مهلة "40 يوما" لتشكيل الحكومة.. هل يحقق العراق ما عجز عنه منذ الانتخابات؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة مفاجئة، منح زعيم التيار الصدري بالعراق مقتدى الصدر، خصومه السياسيين الشيعة مدة 40 يوما لتشكيل الحكومة، وذلك بعدما عجز التحالف الثلاثي، الذي يعد "التيار" رأس الحربة فيه عن انتخاب رئيس للبلاد في جلستين للبرلمان لم يكتمل فيهما النصاب.

وقال الصدر، في 31 مارس/آذار 2022، إنه "لأجل أن لا يبقى العراق بلا حكومة فتتردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدمية وغيرها، أمنح الثلث المعطل فرصة للتفاوض مع جميع الكتل بلا استثناء، لتشكيل حكومة أغلبية وطنية من دون الكتلة الصدرية".

الصدر الذي يقصد بـ"الثلث المعطل" قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي وحلفاءه من الاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف "عزم" السني، أكد أن "الفرصة ستكون من أول يوم رمضان حتى التاسع من شوال المقبل (10 مايو/ أيار 2022)"، داعيا كتلته إلى "عدم التدخل بذلك لا إيجابا ولا سلبا".

وصوت العراقيون في 10 أكتوبر/تشرين أول 2021، في الانتخابات النيابية، التي أجريت في وقت مبكر عن موعدها، استجابة لمظاهرات حاشدة شهدتها البلاد لعدة أشهر وطالبت بإصلاح سياسي.

وجاء تحالف "سائرون" بقيادة الصدر في المركز الأول في الانتخابات، لكن رفضت العديد من القيادات الشيعية النتائج. ومنذ ذلك الوقت لم تنجح الأطراف بتشكيل حكومة.

زيادة الانسداد

وعن السيناريوهات المقبلة على ضوء مهلة الصدر، يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي، جاسم الشمري خلال مقال نشره موقع "شبكة أخبار العراق" في الثاني من أبريل/ نيسان 2022، إن زعيم التيار الصدري فاجأ الجميع حينما فسح المجال أمام الثلث المعطِّل (الإطار)، لكن التوقيتات التي ذكرها الصدر لا تتفق مع التوقيتات الدستورية".

وأضاف الشمري أنه "وفقا لقرار المحكمة الاتحادية في الأول من مارس بإعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وانتخابه خلال مدة وجيزة، وطبقا للدستور فإن المدة يفترض أن تكون 30 يوما، وبذلك تنتهي في 6 أبريل 2022".

وأوضح الكاتب، قائلا: "هكذا فلن تذهب الكتل السياسية إلى حل البرلمان أو لانتخابات مبكرة وسيستمرون بمناوراتهم السياسية دون اتفاقات واضحة أو متوقعة. ومع ذلك أتصور أن اتفاقات الساعات الأخيرة قد تثمر عن اتفاق ما، وهنالك الآن حديث عن استبدال مرشح رئاسة الجمهورية الحالي ريبر أحمد والإتيان بشخصية كردية توافقية أخرى".

وتابع: "لغاية اليوم لم نر أي طرف سياسي قدم تطمينات جادة حول برنامجه المستقبلي وسبل الإصلاح، وأهمها توفير العدالة الاجتماعية، وتقديم القتلة والفاسدين إلى القضاء، وبتر التدخلات الخارجية، وتوفير فرص العمل لملايين العاطلين، ومكافحة الفقر ومساندة الشرائح المسحوقة".

من جهته، اعتبر الخبير في الشأن السياسي أحمد الشريفي المهلة المقدمة من الصدر بأنها تصعيد جديد في الأزمة.

وأضاف أنه "من غير المتوقع أن ينجح (الإطار التنسيقي) في تشكيل الحكومة وفقا لهذه المهلة، والبرلمان لن يكتمل نصابه بحال قاطع التحالف الثلاثي  الجلسات".

