"خوارزمية صهيونية".. هكذا ساهمت منصات التواصل في ذبح الفلسطينيين

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

لم يشفع سقوط مئات المدنيين الفلسطينيين بينهم عشرات الأطفال في العدوان الإسرائيلي على غزة والأراضي المحتلة، لدى مديري مواقع التواصل الاجتماعي البارزة، وأكثرهم يهود، أن يخففوا من قبضتهم الموجهة ضد المحتوى المناصر للقضية الفلسطينية، والمندد بعدوان الاحتلال الغاشم. 

وزادت تلك المواقع مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، التي يستخدمها مئات الملايين من المسلمين والعرب، من المعاناة، عندما حذفت مئات الصفحات الناقلة لأحداث فلسطين إضافة إلى تقييد وصول المحتوى المناصر للقضية، مع الحجب الكامل لكثير من المستخدمين الداعمين للشعب الفلسطيني في محنته، لا سيما المشاهير منهم.

وهو الأمر الذي تسبب في موجة غضب عارمة، وسط اتهامات بالتواطؤ من قبل القائمين على إدارة المواقع لصالح إسرائيل.

وصل الأمر لمطالبة ناشطين بضرورة البحث عن بدائل، مع حملات مقاطعة وتقييم منخفضة وتهديد بوقف الإعلانات المدفوعة لفيسبوك ويوتيوب وغيرها من المنصات. 

تأييد إسرائيل

عندما اشتعلت الأحداث في بيت المقدس، ومحيط حي الشيخ جراح يوم 7 مايو/ أيار 2021، انتشرت التدوينات والتغريدات المناصرة للفلسطينيين في أزمتهم كالنار في الهشيم، وشهد العالم الأزرق مواجهات شرسة موازية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كان لفيسبوك تحديدا نصيب الأسد منها.

مستخدمو المواقع من مناصري القضية الفلسطينية صدموا بملاحقات تقنية من إدارات هذه المنصات، تحجب وتقيد الوصول إلى أي محتوى يصب في صالح التعاطف مع المدنيين في القدس والضفة وقطاع غزة المحاصر، الأمر الذي اعتبر حربا على القضية، وخذلانا للمدنيين تحت القصف والانتهاكات.

وهو ما تسبب في ردود أفعال غاضبة تجاه الشبكات الاجتماعية، وانعكس ذلك الموقف السلبي لفيسبوك، على تقييم تطبيقها في المتاجر الإلكترونية، عبر تقييمات العرب، دفاعا عن قضيتهم الأولى، لينحدر إلى أرقام سفلى، كان قد تجاوزها منذ سنوات. 

وكان السؤال الأهم في تلك المعركة الدائرة، لماذا انحازت مواقع التواصل الاجتماعي إلى إسرائيل؟ وما علاقة القائمين عليها بدولة الاحتلال؟ 

ومنذ 13 أبريل/ نيسان 2021 تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة جراء اعتداءات "وحشية" ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة بخاصة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين.

وتصاعد التوتر في قطاع غزة بشكل كبير بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة فيه منذ 10 مايو/أيار، تسببت بمجازر ودمار واسع في المباني والبنية التحتية مما أسفر عن استشهاد أكثر من 200 وإصابة الآلاف. 

الارتباط الوثيق بين مارك زوكربيرغ رجل الأعمال والمبرمج الأميركي، الذي أسس أشهر وسائل التواصل الاجتماعي، الممثلة في موقع "فيسبوك"، وإسرائيل يتخطى فكرة السيطرة على المحتوى إلى الدعم الكامل على أسس أيدولوجية.

زوكربيرغ الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي للموقع، ولد في مدينة نيويورك الأميركية عام 1984، لأسرة "يهودية"، فأبوه إدوارد كان طبيبا للأسنان، وأمه كارين طبيبة نفسية. 

