"قد لا تعقد مجددا".. أسوشييتد برس: 3 أسئلة تشرح تداعيات تأجيل انتخابات ليبيا
أكدت وكالة أسوشييتد برس الأميركية أن تأجيل موعد الانتخابات في ليبيا يضع مستقبل البلاد على المحك، وسط عدم يقين بشأن محاولة إجرائها مرة أخرى من عدمه.
وأخفقت ليبيا في إجراء أول انتخابات رئاسية كما كان مخططا لها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، في ضربة قوية للجهود الدولية لإنهاء عقد من الفوضى في الدولة الغنية بالنفط على البحر المتوسط.
وفتح تأجيل التصويت الباب أمام حالة من عدم اليقين بشأن ما سيأتي بعد ذلك في عملية السلام الهشة، ما أثار مخاوف من أن تنزلق ليبيا إلى جولة جديدة من العنف بعد أكثر من عام من الهدوء النسبي.
وكانت الانتخابات المخطط لها هي العمود الفقري لجهود السلام الدولية، حيث دفعت القوى الإقليمية والدولية الرئيسة لعدة أشهر من أجل إجرائها كما هو مقرر.
لكن كثيرين داخل ليبيا وخارجها يشككون في استمرار الانتخابات كما هو مخطط لها. وحذر البعض من أن إجراء التصويت قد يزعزع استقرار البلاد، في ظل استمرار الاستقطاب.
ما الخطة؟
وانزلقت ليبيا إلى حالة من الفوضى في أعقاب انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي "الناتو" والتي أطاحت بالديكتاتور القديم معمر القذافي ثم قتله.
ومنذ ذلك الحين، انتشرت الجماعات المسلحة بما في ذلك المليشيات المحلية والقبلية، والقومية والإرهابية مثل تنظيمي الدولة والقاعدة.
ومنذ الانتخابات البرلمانية في عام 2014، جرى تقسيم البلاد بين إدارتين متنافستين رئيستين، واحدة في الشرق مدعومة من قبل القائد العسكري خليفة حفتر، وأخرى في الغرب كانت تمثل الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس.
حفتر الذي كان ضابطا كبيرا في عهد القذافي لكنه انشق في الثمانينيات، يتخذ من مدينة بنغازي مقرا له، مركز انتفاضة 2011.
وتسيطر قواته المعروفة باسم القوات المسلحة العربية الليبية على جزء كبير من شرق وجنوب ليبيا، بما في ذلك حقول النفط ومحطاتها. وهو مدعوم من روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر.
وفي أبريل/نيسان 2019، شن حفتر وقواته هجوما على طرابلس، لكن تركيا كثفت دعمها العسكري لخصومه المتمركزين في طرابلس، بما في ذلك نشر القوات. وفشل الهجوم بعد 14 شهرا من القتال.
وحافظ وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بوساطة دولية في أكتوبر/تشرين الأول 2020 على هدوء نسبي منذ ذلك الحين.
لكن بعض بنوده الرئيسة كانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة في غضون ثلاثة أشهر والالتزام بحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة لم يجر الوفاء بها.
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار، قادت الأمم المتحدة عملية سياسية تسمى منتدى "الحوار السياسي الليبي"، والتي تضم 75 مندوبا من جميع أنحاء البلاد.
وحدد المنتدى انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر. كما عين حكومة مؤقتة ضمت مجلسا رئاسيا من ثلاثة أعضاء بقيادة شخصية شرقية (محمد المنفي)، وحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة، وهو رجل أعمال قوي من مدينة مصراتة في الغرب.
وكانت المهمة الرئيسة للحكومة المؤقتة هي تحضير البلاد للانتخابات.
ماذا حدث؟
منذ البداية، أعاقت النزاعات العملية. وشجب المجلس الأعلى للدولة، الهيئة القيادية الرئيسة في الغرب، القواعد التي تحكم الانتخابات، التي وضعها البرلمان الشرقي. وشاركه الدبيبة في الانتقادات.
ومع استمرار عدم تسوية الطعون القانونية بشأن القواعد، دعا مجلس الدولة بإصرار إلى تأجيل التصويت.
وتعمق انعدام الثقة عندما قرر المشرعون إجراء انتخابات برلمانية بعد شهر من الرئاسيات التي كانت مقررة في 24 ديسمبر، وليس في وقت واحد، تقول أسوشييتد برس.
