فتح وحماس.. ما احتمالات نجاح الجزائر في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية؟
تبذل الجزائر جهدا في التوسط بين الفصائل الفلسطينية، في محاولة لتحقيق المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام المستمر منذ عام 2007.
ويقدر مسؤولون كبار في حركة التحرير الوطني "فتح" أن فرص نجاح الجزائر ضئيلة، وأن مبادرتها جاءت لتعزيز مكانتها في القمة العربية، التي ستستضيفها في مارس/آذار 2022.
وأشار موقع "عرب إكسبرت" العبري إلى أن وفود الفصائل الفلسطينية بدأت منتصف يناير/كانون الثاني 2022، بالوصول إلى الجزائر بدعوة من الرئيس عبدالمجيد تبون "للمشاركة في المشاورات في محاولة لاستئناف الحوار والتوصل إلى اتفاق مصالحة".
ويرى الموقع العبري أن فكرة محاولة تجسير الانقسامات الفلسطينية بين فتح وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أثيرت في زيارة الرئيس محمود عباس للجزائر خلال ديسمبر/كانون الأول 2021.
ووافق عباس على المبادرة وبعد ذلك مباشرة أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية موافقة حركته عليها أيضا.
جو متشائم
ولفت الموقع العبري إلى أنه سيجرى تنفيذ مبادرة الرئيس الجزائري، على الرغم من حقيقة أن عباس يواجه حاليا صعوبة في عقد اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بسبب الخلافات الصعبة بين "فتح" والفصائل الأخرى.
وأشار المحلل السياسي "يوني بن مناحيم" إلى أنه كما هو معلوم، مصر هي الوسيط الرئيس بين الفصائل لكنها فشلت حتى الآن في كل محاولاتها لتحقيق المصالحة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وإقرار هدنة طويلة الأمد.
ويرى ابن مناحيم أنه منذ عام 2007 وحتى اليوم، بعد سيطرة حماس على قطاع غزة وطرد السلطة منه، جرت عشرات الاتصالات للمصالحة مع عدة دول أخفقت جميعها في تحقيقها ولم الشمل الفلسطيني.
وقال مسؤولون في فتح سابقا إننا وحركة حماس "خطان متوازيان لا يمكن أن يلتقيا".
ويعتقد المحلل السياسي بأنه حان دور الجزائر لتجرب يدها في الوساطة السيزيفية (مصطلح يُطلق على الأنشطة عديمة الهدف أو اللامتناهية).
وبين أن لهذه الدولة موقفا خاصا، فقد دعمت النضال الفلسطيني منذ أن نالت استقلالها من الاستعمار الفرنسي. وأشار إلى أن الكثيرين يعتقدون أنه حيث فشلت مصر لا توجد فرصة لنجاح الجزائر.
وأرجع ذلك إلى أن الصراع بين الفصائل الفلسطينية، وخاصة بين فتح وحماس، عنوانه السيطرة.
ووضع محمود عباس شروطا واضحة قبل بضعة أشهر، تواجه حماس صعوبة في قبولها، ومن ضمنها الموافقة على ما يفرضه المجتمع الدولي من أجل الانضمام إلى الحكومة الفلسطينية والحصول على حصة في السلطة بشكل رسمي ومعترف به دوليا.
أي أنه يجب على حركة حماس الاعتراف بتل أبيب و"إدانة الإرهاب، وقبول جميع الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل"، وفق تعبيره.
وبالنسبة لحماس، هذا تغيير في جوهرها كحركة مقاومة تدعو إلى تدمير إسرائيل وإقامة فلسطين من البحر إلى النهر".
ولفت ابن مناحيم إلى أن المباحثات تجرى في الجزائر في جو متشائم بين الفصائل الفلسطينية ومن ضمنها حركتا حماس والجهاد الإسلامي ورئيس منظمة التحرير وممثلون عن باقي الفصائل.
وأوضح أن وفد حركة فتح بقيادة عزام الأحمد الذي وصل الجزائر لأول مرة، يحمل في طياته فكرة محمود عباس عن المصالحة، وهي تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تعمل وفق شروط اللجنة الرباعية الدولية.
غيبوبة سياسية
وكانت حركة حماس قد أعلنت أن رئيسها إسماعيل هنية تلقى دعوة رسمية لزيارة الجزائر وأنه سيرأس وفدا من أعضاء المكتب السياسي لها.
ويقول مسؤولون في حركة فتح إن المبادرة الجزائرية للمصالحة الداخلية الفلسطينية ليست مصادفة، فمن المقرر أن تستضيف الجزائر القمة العربية في مارس.
ويريد الرئيس الجزائري إحياء دور بلاده العربي والإقليمي ووضع نفسه على أنه من أعاد إرساء القضية الفلسطينية على رأس أجندة الوطن العربي.
وتحاول المبادرة الجزائرية إحياء قضية دخلت في غيبوبة سياسية، حيث إنها سقطت من أجندة العالم العربي، والدول العربية المعتدلة، وفق تعبير المحلل الإسرائيلي.
وبين أن تلك الدول لا تتراجع عن عملية التطبيع التي بدأت مع إسرائيل منذ أكثر من عام، وحكومة الرئيس الأميركي جو بايدن تشجعهم على مواصلة ذلك.
وطبعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع دولة الاحتلال خلال العام 2020 برعاية أميركية، وقالت أطراف فلسطينية إن القضية خسرت كثيرا بسبب ذلك.
وفي سبتمبر/أيلول من ذات العام، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن بلاده لن تبارك ولن تشارك فيما أسماه "الهرولة نحو التطبيع".
وأضاف تبون في مقابلة تلفزيونية بثها التلفزيون الحكومي، أن القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الجزائري "مقدسة" و"أم القضايا".
وأكد الرئيس الجزائري أن مفتاح الشرق الأوسط هو حل القضية الفلسطينية الذي لا يمكن أن يجرى "إلا من خلال قيام دولة في حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف".
ولذلك، يقول ابن مناحيم إن "الجزائر معادية لإسرائيل وتعارض التطبيع معها رغم توقيع جارتها الغربية المغرب لاتفاقية تطبيع كاملة معنا وتحالف إستراتيجي يشمل اتفاقيات أمنية وعسكرية".
وتوترت العلاقات بين الجزائر والمغرب منذ عقود بسبب خلاف السيطرة على الصحراء الغربية التي تقول الرباط إنها تتبع لها بينما تعترض جارتها على ذلك.
وكانت الجزائر قد أعلنت في أغسطس/آب 2021 قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، ويرجع ذلك جزئيا إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي "يائير لابيد" ضدها خلال زيارته الرباط.