وعندما سئل من قبل باعتباره ملحدا، رد قائلا إنه "ليس ملحدا ويعتقد أن الدين مهم جدا". 

وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن "مارك زوكربيرغ" مؤسس شركة فيسبوك ورئيسها التنفيذي، انضم لمجموعة إسرائيلية تحمل اسم "تل أبيب السرية". 

وأضافت: "أن المجموعة التي انضم إليها مارك يبلغ عدد أعضائها 220 ألفا".

وأوردت: "مارك عبر عن ترحيبه بالانضمام إلى هذه المجموعة، عندما بعث برسالة قال فيها (أهلا، أنا سعيد بوجودي معكم من أجل التقرب أكثر من تل أبيب، مر وقت طويل على آخر زيارة لي لهذه المدينة، شكرا على تشكيل هذه المجموعة)".

وفي خطاب ألقاه زوكربيرغ في احتفال التخرج لطلاب جامعة هارفارد عام 2016، قام أمام الحضور بتلاوة صلاة يهودية بعنوان: "من بارك"، وهي صلاة تهدف إلى مباركة الآخرين، وذكر أنه "يقولها في كل مرة يقف أمام تحديات تواجهه في حياته". 

 

إدارة يهودية

وليس زوكربيرغ وحده هو الذي ينتمي إلى اليهودية، ويدافع عن إسرائيل، من بين مديري تلك المواقع.

ولا ينفك التساؤل عن السياسة التعسفية للإدارات ضد القضية الفلسطينية والمقاومة أمام انتهاكات دولة الاحتلال، والهوية الدينية والثقافية لمؤسسيها، الذين كالوا بمكيالين في النزاع الدائر، لا سيما وأن أغلبهم ينتمون إلى الديانة اليهودية، ومن أبرزهم: 

1- إدواردو لويز سافرين

رائد أعمال ومبرمج برازيلي، وهو من أوائل مستثمري ومؤسسي شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رفقة مارك زوكربيرغ، وولد عام 1982 في مدينة ساو باولو البرازيلية، لعائلة "يهودية" ميسورة.

المثير للجدل في شخصية لويز، أنه عقب تخرجه من جامعة هارفارد، بعد حصوله على درجة بكالوريوس الاقتصاد عام 2006، انضم إلى أخوية "ألفا إبسون فاي" الجامعية التي تأسست في جامعة نيويورك عام 1913، وهي قائمة على المبادئ اليهودية، ولها أنشطة تتجاوز الولايات المتحدة، إلى إسرائيل والنمسا وكندا وبريطانيا.

حتى أن شعارها يضم رموز الديانة اليهودية مثل الشمعدان والنجمة السداسية، بالإضافة إلى أن الجزء العلوي من الشعار يحتوي على أسد يرمز إلى يهوذا.

2- داستن موسكوفيتز

يعد داستن هارون موسكوفيتز، من أوائل المساهمين في تأسيس موقع "فيسبوك". ولد عام 1984، في غينزفيل بولاية فلوريدا الأميركية، ويدين المبرمج الأميركي "اليهودية"، وكذلك تصل جذوره العائلية إلى نفس الديانة، وكان والده طبيبا نفسانيا ووالدته مدرسة.

على مستوى الآراء والتوجه السياسي، يدعم موسكوفيتز الحزب الديمقراطي، حتى أنه تبرع لحملة هيلاري كلينتون عام 2016، بنحو 20 مليون دولار أميركي.

جعل هذا التبرع موسكوفيتز صاحب المركز الثالث لأكبر تبرع لحملة انتخابية ضمن حملات 2016.

3- شيرل ساندبيرغ

تعد ساندبيرغ واحدة من الشخصيات النافذة والمؤثرة في شبكة "فيسبوك" وهي الآن الشخصية الثانية بعد المؤسس مارك زوكربيرغ، باعتبارها تشغل منصب كبيرة مسؤولي التشغيل في المنصة. 