وأصبحت الانتخابات الرئاسية تشهد استقطابا بشكل حاد عندما أعلنت العديد من الشخصيات بما في ذلك خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي، نجل الديكتاتور المخلوع المشاركة فيها.
وهدد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، باللجوء إلى العنف لمنع حفتر من تولي المنصب حال انتخابه.
وأثار إعلان سيف الإسلام ترشحه وعودا من المعارضين بعدم السماح بعودة حكم عائلة القذافي.
واستبعدته لجنة الانتخابات مع أكثر من عشرين مرشحًا محتملاً. لكن عند الاستئناف، أعادت المحاكم معظمهم، بما في ذلك سيف الإسلام.
كما أعلن الدبيبة عن ترشحه، مما أثار غضبا لأنه عندما جرى تعيينه على رأس الحكومة الانتقالية، كان قد وعد بعدم الترشح.
وقدم حوالي 100 شخص وثائق للترشح للرئاسة، ولكن مع استمرار الخلافات القانونية، لم تتمكن لجنة الانتخابات من إعلان القائمة النهائية للمرشحين.
ولم يتضح قط ما الذي سيحدث بعد الانتخابات. وتتفق جميع الأطراف على ضرورة إعادة كتابة الدستور، لكن لم يجر الاتفاق على من سيفعل ذلك ومتى.
وفي ظل ذلك، أظهرت المليشيات التي تطالب بالتأجيل استياءها، وأغلقت طرقا في أجزاء من طرابلس، مما أثار تحذيرات من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من أن التوترات قد تنفجر إلى أعمال عنف.
ويظل كل جانب في الانقسام الرئيس بين الشرق والغرب جاهزا للقتال، "مدعوما بالمرتزقة" الذين جلبتهم الجهات الأجنبية التي تدعم الفرقاء الليبيين، وفق الوكالة الأميركية.
وفيما لا توجد إحصائيات دقيقة عن العدد الحالي للمرتزقة، تشير الأمم المتحدة إلى أن عددهم وصل إلى 20 ألفا، بمن فيهم سوريون وروس وسودانيون، كما قال.
ما التالي؟
تؤكد الوكالة الأميركية أن "الفشل في إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها يهدد بفتح الباب أمام الفراغ السياسي".
وجادل المشرعون بأن تفويض الحكومة المؤقتة انتهى في 24 ديسمبر.
ويقولون إن الحكومة فشلت في مهامها الرئيسة، وأهمها إعداد البلاد للانتخابات، وتوحيد مؤسساتها، وتفكيك المليشيات أو دمجها في قوات الأمن النظامية، بحسب الوكالة.
وقال الدبيبة في خطاب متلفز نهاية ديسمبر إنه وإدارته سيبقون حتى إجراء "انتخابات حقيقية".
وأوضح أن قوانين الانتخابات "معيبة" ودعا إلى أن يكون التصويت على أساس دستور تمت صياغته حديثا.
ودعت الحكومات الغربية الكبرى الحكومة إلى البقاء في السلطة حتى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية "عاجلة".
واقترحت لجنة الانتخابات يوم 24 يناير/كانون الثاني 2022 موعدا جديدا.
لكن ليس من الواضح متى أو ما إذا كان بإمكان الفصائل حل الخلافات التي أدت إلى الفشل في إجراء التصويت كما هو مخطط له.
وأجرت ستيفاني ويليامز المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ليبيا، رحلات ومشاورات مكوكية على مدار أسبوعين مع كبار اللاعبين الليبيين.
وألقت لجنة تشريعية معنية بالانتخابات باللوم على المليشيات التي قالت إنها تريد "صياغة عملية انتخابية مشوهة"، في إشارة واضحة إلى شكاوى من طرابلس بشأن قواعد العملية الديمقراطية.
واقترحت اللجنة رسم "خريطة طريق عملية" للانتخابات وإعادة هيكلة الحكومة المؤقتة "لتحقيق الاستقرار"، دون تحديد مواعيد.
وعقد أكثر من 100 نائب مناقشات على مدى يومين نهاية ديسمبر في مدينة طبرق بشرق البلاد حول مستقبل العملية الانتخابية والحكومة المؤقتة.
وانتهت الجلسة دون اتخاذ قرار ومن المتوقع أن تستمر في وقت لاحق.