إريك زمور.. فرنسي أصوله جزائرية يكره المسلمين ويحلم بدخول الإليزيه

12

طباعة

مشاركة

اسمه بدأ يطفو أكثر على الساحة السياسية في فرنسا، بتصريحاته "العنصرية والمعادية للمسلمين"، التي ارتفع منسوبها أكثر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2022.

وقبل تأكيد نبأ ترشحه للرئاسية المقبلة، تتداول الصحافة بشكل ملفت اسم الكاتب "إريك زمور" أكثر من أي مرشح آخر، بسبب "التهم الكثيرة" التي أوقفته أمام قاضي محكمة باريس. 

ووجد زمور (63 عاما) المعادي للإسلام والمهاجرين نفسه يدافع عن تهمة "التحريض على الكراهية والعنصرية" التي لاحقته بسبب نصريحاته المستمرة. 

وليست المحكمة وحدها التي ساءلت زمور، بل إن رابطة حقوق الإنسان الفرنسية و38 جمعية حقوقية تتابعه على تصريحات وقف بسببها أكثر من مرة أمام القاضي.

عداء لا يتوقف

إريك زمور ولد في 31 أغسطس/آب 1958، بمدينة مونتروي، كاتب رأي على صفحات جريدة "لوفيغارو" الفرنسية واسعة الانتشار، يطل على الفرنسيين كل مساء عبر برنامج على قناة "سي نيوز"، والذي تصل عدد مشاهداته إلى المليون.

يركز زمور اليهودي ذو الأصول الجزائرية على الدفاع عن "مبدئه" بمعاداة المهاجرين والمسلمين داخل فرنسا، ويذهب حد الاعتبار أنهم "يلوثون العرق الكاثوليكي". 

صدر له كتاب "الانتحار الفرنسي" والذي أشار فيه زمور إلى أن "الفرنسيين فقدوا الثقة بمستقبل بلادهم وأن الدولة ضعفت سيطرتها على بعض الأمور مثل القضايا المتعلقة بالمهاجرين".

في سبتمبر/أيلول 2021، قال زمور على "سي نيوز": إن "المهاجرين القاصرين غير المرفوقين بأسرهم لا يفعلون شيئا في فرنسا سوى أنهم لصوص وقتلة ومغتصبون”.

ورفعت رابطة "حقوق الإنسان الفرنسية" و38 جمعية حقوقية منها المعنية بالمهاجرين القاصرين في البلاد شكوى ضد الكاتب.

وحكمت محكمة الاستئناف على زمور في 8 سبتمبر/أيلول 2021، بغرامة قدرها 10 آلاف يورو، في حكم صدم الأطراف المدنية، في حين قال محاميه: إنه "انتصار لحرية التعبير في فرنسا".

مباشرة بعد الحكم قال الكاتب اليميني، في 11 سبتمبر/أيلول 2021: إنه سيحظر على المسلمين في فرنسا من إطلاق اسم (محمد) على أبنائهم، حال وصوله إلى منصب رئيس الجمهورية.

جاء ذلك خلال مقابلة أجراها على قناة "فرانس 2" للحديث عن طموحاته السياسية، وفي ظل التوقعات الكثيرة حول استعداده لإعلان ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/نيسان 2022.

هدد زمور  بالتعامل مع المسلمين “كما تعاملت الثورة الفرنسية ونابليون (بونابرت) مع اليهود”، وأضاف: “سأعيد العمل بقانون 1803 (القانون المدني للجمهورية قبل تعديله) حيث يحظر على أي فرنسي تسمية ابنه محمد”.

في سبتمبر/أيلول 2016، وضمن لقاء في إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية، انتقد وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي (من أصول مغربية) لإطلاقها اسما عربيا على ابنتها، وقال: إن تسميتها بـ"زهرة" يجعلها "أقل فرنسية" من الآخرين، كونه لا يأتي من قائمة الأسماء المسيحية الرسمية.

