حصة الأكراد.. أبرز المرشحين المحتملين للجلوس على كرسي رئاسة العراق
يدور في الأوساط السياسية العراقية الحديث عن تنافس عدد من الشخصيات الكردية لشغل منصب رئيس الجمهورية، الذي يتولى إدارته حاليا القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، ولا سيما في ظل حديث عن تضاؤل فرص الأخير بالحصول على ولاية ثانية.
وعقب الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، درج العرف السياسي في العراق على أن يذهب منصب رئيس مجلس الوزراء إلى المكون الشيعي، بينما تولى رئاسة البرلمان شخصية سنية، في حين يشغل منصب رئيس الجمهورية من الأكراد، وتحديدا الاتحاد الوطني الكردستاني.
لكن في الوقت الحالي تصدر تصريحات من شخصيات سياسية كردية مفادها بأن ساكن قصر السلام (مقر رئيس الجمهورية) في المرحلة المقبلة سيكون من نصيب الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، كونه حقق أعلى المقاعد البرلمانية بين القوى الكردية (31 مقعدا).
الكلمة للبارزاني
وبخصوص التفاهمات الجارية بين الأكراد لشغل منصب رئيس جمهورية العراقي، كشف مصدر سياسي عراقي في حديث لـ"الاستقلال" أن "المرشحين للمنصب سيكونون حصرا داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يحتفظ بالمنصب منذ عام 2006 وحتى اليوم".
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن "الرئيس الحالي برهم صالح وهو أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، رغم أنه أحد المرشحين لكن لم يعد وضعه مريحا للحصول على ولاية ثانية، وإنما بات الأمر صعبا جدا بسبب رفضه من أطراف كردية، ولاسيما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني".
وأوضح المصدر أن "برهم صالح يحاول الحصول على ولاية ثانية لكن دون جدوى جراء الموقف الرافض من الديمقراطي الكردستاني صاحب الأغلبية الكردية في مقاعد البرلمان العراقي، إضافة إلى رفض الأطراف الشيعية القريبة من إيران لإعادة تولي برهم صالح ومصطفى الكاظمي (رئيس الوزراء الحالي) لمنصبيهما".
وبحسب المعلومات التي اطلع عليها المصدر السياسي، فإن "مسعود البارزاني، سيقدم منصب رئاسة الجمهورية لعائلة الطالباني للعلاقة الودية التي تجمع الجانبين في الوقت الحالي، وبالتالي فإن المنصب باق من حصة الاتحاد الوطني".
وفي السياق ذاته، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بنكين ريكاني خلال مقابلة تلفزيونية في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2021 إن "أغلب القادة التاريخيين للاتحاد الوطني الكردستاني قريبون من مزاج الزعيم مسعود البارزاني".
وأضاف ريكاني أن "هؤلاء القادة التاريخيين لديهم وعي كبير لطبيعة المرحلة ويعرفون أن مسعود البارزاني يمثل ثقلا سواء على الصعيد الوطني أو على صعيد القضية الكردية".
وأوضح وزير الإسكان والاعمار الأسبق أن "التفاهمات بين الحزبين الكرديين قطعا ستؤدي إلى انتخاب شخصية جديدة لرئاسة الجمهورية غير برهم صالح، ويجب أن تحظى بقول الحزب الديمقراطي الكردستاني والزعيم البارزاني، لأنها ستمثل كل الكرد".
شخصيات محتملة
وبشأن الأسماء المتداولة، قال ريكاني إن "القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني عدنان المفتي من أبرز الشخصيات الموجودة، وإن أي شخص سيأتي للمنصب لا بد أن يحظى بقبول الكرد، ولا سيما أكبر حزب وشخصية كردية ممثلا في مسعود البارزاني".
أما المصدر السياسي العراقي، فقد أشار في حديثه لـ"الاستقلال" إلى أن "هناك حديثا عن ترشيح عبد اللطيف رشيد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، والذي كان وزيرا للموارد المائية في الحكومة العراقية سابقا، وكذلك يتردد اختيار ملا بختيار أيضا".
لكن عدنان المفتي، قال خلال تصريحات صحفية في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021: "لم يطلب أحد مني بشكل رسمي الترشح لتولي منصب رئيس الجمهورية"، مردفا أنه "سبق وأن أعلنت عدم رغبتي بتولي المنصب".
