"مع الغرب كيوت".. هكذا كشف الغزو الروسي لأوكرانيا ازدواجية حكام العرب

12

طباعة

مشاركة

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، برزت المقارنات بين موقف الغرب والعرب تجاه الأوكرانيين، مقابل مواقفهم تجاه العرب والمسلمين، وتجلت ازدواجية المعايير في التعامل مع الحروب في مختلف المناطق.

ومع إعلان دول عربية دعمهم للاجئين الأوكرانيين وتقديم تسهيلات لهم من فتح الحدود إلى استقبالهم وإرسال الطائرات لإجلائهم وإعفائهم من التأشيرات وغيرها من أوجه الدعم الأخرى، سادت حالة استنكار واسعة من غياب هذه المواقف في التعامل مع اللاجئين العرب. 

وأشار ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في عدة وسوم، أبرزها #الحرب_الروسية_الأوكرانية، إلى معاناة اللاجئين السوريين واليمنيين والليبيين والعراقيين، الذين فروا من بلدانهم في أعقاب الحروب المشتعلة هناك.

ونددوا بعدم منح الدول العربية امتيازات للاجئين تمكنهم من العيش بحياة كريمة، واقتصار إعلان الدعم في وسائل الإعلام وأمام المنظمات الحقوقية الدولية لـ"تلميع الصورة". 

ولفت ناشطون إلى أن روسيا برئاسة فلاديمير بوتين وحلفاءها سبقت عمليتها العسكرية في أوكرانيا، بحرب واسعة شنتها على سوريا قبل 6 سنوات وسط صمت وتواطؤ العالم معهم، مما أسفر عن تدمير بلدان وقرى وهدم حضارة المسلمين وإيقاع آلاف القتلى والمهجرين.

واستنكروا أن محكمة الجنايات الدولية لم تهرع لملاحقة القتلة، في حين أنها أطلقت تحقيقا في جرائم حرب روسية محتملة في أوكرانيا خلال 7 أيام فقط من الغزو، منددين بوصف بوتين الآن بمجرم حرب واستخدام الغرب ضده كل أنواع الأسلحة وأدوات الحصار لردعه.

واستهجن ناشطون أن اللاجئين السوريين ما زالوا عالقين منذ سنوات في مخيمات "غير آدمية" تفتقر لأبسط أسس الحياة، وحولتها أمطار الشتاء إلى "مخيمات من الطين" وممنوعين من الدخول للمدن خاصة الأردنية، في حين يستقبل الأوكرانيون في إسكان مؤثث جاهز.

مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قدرت عدد اللاجئين الأوكرانيين بأنه قد يقفز إلى أربعة ملايين بحلول يوليو/تموز 2022، محذرة من أن عدد الفارين من الحرب تجاوز حتى الآن 1.5 مليون شخص، ما يخلق "أزمة لجوء تعد الأسرع تفاقما" في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

ازدواجية المعايير

وزارة الخارجية الأردنية، أعلنت السبت 5 مارس/آذار 2022، أن الأردن قرر السماح لأفراد أسر الجالية الأوكرانية وأقربائهم دخول المملكة دون تأشيرات مسبقة، ومنحهم إقامات مؤقتة لأسباب إنسانية.

فيما قررت السلطات المصرية تمديد  إقامات السائحين الأوكرانيين، على أن تكون إقامتهم مجانية على نفقة المنشآت السياحية التي يقيمون فيها.

كما قالت الإمارات إن رعايا أوكرانيا مؤهلون للحصول على تأشيرات الدخول عند وصولهم إليها، في تراجع عن قرارها تعليق العمل بالإعفاء من التأشيرة في وقت يشهد فرار الآلاف من الأوكرانيين.

تلك المواقف من الدول العربية والسماح للأوكرانيين بالنزوح إليها أثار غضب ناشطين على تويتر، ودفعهم للتذكير بالنازحين في باقي البلدان العربية.

الكاتب والصحفي اليمني، عباس الضالعي، تعجب من سماح الأردن للأوكرانيين بالدخول دون تأشيرة، في حين فرضت تأشيرة على اليمنيين وألغت كل الامتيازات ووضعت شروطا للإقامة، قائلا إن "البلدان العربية يجب ألا يحترمها العالم".

وعلق المغرد عبدالله السيف على سماح الأردن دخول الأوكرانيين بدون تأشيرة ومنحهم إقامات مؤقتة، قائلا: "إذا اقتصادهم قوي ويسمح باستقبال اللاجئين الأوكرانيين فاللاجئون السوريون أولى، وكذلك أي عربي تم تهجيره بسبب الحروب أولى من الأوكراني".

ولفت السوري محمد حافظ، إلى أن الأردن تفعل ذلك مع الأوكرانيين بينما تمنعه عن السوريين في الوقت الراهن.

