تدهور أمني.. هكذا يبدو الوضع على الحدود بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر
تطرقت صحيفة إيطالية إلى التوتر الأمني وحالة عدم الاستقرار المتصاعدة في المنطقة الحدودية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وذلك بسبب الهجمات المتكررة التي تشنها تنظيمات مسلحة.
واعتبرت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن قوات الأمن تواصل تطبيق نهج عسكري بحت في المنطقة، مع اعتمادها على التمويل الدولي، ودون فهم حقيقي للديناميكيات المحلية التي تقف وراء هذا الوضع الأمني المتدهور.
وذكرت أن "التعامل العسكري للسلطات حتى الآن من أجل ضمان قدر أكبر من الاستقرار للسكان، باء بالفشل".
وأشارت الصحيفة إلى أن "إضفاء الطابع الأمني على الحدود أدى إلى حلقة مفرغة من العنف بين الجماعات المسلحة والقوات العسكرية".
هجمات دامية
وذكرت الصحيفة أن مسألة الأمن الإقليمي في غرب إفريقيا جذبت اهتماما إعلاميا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، بسبب عدم الاستقرار المتزايد الذي تعيشه البلدان المتجاورة هناك.
واعتبرت أن الضغط المناخي بسبب التصحر، وكذلك التوترات الاجتماعية والاقتصادية وانعدام الثقة في الطبقة السياسية، ليست سوى بعض العناصر التي تسهم في تفاقم حالة عدم الاستقرار والعنف المرتبط بها في المناطق المعنية.
وأشارت الصحيفة الإيطالية بشكل خاص إلى "ما يحدث في المناطق الحدودية من تكرر وتصاعد الأنشطة العنيفة، رغم أن السلطات تكثف عملياتها الأمنية بشكل كبير".
ومؤخرا، أعلن جيشا النيجر وبوركينا فاسو أن قواتهما قتلت حوالي 100 "إرهابي" في عملية عسكرية مشتركة تم تنفيذها ما بين 25 نوفمبر/تشرين الثاني و9 ديسمبر/كانون الأول 2021، جرى تنفيذها على الحدود بين البلدين.
وأضاف البيان أن أربعة عسكريين من بوركينا فاسو قتلوا خلال هذه العملية في انفجار عبوة ناسفة شرق البلاد، بالإضافة إلى إصابة 13 عسكريا من البلدين.
وللإشارة يقع مقر قيادة هذه العملية المشتركة في منطقة تيلابيري غرب النيجر، وتعد منطقة شاسعة ومضطربة تبلغ مساحتها نحو 100 ألف كيلومتر مربع، وهي منذ عام 2017 مسرح لهجمات دامية من قبل جماعات مسلحة.
وفي 2017، تم تشكيل قوة الساحل المشتركة العابرة للحدود؛ لتعزيز جهود مجموعة دول الساحل الخمس، وهي موريتانيا والنيجر والتشاد ومالي وبوركينا فاسو، من أجل تحقيق النظام في مناطقها الحدودية المشتركة.
واعتبرت الصحيفة أن بوركينا فاسو، التي تعيش على وطأة الصراع الداخلي منذ استقالة الرئيس بليز كومباوري عام 2014 على إثر احتجاجات حاشدة، تعد حالة نموذجية للوضع غير المستقر.
وبالنظر إلى القرب من المناطق التي تشهد نزاعات داخلية هي الأخرى، مثل مالي والنيجر، يثير تدهور الظروف الأمنية في بوركينا فاسو مخاوف بشأن استقرار المنطقة بأكملها.
ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن المنطقة الحدودية، المعروفة تاريخيا باسم ليبتاكو-غورما، تعرضت خلال السنوات الأخيرة من جهة لزيادة وتيرة الهجمات من قبل الجماعات المسلحة المنتمية إلى العديد من الفصائل غير الحكومية (المحلية والعابرة للحدود)، وإلى تكثيف مفرط من جهة ثانية للإجراءات الأمنية التي لم تثمر عن تحقيق النتائج المرجوة.