وطالب بإعادة العمل بقانون يحدد أسماء المواليد المسموح بها في فرنسا، والذي ألغي عام 1993 بعد مئتي عام من العمل به، في المقابل وصفت داتي تصريحات زمور بـ"المرضية".

وقال زمور: إن "من بين الإجراءات التي سيتخذها في حالة انتخابه رئيسا لفرنسا، وضع قواعد للأسماء التي تطلق على أطفال المسلمين"، مضيفا: “سنطلب من المسلمين قصر دينهم على العقيدة والممارسة وليس تطبيق قوانينهم”.

وفي 13 سبتمبر/ أيلول 2021، حظرت الهيئة العليا للسمعي البصري في فرنسا ظهور زمور على قناة "سي نيوز"، وعلق إيريك قائلا: "أنا حزين جدا، أعتقد أنه كان لا مفر من ذلك عندما لا تستطيع المقاومة، عليك أن تنفصل وتقاوم في مكان آخر".

وقال المرشح المحتمل للرئاسة: إنه "لا يخشى الترشح، لكن يريد أن يفعل ذلك، مع اختيار الوقت المناسب".

مسلسل من العنصرية

وخلال حضوره ضيفا على مؤتمر اليمين، في سبتمبر/أيلول 2019، الذي نظمه أنصار النائبة اليمينية المتطرفة السابقة ماريون ماريشال تحدث زمور عن نظرية "الاستبدال الكبير"، مدعيا أنه تجري "أسلمة المجتمع الفرنسي على حساب الفرنسيين الكاثوليكيين البيض الأصليين".

وقال زمور في كلمته: إن “النساء المحجبات والرجال الذين يرتدون الجلابة (لباس مغربي تقليدي) هم بروباغندا لأسلمة الشارع (الفرنسي)”، واعتبر أن لباسهم “مثل البدلة العسكرية لجيش احتلال يحاول تذكير المهزوم بخضوعه له”.

غرم زمور بمبلغ 10 آلاف يورو بتهمة “الإهانة” و”التحريض على الكراهية”، في سبتمبر/أيلول 2020، قبل أن يستأنف الحكم.

ولم تكن المرة الأولى التي تقضي فيها محكمة فرنسية بغرامة مالية في حق الكاتب بسبب العنصرية والتحريض على الكراهية، إذ قال في تصريح تلفزيوني عام 2010: إن “أغلب المهربين سود أو عرب”، معتبرا أن “أرباب العمل لهم الحق في رفض تشغيل هؤلاء”.

تصريحات زمور كلفته غرامة قيمتها 2000 يورو مع وقف التنفيذ و10 آلاف يورو تكاليف قانونية، وفي 2016 عاد الكاتب ليصرح بأن فرنسا خضعت “لغزو لمدة 30 عاما” وأنها تعيش صراعا من أجل الأسلمة، مشددا على ضرورة دفع المهاجرين للاختيار بين الإسلام وفرنسا.

وحكم عليه بغرامة قدرها 3 آلاف يورو عن “إثارة الكراهية الدينية” وبعد أن رفض استئنافه في محكمة النقض، رفع زمور دعوى أمام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في 2019، مدعيا أن "فرنسا تنتهك حريته في التعبير".

ودائما ما يثير زمور الجدل من خلال كتاباته أو تصريحاته خلال ظهوره عبر وسائل الإعلام المحلية، كما يعرف بخطابه المعادي الذي ينشره عبر رواياته آخرها “الانتحار الفرنسي”، وهي رواية تصور “سيطرة المسلمين على فرنسا عن طريق المهاجرين وتجار المخدرات في ضواحي المدن الفرنسية الكبيرة”، كما يحتفي بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.

في ديسمبر/كانون الأول 2014، أنهت قناة "اي تيلي" تعاملها مع زمور إثر حوار له نشر في صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية، والتي جاء فيها أن "للمسلمين قانونهم المدني وهو القرآن، والمسلمون يعيشون منغلقين على أنفسهم في الضواحي التي أرغم الفرنسيون على مغادرتها".

