نتائج عكسية.. مركز تركي يكشف سبب عودة محاولات منع الحجاب في الهند

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم أن الهند من الدول التي تحتضن العديد من الأديان واللغات والثقافات، فإن نسبة المسلمين تشكل حوالي 14 بالمئة فقط من إجمالي السكان.

وانخفضت النسبة إلى هذا المستوى، بسبب هجرة غالبية المسلمين إلى باكستان بعد التقسيم عام 1947، وفق ما يقول مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية "إنسامر" التركي. 

بداية المشكلة

وأوضح المركز في مقال للكاتبة عائشة نور ألبايراك: رغم أن الخطاب القومي الهندوسي سبب بعض المشاكل أحيانا للمسلمين في البلاد، فإن النساء المسلمات لم يتعرضن للتمييز بسبب الحجاب حتى وقت قريب. 

فمع وصول حزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يتبنى أيديولوجية وسياسة قومية هندوسية، إلى السلطة في عام 2014، زادت القيود المفروضة على المسلمين بشكل ملحوظ.

وتابعت: تركت هذه القيود مكانها لخطاب الكراهية والعنف في السنوات الأخيرة. وشدد حزب بهاراتيا جاناتا، في سياسات القومية الهندوسية خاصة بعد حصوله على غالبية الأصوات في انتخابات 2019. 

وبالطبع كانت النساء المسلمات الأكثر تضررا من هذه السياسات؛ إذ بدأ منع الحجاب في بعض المؤسسات والمدارس الحكومية.

ونقلت وسائل الإعلام ما يحدث في الهند بشأن الحجاب في 28 ديسمبر/كانون الأول 2021 لأول مرة. 

كان ذلك عندما وبخ المعلمون 6 طالبات مسلمات في كلية أودوبي للبنات ورفعوا الأمر إلى مدير الكلية لما أبدين رغبتهن في حضور دروسهن وهن يرتدين الحجاب.

كان ذلك في مدينة "أودوبي" بولاية "كارناتاكا" جنوبي البلاد التي حظر فيها الحجاب منذ مدة، لم تحددها الكاتبة.

وأضافت: لدى سماعهن ما حدث، ارتدت الطالبات المسلمات في الكليات الأخرى في ولاية كارناتاكا الحجاب، لكنهن منعن من حضور الدروس ولم يتمكن من سماع الدرس إلا من خارج الفصل. 

ومع انتشار صور الفتيات المسلمات على وسائل التواصل الاجتماعي، ثار الشعب وخرج في احتجاجات في 18 يناير/كانون الثاني 2022 في جميع أنحاء الولاية.

وعقب هذه التطورات، بدأ الطلاب الهندوس في حضور الدروس مرتدين شالا بلون الزعفران الذي يرمز للقومية الهندوسية. 

ومع تصاعد الموقف، عقد مديرو الكليات في أودوبي والمسؤولون الحكوميون اجتماعا مع الطالبات وعائلاتهن في 19 يناير، دون التوصل إلى نتيجة في سياق حل المشكلة. وهكذا، واصلت الطالبات احتجاجهن خارج الكليات.

وأعقبت الكاتبة قائلة: في 25 يناير 2022، أعلنت حكومة ولاية "كارناتاكا" تشكيل لجنة خبراء لمراجعة قرارات المحكمة العليا فيما يتعلق بقواعد اللباس لحل المشكلة. 

لكن قرار اللجنة كان يفرض على الطالبات المحجبات الالتزام بقواعد الزي الرسمي ودخول المدرسة دون حجاب.

وأردفت: مع استمرار منع الحجاب وانتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء الولاية، جرى إيقاف التعليم في المنطقة لمدة ثلاثة أيام. 

وأثناء كل هذا، كانت صور الاحتجاجات المستمرة في جميع أنحاء الولاية بما في ذلك بنغالورو وميسور وحسن وكولار وشهابور وشيفاموغا وأودوبي والتي شاركت فيها النساء فقط، تجد طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

على الناحية الأخرى، عمل بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات الهندوسية المتطرفة على مضايقة الطلاب المسلمين بما وصل إلى تشويه السمعة. 

وتعرضت الطالبة المحجبة بيبي موسكان إلى مضايقات من قبل مجموعة من الطلاب الهندوس أثناء دخولها المدرسة، وانتشرت صور الحادثة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما تسبب في رد فعل واسع، كما تقول الكاتبة التركية.

