تقارب المغرب مع أميركا.. كيف يؤثر على صفقات السلاح الفرنسية؟

12

طباعة

مشاركة

كشف تقرير رسمي لوزارة الدفاع الفرنسية، في يونيو/ حزيران 2021، أن المغرب حل في المرتبة الثالثة ضمن قائمة أكبر مشتري السلاح الفرنسي في 2020. 

وأفاد موقع "ديفينسا" الإسباني أن رئيس أركان الجيش الفرنسي فرانسوا لوكوانتر، عرض على المغرب اقتناء سرب من طائرات "رافال"، لكن الرباط فضلت التفاوض مع واشنطن لاقتناء مقاتلات "إف 15".

ومع الرفض المغربي لصفقة السلاح الفرنسية يثار التساؤل بشأن حجم الخسائر التي تتكبدها فرنسا بسبب التوسع الأميركي في إفريقيا، ومدى تأثيرها على صفقات السلاح الفرنسية للمغرب.

خسارة بالملايين

في تقرير نشره موقع "هسبريس" المغربي، في يونيو/ حزيران 2021، قال: إنه رغم تسجيل وزارة الدفاع الفرنسية انخفاضا في مبيعات الأسلحة بسبب أزمة كورونا، بلغت مقتنيات المغرب من السلاح الفرنسي ما قيمته 425.9 مليون يورو خلال 2020.

وأفاد المصدر ذاته بأن صادرات الأسلحة الفرنسية انخفضت بنحو 41 بالمئة 2020، وأن حجم الطلبات بلغ 4.9 مليارات يورو مقابل 8.3 مليارات يورو عام 2019.

ووصفت وزارة الدفاع الفرنسية هذا الانخفاض بـ”المذهل”، قائلة: إنه “يرجع بشكل رئيس إلى الأزمة الصحية العالمية (فيروس كورونا)، ولا يعكس توجها أساسيا”.

وانخفضت صادرات الأسلحة الفرنسية بنحو 8.6 بالمئة في عام 2019، بعد الازدهار بشكل خاص في الأعوام 2015 و2016 و2018.

وهو الازدهار الذي عززته بشكل خاص مبيعات طائرات “رافال” المقاتلة إلى مصر والهند.

وفي 2020، وقع المغرب اتفاقية للحصول على قرض مالي بمبلغ 192 مليون يورو، لتمويل عقد تجاري لصالح إدارة الدفاع الوطني يتضمن صواريخ عسكرية فرنسية متطورة.

المغرب عقد خلال 2019 صفقتين عسكريتين مع فرنسا بقيمة فاقت 400 مليون يورو، تتعلق الأولى بمنظومات مدفعية من طراز “CEASAR” بقيمة 200 مليون يورو.

وتتعلق الثانية بمنظومة الدفاع الجوي “VL-Mica” بقيمة ناهزت 200 مليون يورو أيضا.

وفي 2015 قالت وسائل إعلام فرنسية: إن المغرب رفض إتمام صفقة 18 طائرة عام 2007، بأمر مباشر من الملك محمد السادس. وبعدها مباشرة وجهت الرباط بوصلتها إلى واشنطن لشراء طائرات "إف 16".

الرباط تعاقدت عام 2020 مع واشنطن للحصول على 25 طائرة جديدة من طراز "إف 16"، و24 طائرة مروحية مقاتلة من طراز "أباتشي"، بالإضافة إلى 4 طائرات استطلاع من نوع "غولف ستريم جي 550".

ومن سلاح الجو الأميركي تستخدم "إف 16" جيوش إسرائيل والسعودية وقطر وكوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة.

وسيكون المغرب الدولة الإفريقية الوحيدة التي تحصل عليها.

شركاء جدد

صفقة التسلح التي عقدت في 2020، كانت الثانية التي أبرمتها المغرب مع أميركا في فترة لا تتعدى 4 أشهر.

إذ سبق وأن طلبت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تزويدها بـ36 طائرة مروحية هجومية من طراز "بوينغ أباتشي" بقيمة 4,25 مليارات دولار. وشملت أيضا اقتناء معدات عسكرية وصواريخ ورادارات.

وفي 2019، كان المغرب أول زبائن السلاح الأميركي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بحجم صفقات بلغت قيمتها 10,3 مليارات دولار، كان أغلبها موجها للقوات الملكية الجوية المغربية، حسب مجلة "فوربس" الأميركية.

واعتبرت وكالة التعاون الأمني الأميركية أن الصفقة "ستدعم السياسة الخارجية لواشنطن وأمنها القومي"، وذلك "بالمساعدة في تحسين أمن أحد الحلفاء الرئيسين خارج حلف شمال الأطلسي، والذي يلعب دورا لتحقيق الاستقرار والنمو في شمال إفريقيا".

ونوهت الهيئة الأميركية إلى قدرة المغرب على إدماج القدرات العسكرية الجديدة في قواته المسلحة بهدف الدفاع عن أمنه في مواجهة "التهديدات الإقليمية".