وكتب محمد أبو صطيف: "بعد أن منع دخول اللاجئين السوريين بل وطرد السوريين الموجودين في بلاده حاكم دبي يسمح بدخول اللاجئين الأوكرانيين ويعفي جميع السياح من أوكرانيا والموجودين على أراضيها من جميع رسوم الإقامة الفندقية بكافة الفنادق الإماراتية"، قائلا إن "هذا العمل يدل على قيمنا الإنسانية والدينية".

ازدواجية غربية

وذكر ناشطون بمعاناة السوريين، ووجهوا إدانات أيضا لتعامل الدول الأوربية مع الأوكرانيين بطريقة مغايرة لتعاملها مع السوريين، إذ طغت روح التضامن الشعبي مع الأوكرانيين على غالبية المجتمعات الأوروبية، وبرزت تصريحات الساسة والمسؤولين المعنيين بشؤون الهجرة واللجوء الداعمة للأوكرانيين.

المحلل السياسي، فهد صقر، تعجب من أن أوروبا "لم تتعامل مع اللاجئين السوريين كتعاملها مع اللاجئين الأوكرانيين مع أن كثيرا من السوريين عيونهم زرق وبيض البشرة"، متسائلا: "معقول لأنهم مسلمون!؟".

وذكر فضل بن روزبهان، أن "عشرات اللاجئين السوريين ماتوا جوعا وعطشا ومرضا في مخیم الرکبان الحدودیة، وحرس الحدود الأردني لم يسمح لهم بالدخول، والیوم یسمح لللاجئین الأوکرانیین دخول البلاد دون تأشیرات".

وأوضح الناشط خالد البراد، أن "الأردن يحتجز آلاف السوريين في المخيمات، ويمنع دخول الآلاف على حدودها ممن يعانون من نقص حاد في الأدوية والغذاء وحتى الماء"، معربا عن أسفه أنها مع جيرانها بأسها شديد ومع الغرب "كيوت".

وأعادت بسمة نشر خبر عن زيارة وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن لمعبر على الحدود البولندية مع أوكرانيا عبره مئات آلاف الأوكرانيين، قائلة: "لم نسمع أن السيدة (هيلاري) كلينتون أو السيد (جون) كيري بادر بمثل هذا الدعم وزار اللاجئين السوريين المطالبين بالديمقراطية والفارين بكل الاتجاهات من القتل بأيدي إيران وروسيا!؟.. ولا حتى من وزراء عرب".

خذلان عربي

وصب ناشطون غضبهم على الدول العربية واستنكروا خذلناهم للنازحين العرب.

ورأت المغردة هيا أن "السؤال ليس: لماذا لم يعامل الغرب اللاجئين السوريين كما يعامل الأوكرانيين؟ بل السؤال: لماذا لم يعامل العرب أبناء جلدتهم كما يجب؟ لماذا بدت العواصم الأوروبية أقرب للسوري والعراقي من العواصم العربية؟ لماذا لا تكون القضية الفلسطينية والموقف منها أساسا لتعامل الدول العربية مع العالم؟".

 وأشار أحد المغردين، إلى أن "البعض يتعاطف مع أوكرانيا حكومة وشعبا بل إنه أصبح أوكرانيا أكثر من الأوكرانيين أنفسهم، فيما لا تكاد تسمع له صوتا عند ذكر مأساة السوريين والشيشانيين والبوسنيين وغيرهم ممن ذاقوا الويل على يد روسيا!؟". وأكد المحامي محي الدين لالا، أن "المبادئ لا تتجزأ، من يدعم بوتين في أوكرانيا هو من يدعمه في سوريا تماما في قتل الشعب السوري أطفالا ونساء ويحمل ذات فكر بوتين فكر الإرهاب والنازية ويملك ألف حجة ليبرر قتل بوتين لكنه في النهاية سيستحقر نفسه". وأعرب الكاتب والداعية الفلسطيني، جهاد حلس، عن سعادته بـ"ورطة روسيا في جحيم أوكرانيا، وكم أفرح حين أشاهد أشلاء جنودها، وأشمت حين أرى تدمير أسلحتها، واحتراق طائراتها"، قائلا: "كم مرة حرقت قلوبنا على أطفال سوريا حين قتلتهم بصواريخها وقنابلها!! فلتذق من نفس الكأس الذي أذاقته أطفال سوريا". ونوه أحد المغردين إلى أن، "تكالب الأمم على الشعب السوري والتمييز العنصري ضد اللاجئين السوريين، وتجاهل قادة وزعماء العرب صرخات الشعب، سبب كاف لتوحد الشعب السوري وإسقاط النظام المجرم (بشار الأسد)".