"الكعكة الصفراء".. هذه مخاوف الصين وروسيا من تصاعد أزمة كازاخستان

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت مجلة إيطالية إن لدى الصين "اتفاقا مهما" قيد التنفيذ مع شركة "كازاتومبروم" في كازاخستان، لاستيراد كميات كبيرة من اليورانيوم، لذلك فالأزمة الحالية في البلد الآسيوي تضع بكين في "وضع حساس".

وبحسب "فورميكي"، لهذا السبب أيضا يحاول الحزب الحاكم الصيني، الاستفادة القصوى من التحرك الروسي، لدعم السلطة الكازاخية الحاكمة ضد موجة الاحتجاجات.

وتعيش كازاخستان على وقع اضطرابات كانت قد تصاعدت منذ 2 يناير/كانون الثاني 2022، نتيجة احتجاجات عنيفة ضد ارتفاع أسعار الغاز، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.

فيما طلب رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، المساعدة العسكرية من منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" المدعومة من موسكو؛ لقمع الاحتجاجات والقضاء على من وصفهم بـ"الإرهابيين".

ثورة ملونة

وفيما يتعلق بردود الفعل الدولية، أكدت منظمة "شنغهاي للتعاون" الناشطة في مجالات سياسية اقتصادية وأمنية أوراسية بقيادة صينية، أن "إجراءات قادة جمهورية كازاخستان لاستعادة استقرار الوضع الداخلي وبدء حوار سلمي في إطار الدستور والنظام القانوني، جاءت في الوقت المناسب".

وعبرت المنظمة، في بيان لها، عن أملها في أن "تتمكن كازاخستان من تحقيق استقرار الوضع الداخلي في أقرب وقت ممكن، واستعادة النظام القانوني والأمن العام وحماية حقوق ومصالح جميع الجماعات العرقية والدينية في البلاد".

واعتبرت فورميكي أن الرئيس توكاييف تلقى رسالة دعم من الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس البلاد، شي جين بينغ.

ووصفت الموقف الصادر من بكين بـ"الودي"، قائلة إن "الصين تعارض أي قوة أجنبية للتخطيط لثورة ملونة في كازاخستان"، في إشارة إلى أطراف خارجية معادية للبلاد قد تكون غربية، ترجح المجلة. 

واعتبرت المجلة أن ما يوجد على المحك يتعلق بصراع بين النماذج، أي الديمقراطيات ضد الأنظمة الاستبدادية، بالإضافة إلى سلسلة من المصالح المباشرة. 

وعلقت بأنه رغم ذلك، جاء رد الفعل الصيني على الاضطرابات في كازاخستان متباطئا، حيث لم تكن تغطية وسائل الإعلام الحكومية للتطورات كاملة.

فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ ون بين، الذي عادة ما يتخذ موقفا بشأن مسائل معينة تتعلق بأوضاع مماثلة، إن بلاده "تعتبر ما يحدث في كازاخستان شأنا داخليا لهذا البلد، وأن بكين تأمل في حل سريع لكنها لا تنوي التدخل".

ورجحت المجلة الإيطالية أنه "من المحتمل أن تكون الصين قد تفاجأت بالسرعة التي أرسلت بها روسيا وحدات حفظ سلام، في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، مما يدل على مدى أهمية الوضع ومجال النفوذ للكرملين". 

وأوضحت أن "بكين تدرك أنها لا تريد ولا تستطيع إعاقة أنشطة موسكو، خصوصا وأن كليهما يدير منظمات متشابهة، منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي".

كما يتشاركان في هدف رئيس يتمثل في إعادة الاستقرار سريعا لكازاخستان من أجل حماية مصالحهما، وربما يعتزمان القيام بذلك عن طريق إرسال رسالة واضحة إلى بقية العالم.

ولهذا السبب، اعتبرت فورميكي أن "التدخل لا يصب في صالح الصين، لا سيما وأنه في الوقت الحالي هناك حاجة إلى التوافق العملي مع الروس نتيجة توجيهات، كما يكشف أيضا عن نقاط الضعف". 

"الكعكة الصفراء"

وبعيدا عن الحسابات المباشرة، تواجه منظمة "شنغهاي للتعاون" صعوبة في اتخاذ خيارات مثل تلك الخاصة بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، لأن بكين غير مهتمة أبدا بالتورط في أزمة محتملة، سواء كان ذلك في آسيا الوسطى أو في أي مكان آخر. 

وبحسب المجلة، تجري الصين حساباتها وستقوم بتقييم الوضع بناء على مدة التدخل الروسي، وإلى أي مدى سيؤدي ذلك إلى تعميق العلاقات بين روسيا وكازاخستان، وكذلك إن كان ذلك سيؤدي في ابتعاد بكين عن الدولة الآسيوية الوسطى، خاصة وأن موسكو أرسلت رسالة بصوت عالٍ بشأن "إرادة التفوق في مناطق معينة"، وفق تعبير المجلة.

وأوضحت أنه بالنسبة لبكين، من المهم ألا تفقد نفوذها على الميدان، خاصة وأن آسيا الوسطى تعد منطقة ترغب في أن تحرك نفوذها فيها، لكونها مركزية بالنسبة لمبادرة "الحزام والطريق" وكذلك لإستراتيجية "الذهاب إلى الغرب". 

علاوة على ذلك، هناك أيضا مسائل مباشرة، على غرار دور كازاخستان في سوق المواد الخام النووية، لا سيما وأن البلاد تنتج 40 بالمئة من "الكعكة الصفراء" (اليورانيوم) في العالم، من خلال شركة "كازاتومبروم" الحكومية. 

وأوردت المجلة بأنه منذ الإعلان عن إرسال وحدات عسكرية من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ارتفع السعر بنسبة 8 بالمئة، مشيرة إلى أن الشركة تواصل العمل، لكن من الواضح أن هناك مخاوف بالنظر إلى أن سلسلة التوريد تتركز في منتج واحد فقط.

واعتبرت أن هذا العامل يجب مراعاته بالنسبة لدولة مثل الصين، التي أعلنت في خطتها عن رفع إنتاجها الذري من 50 غيغاوات إلى 70، والذي تأمل في أن يسهم في نجاح خطة خفض الانبعاثات. 

وبوجود 17 محطة قيد الإنشاء حاليا، تشرع الصين في أكبر برنامج لبناء محطة للطاقة النووية في العالم، لكنها تحتاج إلى مواد انشطارية لتشغيل المحطات. 

وفي أبريل/نيسان 2021، أعلنت بكين عن اتفاقية مع شركة "كازاتومبروم" التي تحتكر إمدادات اليورانيوم العالمية، لبناء محطة "Ulba" للوقود النووي، من خلال مشروع مشترك مع مجموعة الصين العامة للطاقة، والتي من خلالها تلتزم الحكومة الصينية (من خلال استثمار أولي قدره 435 مليون دولار) استيراد 49 بالمئة من إنتاج المصنع.

وخلصت المجلة إلى القول إن "ارتفاع الطلب الصيني على هذه المادة وزيادة مشترياتها، يمكن أن يشير إلى أن بكين تتحوط بشأن العقوبات المستقبلية المحتملة أو عدم استقرار سلسلة التوريد"، معتبرة ما يحدث في كازاخستان "أحد هذه الظروف، ولهذا السبب أيضا تتحرك بكين بحذر وتستغل النشاط الروسي".