الصراع في إثيوبيا.. كيف يهدد بانعدام الأمن في منطقة القرن الإفريقي؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

حذرت مجلة إيطالية من "أن الحرب في إثيوبيا لا تتوقف لا سيما وأن رئيس الوزراء آبي أحمد مقتنع بأنه قادر على هزيمة أعدائه في إقليم تيغراي، بينما تتفاقم الانقسامات العرقية، والخطر يكمن الآن في تفكك الاتحاد الفيدرالي".

وأضافت مجلة "فورميكي" أن رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز سابقا على جائزة نوبل للسلام في السنوات التي اعتبره فيها الغرب مدافعا عن الديمقراطية في إفريقيا،  كان قد صرح بالقول "إننا ننتصر".

وذكرت أن الحرب بين القوات الحكومية في أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي كانت قد اندلعت منذ قرار الحكومة تأجيل الانتخابات في العام 2020 بسبب تفشي جائحة كورونا.

وهو ما عارضه الإقليم، مما أثار رد فعل قوي من الحكومة وذلك بعزل المنطقة عسكريا، الأمر الذي دفع المتمردين إلى المواجهة.

عزل وتعبئة

وتابعت المجلة بأن جزءا كبيرا من شمال إثيوبيا جرى عزله عن العالم بعد أن قطعت الحكومة جميع أشكال الاتصال ومنعت دخول الصحفيين إليه. 

وحاليا، يتواصل الصراع بين القوات الحكومية، من ناحية، بدعاية ميدانية من آبي أحمد حاملا السلاح في يده بكلمات مثل "معنويات القوات مرتفعة"، "سننتصر"، ومن ناحية أخرى جبهة تحرير شعب تيغراي التي نجحت في ضم مجموعات محلية أخرى وشكلت معها تحالفا.

ذكرت المجلة بأن الوضع إعلاميا يجري متابعته من خلال تغطية توفرها شبكة الجزيرة القطرية لا سيما وأن طاقمها الوحيد الذي تمكن من دخول شيفرا، وهي مدينة إستراتيجية تقع بين إثيوبيا وجيبوتي والتي "ربما تكون قد عادت إلى سيطرة القوات الحكومية". 

وبحسب المجلة، يؤكد الصحفيون جزئيا فقط التصريحات المنتصرة للحكومة المركزية خصوصا مع نزول آبي أحمد إلى  جبهة القتال نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021. 

أوضحت فورميكي أن الحرب في تيغراي تعد نموذجا للوضع الإفريقي خاصة من ناحية قابلية وسهولة توسع النزاعات.

وأشارت في هذا الصدد إلى أنه بعد أن تورطت القوات الإريترية في الصراع خلال الأشهر الماضية، يبدو أن دور السودان الذي يشكو سلسلة من الاضطرابات الداخلية بعد مرور شهر على الانقلاب (25 أكتوبر/تشرين الأول)، قد حان الآن خصوصا مع سقوط بعض القتلى من قوات الخرطوم على الحدود السودانية.

من جانبها،  تنكر أديس أبابا أي مسؤولية  لها، وتحمل المسؤولية لجبهة تحرير شعب تيغراي، وتتهمها بشن هجمات في منطقة متنازع عليها وهي سهل الفشقة الزراعي الخصب. 

وتفيد الرواية الحكومية الإثيوبية بأن عناصر من متمردي تيغراي تلقوا تدريبات في السودان وعند عودة بعضهم إلى إثيوبيا حدث قتال مسلح سقط أثناءه جنود سودانيون. 

تتحدث أديس أبابا عن "مؤيدين أجانب" وتطرح الفرضية القائلة بأن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تتلقى مساعدة خارجية للإطاحة بالحكومة. 

علقت المجلة بأن الحكومة الإثيوبية هي التي تحظى بدعم من الخارج خصوصا مع تسريبات صحفية جديدة حول حصولها على طائرات بدون طيار من إيران في الأيام الأخيرة.

