جمد المشروع بعد 6 أشهر فقط.. أسباب تراجع إنستغرام عن طرح نسخة للأطفال

12

طباعة

مشاركة

بعد الصدى الكبير لتطبيق "إنستغرام" لدى فئة الشباب، كشفت شركة "فيسبوك" عن مخطط لإطلاق منصة من "إنستغرام" لمن هم دون سن 13 عاما، إلا أنه خلال 6 أشهر فقط جمدت المشروع.

وفي مارس/آذار 2021، أعلنت "فيسبوك" أنها تعتزم إطلاق نسخة من تطبيق الصور "إنستغرام" خاصة بالأطفال دون سن 13 عاما، سعيا منها لإيصال التطبيق إلى الجيل القادم من مستخدمي الإنترنت. 

لكن في 28 سبتمبر/أيلول 2021، أعلن القائمون على إنستغرام تعليق خطط لطرح نسخة من التطبيق، التابع لشركة "فيسبوك".

فيما قال ممثل الشركة لموقع "بي بي سي" البريطاني، إن الشركة ستتيح بعض مواد البحث للكونغرس، وستخضع المديرة العالمية للسلامة في فيسبوك، أنتيغون ديفيس، لاستجواب أعضاء لجنة بمجلس الشيوخ، بشأن الخطط المتعلقة بمشروع "إنستغرام الأطفال".

تطبيق سام

أصبح التطبيق الشهير، الذي اشترته شركة فيسبوك منذ ما يقرب من عقد مقابل مليار دولار، أحد أكثر منتجاتها شعبية، وأعلنت عن النسخة الجديدة المرتقبة في وقت فشلت فيه خاصية الشبكات الاجتماعية الرئيسة في تحقيق صدى لدى بعض المستخدمين الأصغر سنا.

وبينما يطلب التطبيق أن يكون عمر المستخدم 13 عاما على الأقل، قال المتحدث باسم فيسبوك، جو أوزبورن، في بيان: "يسأل الأطفال بشكل متزايد والديهم عما إذا كان بإمكانهم الانضمام إلى التطبيقات التي تساعدهم على مواكبة أصدقائهم".

وأضاف "في الوقت الحالي لا توجد خيارات كثيرة عند الآباء، لذلك نحن نعمل على إنشاء منتجات إضافية، كما فعلنا مع ماسنجر كيدز، مناسبة للأطفال، يديرها الآباء".

وكانت منصة "إنستغرام" قد أعلنت أنها تعمل على خاصية جديدة، من شأنها أن تحد من تفاعل فئة المراهقين مع البالغين، وذلك بهدف حمايتهم وزيادة الشعور بالأمان خلال استخدام التطبيق، وقالت الشركة إن "السياسة الجديدة ستمنع البالغين من إرسال رسائل مباشرة إلى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما ولا يتابعونهم".

وفي تدوينة عبر حسابه، قال رئيس إنستغرام، آدم موسيري، في 29 سبتمبر/أيلول 2021، إن "شركة فيسبوك ستستغل الوقت للاستماع إلى أولياء الأمور والخبراء وصانعي السياسة والجهات الرقابية".

ويأتي هذا بعد تسريب وثيقة بحث داخلية، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إنها أظهرت أن إنستغرام "سام بالنسبة للمراهقات"، لكن مديرة الأبحاث في فيسبوك، براتيتي رايتشودري، قالت في تدوينة مؤخرا إن "هذه المزاعم ببساطة غير دقيقة".

لكن في أبريل/ نيسان 2021، أفاد ائتلاف "الحملة من أجل طفولة خالية من التجارة"، في رسالة وقعها 99 من الجماعات والأفراد، أن المنصة "المهووسة بالصور" تشكل خطرا  على صحة وخصوصية الأطفال، داعيا إلى إلغاء مشروع "إنستغرام الأطفال".

مخاوف أمنية 

شعبية "إنستغرام" لا يمكن تجاهلها، خاصة مع استخدامه من طرف عدد كبير من المشاهير بشكل يومي؛ لمشاركة الحكايات عن حياتهم منذ إطلاقه عام 2010.

وبحساب "إنستغرام" يمكن للمستخدمين سواء البالغين أو المراهقين والأطفال -الذين يشكلون جزءا كبيرا من قاعدة المستخدمين- تحميل الصور ومقاطع الفيديو ونشر "قصص" مدتها 15 ثانية تختفي في غضون 24 ساعة والتفاعل مع الأصدقاء وإرسال رسائل خاصة، ومشاهدة المحتوى الطويل وتصفح مليارات الصور.

ويحب المستخدمون الطريقة التي يروج بها التطبيق للابتكار والإبداع، ولكن مع كل هذه الحرية في مشاركة المعلومات تأتي أيضا مجموعة من مشكلات الأمان، واحتل التطبيق أيضا عناوين الأخبار نظرا لتأثيره السلبي على الصحة العقلية للشباب ونظرته لأجسامهم.