وسأله المحاور عما إذا كان يقترح إذن ترحيل خمسة ملايين مسلم فرنسي، فأجابه زمور بالقول: "أعرف طبعا أن هذا الحل ليس واقعيا، لكن من كان يتخيل أن يغادر مليون فرنسي من الأقدام السود الجزائر بعد الاستقلال أو أن يترك ما بين 5 و6 ملايين ألماني أوروبا الوسطى والشرقية حيث كانوا يعيشون منذ قرون".

رئيس محتمل

رغم أن زمور لم يعلن ترشحه بعد رسميا لهذه الانتخابات، فإن أحزابا كثيرة، خصوصا المحسوبة على اليمين المتطرف، واليمين الممثل بحزب “الجمهوريين”، أخذت هذا الطرح على محمل الجد، حتى أصبح حديثا سياسيا يوميا.

وروجت أحزاب يمينية متطرفة في فرنسا لترشح زمور، فيما خرج عدد من المسؤولين من اليمين في تصريحات عبرت عن القلق من إمكانية ترشح زمور للرئاسة، ورأى البعض أن شعبيته التي صنعها من تصريحاته العنصرية لا تكفيه كي يصبح رئيسا لفرنسا. 

حصل زمور على أصوات 8 بالمئة ممن أجري عليهم استطلاع رأي، في الأسبوع الأول من سبتمبر/أيلول 2021، وهي النسبة التي لم تحصل عليها زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان التي تظل المنافس الأقوى للرئيس إيمانويل ماكرون رغم تراجع نسبها في استطلاعات الرأي.

وأبدى الزعيم اليميني كريستيان جاكوب انزعاجه في مقابلة إذاعية من احتمال ترشح زمور قائلا: “إنه ليس فعلا الوقت المناسب لهذا السؤال”، بينما أكد النائب إريك سيوتي المرشح لانتخابات أولية محتملة لليمين أنه سيصوت لزمور في حال صعوده ضد ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

من جهتها، قالت المرشحة للرئاسيات المقبلة فاليري بيكريس -والتي أوصت قبل أيام بتشديد إجراءات مكافحة الإسلام السياسي في فرنسا- أنه “لكي نتمكن من الرئاسة علينا التفكير في شيء آخر غير مجرد الحديث عن الهجرة”.

وقال المرشح الرئاسي الجمهوري فيليب جوفين: “يرغب الجمهوريون بأن تظل فرنسا في الاتحاد الأوربي، وأنا لست متأكدا من أن زمور يريد ذلك”.

وفي تعليق للنائب الجمهوري أوليفييه مارليكس على ترشح زمور، قال: إن "الانتخابات الرئاسية ليست برنامجا لاكتشاف المواهب، وامتلاك موهبة لا يؤهل للترشح"، وذلك في إشارة إلى إطلاق التصريحات المثيرة للجدل.

وعن فرص زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبين بوجود زمور، قالت شبكة "مونت كارلو" الفرنسية، استنادا إلى المراقبين: إنه "حتى ولو أنه يمكن صاحب المواقف المعادية لأصحاب البشرة السمراء وللمسلمين أن يحرم لوبين العديد من الأصوات، إلا أنه لن ينجح بالتقدم عليها". 

وهذا ما يؤكده استطلاع للرأي أجري في شباط/فبراير 2021 والذي أظهر أن نسبة 13 بالمئة فقط من الفرنسيين مستعدون للتصويت لصالح الصحفي اليميني. 

وفي هذا السياق، حاول البعض إظهار أوجه الاختلاف بين زمور ولوبين ليعتبروه بأنه أكثر ضراوة من زعيمة اليمين المتطرف فيما يتعلق بالإسلام والقضايا المرتبطة بالهوية الفرنسية، إلا أنه أكثر اعتدالا بشأن القضايا الأخرى.