المصابات بالسرطان في غزة.. هكذا عمق الحصار والانقسام معاناتهن

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تواجه المصابات بالسرطان في قطاع غزة صعوبات بالغة في الحصول على الأدوية والعلاج، من جهة؛ ومواجهتهن مجتمعا يميزهن ويقصيهن ويهمشهن، من جهة أخرى، وفق ما تقول صحيفة إسبانية.

وقالت صحيفة "بوبليكو" إن نيفين حبوب، امرأة فلسطينية مصابة بسرطان الثدي، تبلغ من العمر 42 عاما، منعتها إسرائيل خلال الكثير من المناسبات من مغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج الطبي الذي يمكن أن ينقذ حياتها.

العلاج "أولوية"

ونقلت الصحيفة عن السيدة الفلسطينية قولها: "يجب أن يكون توفير علاجنا أولوية. نحن نعيش معاناة وينتهي بنا المطاف بالموت في انتظار العلاج". وتصر قائلة: "أنا أرفض أن أموت هكذا".

وأشارت إلى أن نيفين تعاني من سرطان الثدي منذ عام 2012 وهي واحدة من أبطال الفيلم الوثائقي الإسباني "مدانات في غزة"، الذي أنتجته الصحفيتان آنا ألبا وبياتريز ليكمبري.

ويروي الفيلم دراما النساء المصابات بالسرطان اللاتي يعشن في المنطقة، وهي عبارة عن قطعة صغيرة من الأرض تخضعها إسرائيل لحصار بري وبحري وجوي لسنوات.

وبدعم من مصر، تعزل إسرائيل وتفقر وتحرم ما يقارب مليوني شخص، من حقوقهن الأساسية. 

وبينت الصحيفة أن نيفين حبوب كانت بطلة الفيلم الوثائقي الإسباني. علاوة على ذلك، فهي واحدة من سبع نساء شملهن حكم من المحكمة العليا الإسرائيلية، والذي أجبر الكيان الإسرائيلي على السماح لهن بمغادرة غزة لتلقي العلاج الطبي.

 ومن المفارقات، رفضت إسرائيل هذا الحكم، وبالتالي، منعت هذه المجموعة من المغادرة بعلة أن النساء لديهن روابط عائلية مع أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية حماس.

وتعليقا على ذلك، توضح المخرجة ليكمبري قائلة: "إن قرار المحكمة الإسرائيلية جاء ليقول إنه حتى لو كان لهذه المجموعة روابط عائلية مع أعضاء من حماس، فإن ذلك لا يمكن أن يكون سببا لحرمانها من تلقي العلاج الذي سيحدد مصيرها. علاوة على ذلك، فإن القانون الإنساني فوق أي اعتبار آخر".

وأوردت الصحيفة أن الفيلم بدأ بهذه العبارات: "كنت أنا وآنا نعمل في القدس لفترة طويلة ونريد إيقاف العاصفة، لنكون قادرين على سرد قصة متعمقة؛ ونشرح بطريقة ما، ما يعيشه السكان في غزة بكل تعقيداته. ومن هنا، كانت نيفين هي الخيط الذي يجب أن نتمسك به".

وتواصل: "نضجت الفكرة وأدركنا قريبا أنه على الرغم من أن جميع السكان يواجهون صعوبات في الحصول على العلاج الطبي، إلا أنه في حالة النساء كان هناك تمييز إضافي".

وعلى وجه الخصوص، يظهر ذلك بسبب حقيقة معاناتهن من مرض السرطان، وخاصة أمراض النساء، حيث تعرضن للتمييز والتهميش والإقصاء وعشن مرضهن في عزلة وخوف شديدين؛ وهو ما فاجأنا، وفق قولها.

الخوف من المجتمع

ونقلت الصحيفة عن الصحفية قولها "إنهن خائفات من الرفض، والوصم، وأن يتخلى عنهن شركاؤهن وأحبائهن، ومن عدم القدرة على الزواج، ومن الاحتقار. هذا ما جعلنا نقرر سرد هذه القصة؛ لأن داخل إدانة نساء غزة، مثلما يشير عنوان الفيلم الوثائقي، هناك أحكام مزدوجة".

