لإنهاء أزمة اليمن.. هل تنجح "التحركات المكثفة" لسلطنة عمان في التوصل لحل؟

12

طباعة

مشاركة

خلال الأسابيع الأخيرة، أجرت سلطنة عمان تحركات دبلوماسية مكثفة، بغية الوصول إلى حل ينهي الأزمة اليمنية، التي استمرت أكثر من 7 سنوات، ونتج عنها أسوأ أزمة إنسانية بالعالم.

التحركات العمانية، تأتي عبر التنسيق والتواصل مع جماعة "الحوثي" في اليمن من جهة، والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، والجانب السعودي من جهة أخرى.

تقريب الوجهات

في 15 يونيو/حزيران 2021، قال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، إن "جهود الوساطة العمانية تحرز تقدما"، وذلك عقب وصول نظيره السعودي فيصل بن فرحان إلى العاصمة العمانية مسقط في زيارة رسمية.

ووصل ابن فرحان إلى مسقط في 14 من الشهر نفسه، في خطوة قال عنها وزير الخارجية العماني إنها "تأتي استمرارا للمشاورات والتواصل بين الأشقاء".

وبحسب وكالة الأنباء العمانية، فإن السلطان هيثم بن طارق تلقى رسالة شفوية من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، تتصل بالعلاقات الأخوية والتعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين، وآفاق تعزيزها وتطويرها.

وتأتي هذه الرسالة بعد أيام من رسالة مشابهة بعث بها سلطان عمان إلى الملك سلمان أطلعه فيها على تطورات المفاوضات والنقاشات مع ممثلي "الحوثي" المقيمين في مسقط.

بموازاة ذلك، التقى وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في 10 يونيو/حزيران بمسقط نظيره العماني البوسعيدي.

وأكد ابن مبارك حرص الحكومة الشرعية على تبادل الآراء مع المسؤولين في السلطنة، والدفع قدما لتحقيق السلام في اليمن، باعتباره المطلب الرئيس للحكومة، مقابل تعنت مليشيا الحوثي ورفضها التام للسلام، على حد تعبيره.

وكانت وزارة الخارجية العمانية قالت إن الوزير البوسعيدي تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، وبحثا تطورات الأزمة اليمنية، وشددا على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى وقف الحرب؛ لإفساح المجال لحل سلمي، كما أكدا أهمية وأولوية دخول المواد الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني، بحسب بيان للخارجية العمانية.

وتسعى سلطنة عمان لتقريب وجهات النظر بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والسعودية من جهة، وجماعة "الحوثي" والجهات الداعمة لها من جهة أخرى، وتحرص على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع جميع الأطراف.

الزيارة الأولى

وفي 5 يونيو/حزيران 2021، قام وفد سلطاني عماني بزيارة إلى العاصمة صنعاء هي الأولى منذ انقلاب "الحوثي" على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014 وعقد مباحثات مع الجماعة ناقش فيها مقترحات وقف إطلاق النار وإعادة تطبيع الحياة في المدن اليمنية، وصنعاء على وجه الخصوص.

وأفاد مراسل "الجزيرة" في صنعاء، بأن إعادة ترتيب الوضع الدبلوماسي والتواصل مع مسقط من ضمن أجندة الوفد العماني، نظرا لعدم وجود تمثيل دبلوماسي لعُمان في صنعاء منذ سنوات.

غير أن المجلس السياسي لجماعة "الحوثي"، أفاد في بيان له عقب الزيارة أن محادثات الوفد العماني مع الجماعة ركزت على المبادرة المقدمة من الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية، وبحثت قضايا ذات صلة بالملف الإنساني، مشيدا بجهود سلطنة عمان لإحلال السلام في اليمن.

وقال الناطق باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، في تغريدة عبر حسابه بتويتر، إن الزيارة التي يقوم بها وفد من المكتب السلطاني العماني مع الوفد الحوثي إلى صنعاء "تستهدف ترتيب الوضع الإنساني والدفع بعملية السلام".

وفي مقابلة له مع قناة "المسيرة" التابعة لجماعة الحوثي، عقب مغادرة الوفد السلطاني العماني، أفاد عبد السلام بأن الزيارة "تأتي لاستكمال الجهود المبذولة بسلطنة عمان ومناقشة كل ما يصب في مصلحة اليمن والمنطقة، وفقا لمبدأ حسن الجوار"، حد قوله.