وأشار الشريفي خلال تصريحات له في الثاني من أبريل إلى أن "قوى الإطار التنسيقي تدرك جيدا خطورة توجه الصدر نحو المعارضة وتشكيل حكومة من دون دعمه لها".

وهذا يعني أن الحكومة لن يطول عمرها أكثر من سنة، ولذلك يمكن اعتبار الأسابيع المقبلة فترة لإيجاد تفاهمات ومحاولة التوصل إلى حلول ولو وسطية، وفق تقديره.

ولفت إلى أن "المشهد السياسي بعد مهلة الصدر للإطار التنسيقي زاد من الانسداد السياسي، فهذه المهلة أنتجت ثلثا معطلا ثانيا لتشكيل الحكومة الجديدة".

فالحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة لن يمضيا مع الإطار التنسيقي من دون الصدر، لكنهما يعملان منذ فترة على دفع الصدر للاتفاق والتوافق مع البيت الشيعي.

وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي علي البيدر خلال تغريدة على "تويتر" في 31 مارس 2022، أن "ذهاب السيد مقتدى الصدر إلى المعارضة يعني تأزيم الموقف أكثر، ثلثان وطنيان لم يتمكنا من تشكيل الحكومة فكيف بثلث معطل ؟"

مساران اثنان

وعلى صعيد الهدف من وراء خطوة الصدر، قال رئيس "مركز التفكير السياسي"، إحسان الشمري، أنه "أدرك أن الثلث المعطل أصبح مانعا أمام عملية تحقيق مشروع الأغلبية".

وهو الأمر الذي دفعه إلى النأي بنفسه عن موضوع التعطيل ورمي الكرة في ملعب الإطار التنسيقي، خصوصا في ظل الاستياء الشعبي من تأخر تشكيل الحكومة".

ورأى الشمري خلال تصريحات في الثاني من أبريل أن مبادرة الصدر تحمل مسارين، يتعلق الأول بـ "محاولة إحراج أطراف الإطار التنسيقي أمام الرأي العام العراقي، مع صعوبة إمكانية حصوله على أغلبية برلمانية، أما المسار الثاني فيتضمن اختبارا من الصدر لحلفائه، خصوصا مع الحديث عن تواصل بين أطراف من التحالف الثلاثي مع جهات في الإطار التنسيقي".

وبشأن إمكانية استمرار حكومة بمعزل عن وجود التيار الصدري كطرف رئيس فيها، أكد الشمري أن "أطراف الإطار التنسيقي تدرك مخاطر تلك الخطوة، وهو ما يعقد حركتها في الفترة المقبلة".

وأعلن المكونان السني والكردي في التحالف الثلاثي، خلال بيان مشترك، في الثاني من أبريل تمسكهما بالتحالف مع الصدر، في إشارة إلى أن الطرفين في تفاهماتهما مع الآخرين لن يخرجا عن الثوابت المتفق عليها داخل التحالف.

وشدد "تحالف السيادة" السني والحزب الديمقراطي الكردستاني، في البيان المشترك على استمرار الشراكة مع الكتلة الصدرية، مشيدين بـ"موقـف الصـدر ومبادرتـه نحو الإسراع في تشكيل حكومة قويـة تعمـل على معالجـة الملفـات المعقـدة التـي تواجـه الشعب العراقـي".

وأكد الطرفان أيضا، حسب البيان أن "التمسـك بالشراكة مع الكتلة الصدرية يأتي لعدم إمكانية أن تولد حكومة قوية دون شراكتهم"، معلنين في الوقت نفسه تمسـكهما بـ"تحالف إنقاذ الوطن باعتباره الأمل الذي ينتظره العراقيون".