وأوضحت: تتبع طلاب يرتدون شالات بلون الزعفران موسكان قائلين "جاي شري رام (المجد لراما)"، بينما ردت عليهم بيبي موسكان بقولها "الله أكبر". 

وتعرف أودوبي بأنها معقل حزب رئيس الوزراء اليميني المتطرف ناريندرا مودي، وهي واحدة من المدن الخطيرة اجتماعيا في منطقة كارناتاكا الساحلية.

خطط بعيدة

وترى ألبايراك أن الحزب الحاكم يستخدم هذه المدينة كساحة تجريبية للسياسات التي سينفذها. 

وهناك تقييمات ومراجعات تقول بأن حظر الحجاب في هذه المدينة ليست حالة فردية، بل سيجرى نشر وتعميم الممارسة في جميع أنحاء الهند حال نجاحها في هذه المدينة. 

ومنع الحجاب الذي تحاول الحكومة الهندية تطبيقه حاليا في المرحلة الثانوية قد يأخذ طريقه نحو الجامعات والأماكن العامة مستقبلا.

وتنوه الكاتبة: قوانين الهند لا تحظر ولا تقيد إظهار ما يرمز للدين، كما لا يوجد إلزام بارتداء زي رسمي في المدارس الثانوية وما يعادلها في الدولة. 

لذلك، ليس هناك أرضية ولا أساس قانوني يدعم منع حكومة الولاية للحجاب. وتشير كراهية المسلمين والإسلاموفوبيا المتصاعدة، إلى أن المشكلة ستتفاقم أكثر في الأيام القادمة.

وتؤكد بأنه "في الواقع، تتابع المنظمات الدولية عن كثب هذه التطورات في الهند وخطاب الكراهية المتزايد تجاه المجتمع المسلمين".

وقد أعدت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تقارير انتقدتا فيها "قانون المواطنة" والقيود المفروضة على الأقليات في الهند، وأوصت فيها الحكومة برفع هذه القيود وعدم تأجيج الكراهية بين المجتمعات.

كما أبدت الأمم المتحدة قلقها بشأن القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان خاصة تلك التي احتجت على "قانون المواطنة" في الهند، واحتجاز الناشطين.

غير أن المجتمع الدولي لم يصدر حتى اليوم أي قرار يفرض عقوبات على الحكومة بسبب سياسات الهند تجاه المسلمين وخاصة النساء، وزيادة الكراهية في المجتمع، بحسب الكاتبة التركية.

واستدركت قائلة: حزب بهاراتي جاناتا الحاكم يملك أيديولوجية قائمة على القومية الهندوسية، لكنه بدأ ينفذ سياسات ويقدم خطابات قائمة على الدين، عندما فشل في تحقيق وعوده في مكافحة الفساد والتنمية الاقتصادية التي قطعها عندما وصل إلى السلطة.

وتابعت: هكذا، أصبح الأعداء المسلمين الذي خلقهم ناريندرا مودي، أهم مشكلة في البلاد وشغل الناس الشاغل. 

ومع أنه يبدو أن حزب بهاراتيا جاناتا نجح في تشتيت انتباه الشعب، إلا أنه ما من شك في أن هذا الاستقطاب المتزايد بجميع أنحاء البلاد سيتسبب في مشاكل اجتماعية خطيرة ليس فقط في الهند، بل في كل المنطقة على المدى الطويل.

وختمت ألبايراك مقالها قائلة: تتعمق ظاهرة الإسلاموفوبيا في البلاد مع السياسات التي تتبعها الحكومة بشكل متعمد لزيادة الكراهية والخوف. 

ويرى المسلمون الهنود أن السياسات المطبقة نوع من "الفصل العنصري الديني". وفي كل هذا، تعد النساء المسلمات الأكثر تأثرا بالمضايقات التي تتضمن أعمال عنف، لذلك على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة للحد من التوتر في الهند.

ولفتت إلى أن "حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم قد يتخذ خطوات أكثر تطرفا في العديد من القضايا المتعلقة بالمسلمين وخاصة الحجاب حتى الانتخابات القادمة في حال لم يجر منع هذه السياسات". 

وتظهر الممارسات الحالية أن الحزب يهدف إلى مسح هوية المرأة المسلمة من الأماكن العامة. 

أخيرا يمكن القول إن منع الحجاب شكل ذروة مناخ الكراهية ضد المسلمين الذي بات ينعكس الآن على المناطق العامة أيضا، وفق تقديرها.