وفي 10 يونيو/حزيران 2021، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية تعليق عملياته العسكرية بمحيط صنعاء والمدن اليمنية الأخرى، خلال الفترة الأخيرة، وذلك بغية "تهيئة الأجواء السياسية للمسار السلمي"، بالتزامن مع أنباء عن إعادة تشغيل مطار صنعاء وتجهيزه لاستقبال الرحلات الدولية، بعد توقف منذ أكثر من 5 أعوام.

ونقلت وكالة "فرانس برس" الفرنسية تصريحا للمتحدث باسم التحالف، تركي المالكي، قال فيه إن التحالف قرر "عدم القيام بأي عملية، بهدف تهيئة الأجواء السياسية للمسار السلمي"، وذلك بالتزامن مع جهود دبلوماسية تقودها الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم إقليمية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين أطراف النزاع.

تعثر الجهود

ورغم حديث وسائل إعلامية عن تحقيق عُمان اختراقا في مسار الأزمة وتمكنها من تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة في اليمن، إلا أن آخرين نفوا ذلك.

وقال الصحفي اليمني فارس الحميري، مغردا: إن "نقاشات الوفد العماني بصنعاء لم تحقق تقدما بشأن وقف إطلاق النار، حيث اشترط الحوثيون فتح مطار صنعاء ورفع القيود عن ميناء الحديدة، ثم بعد ذلك يتم وقف إطلاق النار، خلافا للمقترح الأممي الذي تؤيده الحكومة وينص على تزامن وقف إطلاق النار مع إعادة فتح مطار صنعاء ورفع القيود عن ميناء الحديدة".

وفي حديث لـ"الاستقلال"، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي: "كان الهدف الأبرز لزيارة الوفد العماني هو الحصول على إجابات واضحة ومحددة من قبل جماعة الحوثي وقيادتها والأطراف الداعمة لها والتي يمثلها ضابط الحرس الثوري الإيراني في اليمن، حسن إيرلو".

وأوضح أن "وقف إطلاق النار كان هو الأمر الذي تمحورت حوله محادثات الوفد العماني السلطاني، وقد طرح الوفد هذا المطلب وأبدى مخاوفه من تغير الموقف الدولي تجاه الحوثيين، وهو الأمر الذي دفع أحد المقربين من الحكومة العمانية لتوجيه تحذيرات غير مسبوقة للحوثيين، بشأن مخاطر عدم التقاط الفرصة".

 وأشار التميمي إلى أنه "كان من الواضح أن الحوثيين لم يكونوا مستعدين للقبول بوقف إطلاق النار، وقد برروا عدم جاهزيتهم لهذا الأمر بترتيبات الوضع الإنساني، بغية الاستفادة من هذا الأمر في إبقاء معادلة الصراع لصالحهم، حيث تبدو الأزمة الإنسانية جراء الحصار الذي يفرضه التحالف على المنافذ البحرية والجوية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحوثي".

استغلال دولي

وشدد الكاتب اليمني على أن "جماعة الحوثي تسعى لاستغلال رغبة المجتمع الدولية بإنهاء الصراع، ونزع اعتراف مجاني بسيادتها على الأراضي التي تسيطر عليها، والسيطرة الكاملة على صلاحيات السلطة الشرعية في إدارة المنافذ البحرية والجوية والبرية، وهي المطالب التي لا يمكن القبول بها، والتي أفنى الوفد العماني جهده في مقاومة هذه المطالب".

وتابع التميمي: "يمكن القول أن الوفد العماني كون صورة واضحة عن مسار السلام الذي يراه الحوثيون، والتنازلات التي يمكن تقديمها، وهو الأمر الذي سيقوم بنقله إلى الحكومتين السعودية واليمنية والوسيط الأميركي، وهذا هو سبب تمسك بعض المصادر العمانية بالقول إن الوساطة تتقدم بشكل إيجابي وعلى وشك الوصول لأهدافها".

جدير بالذكر أن لدى جماعة "الحوثي" وفدا مقيما في مسقط بشكل دائم، يرأسه المتحدث باسم الجماعة محمد عبدالسلام، حيث تعمل السلطات العمانية على تسهيل لقاء الوفد الحوثي بالبعثات الدبلوماسية الأجنبية.

وإلى جانب لعب عُمان دور الوسيط في الأزمة اليمنية، فإنها تقوم بإيصال الرسائل التي تبعث بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى جماعة الحوثي.

ولا يبدو أن الوصول لتسوية شاملة تنهي الحرب أمر سهل، وفق خبراء، وذلك لأن جماعة الحوثي تنازع الحكومة المعترف بها دوليا في شرعيتها، وتسعى لسحب البساط من تحت أقدامها، كما أن أي هدنة بين الأطراف المتصارعة معرضة للانهيار.