أوميد حاجي أحمد.. رجل أعمال عراقي غامض يهرب نفط إيران إلى العالم

أوميد وضعته الولايات المتحدة على القائمة السوداء لتهريبه النفط لصالح إيران
"سالم أحمد سعيد، أوميد حاجي أحمد"، اسمان يمثلان شخصا واحدا تصدّر وسائل الإعلام العراقية منذ مطلع يوليو/ تموز 2025، بعد قرار وزارة الخزانة الأميركية إدراجه على اللائحة السوداء، بوصفه رجل أعمال عراقيا، يقود "أسطول الظل" لتهريب النفط الإيراني.
طرح اسمه من الجانب الأميركي دفع لجنة النزاهة في البرلمان العراقي إلى مطالبة الحكومة العراقية بالتحفظ على مسؤول كبير في وزارة النفط العراقية، لوجود شبهات فساد مع سالم سعيد بأكثر من 800 مليار دينار عراقي (571 مليون دولار أميركي)، حسب بيان للجنة في 19 يوليو.

شخصية غامضة
كان من اللافت أن سعيد الذى جرى تداول اسمه منذ عام 2017 على أنه رجل أعمال عراقي، لديه صورة واحدة فقط منشورة على الإنترنت ومواقع التواصل.
غموض شخصيته وتواريه عن وسائل الإعلام، أبقى الكثير من معلومات الشخصية مبهمة، باستثناء تلك التي كشفتها وثائق نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في 4 فبراير/ شباط 2024، وتذكر أنه مواطن كردي عراقي، يحمل الجنسية البريطانية.
وتشير الوثائق إلى أنه مزدوج الجنسية، واحدة باسمه الكردي أوميد حاجي أحمد، والثانية باسم سالم أحمد سعيد، أما صورته فتظهر أن عمره يقترب من نهاية عقد الخمسينيات.
ونشر الإعلامي العراقي، قضي شفيق على حسابه بمنصة "إكس" في 4 فبراير 2024، جزءا من ملف وقال: إنه يتضمن 400 صفحة ذهبت إلى لجنة النزاهة في البرلمان العراقي تتحدث عن فساد "أوميد" الذي يدير شركة "العربية" لنقل النفط الخام العراقي.
وبحسب الوثائق ذاتها، فإن عقد شركة "العربية" لبيع منتوج النفط الأسود بالتعاقد مع شركة ناقلات النفط العراقية، تسبب بهدر مالي يصل إلى 2,5 مليار دولار، إلا أن الأمر مرّ من دون معاقبة أحد بسرقة هذا المبلغ الكبير، وفقا للإعلامي العراقي.
لكن لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، لم تتحرك إلا بعد عقوبات وزارة الخزانة الأميركية على رجل الأعمال هذا؛ إذ دعا رئيس اللجنة، زياد الجنابي في 19 يوليو، إلى التحفظ على مدير الناقلات النفطية علي قيس لوجود شبهات فساد مع سالم سعيد تصل لأكثر من 800 مليار دينار".

مهرّب نفط
وفي 3 يوليو 2025 أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على شبكة دولية لتهريب النفط الإيراني، شملت رجل الأعمال العراقي-البريطاني سليم أحمد سعيد وعددًا من شركاته في العراق والإمارات والمملكة المتحدة.
التهم الموجهة إليه تضمنت بيع النفط الإيراني إلى السوق الدولية على أنه عراقي عبر وثائق مزورة ورِشا لمسؤولين حكوميين عراقيين، وذلك بإدارته شبكة شركات استخدمت عمليات خلط ونقل من سفينة إلى أخرى لتضليل مصدر الشحنات.
العقوبات شملت تجميد أصوله في أي نظام مالي خاضع للولايات المتحدة، ومنع الشركات والبنوك الدولية من التعامل معه أو مع أي كيان له صلة به، خصوصا في قطاع الطاقة.
وذكرت وزارة الخزانة أن ما فعله سعيد وفّر مليارات الدولارات من العائدات لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مشيرة إلى أن العقوبات شملت شركات وسفن مرتبطة بـ"أسطول الظل" الإيراني، الذي يتولى تهريب النفط الإيراني إلى آسيا.
وبيّنت الخزانة الأميركية أن العقوبات التي نالت "أسطول الظل" الذي يقوده سعيد، شملت عددا من السفن استخدمت خلال عمليات النقل السرية، إضافة إلى شركات وساطة وشحن في العراق والإمارات وسنغافورة وسيشل وجزر مارشال.
وأكّدت الوزارة أن الإجراءات تأتي في إطار تعزيز حملة الضغط القصوى على إيران، وتهدف إلى شل مصادر تمويل الحرس الثوري ومنع وصول النظام الإيراني إلى الموارد المالية التي تستخدم في "زعزعة الاستقرار". وفق تعبيرها.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "السومرية نيوز" العراقية في 7 يوليو، فإن "أوميد"، يعمل على تهريب النفط من حقل القيارة في محافظة نينوى، بشكل علني يوميا وبرعاية جهات "تغضّ الطرف" أو تسهّل عمليات الشحن والنقل من دون رقابة جمركية حقيقية.
وأشارت إلى أن "شاحنات النفط تخرج من القيارة ليلا ونهارا، تحت حماية أمنية خاصة، وتتجه إلى محطات تفريغ يتم منها إعادة بيع النفط بطريقة غير شرعية أو نقله إلى موانئ بعيدة".

