إعلام أوروبي يحذر من "السم الحلو" الذي تضخه روسيا للقارة العجوز

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت تقارير صحفية عالمية الضوء على خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي سينقل الغاز من القطب الشمالي الروسي إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، ورصدت آثار ذلك الاتفاق الذي أقرته أميركا على مستقبل القارة الأوروبية العجوز، مشيرة لانقسام غربي محتمل.

صحيفة "لاراثون" الإسبانية، قالت: إن أميركا تتعاون مع ألمانيا ومنحتها موافقتها على إنشاء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2".

وتعتقد الصحيفة أنه "بهذه الخطوة، خالف الرئيس الأميركي جو بايدن، قرار أسلافه وسيرفع العقوبات عن الشركات المرتبطة بالمشروع الضخم الذي يربط القطب الشمالي الروسي بألمانيا عبر خطوط الأنابيب".

ونقلت عن ممثل وزارة الخارجية الأميركية قوله يوم 21 يوليو/ تموز 2021: إن "الاتفاقية بين برلين وواشنطن أبرمت بعد التشاور عن كثب مع بولندا وأوكرانيا، اللتين أثر عليهما مشروع (نورد ستريم 2)".

تهديد أوروبا

وارسو، وكييف، من جانبهما نفيا هذه الرواية بعد توقيعهما على إعلان مشترك يعارض القرارات التي تنص عليها الاتفاقية بين برلين وواشنطن.

وجاء في بيان النفي أن "هذا القرار يشكل تهديدا لأوكرانيا وأوروبا الوسطى من حيث الأبعاد السياسية والعسكرية والطاقة".

الصحيفة الإسبانية نقلت عن رئيس قسم السياسة والدراسات الأوروبية المعاصرة في جامعة "ساسكس" بالمملكة المتحدة، ألكس شزيربياك، أن "بولندا لطالما كانت قلقة بشأن بناء (نورد ستريم 2)".

وبرر ذلك بأن ذلك "يعني أن روسيا يمكنها قطع إمدادات الغاز التي تصل إلى البلاد عبر أوكرانيا، دون الاضطرار إلى قطع الإمداد عن ألمانيا".

"نورد ستريم 2"، خط أنابيب بطول 2460 كيلومترا سينقل الغاز من القطب الشمالي إلى ألمانيا عبر خطوط الأنابيب الموضوعة تحت بحر البلطيق.

وتبلغ تكلفة المشروع حوالي تسعة مليارات يورو.

خط الأنابيب هذا هو البديل لأنابيب الغاز التي تعبر أوكرانيا والتي من خلالها تتلقى كييف مزايا كدولة عبور للغاز، تصل إلى 1.7 مليار يورو سنويا.

"لاراثون" الإسبانية، علقت بالقول: "ومن هذا المنطلق، تخشى كييف أن تغلق موسكو هذا الصنبور كإجراء للضغط عليها".

وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا والكرملين يحافظان على صراع مفتوح حول الاحتلال غير الشرعي لشبه جزيرة القرم ودعم موسكو للانفصاليين في شرق البلاد.

بولندا وأوكرانيا أكدتا أن "المقترحات المعروضة حتى الآن لتعويض هذا العجز سطحية ولا يمكن اعتبارها كافية للحد بشكل فعال من التهديدات التي أحدثها (نورد ستريم 2)، في مشروع روسيا المستفيد الوحيد منه".

ضبط الجموح الروسي

وأمام هذا الوضع، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس بايدن أنهما سيعارضان استخدام موسكو للطاقة كسلاح.

وأجمعا على أنه "إذا حاولت روسيا استخدام الطاقة كسلاح أو نفذت أعمالا عدوانية جديدة ضد أوكرانيا، ستتخذ ألمانيا تدابير على المستوى الوطني والأوروبي".

وأشارا إلى احتمالات "فرض العقوبات، للحد من فرص التصدير الروسية إلى أوروبا في قطاع الطاقة، والغاز، والقطاعات الأخرى المهمة اقتصاديا، والحيوية".

وأضافت الصحيفة أن بولندا أكثر قلقا بشأن تقارب بايدن مع روسيا، وخلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كانت العلاقات بين وارسو وواشنطن هي الأفضل منذ سنوات.