ولدت شيرل ساندبيرغ عام 1969 في العاصمة الأميركية واشنطن، لأسرة "يهودية"، وتم تصنيفها عام 2012، في قائمة مجلة "تايمز" كواحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم.

وكانت ساندبرغ نائبة لرئيس المبيعات العالمية عبر الإنترنت في جوجل، وبعد التحاقها بفيسبوك اهتمت بأن تجعلها منصة أكثر ربحية من ذي قبل، وهو سرعان ما تحقق. 

وفي عام 2013، صنفت الخامسة ضمن أكثر 50 شخصية يهودية مؤثرة في العالم، من قبل صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية. 

4- سوزان وجسيكي

سوزان ديان وجسيكي، وصفت بأنها "الشخص الأكثر أهمية في عالم الإعلانات"، ولدت عام 1968 في ولاية كاليفورنيا الأميركية، لأسرة "يهودية" من أصول روسية، وتشغل حاليا منصب المدير التنفيذي لشركة "يوتيوب".

وقبل أن تقود "يوتيوب"، ظهرت خبرة وجسيكي داخل شركة جوجل، حيث تخصصت في إدارة الإعلانات وتحليل المنتج (جوجل أدووردز، وجوجل أدسنس).

وفي عام 2014، حلت في المرتبة 12 لأكثر النساء تأثيرا في العالم ضمن تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية. 

5- بيز ستون 

كريستوفر إسحاق ستون، أحد المؤسسين الأساسيين لمنصة التواصل الاجتماعي "تويتر" وهو "يهودي" أميركي، ولد عام 1974، ودرس في جامعة "نورث إيسترن" الأميركية، وعمل في مجال البرمجيات.

صناعة البديل

مصمم المواقع والمبرمج محمد سامي، يرى أن "مسألة السيطرة على المحتوى، وتقييد الوصول، وتحليل المضمون، هي الشغل الشاغل لمديري البيانات والتسويق في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة بعد الطفرة الرهيبة في المعلومات وسبل التواصل خلال العشر سنوات الأخيرة، بالازدياد الهائل لعدد المستخدمين الذين تجاوزوا المليار إنسان". 

وأضاف في حديث لـ"الاستقلال": "فيما يخص القضية الفلسطينية، فإن إدارة فيسبوك وبطبيعة الحال إنستغرام التابعة لها، وكذلك اليوتيوب، استهدفوا محتواها منذ سنوات، وليس الأمر رهن الوضع القائم حاليا منذ أزمة حي الشيخ جراح، فهناك آلاف القنوات والصفحات تم حذفها من فيسبوك ويوتيوب تحديدا، ومواقع كاملة أسقطت من الشبكة العنكبوتية، والمتصفح جوجل ولم يعد لها وجود".

وذكر: "أن السبب الرئيس في ذلك قوة اللوبي الصهيوني المتحكم ليس في مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل في الشبكة العنكبوتية نفسها، وهو أمر يتخطى السيطرة المالية وفكرة الخسائر والأرباح، إلى أنهم من صناع ومديري تلك الشبكة، ولا يمكن تجاوزهم بسهولة".

بالإضافة إلى أن مقر تلك الشركات في الولايات المتحدة، التي تلتزم بأمن إسرائيل، لذلك يخضعون لقوانينها وسياستها العامة، وفق قوله. 

وأوضح: "فيما يخص فكرة استخدام الشفرات والحيل الكتابية لتجنب الحظر الكامل أو تقييد نشر المحتوى، وإمكانية الوصول، فهذه حيل مؤقتة لا تفيد مطلقا، خاصة وأن الذكاء الصناعي لتلك المنصات أبعد من أن يتم خداعه بهذه الطريقة، فبلاغ بسيط أو تتبع عن طريق الهاشتاج سوف يؤدي إلى نفس النتيجة".

