"جون أفريك": انقلاب تونس قد يقود إلى حرب أهلية أو نظام ديكتاتوري
حذرت صحيفة فرنسية من تنفيذ الرئيس التونسي قيس سعيد للسيناريو المصري من الانقلاب، ودعت التونسيين إلى حوار ينقذ البلاد من السيناريوهات الكارثية المحتملة.
مجلة "جون أفريك" الفرنسية قالت إن قرار الرئيس التونسي سعيد الذي من المفترض أن "ينقذ تونس"، بعد أن منح نفسه سلطات كبيرة؛ ربما يؤدي إلى حرب أهلية أو إقامة نظام ديكتاتوري.
قرار سعيد المتمثل في إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد أنشطة وصلاحيات البرلمان لمدة 30 يوما؛ رفع الحصانة عن النواب، والإجراءات القانونية ضد من كانت الحصانة تمنع محاكمتهم.
"جون أفريك"، ترى أنه "مهما بدت قاسية، فإن القرارات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز كانت حتمية ومتوقعة.
واعتبرت أنها "نتيجة للغطرسة والسخرية وعدم كفاءة الحكام والطبقة السياسية بأسرها، والتي ثبت أنها غير قادرة على مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعثرت فيها البلاد منذ شهور وحتى سنوات".
وأشارت إلى أن الأزمة الصحية ساهمت في تفاقم الصعوبات، والتي بلغت ذروتها في هذه الذكرى السنوية لإعلان الجمهورية، وأيضا ذكرى اغتيال النائب محمد البراهمي الذي لم يقع محاسبة مرتكبيه منذ 2013.
سلطات سعيد
بشأن الوضع المحتمل تعتقد "جون أفريك"، أنه "من الآن فصاعدا، ستمارس السلطة التنفيذية من قبل رئيس الدولة بمساعدة رئيس الحكومة الذي يعينه بنفسه".
ويوضع القضاء تحت سلطة قيس سعيد بما يضمن فتح جميع الملفات المحجوبة، وحتى إشعار آخر، تمارس السلطة على أساس المراسيم الرئاسية.
قيس سعيد، أكد أن هذه القرارات سبقها، كما يقتضي الدستور، استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، وأنه يتعهد بعدم القيام بأي شيء خارج نطاق الشرعية الدستورية.
من جانبهم، استنكر راشد الغنوشي وحزبه "النهضة" وحلفاؤه، الانقلاب، وقالوا: إنهم عازمون على الدفاع عن شرعية وإنجازات ثورة 2011.
"إنهم يرفضون تجميد أنشطة البرلمان، ويعلنون أنهم في جلسة علنية حتى انتهاء حالة الطوارئ".
حرب أو ديكتاتورية
لكن ترى "جون أفريك"، أنه "إذا تمسك الطرفان بمواقفهما، فإن البلاد تخاطر بالانزلاق إلى حرب أهلية مع نتيجة غير متوقعة".
"إذا لم يكن هناك ما يمنع قيس سعيد من تنفيذ مشروعه المعلن عنه منذ ترشحه للرئاسة، فسيكون ذلك نهاية التحول الديمقراطي"، تؤكد "جون أفريك"، وتضيف: "وبعد ذلك سنخاطر برؤية السيناريو المصري يتشكل من جديد في تونس".
عبدالفتاح السيسي استغل انقلابه ضد جماعة الإخوان المسلمين للاستيلاء على السلطة وإقامة دكتاتورية أسوأ مما عرفته أي دولة؛ دكتاتورية استمرت منذ 2013 ولم تسلم منها معارضة سياسية ومدنية.
المجلة الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، تصف الواقع التونسي قائلة: "نواجه انقلابا غير دستوري، له كل مظاهر الانقلاب ويذكر الآخرين: انقلاب بن علي ضد بورقيبة، أو السيسي ضد مرسي على وجه الخصوص".
لتجنب الأسوأ
وترى أن الحوار الوطني الذي اقترحه الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي لم يرغب فيه رئيس الدولة ولا الإسلاميون وحلفاؤهم، ليس حلا دستوريا، وهذا سبب عدم نجاحه.
وينفي قيس سعيد تهمة الانقلاب، مذكرا بأن النهضة وحلفاءها خالفوا الدستور وسدوا منافذ المؤسسات.
"جون أفريك" تعتقد أنه "مع ذلك، يجب عدم استخدام أخطاء الإسلاميين كذريعة لفرض حالة الطوارئ التي ربما تؤدي إلى قيام ديكتاتورية".
وترى أنه "إذا تم التخطيط لتجميد أنشطة البرلمان لمدة 30 يوما، فلا يوجد حد زمني محدد فيما يتعلق بالفترة الاستثنائية، التي من المفترض أن تستمر حتى إزالة الأسباب"، وفقا لبنود مرسوم سعيد.
وأكدت "بما أن أسباب الأزمة هيكلية، فليس هناك ما يضمن عدم استمرار هذا الوضع".
وأضافت أنه "يجب على القوى الديمقراطية والمجتمع المدني حشد واستخدام ثقلهم لتجنب أسوأ سيناريوهين يتعرض لهما البلد: الحرب الأهلية وإقامة الدكتاتورية.
"وعليهم المطالبة بوضع خارطة طريق للخروج من حالة الطوارئ، وتنظيم انتخابات قادرة على تزويد تونس بمؤسسات ديمقراطية قادرة على إدارتها وإخراجها من المأزق"، وفق "جون أفريك".
التي تدعو التونسيين إلى حوار وطني حقيقي تنبثق عنه مؤسسات مؤقتة مدعوة للإشراف على الانتخابات المقبلة وإصلاح العقد الاجتماعي، معتقدة أن "هذه شروط إنهاء أزمة استمرت 10 سنوات".
وعود سعيد
وقالت المجلة: "في الوقت الحالي، يبدو أن الإسلاميين يستسلمون ولا يبدون أية مقاومة لتجنب خطر اندلاع حرب أهلية".
من جانبه، أكد رئيس الدولة لممثلي مختلف منظمات المجتمع المدني ومختلف الهيئات المكونة للدولة الذين استقبلهم في القصر، وكذلك لشركاء تونس، أن "الحريات وأسس النظام الديمقراطي ستكون مضمونة".
وأكد لهم أيضا أن "الإجراءات القانونية المتوخاة ضد المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد والجرائم المختلفة ستتم وفقا للقانون واحترام حقوق الإنسان".
وفي حين أن السفر إلى الخارج محظور على السياسيين ورجال الأعمال، لم تكن هناك اعتقالات حتى الآن.
ومع ذلك، فإن اليقظة ضرورية إذا أردنا الحصول على ضمان أننا سنخرج بأسرع ما يمكن من حالة الطوارئ وإعادة الحياة الديمقراطية، وذلك لإغلاق الباب بشكل نهائي أمام الديكتاتورية والحكم المطلق.