مسألة معقدة
وأرجعت "إيل كافي جيوبوليتيكو" الفشل في تحقيق الاستقرار والأهداف الأمنية في المنطقة بشكل أساسي إلى تنفيذ نهج أمني بحت في كثير من الأحيان، كما أنه لا يستند إلى فهم شامل للأسباب الكامنة وراء التحاق المدنيين بهذه الجماعات المسلحة، فضلا عن الأسباب التي أدت إلى التجاء الأخيرة إلى العنف.
وعلى وجه الخصوص، قالت إنه غالبا ما تحجب الدعاية الإعلامية للتنظيمات المتطرفة، على غرار تنظيمي "القاعدة" و"الدولة"، الأسباب الداخلية التي تكمن وراء تكرر العنف.
وأوضحت الصحيفة أن التنظيمات العابرة للحدود، مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجماعات المتطرفة المحلية، والتي تعود عوامل تشكلها خاصة إلى حالة استياء عميق من الظروف المعيشية اليومية.
وذكرت أن التنظيمات المتطرفة العابرة للحدود النشطة في المنطقة لم تعلن عن مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في يونيو/حزيران 2021، على قرية صلحان والذي أودى بحياة 160 مدنيا.
ويرجع ذلك على الأرجح إلى حقيقة أن الهجمات غالبا ما تنفذ من قبل حركات محلية بدرجات متفاوتة من الانتماء إلى منظمات أكبر وعابرة للحدود، وفق الصحيفة.
وأضافت أن الجماعات المحلية المسلحة تجند عناصرها وتنفذ أنشطتها مستفيدة من مناخ النزاعات المحلية ووضع عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
علاوة على ذلك، يدعم هذا بحقيقة أن معظم الهجمات على أهداف مدنية نفذت ضد سكان منتمين إلى أعراق معينة كعرق موسي.
حراس الأدغال
وبحسب الصحيفة، تمثل الأزمة المستمرة على الحدود بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، حلقة مفرغة من الهجمات التي يشنها المتمردون وكذلك من تشديد الإجراءات الأمنية.
بالإضافة إلى انتشار الفساد وانعدام الثقة في الحكومات المعنية بالمنطقة، تؤثر الإجراءات التي تنفذها الجهات الفاعلة الدولية بهدف وضع حد للهجمات المتطرفة بشكل كبير على سلوك الفاعلين المعنيين.
وفي هذا السياق، ألمحت الصحيفة إلى أن سياسة تعهيد مسألة الهجرة الأوروبية في السنوات الأخيرة أدى إلى عسكرة مكثفة للمناطق الحدودية في منطقة غرب إفريقيا.
ولاحظت بأن هذه الإجراءات لم تسهم في التقليص من عمليات الهجرة المغادرة من تلك المنطقة فحسب، بل لم تحقق الهدف الرئيس المتمثل في توفير قدر أكبر من الأمان لفائدة المدنيين المعنيين.
ولفتت الصحيفة إلى "تسجيل تجاوزات حكومية وعمليات قتل جماعي خارج نطاق القضاء على أيدي قوات الأمن المحلية في عدة مناسبات".
وأشارت في هذا الصدد إلى ما حدث في قرية سكانها ينتمون إلى العرق الفولاني، قرب بلدية كانتشاري، على الحدود مع النيجر، التي تعرضت لاعتداءات من قبل قوات الشرطة ردا على مقتل أحد عناصرها.
وخلصت الصحيفة إلى أن ديناميات من هذا النوع إلى جانب انعدام الأمن، شجعت أيضا على تشكيل مجموعات مسلحة من المواطنين تسمى حراس الأدغال، بهدف حماية أراضيهم وممتلكاتهم من الجماعات المسلحة المتمردة وكذلك من قوات الأمن.