"بيدق سياسي".. صحيفة عبرية تكشف استغلال نتنياهو لأبوظبي بانتخابات إسرائيل
قالت صحيفة عبرية إن عدم الاستقرار السياسي وموسم الانتخابات في إسرائيل يهددان اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول العربية.
وأشارت صحيفة "ذا تايمز أو إسرائيل" في تقرير لها إلى أن "الدول العربية المطبعة تشعر بالغضب من استخدامها كأرضية لتسجيل النقاط السياسية من قبل السياسيين الإسرائيليين، ولا سيما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
وذكر رئيس معهد القدس للدراسات الإستراتيجية، إفرايم إنبار: "لا يوجد استقرار، والناس عبر الحدود لا يفهمون دائما نظامنا... إنهم لا يحبون عدم الاستقرار".
فيما أفاد الباحث البارز في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي، عوديد عيران، لصحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا بأن "الافتقار إلى الاستقرار السياسي جمد علاقات إسرائيل مع الإمارات، وهي حجر الزاوية في اتفاقيات إبراهام".
واعتبر عيران أن "الإماراتيين لم يلغوا الصفقة، لكنهم لا يريدون المزيد في هذه المرحلة.. يريدون أن يروا ما ستكون عليه أجندة الحكومة الجديدة".
وظهرت اتفاقيات التطبيع في عهد كل من نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال العام 2020، لكن كل شيء تغير الآن بعد أن فشل ترامب في الفوز بولاية ثانية، فيما لا يزال مستقبل نتنياهو السياسي "غير مؤكد".
وفي هذا السياق، قال إنبار: "إنهم لا يعرفون من سيحل محله، إذا كان هناك من سيحل محله.. أفترض أن هناك مخاوف بشأن مستقبل العلاقة".
وقال خبير الشرق الأوسط في مركز "موشيه دايان" بجامعة تل أبيب، جوشوا كراسنا: "يعيشون مع هذا المستوى من عدم اليقين فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لإسرائيل.. موجة التطبيع الجديدة تزامنت مع عامين ونصف من عدم الاستقرار السياسي والتحضير للانتخابات.. شركاؤنا ليسوا مراقبين غير متمرسين إنهم يدركون أن كل شيء يمكن أن يتغير".
من جانبه، أشار الباحث في معهد "الشرق الأوسط"، إبراهيم الأصيل، إلى أن "وسائل الإعلام الخليجية تغطي الانتخابات الإسرائيلية، لكنها لم تشر إلى وجود أي توتر كبير في العلاقة".
وأضاف: "مهتمون ويتابعون الانتخابات الإسرائيلية.. لكن معظمهم لا يتحدث عن اتفاقيات التطبيع".
بيادق سياسية
وفيما يشتهر نتنياهو باستغلال أي ميزة انتخابية يمكن أن يجدها، ليس من المستغرب أن جيران إسرائيل العرب ليسوا متحمسين بشكل خاص للعب أدوار داعمة لنتنياهو، بحسب "تايمز أوف إسرائيل".
وقال كراسنا: "لا أحد منهم (الدول العربية المطبعة) سارع إلى مساعدة نتيناهو في حملته الانتخابية".
ولزعيم حزب الليكود تاريخ طويل في محاولة استغلال موقعه على المسرح العالمي سياسيا في إسرائيل، وإظهار قدراته الدبلوماسية من خلال تنظيم اجتماعات رفيعة المستوى أو رحلات تشد الانتباه في الفترة التي تسبق الانتخابات، وفق "The Times Of Israël".
وفي عام 2019، حاول نتنياهو ترتيب رحلات إلى المغرب في مناسبتين منفصلتين، فيما فهم على نطاق واسع على أنه "محاولات لتعزيز موقعه سياسيا".
وفي فبراير/شباط 2019، ظهرت تقارير تفيد بأن نتنياهو كان يسعى لترتيب زيارة دولة للمغرب قبل توجه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات 9 أبريل/نيسان 2020.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، حاول نتنياهو الانضمام إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في زيارته للمغرب، لكن الملك محمد السادس "عارض الفكرة".
