مجالس نيابية أم عائلية؟.. تعرف على المرشحين الأقارب ببرلمان ومحليات المغرب

12

طباعة

مشاركة

مع انطلاق الحملة الانتخابية في المغرب، تداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي عبر صفحاتهم بشكل واسع، ملصقات "مرشحين من نوع خاص" للاستحقاقات المقررة في 8 سبتمبر/أيلول 2021.

وأظهرت ملصقات أحزاب مختلفة؛ ترشح عائلات كاملة في لائحة واحدة، ما أثار استهجان المواطنين الذين اعتبروا في الأمر "فقدانا للمصداقية"، وتحول بعض الأحزاب إلى "مشاريع عائلية". 

ولا يمنع القانون المنظم للانتخابات في المغرب ترشح العائلة في نفس الحزب واللائحة، لكنه سياسيا وأخلاقيا تشوبه الكثير من الإشكالات، وفق متابعين.

عائلات انتخابية

وفي رصد لهذه الظاهرة، ترشحت عائلة الوافد الجديد على حزب "جبهة القوى الديمقراطية" من حزب "الاستقلال" وعمدة مدينة فاس السابق، حميد شباط، وهو شخصية سياسية مثيرة للكثير من الجدل، في نفس اللائحة.

وفي الوقت الذي حظي فيه شباط بتزكية الحزب لقيادة لائحته للانتخابات الجماعية بمقاطعة (تقسيم إداري) "زواغة"، حظيت زوجته فاطمة طارق بتزكية الحزب ذاته لقيادة اللائحة النسائية بنفس الدائرة. 

وحصل نجل عمدة فاس السابق، نوفل شباط، على تزكية حزب جبهة القوى الديمقراطية للانتخابات التشريعية، وصيفا للائحة بدائرة مدينة تازة (شمال)، فيما رشح الحزب ريم شباط، وكيلة للائحة الجهوية التشريعية، كما ترشح معها ضمن نفس اللائحة في المرتبة الثالثة زوجها، ملوك العلوي الفضيلي.

وفي مدينة بوجدور (جنوب)، منح حزب "الاستقلال" (رمزه الميزان) التزكية لستة أفراد من عائلة واحدة لخوض غمار الانتخابات التشريعية والبلدية، وهي عائلة رئيس البلدية والنائب البرلماني، أبا عبد العزيز. 

عائلة ولد الرشيد أيضا من العائلات التي هيمنت على تزكيات حزب الاستقلال بجهة العيون الساقية الحمراء، بحسب ما رصد موقع "العمق المغربي" المحلي، إذ رشح “الميزان” منسقه بجهات إقليم الصحراء الثلاث ورئيس المجلس البلدي، مولاي حمدي ولد الرشيد، لقيادة لائحتيه التشريعية والبلدية بمدينة العيون، وتلاه في الرتبة الثانية باللائحة المحلية ابنه محمد. 

وأعطى حزب الاستقلال التزكية كذلك لـ"سيدي حمدي ولد الرشيد"، ابن أخ رئيس المجلس البلدي للعيون، لقيادة لائحته للانتخابات الجهوية بإقليم العيون الساقية الحمراء. 

أما حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد اختار منح التزكية للبرلماني ورئيس المجلس الإقليمي لمدينة "سيدي بنور"، عبد القادر قنديل، وكيلا للائحة التشريعية، فيما ترشح ابنه ياسر قنديل باللائحة ذاتها في المرتبة الثانية. 

من جهته، اختار حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري) منسقه الجهوي المهدي العالوي وكيلا للائحته التشريعية بالدائرة الانتخابية الراشيدية، وابنه محمد العالوي وكيلا للائحة مجلس الجهة، فيما تمت تزكية ابنه الآخر إسماعيل العالوي لخوض الانتخابات البلدية بدائرة ملعب بمدينة الراشيدية. 

وفي دائرة "الصخور السوداء" بمدينة الدار البيضاء، رشح حزب العدالة والتنمية -قائد الائتلاف الحكومي الحالي- عبد الرحمن اليعقوبي وكيلا للائحة انتخاب أعضاء مجالس المقاطعات، وزوجته رحمة بنور في الجزء الثاني من اللائحة ذاتها، بينما ترشحت ابنتهما إيمان اليعقوبي في الجزء الثاني من لائحة انتخاب أعضاء مجالس المقاطعات بدائرة منطقة "عين السبع" بالمدينة.

وفي لائحة الانتخابات المحلية بدائرة "الصخور السوداء"، رشح قائد الائتلاف الحكومي، أيضا معاد شوى في المرتبة السادسة بالجزء الأول من اللائحة، فيما ترشحت زوجته نجوى الساجي رابعا في الجزء الثاني الخاص بالنساء باللائحة ذاتها. 

