظهر أن القوى العالمية تعلق أهمية على ذلك البلد.
وأردف: كانت جنوب إفريقيا، التي تعتبر من بين البلدان النامية، أكبر بلد للنمو الاقتصادي في القارة، وفقا لبيانات عام 2016، على الرغم من عدم استقرارها السياسي الواضح خلال حكومة جاكوب زوما.
وأردف: أدت حقيقة أن كأس العالم قد أقيم في جنوب إفريقيا في عام 2010 إلى تطورات كبيرة في قطاع السياحة، فتعرفت دول العالم عليها ورأت جمالها الطبيعي.
ويجب أن يُنظر إلى حقيقة اختيار جبل الطاولة الشهير في كيب تاون باعتباره الأعجوبة الطبيعية الثامنة بالعالم في عام 2016 كنتيجة إيجابية لانتعاش السياحة، وفق تقديره.
وتابع: تعرف جنوب إفريقيا، التي توفر التأثير الأكثر أهمية للاقتصاد العالمي بالموارد المعدنية، بأنها ثاني أكبر منتج للذهب في العالم.
وتشمل المصادر الرئيسة الأخرى تحت الأرض مناجم مثل الفحم والألماس والمنغنيز والبلاتين.
وعلق الكاتب: عندما يجرى تقييم مناجم جنوب إفريقيا فقط من حيث مكانتها في الاقتصاد العالمي، فسنرى أن إمكانات البلاد لديها الموارد اللازمة للتنافس مع الدول الأوروبية.
وأضاف: تستخدم الموارد التي يجرى تصديرها من جنوب إفريقيا في صناعات كثيرة ومنها صناعة السيارات، والنبيذ، ومنتجات الألبان.
في الواقع، إذا نظرنا إلى مواردها الطبيعية، يبدو أن جنوب إفريقيا لديها إمكانات اقتصادية أكثر من كافية. ولكن سوء العمالة في البلاد تنقص من جودة المنتج.
فعلى سبيل المثال، فهي لديها رياح مواتية للغاية، إلا أنه لا يوجد مصدر كبير للكهرباء يجرى الحصول عليه بواسطة طاقة الرياح في جنوب إفريقيا حتى الآن.
وعلى الرغم من أنها تحتوي على مواد خام كافية، فإن الجودة الرديئة للمنتجات النسيجية تكشف عن ضعف العمالة.
لهذا السبب، فإن الطلب على المنتجات النسيجية في تركيا، ذات جودة أفضل ولها سعر مناسب، مرتفع للغاية، بحسب تقييم الكاتب.
بناء الجسور
واستدرك أن جنوب إفريقيا تتيح فرصا لرجال الأعمال الأتراك الذين يرغبون في العمل بمجال النقل والبناء والسيارات والزراعة والغذاء.
وأردف: يجب على الدولة التركية أن تتبع مسارا ثقافيا مدروسا في جنوب إفريقيا قبل القدوم إلى الفرص التجارية في هذا المجال.
وأسهل طريقة لفعل ذلك هو استخدام ميزة الحكومة التركية في التاريخ لفتح أبواب جنوب إفريقيا أمام رواد الأعمال الأتراك والإعلان عن أنفسهم من خلال القنوات الصحيحة.
وتابع: تعتبر العلاقات بين جنوب إفريقيا وتركيا قديمة جدا فقد أرسلت الإمبراطورية العثمانية علماء إليها منذ 150 عاما.
ففتحوا المدارس هناك وعلموا الناس، وأول متحف إسلامي اليوم في جنوب إفريقيا هو موطن لعالم عثماني.
وعلق الكاتب: إذا جرت حماية المساجد العثمانية ومنحت الجنسية لأكثر من 500 عائلة عثمانية، فإن الوجود التركي في نهاية القارة الذي خدم ذلك البلد لسنوات عديدة سيظهر.
وأردف: لدى تركيا أسباب مهمة جدا لتطوير علاقاتها السياسية والتجارية مع جنوب إفريقيا.
لذلك، سيجرى الترحيب بالأنشطة الناجحة لرجال الأعمال الأتراك في جنوب إفريقيا بين السكان المحليين.
وأضاف: إحدى فرص العمل التي تظهر للمستثمرين في جنوب إفريقيا هي مجال البناء.
فعلى الرغم من أن هناك حاجة في مجال البناء، فإنه يوجد نقص في شركات البناء في جنوب إفريقيا، ولا يوجد أي أثر للجودة والحرفية في البناء كالتي توجد في الصناعة التركية.
فلهذا لا يوجد سبب يمنع شركات البناء التركية من تنفيذ مشاريع بناء كبرى في جنوب إفريقيا.
وأضاف: كان هناك نقص مياه في منطقة كيب تاون على مدى السنوات الماضية، وحفر آبار المياه أو توفير مياه الشرب من خلال المعالجة تنتظر مرة أخرى رجال الأعمال الأتراك لتلبية الحاجة.
وتابع: ليس هناك شك في أن إدارة المطاعم التركية ستكون شائعة جدا في جنوب إفريقيا، حيث اللحوم ومنتجات الألبان أكثر ملاءمة هناك من تركيا.
ولسوء الحظ، فإن هذه الأعمال التجارية ذات الأصل التركي تترك بالكامل للمنظمات غير القانونية الهاربة من تركيا في كيب تاون.
وأكمل: واحدة من المجالات المهملة هي مشكلة الصناعة الفرعية والهندسة في قطاع السيارات.
ففي جنوب إفريقيا، تبحث العلامات التجارية العالمية عن حلول من خلال استبدال القطع بدلا من إصلاحها في مراكز الخدمة، والذي يتسبب في استهلاك المركبات، مما يكلف المستهلك تكاليف باهظة، فضلا عن إهدار الثروة الوطنية.
وأردف: المشكلة الأكثر أهمية في جنوب إفريقيا، خاصة في المدن الكبرى مثل جوهانسبرغ وديربان وكيب تاون، التي واجهت مشاكل خطيرة في مجال النقل على مدى السنوات الـ 10 الماضية، هي الافتقار إلى وسائل النقل البديلة.
تظهر حقيقة بقاء القطارات في النقل البري والسكك الحديدية من حقبة الفصل العنصري ضعف الاستثمارات في هذا المجال.
وأوضح: ففي جمهورية جنوب إفريقيا، وهي شبه جزيرة محاطة بالبحار مثل تركيا، يكاد يكون النقل البحري معدوما.
فإذا جرى النقل بالعبارة من خليج هوت إلى خليج الطاولة، سيزيد النقل البحري من جاذبية المدينة وسيكون حلا مهما لهذه المشكلة.
ولكن ولسوء الحظ، لا تزال مثل هذه المشاريع التي تحتاجها مدينة كيب تاون تنتظر رواد الأعمال الأتراك ذوي الخبرة في هذا المجال، بحسب تقييم الكاتب التركي.
وختم الكاتب مقاله قائلا إن آثار الباحث أبو بكر أفندي الذي جاء إلى كيب تاون منذ 150 عاما لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
وأردف: "يجب على رجال الأعمال الأتراك الذين يرون جنوب إفريقيا على أنها بعيدة جغرافيا، أن يبقوا على خطاه وأن يؤسسوا الوجود التركي فيها".