ولفتت إلى أن العلاقات بين رئيس الحكومة الإثيوبية وطهران تسير بشكل جيد، وقد باركها الرئيس السابق حسن روحاني في مايو/أيار 2021 قبيل خسارة الانتخابات الرئاسية.

واعتبرت أن هناك روابط إستراتيجية تجمع الطرفين تستمر مع الرئاسة الجديدة، لا سيما أن المحافظين يرون في الأزمة الإثيوبية ودعم آبي أحمد فرصة خاصة وأنه دخل في صراع مع واشنطن لرفضه قبول أشكال من التهدئة.

"يوغوسلافيا جديدة"

وأضافت فورميكي بأن ما اعتبرته بعدا نموذجيا آخر للأزمة يتعلق بتطورها خصوصا وأن الكثير من المراقبين يتحدثون عن "يوغوسلافيا جديدة" في إطار وضع يشبه البلقنة أي ما حدث في منطقة البلقان، وفق تعبير تيفيري ميرغو وكيبيني كيجيلا في مجلة فورين بوليسي الأميركية. 

واعتبرت أن جميع سكان البلاد البالغ عددهم 117 مليونا تقريبا متورطون في الحرب، خصوصا وأن آثار الصراع تمتد إلى توافر المواد الأولية والغذاء وبالتالي من شأنها أن تؤثر على النظام الفيدرالي وتعطيله.

وتفترض أن ذلك لن يؤدي إلى تقويض المشروع الطموح لآبي أحمد فحسب والمتمثل في تحويل إثيوبيا إلى قوة إفريقية مركزية، وإنما سيخلق عاملا إضافيا لانعدام الأمن في منطقة القرن الإفريقي شديدة الحساسية.

وأردفت بأن خطر "البلقنة" يرتبط بالسياق العرقي الذي يميز الاتحاد الإثيوبي، حيث يعيش الأورومو والأمهرة والعفار والصوماليون والتيغراي أيضا.

كما أن البلد يتشكل من مجموعات عرقية يقرب عددها 90، جرى عزلها في حدود جغرافية ضيقة نتيجة الإصلاحات العرقية الفيدرالية، مما أثار منافسة شرسة على السلطة. 

وحذرت المجلة من أن كل منطقة تعد الآن بؤرة محتملة لأعمال العنف والصراعات، كما توجد أقليات عرقية تسكن بعض المناطق وتشكل خطرا على السلطة وتشهد حروبا قبلية وعنفا وتطهيرا عرقيا وفوضى.

كتب الصحفي بيير هاسكي في مجلة انترناسيونالي الإيطالية: "عندما يعرّف مواطنو بلد ما أنفسهم على أساس انتمائهم إلى مجموعة عرقية، فمن المشروع أن نخشى الأسوأ". 

من جهتها، حاولت الحكومة على الدوام حجب هذه الحقائق حتى لا تتأثر صورتها الدولية، وذلك باعتقال آلاف الأشخاص في مناطق مختلفة من البلاد واتهامهم بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لمجرد أنهم من عرق تيغريني.

علاوة على هذا، تعيش المجموعات العرقية أيضا في دول أخرى مثل جيبوتي وإريتريا والصومال.

لذلك هناك احتمال أن يجري استغلال الحرب الممتدة لتفاقم انقسامات معينة من شأنها أن تتسبب في تداعيات إقليمية. 

لهذا السبب أيضا، تضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أديس أبابا لبدء عملية حل النزاع والحوار. 

وأشارت المجلة إلى تعدد التدخلات الخارجية في الصراع، حيث شاركت إريتريا في الحرب ضد متمردي التيغراي، بينما دعمت جيبوتي العملية العسكرية الحكومية.

وكذلك تقع الاشتباكات المذكورة أعلاه على الحدود السودانية مع وجود "تدخل نشط من دول خارجية مثل إيران والإمارات وتركيا وأيضا مصر"، وفق المجلة.