ولا تعزى معاناة مصابات السرطان فقط إلى المرض والظروف المحيطة بهن، "ولكن أيضا بسبب ذلك المجتمع المنغلق على نفسه، والمحافظ والأبوي جدا بسبب الحصار، الذي يعتبر أصل الشرور"، بحسب تعبيرها. 

وأفادت الصحيفة بأن لا أحد ولا شيء يدخل أو يغادر غزة دون إذن إسرائيلي. ويشمل المرضى هذا القرار الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية للعلاج.

لذلك، جراء هذا الحصار، فإن أولئك الذين يحتاجون إلى علاج طبي يطلبون مغادرتهم القطاع.  

وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، بين عامي 2018 و2019، طلب ما بين ألفين وثلاثة آلاف من سكان غزة الإذن من إسرائيل كل شهر لتلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية أو القدس. ولكن، رفض 40 بالمئة من الطلبات أو لم يجر الرد عليها.

وأوردت الصحيفة أن إيمان النجار، البالغة من العمر 36 سنة، مريضة بسرطان الثدي منذ عام 2017، قد رفضت طلباتها للعلاج الإشعاعي بشكل منهجي.

مع ذلك، حصلت أختها على إذن بالمغادرة للعلاج. وفي هذا السياق، تظهر هذه الحقيقة وجهين لعملة واحدة تسلط الضوء على عشوائية الحياة والموت، والواقع الذي ينتهك الحقوق الأساسية.  

وذكرت الصحيفة أن فريال ثابت، مدير مركز البريج لصحة المرأة، أوضحت في الفيلم أن "إسرائيل تعتبر آلات العلاج الإشعاعي تقنية ذات استخدام مزدوج وتحظر دخولها".

نتيجة لذلك، نفقد العديد من مرضانا كل عام، وفق ما قالت ثابت.

من ناحية أخرى، "يحكم على النساء اللواتي لا يسمح لهن بالمغادرة لتلقي العلاج بالإعدام". 

لكن، لا ترفض إسرائيل دخول الآلات فقط، فقد حظرت دخول الأدوية. وبعد سرطان الثدي، أصيبت نيفين بسرطان العظام الذي يحتاج علاجه إلى حقنة شهرية، لم تكن متوفرة.  

وأضافت الصحيفة أنه من بين هؤلاء الضحايا، الصحفية هاجر حرب، البالغة من العمر 34 عاما. تمكنت حرب من المغادرة إلى الأردن لتلقي العلاج بعد ضغط.

وعندما عادت، أخبرتها القناة التي عملت بها أنه لا يمكنها الاستمرار في المهمة لأنها كانت مصابة بالسرطان، وفي حال تعكرت صحتها، فسيؤثر ذلك على عملها.

وقالت أمام الكاميرا: "كنت وحدي في الأردن عندما اضطررت إلى اتخاذ أصعب القرارات في حياتي، مثل استئصال ثديي، دون أن يكون من الواضح بالنسبة لي إمكانية ترميمه".

وفي وقت لاحق، هجرها زوجها، وتزوج أخرى بسبب مرضها. قال لها إنها مريضة وإنها "مشوهة". كما قال لها: "شكرا لك على الخدمات التي قدمتيها خلال عشر سنوات".  

وتواصل الصحفية ليكمبري قائلة: "من خلال هذه القصص أردنا أن نروي الواقع المعقد لغزة… أردنا أن نوضح أن الانقسام الداخلي في فلسطين وحكومة حماس يشكلان أيضا عقبة أمام حياة الناس والنساء"، وفق وصفها.

وتابعت: "أردنا أن نصور قصة من شأنها إضفاء الطابع الإنساني على الصراع... أردنا أن نظهر كل أطراف الصراع. نعم يوجد حصار، ولكن أيضا انقسام فلسطيني. كنا نميل إلى التقاط الصورة الأكثر شمولية".