حزب الاشتراكي الموحد اليساري، الذي اختار خوض الانتخابات هذه المرة بعيدا عن يافطة فيدرالية اليسار، لم يسلم أيضا من هذه الظاهرة، إذ رشح أمينته العامة، نبيلة منيب، على رأس اللائحة الجهوية التشريعية، كما رشح ابنة منيب إيمان حجي وشقيقها توفيق منيب ضمن اللائحة البرلمانية للدائرة الانتخابية النواصر-الدار البيضاء.

إشكال أخلاقي

وقال المحلل السياسي، بلال التليدي: إن "الظاهرة كانت موجودة لكن بشكل محدود، وأعتقد أن الذي عززها وكرسها في هذه الانتخابات يعود إلى عدة عوامل، أولها طبيعة القاسم الانتخابي الذي يعطي الحظ الأوفر فقط لوكيل اللائحة، ما يجعل بقية أعضائها مجرد مرشحين نضاليين (فقط ملء اللائحة)".

وأضاف في حديث لـ"الاستقلال": إن "القاسم الانتخابي قلل وقلص من إمكانية استقطاب مرشحين للائحة، خاصة بالنسبة للأحزاب الإدارية والتي تعتمد على الأعيان وتبذل الأموال من أجل تسليم التزكيات، التي أصبحت مؤداة ماليا في سوق الانتخابات". 

واعتبر التليدي أن "المراتب الأولى فرصة للأحزاب من أجل تحصيل مصالح، سواء مالية أو أخرى تربطها بالذين تم تصنيفهم في المراكز الأولى ولها حظوظ وافرة في الفوز". 

وأوضح المحلل السياسي، أن "مع القاسم الانتخابي (احتساب النتائج من عدد المسجلين في اللوائح وليس المصوتين) تضاءلت فرص الفوز، وأصبح من العسير جدا تشكيل اللوائح كون المرشحين الذين يسمون (مرشحين نضاليين)، لا أمل لهم في الفوز، لأن من يمكن أن يفوز هو وكيل اللائحة فقط، لذا هناك عزوف عن الترشيح وهو ما دعا إلى البحث عن خيارات متعددة لسد هذه الثغرة".

وأكد التليدي أن "الأحزاب الإصلاحية (لم يسمها) لا تواجه هذا الإكراه، بحكم أن خزان المناضلين موجود وأن هناك من يريد أن يتطوع لمهمة مرشح نضالي". 

وأرجع باحث العلوم السياسية العامل الثاني إلى "تمهيد بعض الأعيان للخروج الآمن من السياسة مع الحرص على توريث هذا الرصيد لأسرهم، أو يريدون ممارسة السياسة عبر واجهة مختلفة؛ إما للقيام بأدوار رفضوا هم أداءها أو لأنهم خسروا ثقة الأوساط الشعبية". 

أما العامل الثالث، "هناك من يسعى إلى التدريب السياسي لأسرته، ويستثمر هذا الاستحقاق الانتخابي، حتى يشعرهم بأهمية العمل السياسي، وحتى يقحمهم بشكل جوهري، باعتبار أن الحملة الانتخابية التي تستغرق أسبوعين بكل حيثياتها وصراعاتها هي فترة تدريب مهمة جدا يمكن أن تنقل غير المهتم بالسياسة إلى منشغل بهمومها في فترة وجيزة"، وفق التليدي.

وعن مدى قانونية الظاهرة، قال المحلل السياسي: "يمكن تقييمها أخلاقيا وليس قانونيا، إذ لا تمنع النصوص ذلك، ما دامت باقي الشروط متوفرة؛ ما ارتبط منها بالسن والسجل العدلي، أو ما يتعلق بالترحال السياسي (خصوصا إذا كان منتميا لحزب وأراد الترشح مع آخر)". 

لكن من الناحية السياسية والأخلاقية، يفيد التليدي، أنه "عندما يقدم الحزب شبكة مرشحين مختلفين على عدة مستويات؛ هذا التعدد هو الذي يعطي للحزب صفة التمثيلية للتأكيد أن الحزب يمثل مختلف الشرائح المجتمعية ويحترم التعددية". 

أما عندما تتحول اللائحة إلى عائلة، فإن الحزب "يعطي للمتلقي صورة توحي بأنه قبيلة أو طائفة لن تخدم إلا مصالحها وتريد أن تحكم المجتمع، دون أن تتمكن من تمثيله، على المستوى الحزبي، وهو ما يعطي صورة سيئة عن الحزب". 

وعاد المتحدث للتشديد على أن "الإشكال أخلاقي وسياسي، أكثر من كونه قانونيا".

وقال: "لا أعتقد أن الظاهرة تخدم العملية الانتخابية في شيء، بل تمس مصداقيتها في الصميم"، مستطردا أنه "يمكن قبول ترشيح بعض الأبناء بشكل نسبي بغرض الإدماج، لكن حتى ذلك يحتاج إلى تعديل، فالمصداقية هي الجوهر في العملية الانتخابية". 

وختم التليدي تحليله بالقول: "من المفهوم توريث النضال والعمل السياسي لا المسؤولية، وهذا وجد باستمرار في الحركات الوطنية، بل ويعطي صورة إيجابية".