وعن الشخصية التي قد تتولى رئاسة الجمهورية المقبلة، أوضح المفتي أن "حسم المنصب متوقف على اتفاق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني"، معربا عن أمله في أن يجرى الاتفاق بين الجانبين.
وفي هذا الصدد، قال القيادي في الاتحاد الوطني، محمود خوشناو، خلال تصريحات صحفية في 14 ديسمبر/ كانون الثاني 2021 إن "الاتحاد كان يرغب بحسم المناصب الرئاسية (الجمهورية، والوزراء، والبرلمان) وفق التوافق والمشاورات الطبيعية، وغير محصورة بالتقسيم المكوناتي، لكن ذلك أصبح واقعا وعرفا سياسيا في التوزيع".
وأضاف خوشناو، أن "الأكراد يرون أن رئاسة الجمهورية استحقاق لهم باعتبارهم مكونا وشريكا أساسيا في العراق، لكننا نبحث عن التوافق والتراضي، سواء الداخلي، أو مع الأحزاب الأخرى في بغداد، خاصة أن المنصب ليس محصورا بالاتحاد الوطني، ويمكن للحزب الديمقراطي أن يقدم مرشحه، لكن كل شيء مرهون بالتوافق والتشاور".
مرشحون آخرون
انطلاقا من حديث خوشناو، فإن أوساطا سياسية، تتداول اسم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، كأحد المرشحين المحتملين، وهو سياسي مخضرم، تسلم عدة مناصب خلال الحكومات السابقة، أبرزها حقيبة المالية، وكذلك وزارة الخارجية.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كشف الخبير القانوني العراقي طارق حرب في بيان صحفي، عن حراك يجريه رئيس تحالف "تقدم" محمد الحلبوسي وهوشيار زيباري مع الصدريين لدعمهما في الوصول الى رئاستي البرلمان والجمهورية.
وقال حرب إن "انتخاب رئيس البرلمان هو المرحلة الأولى التي حددها الدستور في سلسلة انتخابات الرئاسات الثلاث".
وتمكن الحلبوسي من أن يحصل على موافقة الصدريين على التصويت لصالحه لتولي منصب رئيس البرلمان مجددا، وبذلك ضمن أكثر من سبعين صوتا لصالحه وكذلك ضمن الصدريون أكثر من أربعين صوتا لصالحهم على الأقل، حيث سيستفيدون منها في ترشيح رئيس الوزراء الذي يكون ضمن المرحلة الدستورية الثالثة، وفق قوله.
وتابع الخبير العراقي، قائلا: "المرحلة الثانية تتمثل في انتخاب رئيس الجمهورية، إذ إن الديمقراطي الكردستاني يطمح أن تكون من نصيب مرشحهم زيباري"، مؤكدا أن "الأغلبية الوطنية في أن يحدد الصدريون اسم رئيس الوزراء، ولعل ذلك متوقع أن يكون مصطفى الكاظمي".
كما برز اسم رئيس إقليم كردستان الحالي، نيجرفان البارزاني، كأحد المرشحين المحتملين لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو يرتكز على تاريخ سياسي، وعلاقات قوية مع الدول المجاورة، غير أنه يعاني ضعفا في اللغة العربية، وهذا قد يجعله بعيدا عن المنصب.
ورئيس جمهورية العراق هو أعلى منصب إداري في الهيكل الحكومي للدولة العراقية، وفق الدستور الذي ينص في مادته السابعة والستين على أن رئيس الدولة هو رمز وحدة الوطن، ويمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقا لأحكام الدستور.
ويعد منصب رئيس الجمهورية تشريفيا في المقام الأول، إذ إن الدستور العراقي منح رئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة في مختلف المجالات.
وبذلك يعتبر المنصب التنفيذي الأول في البلاد هو رئيس الحكومة.
وينتخب الرئيس العراقي من قبل البرلمان وبأغلبية الثلثين، ومدة الولاية الرئاسية اربعة أعوام، ويمكن إعادة انتخابه مرة ثانية فقط.
وبعد انتهاء العهد الملكي والتحول إلى الجمهوري بانقلاب عسكري نفذه وزير الدفاع عبد الكريم قاسم في عام 1958 كان أول من ترأس أعمال رئاسة الجمهورية هو محمد نجيب الربيعي الذي ترأس في وقتها مجلس السيادة.
لكن أول من حمل لقب رئيس الجمهورية في العراق، كان عبد السلام عارف الذي تولى الحكم بين 1963 - 1966، إذ كان يشغل أيضا منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية.