بينهم ملك الأردن ونجلا مبارك.. هذه قصة مغارة فاسدين عرب في بنك سويسري
أكدت قناة "دويتشه فيله" الألمانية أن تحقيقا صحفيا دوليا أثبت استقبال بنك "كريدي سويس" السويسري الشهير مليارات الدولارات، مصدرها تجار مخدرات، ورجال جرائم، وسياسيون عرب، بينهم ملك الأردن وجمال وعلاء نجلا الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
وأوضحت القناة أن التحقيق أجرته صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية استنادا إلى بيانات من البنك حصلت عليها من مصدر لم يكشف عن هويته.
وقامت بتحليل المستندات بالاشتراك مع إذاعتي "إن.دي.إير" و"دبليو.دي.آر" الألمانيتين، وشركاء إعلاميين آخرين بينهم صحيفة "غارديان" البريطانية، و"لوموند" الفرنسية، و"نيويورك تايمز" الأميركية.
فضيحة مدوية
وذكرت الصحيقة أن التحقيق الذي أطلق عليه اسم "أسرار سويس"، كشف أن ثاني أكبر بنك في سويسرا فشل في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأموال غير المشروعة التي تمر عبر حسابات يملكها طغاة ومجرمون وسياسيون فاسدون.
وأكد التحقيق أن البنك فتح حسابات منذ سنوات لحكام مستبدين وتجار مخدرات ومجرمي حروب مشتبه بهم ومتاجرين بالبشر.
وحلل التحقيق البيانات المسربة من 30 ألف عميل من عملاء البنك من جميع أنحاء العالم، تقدر الأموال بحساباتهم بـ100 مليار فرنك سويسري (نحو 109 مليارات دولار ).
واتضح أنه تم فتح الحسابات اعتبارا من أربعينيات القرن العشرين وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتم فتح أكثر من الثلثين بعد عام 2000 ، ولا يزال الكثير منها فعالا حتى اليوم.
ومن بين الذين تم الكشف عنهم مهرب بشري أدين في الفلبين، ورئيس بورصة هونغ كونغ سجن سابقا بتهمة الرشوة، وملياردير مصري (طلعت مصطفى) أمر بقتل صديقته اللبنانية، وهي مطربة شهيرة.
ومن بين العملاء الآخرين عديد من رؤساء الدول والحكومات والوزراء ووكلاء المخابرات، بالإضافة إلى الأوليغارشيين ورجال الأعمال المشكوك في سمعتهم.
وذكرت الصحيفة أن مديرا سابقا لشركة سيمنز الألمانية أدين بالرشوة في عام 2008 ورد اسمه في البيانات، إذ تم اكتشاف أنه يمتلك ستة حسابات بالبنك السويسري.
وفي عام 2006، كان أحد الحسابات الخاصة بالمدير السابق لشركة سيمنز يمتلك أصولا تزيد قيمتها عن 54 مليون فرنك سويسري (نحو 60 مليون دولار)، وهو مبلغ قالت الصحيفة إنه لا يمكن أن يكون متأتيا فقط من راتبه من الشركة.
كما يكشف التحقيق حسابات سرية لملك الأردن عبد الله الثاني، ونائب رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي، والمستبد الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس الأرميني السابق أرمين سركيسيان، وجمال وعلاء نجلي الرئيس المصري المخلوع مبارك.
فشل كبير
واستقال سركيسيان من منصبه كرئيس في يناير/ كانون الثاني 2022، بعد وقت قصير من الاتصال به للاستعلام عن حساباته في البنك السويسري.
وقال الرئيس السابق إنه أغلق جميع الحسابات قبل أن يطلب منه الإفصاح عن أصوله.
وفشل البنك في التحقيق بشكل كامل مع العملاء المشتبه بهم وفق التحقيق.
وأكدت الصحيفة الألمانية أن التحقيق يشير إلى فشل واسع النطاق في بذل العناية الواجبة من قبل البنك السويسري في تقييم ورفض العملاء المشكوك فيهم، الذين يتعاملون مع الأموال غير القانونية.
وذكرت أن المحتالين كان بإمكانهم فتح حسابات أو الاحتفاظ بحسابات، "حتى لو كان البنك يعرف منذ فترة طويلة أنهم يتعاملون مع مجرمين".
وجرى الحديث إلى العديد من الموظفين السابقين في البنك، ووصفوا ثقافة البنك بشديدة السمية التي تحفز على المخاطرة لتعظيم الأرباح والمكافآت، وفق ما أكده مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) على موقعه على الإنترنت.
وقال الموظفون السابقون إن هذا أدى إلى صياغة قواعد وتعامل خاص مع الأغنياء والأثرياء.
ووصف المخبر، الذي لا يزال اسمه مجهولا للشركاء الإعلاميين، السرية المصرفية السويسرية بأنها "غير أخلاقية".
وقال المبلغ عن المخالفات: إن "التظاهر بحماية الخصوصية المالية هو مجرد ورقة توت للتغطية على الدور المخزي للبنوك السويسرية كمتعاونين مع المتهربين من الضرائب".
رد البنك
كما أشارت الصحيفة الألمانية إلى نفي بنك كريدي سويس بشدة هذه الاتهامات، مؤكدا أن التحقيق "يستند إلى معلومات غير كاملة أو غير دقيقة أو انتقائية مأخوذة من سياقها ، مما يؤدي إلى تفسيرات متحيزة لسلوك البنك التجاري".
وقال البنك إن 90 بالمئة من الحسابات المذكورة قد أغلقت بالفعل.
أما بالنسبة للحسابات التي لا تزال نشطة، فقال البنك إنه "مرتاح لاتخاذ إجراءات العناية الواجبة والمراجعات والخطوات الأخرى المتعلقة بالرقابة بما يتماشى مع إطار عملنا الحالي".
كما شدد على أن القانون يمنعه من التعليق على "العلاقات المحتملة مع العملاء".
ولطالما كانت سويسرا واحدة من أكثر المراكز المالية غموضا في العالم. لكن البلاد سعت في السنوات الأخيرة إلى التخلص من صورتها كملاذ للتهرب الضريبي وغسيل الأموال واختلاس الأموال الحكومية.
وتتبادل البنوك السويسرية الآن المعلومات حول أصحاب الحسابات مع عدد من البلدان ، ولكن ليس مع بعض الدول الأكثر فقرا وفسادا.
ووجد التحقيق أن عددا كبيرا من عملاء البنك السويسري يأتون من فنزويلا ومصر وأوكرانيا وطاجيكستان.
وتورط سويس كريدي في عشرات الفضائح على مدار العقدين الماضيين ودفع غرامات تزيد عن 10 مليارات دولار.
وفي فبراير/ شباط 2022، أصبح سويس كريدي أول بنك سويسري كبير يواجه تهما جنائية بشأن ما إذا كان قد ساعد كارتل مخدرات بلغاري على غسيل الأموال. بينما ينفي البنك هذا الادعاء.