أول قنبلة نووية إيرانية.. ما إمكانية تصنيعها خلال عهد إبراهيم رئيسي؟
أثار وصول شخصية محافظة إلى الرئاسة في إيران، تساؤلات عديدة عن فرص ولادة أول قنبلة نووية إيرانية في عهد إبراهيم رئيسي، ولا سيما بعد تعثر "محادثات فيينا" بين واشنطن وطهران، وعدم تمديد النظام الإيراني اتفاق رقابة وكالة الطاقة الذرية.
وفي 24 مايو/ أيار 2021، وافقت السلطات الإيرانية على تمديد العمل باتفاقية "المراقبة النووية" مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، لمدة شهر؛ وذلك لإعطاء فرصة لمفاوضات فيينا بخصوص "الملف النووي"، إذ تحدثت طهران وواشنطن في حينها عن "تقدم ملموس".
تسابق الزمن
صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، نشرت في 29 يونيو/ حزيران 2021، تقريرا أكدت فيه أنه منذ بدء المفاوضات مع إيران بالعام 2003، لم تتوقف مسيرة طهران نحو صنع القنبلة النووية أبدا، وبالكاد جرى تأجيلها بسبب الاتفاقات والتسويات.
ونقلت الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين الغربيين (لم تكشف عن هويته) قوله: "أثناء التفاوض في فيينا، والنقاش حول التفاصيل الفنية، يمضي البرنامج قدما في إيران".
وتساءلت "لوفيغارو" قائلة: "هل سيقع الاستفادة من السباق مع الزمن الذي بدأ منذ وصول جو بايدن، في الوقت الذي لم يعد ضغط الأوروبيين والأميركيين مجديا حقا؟ يخشى البعض من أن يستغل الإيرانيون الصيف للارتقاء بالبرنامج النووي إلى مستوى جديد".
كما يرفض النظام تدمير أجهزة الطرد المركزي المتطورة ومخزونات اليورانيوم عالي التخصيب، التي وقع تطويرها في انتهاك لخطة العمل الشاملة المشتركة منذ عام 2019، وفقا للصحيفة الفرنسية.
وبحسب "لوفيغارو"، فإن الإسرائيليين يرون أن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة "مفاوضات فيينا" سيؤدي مباشرة إلى صنع القنبلة، لأنه من خلال رفع العقوبات فإن المجتمع الدولي سيحرم المجتمع نفسه من سبل الضغط الوحيدة التي يمارسها على النظام.
ونقلت الصحيفة عن جوشوا زرقا، مدير الشؤون الإستراتيجية في خارجية الاحتلال الإسرائيلي، أن "الأميركيين مثلنا يعارضون صنع القنبلة، لكن واشنطن يمكن أن تتعايش مع إيران على العتبة النووية"، مضيفا: "بالنسبة لنا، هذا ليس خيارا قابلا للتطبيق"، ومؤكدا أنهم سيبذلون قصارى جهدهم لتجنب ذلك.
وأضاف زرقا: "في حال لم تضف المفاوضات إلى النتائج المتوقعة، سنحتاج إلى إستراتيجية مشتركة تشمل جميع المجالات في الآن ذاته، الاقتصادية والعسكرية والسياسية... لفرض تغيير في سلوك الإيرانيين".
وخلصت الصحيفة الفرنسية إلى أن "وصول رئيس محافظ متشدد، ينظر إليه على أنه خليفة محتمل للمرشد الأعلى الحالي، لا يصب في الواقع لصالح تقييد طموحات إيران النووية".
تعهدات بايدن
وفي محاولة لطمأنة دولة الاحتلال الإسرائيلي، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أن إيران لن تحصل أبدا على سلاح نووي خلال فترة حكمه، وقال: إن "التزامه تجاه إسرائيل صلب، وإنه يتطلع للاجتماع مع رئيس حكومتها الجديد، نفتالي بينيت".
جاء ذلك خلال لقاء جمع بايدن، برئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، في 29 يونيو/ حزيران 2021، الذي قال: إن العلاقات الإسرائيلية الأميركية "ممتازة للغاية"، مضيفا أنه "يشعر بارتياح كبير بتعهد بايدن بعدم حصول إيران على سلاح نووي".
وقال بايدن في أول اجتماع له مع مسؤول إسرائيلي كبير منذ توليه الرئاسة: "أستطيع أن أقول لك إن إيران لن تحصل أبدا على سلاح نووي وأنا في السلطة".
وبعد المحادثات في المكتب البيضاوي صرح ريفلين للصحفيين أنه "راض جدا" عن تصريحات بايدن حول إيران وشدد على "وجوب التعاون" بين إسرائيل وواشنطن.
الرئيس الإيراني الجديد، حذر من أنه سيرفض أي تمديد للحوار حول الأمن الإقليمي والبرنامج الباليستي. وقال أيضا: إن دعمه لمحادثات فيينا كان "مشروطا"، ويعتمد على تلبية المطالب الإيرانية.
تطالب طهران برفع جميع العقوبات مسبقا، وهو شرط من المستحيل على البيت الأبيض قبوله، خاصة وأنه يجب أن ينسق مع الكونجرس.