لكنها أكدت في المقابل أن هذه الصفقة "لن تؤدي إلى تغيير التوازن العسكري الأساسي في المنطقة".

باعت إسرائيل المغرب أنظمة عسكرية تشمل مجالات الاتصالات والمراقبة ورادارات الطائرات المقاتلة، عبر طرف ثالث.

ومن عام 2000 حتى 2020، أجرى مسؤولون من كلا البلدين عددا من الزيارات السرية والمعلنة.

وبينما رجحت عدد من التقارير أن التعاون على مستوى تجارة الأسلحة ازدهر بعد صفقة التطبيع التي عقدت بوساطة أميركية في  ديسمبر/ كانون الأول 2020، نقلت شبكة "الحرة" الأميركية أمرا آخر.

مقال للباحث المتخصص في الصادرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية جوناثان هيمبل بصحيفة "هآرتس" مارس/ آذار 2021، أكد أن "الصادرات العسكرية الإسرائيلية للمغرب ظلت سرية في معظمها". 

وأفاد أن "العلاقات بين البلدين  تنبني في المقام الأول على التعاون الاستخباراتي والإتجار بالأسلحة".

وجزم بأن "القوات الجوية المغربية اشترت عام 2013 ثلاث طائرات بدون طيار من نوع (هيرون) من صنع شركة صناعات الطيران الإسرائيلية بتكلفة 50 مليون دولار".

وأكد أن "المغرب حصل على هذه الطائرات عبر فرنسا".

وأوضح الباحث أن إسرائيل قدمت مساعدات عسكرية للمغرب ضد جبهة البوليساريو، واصفا الطائرات الجديدة بأنها جزء من تاريخ طويل.

ووفق الكاتب، يحظى المغرب أيضا بمساعدة إسرائيلية في مجال المراقبة الرقمية.

ونقل عن "منظمة العفو الدولية" أنه في عام 2017، استخدم المغرب برامج تجسس من شركة "NSO Group" الإسرائيلية لجمع المعلومات عن الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان.

خطط مختلفة

الحديث عن تغيير الولايات المتحدة سياستها العسكرية في إفريقيا، كان مثار جدل بين المختصين والسياسيين.

كما تأتي أهمية الملف العسكري الأميركي في إفريقيا، في ضوء ما نشره موقع "ناشونال إنترست"، عن تقرير المفتش العام الأول في واشنطن، والذي قدمه للكونغرس.

ووصف الموقع العمليات العسكرية الأميركية في إفريقيا بأنها سرية.

ووفقا لـ "ماثيو بيتي"، محرر الأمن القومي بالموقع، فإن الأميركيين لا يعرفون شيئا عن حجم ما ينفقه جيش بلادهم على عملياته السرية هناك.

كذلك غياب المعلومات عن وضع القوات الأميركية في النيجر، ودول القارة التي تشهد مواجهات مع تنظيمي "الدولة" و"القاعدة"، أثار الشكوك حول جدوى وجود هذه القوات من الأساس.

تقرير المفتش العام الأول في أميركا، الذي قدمه للكونغرس، يناير/ كانون الثاني 2020، هو الأول من نوعه الذي رفعت عنه السرية.

وكان يخص العمليات الأميركية لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، والتي كشف التقرير أنها فشلت في مواجهته.

في المقابل حذرت تقارير أوروبية من خطوة تقليل واشنطن وجودها العسكري في إفريقيا، لأنه يمثل ضغطا متزايدا على أوروبا.

ووصف مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هذه الخطوة بأنها الأولى من بين خطوات أخرى، سيعمل من خلالها الجيش الأميركي في القارة، حيث يحول تركيزه من مكافحة الإرهاب إلى منافسة القوى الكبرى.

تقلق فرنسا بشأن صفقات السلاح التي تعقدها أميركا في إفريقيا، حيث احتل المغرب المركز الأول بالقارة في التوقيع على اتفاقيات الأسلحة عام 2020، بما قيمته 427 مليون يورو.

يتبع المغرب بالسنغال بنحو 217 مليون يورو، فيما احتلت الجزائر المركز الثالث بـ41 مليون يورو، ثم الكاميرون، وساحل العاج.

وعلى المستوى الدولي، احتل المغرب في 2020 المركز الثالث بعد السعودية التي وقعت صفقات بقيمة 704 ملايين يورو، ثم الإمارات بـ434 مليون يورو.

ووجهت فرنسا 25 بالمئة من مبيعاتها من الأسلحة إلى الدول الأوروبية، ثم الشرق الأوسط بـ24 بالمئة، وشرق آسيا بـ22 بالمئة، واستوردت إفريقيا 16 بالمئة من مبيعات الأسلحة الفرنسية.

وتشكل واردات المغرب من مجموع صادرات فرنسا إلى الخارج من الأسلحة 8 بالمئة وتتجاوز 50 بالمئة مما استوردته دول القارة السمراء من فرنسا.