وكان نتنياهو يأمل في تحقيق "إنجاز دبلوماسي حقيقي" لتعزيز فرصه السياسية قبل الموعد النهائي لتصويت الكنيست على مشروع قانون خاص بتشكيل الحكومة في 11 ديسمبر/كانون الأول، وفق ما أكدته "القناة 12".
وقال كراسنا: "لقد كانت حيلة انتخابية واضحة للغاية.. في النهاية توصل المغاربة إلى اتفاق معنا لأنهم لم تكن لديهم مشكلة كبيرة في القيام بذلك في المقام الأول ولأنهم حصلوا على شيء جيد من الأميركيين".
وأضاف "في عمان، يقال إن الملك عبد الله الثاني رفض طلبات متكررة من نتنياهو لإجراء لقاء بينهما، رغم أنه التقى بهدوء مع وزير الدفاع بيني غانتس مؤخرا".
وتابع كراسنا: "من الواضح جدا للأردنيين أن أي لقاء مع نتنياهو خلال العامين الماضيين سيستخدم على الفور لأغراض انتخابية".
مؤشر علني
كما قدمت الإمارات مبادرات علنية نادرة تهدف إلى حمل نتنياهو على التراجع عن محاولات تحويلها إلى "بيدق سياسي محلي".
وتم إلغاء العديد من الخطط لنتنياهو لزيارة الإمارات خلال الأشهر العديدة الماضية لأسباب مختلفة، ووفقا للتقارير، كانت الإمارات مترددة في استضافته بسبب "مخاوف من أن ينظر إليه على أنه تدخل في الانتخابات".
وأشارت تقارير إلى أن "نتنياهو أرسل رئيس الموساد يوسي كوهين لإقناع الإماراتيين بتغيير رأيهم، ولكن تم إلغاء رحلة 11 مارس/آذار الماضي، عندما رفضت الأردن على ما يبدو الموافقة على عبور طائرة نتنياهو مجالها الجوي".
وكان نتنياهو سيستخدم الزيارة للإعلان عن صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار من قبل الإمارات؛ يستهدف القطاعات الإستراتيجية في إسرائيل.
ويعتقد الكثيرون أن نتنياهو قرر إعلان الخطة من مدينة القدس المحتلة، بعد مكالمة هاتفية مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، مما أثار غضب المسؤولين في الإمارات.
وقال خبير خليجي مقيم في دبي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"تايمز أوف إسرائيل": "لقد أزعجهم هذا الأمر إلى حد ما"، فيما شدد الأصيل على أن الأمر كان "عقبة كبيرة".
وكان تعليق مسؤول إماراتي رفيع أول مؤشر علني على استياء الإماراتيين من الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو.
وغرد مستشار رئيس الإمارات، أنور قرقاش: "من وجهة نظر الإمارات، فإن الهدف من اتفاقات أبراهام هي توفير أساس إستراتيجي قوي لتعزيز السلام والازدهار مع دولة إسرائيل وفي المنطقة الأوسع".
وأضاف دون الخوض في التفاصيل "لن تشارك الإمارات في أية عملية انتخابية داخلية بإسرائيل، الآن أو في أي وقت".
وقالت الصحيفة العبرية: إن "تعليقات قرقاش، الذي كان حتى وقت قريب وجه الدبلوماسية الإماراتية كوزير للدولة للشؤون الخارجية، صريحة وواضحة".
وقبل أيام، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن "الدول العربية في منطقة الخليج العربي أبلغت المسؤولين الإسرائيليين أنه من المحتمل أن يتضرر التطبيع في حال انتخاب مرشحين من اليمين المتطرف للكنيست".
وقال الأصيل: "بالنسبة لصناع القرار في الإمارات، يعد ذلك مصدر قلق.. رغم أن لديهم عددا محدودا من المقاعد، إلا أنهم عنصريون ومعادون للعرب، ومن المؤكد أنهم قد يعقدون التعاون مع الدول العربية".