ويطالب النظام الإيراني أيضا بوثيقة رسمية تضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية مرة أخرى، وهو أمر مستحيل قانونيا.
دفع هذا الأمر بالاحتلال الإسرائيلي ودول الخليج للتأكيد على تحفظاتها الشديدة على مفاوضات فيينا، لذلك ربما قد يكون جو بايدن، حاول طمأنة حلفائه في المنطقة بأنه، طالما كان في السلطة، لن تكون هناك قنبلة إيرانية.
تنازلات تعجيزية
وفي السياق ذاته، علق الكاتب عبد الباري عطوان، عبر مقال بصحيفة "رأي اليوم" 1 يوليو/ تموز 2021، على فرص تحقق تعهدات بايدن بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي خلال فترة ولايته، وكذلك تأكيد رئيسي، أنه لن يلتقي بايدن، حتى لو جرى التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
ورأى عطوان، أن فرص نبوئتي الرئيسين الأميركي والإيراني، تبدو كبيرة للغاية، ذلك لتزايد التقارير الصحفية، وآخرها ما صدر عن مجلة "ناشونال إنترست" التي تفيد أن صحة بايدن تتزايد تدهورا، وأن قدرته على التركيز تضعف وتتآكل لتقدمه في السن (79 عاما)، واحتمالات نقل السلطة إلى نائبته كاميلا هاريس تتزايد.
وأضاف: الأمر الآخر، أن رئيسي، لن يصافح نظيره الأميركي فعلا، سواء تنازل عن السلطة أم لا، لأن إيران تحت قيادته، وبدعم من المرشد الأعلى علي خامنئي، باتت في قبضة "الجناح الثوري" الذي يعارض العودة إلى الاتفاق النووي مع الدول الست العظمى.
هذا الجناح، يطالب بالعودة بالتالي إلى مرحلة ما قبله، أي تخصيب اليورانيوم بدرجات أعلى، وامتلاك تكنولوجيا إنتاج القنبلة النووية كقوة ردع، ولهذا يطالب بـ"تنازلات تعجيزية" من الطرف الأميركي.
من جهته، قال الكاتب محمد قواص خلال مقال نشرته صحيفة "النهار" في 1 يوليو/ تموز 2021: إن "القنبلة النووية الإيرانية تمثل هاجسا دوليا، شرقيا وغربيا، يعبر عن رغبة القوى الدولية الكبرى (بما في ذلك روسيا والصين) في إقفال النادي النووي ووقف توسع أعضائه الذين شاءت ظروف الحرب الباردة أن يتناموا في غفلة خبيثة".
وأضاف: "في المنطقة، وجدت إسرائيل في البرنامج الإيراني خصما منافسا وجبت إزاحته بالضربة القاضية، كما فعلت مع البرنامج النووي العراقي بتدمير مفاعل تموز عام 1981، أو بمواكبة العواصم الدولية التي راحت تفاوض إيران قبل أن تلتحق أميركا بالمفاوضات وتنتج اتفاق فيينا الشهير عام 2015".
ورأى الكاتب أن "ما يحصل في فيينا لن يكون مفاجئا للعالم العربي ولن يحمل أي جديد فيما يرتبط مباشرة بهواجسه وما تثيره إيران من قلق لديه.
وسواء تبادلت واشنطن وطهران لغة النار، فإن ذلك التفصيل يبقى هامشيا مقارنة بما تريده إدارة جو بايدن، وإيران، في تحقيق هدف إستراتيجي للبلدين، يقضي بإعادة إنعاش الاتفاق النووي (ربما معدلا) بصفته.
بالنسبة إلى مجموعة (5+1)، الخيار النهائي والوحيد" لمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية وعد أعاد بايدن تكراره أمام ضيفه رئيس الكيان الإسرائيلي رفلين، قبل أيام".
وعن إمكانية أن تحول تكرار الضربات التي تتعرض لها مؤسسات إيران النووية، دون إنتاج الأخيرة قنبلة نووية، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية في 25 يونيو/ حزيران 2021، إن "الهجوم الغامض" الذي وقع في طهران قبل أيام، لن يوقف البرنامج النووي الإيراني، ولا مساعي العودة لاتفاق 2015.
وسائل إعلام إيرانية شبه رسمية كشفت في 23 يونيو/ حزيران 2021، عن إحباط السلطات "محاولة تخريبية" استهدفت مبنى تابعا لمنظمة الطاقة الذرية.
وأفادت "هآرتس" بأن "اليورانيوم المخصب الذي راكمته طهران في السنوات الأخيرة يضعها -إذا أرادت- على بعد بضعة أشهر فقط من مراكمة كمية كافية لإنتاج القنبلة النووية، رغم أنها ستحتاج لفترة زمنية من أجل تركيبها كرأس متفجر على صاروخ".
ولفتت إلى أن توجهات الإدارة الأميركية هي إلى "الاتفاق في أسرع وقت"، موضحة أن إدارة بايدن "وعدت إسرائيل بأن الاتفاق النهائي سيكون أطول مدى وأقوى، ولكن هذا يرتبط بالتفاهمات التي سيتم التوصل إليها في المستقبل مع إيران بعد العودة إلى الاتفاق النووي، وفي هذه الأثناء هذا يبدو تعهدا فارغا".