"الجزائر الجديدة".. عودة لحزب بوتفليقة واستمرار قمع الحراك الشعبي
سلطت صحيفة "لوبوان" الفرنسية الضوء على إعلان الجزائر فوز الحزب الحاكم خلال حكم الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة "جبهة التحرير الوطني"، بالانتخابات التشريعية المبكرة، التي نظمت خلال يونيو/حزيران 2021.
ورغم التراجع الكبير في عدد المقاعد التي نالتها في ظل مقاطعة كبيرة وأزمة سياسية حادة، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة في 16 يونيو/حزيران تصدر الجبهة بـ105 مقاعد أي ما يعادل 25.79 بالمئة من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغ 407.
كان الامتناع عن التصويت تاريخي هذه المرة، في بلد يعاني من مأزق سياسي وسط قمع واسع النطاق، تقول لوبوان.
وتوضح أن هذه الانتخابات كانت محل رفض غير مسبوق من الحراك وجزء من المعارضة الذين طالبوا بمقاطعة الاقتراع.
وكان انتصار جبهة التحرير الوطني مفاجأة، لأن هذا الحزب اعتبر فاقدا للمصداقية، ومضجرا للأنفاس، بسبب مساوماته مع بوتفليقة الذي أطاح به الحراك عام 2019.
فيما حصل المستقلون على 78 مقعدا (19.16 بالمئة)، كما حازت حركة "مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي بالجزائر) على 64 مقعدا (15.72 بالمئة)، و"التجمع الوطني الديمقراطي" (ثاني أحزاب الائتلاف الحاكم سابقا) على 57 مقعدا (نحو 14 بالمئة)، حسب المصدر الرسمي ذاته.
وباحتساب مقاعد الأحزاب الإسلامية، وهي حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني وجبهة العدالة والتنمية، فقد بلغت 106 مقاعد.
ويعكس أداء الأحزاب الإسلامية تقدما ملحوظا، مقارنة بنتائجها في انتخابات الدورة البرلمانية السابقة.
انتهاء الموعد الانتخابي
سجل حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الوحيد السابق بعد الاستقلال (1962) والمكون الرئيس للبرلمان المنتهية ولايته، انخفاضا كبيرا في عدد المقاعد ، وفقا لأرقام رسمية مؤقتة.
إذ خسر أكثر من 50 مقعدا أي فوزه فقط بربع الأعضاء المنتخبين في المجلس النيابي الجديد.
وقال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي لوكالة فرانس برس إنها "نتائج غير مفاجئة لانتخابات مغلقة جرت في مناخ من القمع".
وأضاف أنه تم "التفريط في موعد آخر من أجل التغيير والديمقراطية".
وصلت نسبة المشاركة إلى 23.03 بالمئة -أدنى مستوى في تاريخ الجزائر وجميع الانتخابات مجتمعة- وهو بحسب الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات، مؤشر على عدم الاهتمام الشديد بالنسبة للجزائريين.
أوضحت أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر العاصمة لويزا دريس آيت حمدوش، لوكالة فرانس برس أن "المعدل منخفض للغاية".
وهو حسب رأيها رقم يوضح إلى أي مدى لا تشكل هذه الانتخابات، مثل تلك التي سبقتها حلا للأزمة.
على الرغم من وجود عدد كبير جدا من المرشحين المستقلين، فإن نسبة الامتناع عن التصويت لا تزال أعلى مما كانت عليه في الانتخابات الرئاسية لعام 2019 والاستفتاء الدستوري لعام 2020 (60 و76 بالمئة على التوالي).
من بين أكثر من 24 مليون ناخب، أبلغت الهيئة عن 5.6 ملايين ناخب، بما في ذلك أكثر من مليون بطاقة اقتراع غير مستوفية الشروط.
وعلى سبيل المقارنة، بلغت نسبة المشاركة 35.70 بالمئة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2017 و42.90 بالمئة عام 2012.
وهي أول انتخابات تشريعية منذ انتفاضة الحراك الشعبية في 22 فبراير/شباط 2019.
مجلس بدون نساء
لسنوات، وصف محللون الممتنعين عن التصويت بأنهم يمثلون "أكبر فئة في الجزائر". لكن الرئيس عبد المجيد تبون اختار بالفعل تجاهل نسبة الإقبال.
وقال تبون بعد التصويت: "بالنسبة لي، الإقبال لا يهم. ما يهمني هو أن أولئك الذين يصوتون من أجلهم يتمتعون بشرعية كافية".
والسلطة عازمة بالفعل على فرض "خارطة الطريق"، متجاهلة مطالب الحراك: حكم القانون والتحول الديمقراطي والسيادة الشعبية والعدالة المستقلة.
كان على الجزائريين أن يختاروا من بين 2288 قائمة منها أكثر من 1200 معروضة على أنها "مستقلة"، في المرتبة الأولى.
جرى تشجيع هذه القوائم علانية من قبل سلطة تبحث عن تجديد شرعيتها.
وبالتالي، يمكن أن يختم التجمع الناشئ تحالفا بين الأحزاب التقليدية (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) والمستقلين - مجموعة متباينة - والإسلاميين الشرعيين.
يضحك رحيم أحد المغردين على تويتر بقوله إن "جبهة التحرير الوطني التي تعد محل سخط في الشارع جاءت في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية".
وأضاف أنه "بفضل حليفها التجمع الوطني الديمقراطي، فإن التحالف الرئاسي بقيادة بوتفليقة سيحافظ على الأغلبية في المجلس الجديد، إضافة إلى بعض الأسماء المستعارة المستقلة، من قبيل الإسلاميين المتسامحين، هذه هي الجزائر الجديدة بعد الحراك".
وتوقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر إسماعيل الدبيش أن "يكون هناك تحالف حول برنامج الرئيس ومن المرجح أن يعيد (السيد تبون) عبد العزيز جراد لمنصبه رئيسا للوزراء".
وسيكون المجلس الجديد من الذكور على وجه الحصر تقريبا، حيث تم انتخاب 34 امرأة فقط (من 8000 مرشح) مقابل 146 في المجلس السابق، بسبب إلغاء نظام الكوتا الذي تم إدخاله في عام 2012.