ويتوفر لمستخدمي إنستغرام خياران للحساب موجودان ضمن "خصوصية الحساب" في الإعدادات: عام وخاص، ويمكن لأي مستخدم عرض ومتابعة حساب عام؛ لكنه خاصة عام، ويمثل مجموعة من مخاوف السلامة، فمن غير المعروف من قد يتفاعل مع صور طفلك ومقاطع الفيديو الخاصة به، أو يرسل له رسائل وتعليقات غير مرغوب فيها. 

ولمعالجة هذه المخاوف، أعلن "إنستغرام" أن كل شخص أقل من 16 عاما (أو أقل من 18 عاما في بلدان معينة) سيتم تعيينه افتراضيا في حساب خاص.

كما طبق إنستغرام تقنية جديدة لمنع الحسابات التي تعرض "سلوكا مشبوها محتملا" من التفاعل مع حسابات الشباب، ويقول التطبيق في أحد التحديثات: "باستخدام هذه التقنية لن نعرض حسابات الشباب والحسابات المقترحة للبالغين، وإذا وجدت حسابات المراهقين من خلال البحث عن أسماء المستخدمين الخاصة بهم فلن يتمكنوا من متابعتها". 

ويحتوي إنستغرام على ميزة تمنع البالغين من إرسال رسائل إلى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما والذين لا يتابعونهم، وفقا للشركة التي تقول إنها "تسعى لتحقيق الكمال". 

ويعتمد التطبيق على "الإعجابات" مما حول المنصة بسرعة إلى مسابقة شعبية، ويمكن أن يؤثر هذا التركيز على المكانة والترويج على تقدير الطفل لذاته، ويساهم في القلق ويثير مشاعر سلبية لديه، وقد يبذل الأطفال قصارى جهدهم لإنشاء محتوى "مثير للإعجاب" وقد يدفعهم ذلك إلى "أمور خطيرة" أو الظهور بشكل غير مناسب . 

ويواجه الشباب أيضا صعوبة في إدراك أنه ليس كل ما يروى على إنستغرام حقيقيا، ويمكن أن تؤدي برامج تعديل الصور إلى تغيير مظهر الشخص مما يخلق رغبة في الكمال ويؤدي أيضا إلى استنفاد ثقة الطفل وجعله مهووسا بجسمه. 

ميل للانتحار

تتكون الصفحة الرئيسة لمستخدم إنستغرام من الصور ومقاطع الفيديو من الأشخاص الذين يتابعونهم، ولكن يمكن للأطفال أيضا التنقل في ميزة الاستكشاف على التطبيق والتي تنظم المحتوى العام خوارزميا بناء على اهتمامات الطفل وتفاعلاته يمكنهم أيضا البحث عن الصور باستخدام "علامات التصنيف" (فئات حول مواضيع محددة). 

ونظرا لطبيعة التطبيق قد يعثر الأطفال على الأشخاص المشاركين في لعبة "التحديات الخطيرة" ووجهات النظر المتحيزة أو العنصرية وتعاطي المخدرات والصور العنيفة ومقاطع الفيديو الجنسية، وغير ذلك من المحتويات غير اللائقة، ويمكن للأطفال عرض هذه المنشورات العامة حتى إذا تم تعيين حسابهم على أنه خاص.

كشف استطلاع أجري في مارس/آذار 2019، أن 36.5 بالمائة من المستخدمين تعرضوا للتنمر عبر الإنترنت في مرحلة ما من حياتهم، وذلك مرتبط بالضيق العاطفي والعنف المدرسي أو التجنب والاكتئاب وعواقب سلبية أخرى.

في حين وجدت دراسة حديثة لبرنامج "كورنيل للأبحاث" حول إيذاء النفس بالولايات المتحدة، أن "المراهقين الذين يقضون المزيد من الوقت على شاشاتهم، هم أكثر عرضة لأعراض الاكتئاب والميل للانتحار، ويسبب التردد على التطبيق أيضا القلق والوحدة والخوف من الضياع". 

وقالت مديرة برنامج "كورنيل للأبحاث"، جانيس ويتلوك: "أشجع الآباء على بدء محادثات مفتوحة وحقيقية مع الأطفال، بهدف التعرف على تجربة وسائل التواصل الاجتماعي". 

وأوضحت أن "التواصل الإيجابي حول هذه القضايا، يمكن أن يؤدي إلى محادثة أعمق حول ما إذا كان المراهق قلقا بشأن أي شيء رآه أو اختبره فيما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

فيما اعتبر موقع "بارنت" الأميركي المتخصص في التربية، أنه "إذا أصبحت الأم والأب على دراية بإنستغرام، فيمكنهم مراقبة استخدام أطفالهم بشكل أفضل".

لا يسمح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عاما باستخدام إنستغرام دون موافقة الوالدين القابلة للتحقق، وفقا لقانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت، ويجعل التطبيق  في الوقت الحالي السؤال عن تاريخ ميلاد المستخدم إلزاميا عند التسجيل.

وأعلنت شركة "فيسبوك" عن استخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعلم الآلي للمساعدة في فهم العمر الحقيقي لمستخدمي التطبيق (لأن المستخدمين يكذبون أحيانا بشأن تاريخ ميلادهم).