ولفتت إلى إيماءات ترامب خلال الزيارات الرسمية والتبادلات التجارية أو نشر القوات على الأراضي البولندية.

ونقلت الصحيفة عن البروفيسور شزيربياك أن "ترامب كان قريبا جدا أيديولوجيا من حزب العدالة والقانون البولندي".

"أما الآن، في ظل إدارة بايدن، تلاحظ بولندا كيف تعطي أميركا الأولوية لتعزيز علاقاتها مع ألمانيا وفرنسا وربما موسكو".

وبينت الصحيفة أن ألمانيا أكدت على التزامها بإنشاء صندوق أخضر، برأس مال أولي قدره 148 مليون يورو، يسمح لأوكرانيا بتطوير أنواع أخرى من الطاقة المستدامة.

أما أوكرانيا، فهي مهتمة باتفاقية تضمن مرور الغاز عبر أراضيها بعد 10 سنوات على الأقل من تشغيل "نورد ستريم 2".

رئيس البرلمان الأوكراني، دميترو رازومكوف، دعا في رسالة مفتوحة إلى رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى الاستمرار في سياسة عقوبات الكونغرس على "نورد ستريم 2".

وطلب وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، الاتحاد الأوروبي للتشاور، ودعا الحكومة الألمانية أيضا لطرح مسألة خط أنابيب الغاز للنقاش.

الصحيفة الإسبانية نقلت عن السياسي الألماني فرانك هوفمان، حديثه بأن "سياسة خط أنابيب الغاز التي تنتهجها برلين مع روسيا تمثل إحراجا للسياسة الخارجية الألمانية، إذ إنها قسمت الغرب".

هوفمان، دعا "ألمانيا إلى استعادة الثقة ودعم أوكرانيا".

السم الحلو

وفي السياق، أورد موقع "دويتشه فيله" في نسخته الإسبانية أن رهان نظام بوتين ضد سياسة المناخ الألمانية والأوروبية مطروح على الطاولة.

وقال: إنه "في ظل هذا الوضع، يتمتع المستهلكون والحكومة الألمانية القادمة بسلطة تحديد من سيفوز".

وتساءل: "هل ستستسلم للسم الحلو الذي يضخه الغاز الروسي الرخيص؟، أم ستعمل ألمانيا على زيادة دعم الطاقة المتجددة بسرعة لمواجهة الغاز المدمر للمناخ؟".

وأضاف الموقع أنه لا يمكن إصلاح الضرر الذي لحق بالسياسة الخارجية إلا بقرارات صارمة.

"إنشاء خط أنابيب الغاز الألماني الروسي من قبل شركة غازبروم يؤدي إلى تقسيم أوروبا والغرب"، وفق "دويتشه فيله".

وحمل الموقع الألماني المستشارة الألمانية، بحجتها المعتادة القائلة إنه مشروع اقتصادي بحت، المسؤولة عن الضرر الذي لحق بالسياسة الخارجية الألمانية.

وأكد أن تنفيذ قرار ميركل جاء ضد إرادة البرلمان الأوروبي، مقابل إصرار أقرب أصدقائها، مثل فرنسا، والبلدان الإسكندنافية، ودول البلطيق، وقبل كل شيء، بولندا، وضد إرادة الكونغرس الأميركي.

الموقع الألماني نوه بأن سياسة برلين ودعت، عبر القرار الأخير، ثابتا موثوقا به حتى الآن في السياسة الخارجية الألمانية.

وأضاف: "سواء كان ذلك في أيام المستشارين ويلي براندت أو هيلموت كول، احتلت ألمانيا المرتبة الأولى في الوقوف إلى جانب معظم أصدقائها وشركائها، وكانت تسير مصالحها الخاصة من هذا المنطلق.

ويرى "دويتشه فيله" أن تصرفات ميركل بشأن خط أنابيب الغاز الروسي، مناورة يائسة للخروج بطريقة ما من معضلة غير قابلة للحل.وختم الموقع بالقول: "من جهته، يقوم بوتين وأتباعه ببناء خطوط أنابيب الغاز كإجراء جيوسياسي لابتزاز أوكرانيا أيضا".