وأردف: "النموذج الأمثل في العالم الذي واجه شبكات التواصل الغربية، ووسائل التواصل الاجتماعي، كانت الصين التي أوجدت البديل الكامل الخاص بأمتها والمليار إنسان ضمن حدودها".

لذلك نجد أن "بكين منعت منذ سنوات طويلة وحظرت فيسبوك ويوتيوب وجوجل بشكل كامل، واستبدلتهم بمنصات ومحركات بحث خاصة بها، بحيث لا يتم اختراقها فكريا وثقافيا واستخباراتيا، وفي نفس الوقت أوجدت للمواطن الصيني الحل البديل، فلا يشعر بالنقص أو العزلة". 

وأكد أنه "كانت هناك محاولات مستمرة لإيجاد بدائل عربية لفيسبوك تحديدا، مثل موقع (رقيم) و(حسوب) لكنها لم ترق تماما إلى المستوى المطلوب الذي يستطيع سد فراغ فيسبوك أو تويتر وإنستغرام، لا من حيث الشكل ولا المضمون، لأن الأمر يتطلب إمكانيات عقلية ومادية كبيرة تقوم بها دول وليس أفراد".

واستطرد أن "الحل الوحيد السريع لمواجهة الإشكالية هو الضغط المستمر على إدارة فيسبوك من خلال التقييمات السلبية وسحب الإعلانات التجارية، والمقاطعة الجزئية".

وهذا قد يتسبب في مراجعة مبدئية للسياسة المتطرفة الموجودة، ولكنه لن يكون الحل الأمثل مع الزمن وتعاقب الأجيال التي قد تتعرض لتشويه في عقيدتها وهويتها الوطنية، وفق قوله. 

النموذج الصيني

يأتي النموذج الصيني كواحد من أكثر النماذج استقلالا عن وسائل التواصل الاجتماعي الغربية، بل وشبكة الإنترنت العالمية بشكل عام.

وذكر موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، في 10 يناير/ كانون الثاني 2021، أن مؤسس ومالك موقع فيسبوك مارك زوكربيرج، يعمل حاليا على "نسخ التكتيكات التي تستخدمها صناعة التكنولوجيا الصينية لمحاولة التغلب عليها".

وأشار الموقع الأميركي في تقرير له، إلى أنه "إذا تمكنت من التسلل عبر جدار الحماية العظيم، الذي يطوق الإنترنت في الصين، فإنك تواجه بيئة مألوفة بشكل غريب، إذ تبدو شبكة الإنترنت الصينية مشابهة، إن لم تكن أكثر تطورا، لبقية شبكات العالم، لكن مع وجود بعض الاختلافات الرئيسية".

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا، وصل عدد مستخدمي الإنترنت في الصين إلى 989 مليون نسمة نهاية 2020.

وتفرض الصين رقابة صارمة على شعبها، وتحول دون وصول وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الغربية إليه، مقدمة إليهم بدائل محلية متطورة.

ومنذ عام 2010 أغلقت الحكومة الصينية ما يقرب من 1.3 مليون موقع إلكتروني، من ضمنهم الفيسبوك وواتساب وجوجل ويوتيوب.

وعلى سبيل المثال يستخدم الصينيون محرك البحث "Baidu" بدلا من جوجل، وكذلك تطبيق "Mapquest" الذي يعمل بديلا لـ"Google Maps" الخاص بالخرائط، أما موقع "YouKu" الصيني هو البديل الفعلي لملايين الصينيين عن يوتيوب.

فيما أقر كثير من المبرمجين وخبراء الإنترنت في العالم أن النسخة الصينية "Wechat" المماثلة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، تتفوق بمراحل على خدمات مواقع التواصل الاجتماعي الغربية، على رأسها فيسبوك وتويتر.

فالنموذج الصيني من التطبيق، يوفر المحادثات النصية والصوتية والمرئية، إضافة إمكانية استخدامه في التسوق عبر الهاتف فقط، إذ يوفر التطبيق يوفر خدمة الدفع إلكترونيا.