كارثة اقتصادية
وبخصوص تغوله في قطاع النفط العراقي، قالت "السومرية نيوز": إن "أوميد" يمتلك علاقة متشعبة مع مسؤولين كبارا، وأنه يحتفظ بعلاقات مالية وسياسية وثيقة مع شخصيات نافذة في الدولة.
ومن تلك الشخصيات، مدير عام شركة الناقلات النفطية العراقية، التي أبرمت عقودا طويلة (50 عاما) مع شركة العربية التي يديرها أوميد، إضافة الى نائب يترأس لجنة برلمانية (لم تسمه) سبق أن توسط لمنح عقود النقل والتفريغ إلى شركات الأخير رغم اعتراض بعض الجهات الرقابية.
وأفادت الوكالة بأن أصواتا سياسية ورقابية تطالب بفتح تحقيق عاجل في طبيعة تلك العلاقات، وفحص العقود المبرمة منذ عام 2019 حتى اليوم، وذلك من أجل فتح ملف "أوميد" كاملا.
وخاصة بعد أن تجاوزت أفعاله الأبعاد التجارية لتصل إلى الإضرار المباشر باقتصاد البلاد وسمعة العراق الدولية، وربما تمويل جهات مسلّحة خارج سلطة الدولة.
وفي ظل الغموض الذي يلف مصير التحقيقات في ملفات التهريب والفساد الكبرى، يبقى اسم "أوميد" واحدا من أبرز الأمثلة على كيفية تحول الدولة إلى غطاء لاقتصاد الظل، حيث تُنهب ثروات البلاد وتُسوّق على أنها قانونية، وتُغسل الأموال عبر شركات وحسابات داخل العراق وخارجه وفقا للوكالة.
وفي السياق، قال النائب علي شداد عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي، إن "أوميد رجل أعمال عراقي بدايات عمله كانت في عهد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وقد جاء بغطاء، وكان صاحب عقد شركة العربية الذي شابه الكثير من الشبهات، خاصة عمليات التهريب".
وأكّد شددا خلال مقابلة تلفزيونية في 15 يوليو، أن جهات أميركية عدة ومنها الصحافة ذكرت في حينها أن “هذا العقد يجب إيقافه وأصدرت جملة من التوصيات منذ عام 2017؛ لأنه كان هناك مؤشرات عليه”. مبينا أن شركة العربية كانت تتولى نقل النفط الأسود.
وعلى إثر العقوبات التي نالت "أوميد"، فإن رصيف رقم (41) بميناء خور الزبير في محافظة البصرة خرج رسميا عن الخدمة؛ لأنه أيضا شملته العقوبات بسبب الأخير.
وبحسب النائب علي شداد، فإن رصيف 41 مهم جدا، حيث يتمتع بقدرة تخزينية عالية وكان السبب برفع قدرة التصدير (للنفط الأسود) من (500 ألف إلى مليون برميل يوميا) إلى وجود خزانات كبيرة فضلا عن استئجار أخرى داخله.
وتابع: يمتاز الرصيف ذاته بسرعته في عمليات الشحن والتفريع للناقلات؛ حيث لا تتجاوز عملية أي ناقلة 24 ساعة كونه يتمتع بتقنيات عالية، أما للصهاريج (الشاحنات) فيحتاج الأمر دقائق معدودة فقط.
“شداد” قال: إن الموضوع الأكثر أهمية في ذلك الحدث الاستثنائي هو الانعكاس على القدرة التصديرية (للنفط الأسود) في ظل غياب مستودعات كبيرة لتخزين المنتج المحلي.
وبالتالي قد يؤثر على إنتاج شركات المصافي العراقية ليصل إلى المشتقات الأخرى كزيت الغاز (الكاز) الذي يعدّ في هذا الوقت الحرج من الصيف اللاهب وقود بديل لتشغيل بعض محطات الكهرباء.
وبين البرلماني العراقي أن البلد وأدواته الدبلوماسية عبر الخارجية وغيرها غير قوية وليست فعّالة للتأثير على قرار الخزانة من خلال الخارجية الأميركية وسفارة واشنطن في بغداد.
وحذر علي شداد، من احتمال فرض عقوبات أميركية على وزارة النفط بسبب تجاوزات قد تُفسر كخرق للالتزامات الدولية، ما قد يؤدي إلى شلل اقتصادي واسع وانهيار في تدفق العائدات المالية.
واستضافت لجنة النفط والغاز البرلمانية، في 15 يوليو، وزير النفط العراقي، حسان عبد الغني، وعدد من كبار مسؤولي الوزارة، لمناقشة ما وُصف بملفات "خطيرة"، أبرزها مزاعم وجود انهيار بنيوي داخل الوزارة، ونفوذ خارجي لشخصيات بينها "أوميد".
المصادر
- مليارات الدولارات وواجهات وهمية.. تفاصيل شبكة سالم أحمد سعيد العابرة للحدود (الحلقة الثانية)
- وزارة النفط العراقية تنفي صلتها بشخص يدعى "أوميد"
- عقوبات أمريكية على رجل أعمال عراقي وشركاته بتهمة تهريب النفط الإيراني
- رئيس لجنة النزاهة: يجب التحفظ على مدير الناقلات النفطية لتورطه بشبهات فساد مع سالم احمد سعيد
- عقوبات أمريكية تطال رصيف (41) بخور الزبير في البصرة بسبب (أوميد) رجل الأعمال
- نفط إيران يُباع باسم العراق.. وثائق التهريب تضع “سومو” في دائرة الشك