وأبدى قطبا التحالف الثلاثي حرصهما على "الحوار الوطني البـنـاء مع الجميع بعيدا عـن التدخلات الخارجية من أجل الوصول بالبلاد إلى بـر الأمـان، وكذلك على تفاهـم واتفاق البيـت الشيعي على تسمية مرشح الكتلة الصدرية لرئاسـة مجلس الـوزراء وطـرح برنامـج ومنهـاج وزاري ينسجم مع واقع البلاد ويحظى بتأييد المكونات والقوى الأساسية".

إنهاء الانسداد

وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي القريب من قوى الإطار التنسيقي الشيعي، حيدر البرزنجي، أن "الصدر ليس وصيا على العملية السياسية، وإذا كانت هذه مبادرة فهي مقبولة مبدئيا، لكن الأمر الحقيقي أن الإطار التنسيقي لن ينغلق على الكتل السياسية الأخرى".

وقال البرزنجي خلال تصريحات في الثاني من أبريل إن "الإطار التنسيقي، حينما قال سابقا إن التحالف الثلاثي، هدفه إقصائي، فإنه كان ينتقد السلوك السياسي كونه تحالفا بني على أساس الإقصاء، وإلا فإن الإطار أبدى منذ تشكيل التحالف الثلاثي استعداده للحوار مع جميع الأطراف سنية كانت أم كردية".

ولفت المحلل السياسي إلى أن "هناك توقيتات دستورية يجب عدم تجاوزها وأن ما طرحه الصدر يتجاوز المبدأ الدستوري، وهذا ليس من حق المنتظم السياسي. لكن بالنتيجة فالإطار التنسيقي قادر على الذهاب إلى تشكيل الحكومة إذا أراد ذلك".

وأوضح البرزنجي أن "بيان تحالف السيادة والحزب الديمقراطي، ذكر أن يده مفتوحة ومستعد للجلوس على طاولة الحوار، لذلك فإن التيار الصدري إذا رفض المشاركة في الحكومة وفضل خيار الذهاب إلى المعارضة، فإن الإطار التنسيقي بالنتيجة سيشكل الحكومة، وهو قادر على ذلك".

وأكد المحلل السياسي أن "الإطار التنسيقي الشيعي سيتحرك في الأيام المقبلة نحو خطوات عملية تأسيسية من أجل تشكيل الحكومة وإنهاء حالة الانسداد السياسية".

ويعتمد ذلك على الظروف والمعطيات والتقبل والاستجابة للقوى السياسية الأخرى، فالإطار لديه الإمكانية والاستعداد لتشكيل الحكومة، وفق قوله.

وعلى إثر خطوة الصدر، قدم الإطار التنسيقي مبادرة لإنهاء الانسداد السياسي بعيدا عما أسماه "معادلة كسر الإرادات".

ودعا إلى "الالتزام بالمدد الدستورية وتسجيل الكتلة الأكثر عددا من الطرفين لضمان حق المكون واكتمال الاستحقاق الوطني للمكونات الأخرى بالرئاسات الثلاث، ضمن رؤية موحدة يشترك فيها الإطار والمتحالفون معه والكتلة الصدرية والمتحالفون معها".

واقترح "الإطار" خلال مبادرته في الأول من أبريل 2022 أنه "بعد إعلان الكتلة الأكثر عددا يجري الاتفاق على المرشح لمنصب رئيس الوزراء وفق الشروط والمعايير المطلوبة كالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، ويكون ذلك عبر لجنة مشتركة من الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية".

ودعت المبادرة إلى "الاتفاق على البرنامج الحكومي ضمن سقف زمني محدد يتفق عليه ويشترك في إدارة تنفيذه من يرغب من الكتل الفائزة التي تلتزم بالبرنامج ويتم ترشيح المؤهلين لإدارة البلاد على أن يمتازوا بالكفاءة والنزاهة والاختصاص".

وشدد "الإطار" خلال المبادرة على أن "تتولى المعارضة داخل البرلمان مراقبة الحكومة ومحاسبتها على أخطائها وتجاوزاتها ويجري تمكين المعارضة من تنفيذ عملها بصورة صحيحة وحمايتها وفق القانون".