نيويورك تايمز: لا نية لدى نظام السيسي لتحسين الوضع الحقوقي بمصر

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ما زالت مستمرة رغم محاولات الحكومة المصرية إظهار وجود تغيير.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن القضاء المصري أدان مجددا ناشطا حقوقيا بارزا بتهمة "إهانة سلطة حكومية"، مضيفا اسمه لقائمة متزايدة من النشطاء والصحفيين والمعارضين الذين سعى النظام إلى إسكاتهم لسنوات.

وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قضت محكمة القاهرة الاقتصادية، بتغريم مدير منظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، حسام بهجت، بمبلغ 10 آلاف جنيه (نحو 637 دولارا)، بتهمة إهانة "الهيئة الوطنية للانتخابات" في مصر، في تغريدة نشرها في عام 2020 عبر "تويتر".

وتمنع السلطات المصرية بهجت، المعروف بدفاع الغرب عنه مقارنة بالمعارضين الإسلاميين، من السفر وقررت تجميد أصوله على خلفية قضية أخرى معروفة إعلاميا بـ"التمويل الأجنبي" لا يزال متهما فيها.

وضع قاتم

ورأت الصحيفة أن العقوبة المفروضة على بهجت متواضعة نسبيا، لكن الخطوة ما هي سوى أحدث فصل في ملحمة قانونية ضده بدأت منذ أكثر من خمس سنوات، عندما فتحت السلطات تحقيقا في أنشطته وأخضعته لحظر سفر مفتوح يقول إنه شل حياته المهنية وأصابه بالاكتئاب.

واعتبر خبراء أن الحكم الأخير يهدف على ما يبدو إلى ترهيب معارضي الحكومة وإجبارهم على الصمت بينما يقدم في الوقت نفسه وجها أكثر تسامحا للجمهور في الخارج من خلال عدم سجنه.

فيما قال بهجت وهو يخرج من قاعة المحكمة: "الأمر يزداد صعوبة.. يعتقدون أنهم يستطيعون تغيير الخطاب وترك كل شيء كما هو ".

وأشارت "نيويورك تايمز" أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي يظهر بصفته مضيفا لقمة المناخ العالمية الكبرى في 2022، مؤشرات على تزايد الوعي بالرأي العالمي عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.

لكن رغم هذه النغمة اللينة، فإن الواقع على الأرض في مصر لا يزال قاتما بالنسبة لمنتقدي السيسي.

ففي يونيو/حزيران 2021، حكم على الباحث أحمد سمير السانتاوي، خريج الأنثروبولوجيا في فيينا، الذي تم اعتقاله خلال زيارة لمصر واستجوابه بشأن منشورات مناهضة للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، بالسجن أربع سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة".

وفي نوفمبر 2021، حكم على خمسة نشطاء وسياسيين، بينهم عضو سابق في البرلمان، بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات، أيضا بتهمة "نشر أخبار كاذبة واستخدام حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي لتقويض الأمن القومي".

وتوقعت الصحيفة الأميركية إجراء مزيد من المحاكمات للباحثين والنشطاء والمدونين الآخرين في الأسابيع المقبلة.

وتقدر جمعيات حقوقية أن عشرات الآلاف من المعارضين الذين تم سجنهم في السنوات القليلة الماضية، وكثير منهم دون محاكمة، ما زالوا يقبعون في السجون المصرية.

استبداد متواصل

وتؤكد المحاكمات والعقوبات بالسجن المستمرة بحق النشطاء، الاتجاه الاستبدادي المتزايد الذي سلكته البلاد تحت قيادة السيسي، منذ توليه الرئاسة في عام 2014.

ونقلت الصحيفة عن محمد أنور السادات، الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري، والذي لعب أخيرا دورا غير رسمي في التوسط بين جماعات المجتمع المدني والدولة، قوله "أرى الظلام، اعتقدنا أن المحاكمة ستنهي هذه القضايا بشكل أفضل وتكون بمثابة وسيلة للخروج من الأزمة، لكننا في حالة صدمة".

وكان بهجت قيد المحاكمة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بسبب منشور على تويتر في 2020 يتهم فيه مسؤولا حكوميا (قاضيا) كان يترأس هيئة الانتخابات بالإشراف على انتخابات برلمانية مزورة. وتوفي ذلك المسؤول فيما بعد.

يذكر أن عددا من المرشحين الخاسرين في انتخابات برلمان 2020 أقاموا دعاوى قضائية، يتهمون فيها الهيئة بـ"التورط في تزوير نتائج التصويت النهائية لمصلحة مرشحي حزب مستقبل وطن المدعوم من النظام الحاكم"، مدعومة بالعشرات من مقاطع الفيديو التي توثق ذلك.

وجاءت إدانة بهجت وفق الصحيفة بعد أيام من إطلاق السيسي عدة إشارات أن الدولة ستخفف من قبضتها على المعارضة السياسية وحرية التعبير.

ففي سبتمبر/أيلول 2021، قال السيسي إن مصر ستفي بجميع "الالتزامات تجاه حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن إنهاء حالة الطوارئ المستمرة منذ أربع سنوات، التي منحت الحكومة وقواتها الأمنية سلطات واسعة لسحق المعارضة واحتجاز المواطنين.

آمال جوفاء

ومنحت هذه القرارات بعض الأمل في مصر في أن البلاد قد تتبنى نهجا أكثر تسامحا من شأنه أن يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل دون مضايقات الشرطة والتهديد المستمر بالاحتجاز.

ومع ذلك، أشار متشككون إلى إدخال قوانين أخرى عززت قبضة الحكومة الاستبدادية، ورفضوا تأكيدات السيسي باعتبارها جوفاء، لدرء انتقادات الغرب.

خالد علي، وهو سياسي بارز ومحام يمثل بعض النشطاء الذين ما زالوا قيد المحاكمة، قال: "يبدو أن هذا الخطاب يشير إلى انفتاح، لكن الواقع يظهر عكس ذلك.. إنه تناقض كبير".

وأكد آخرون أن محاكمة بهجت هي أحدث دليل على دولة ليست على استعداد للتخلي عن جهودها لسحق حرية التعبير والمعارضة السياسية، باسم الحفاظ على النظام والاستقرار في منطقة تعج بالصراعات.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد أن هناك "قضايا مثيرة للقلق" في مصر في تصريحات قبيل إطلاق الحوار الإستراتيجي بين البلدين في واشنطن في نوفمبر2021 ، بعد توقف ست سنوات.

وأضاف أن "إجراء تحسينات ملموسة ودائمة في مجال حقوق الإنسان أمر ضروري أيضا لتعزيز علاقتنا الثنائية".

وقبل صدور الحكم الأخير بحق بهجت، أصدرت 46 منظمة حقوقية، في مقدمتها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، بيانا تدعو فيه مصر إلى "الكف عن مضايقة واضطهاد بهجت".

ونقلت "نيويورك تايمز" عن ناصر أمين، العضو السابق في المجلس القومي لحقوق الإنسان، قوله إن "هذا يمثل حالة غير مسبوقة من القمع الذي نعيشه.. لا توجد إجراءات عملية أو واقعية تشير إلى أي نية أو رغبة حقيقية في تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر".